ابتهال الخطيب: الحكومة تسكب الزيت على نار التفرقة لإشغال الناس

نشر في 11-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 11-07-2014 | 00:02
No Image Caption
«المستقبل للدولة المدنية العلمانية... ومؤسستنا التربوية أحد عوامل تثبيت الفتنة»

أكدت د. ابتهال الخطيب أن تقسيم المجتمع سيؤدي حتماً إلى ظهور الفتنة البغيضة التي ستنخر في مفاصل المؤسسات، لا سيما في ظل وجود معطيات تشجع على هذا الفرز الخاطئ، معتبرة أن الحكومة ساهمت في سكب الزيت على نار التفرقة لإشغال الناس عن بعض الأمور، لذلك كانت النتيجة غير متوقعة فبرز ما نعانيه اليوم من مشكلات في المجتمع. د. الخطيب حذّرت من إغلاق الفضائيات لأن هذا الأسلوب لن يجدي نفعاً في ظل تهاوي الأنظمة القمعية التي فقدت صلاحيتها ولم تعد قادرة على الحفاظ على مكانتها، لافتة إلى أن الخطاب، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بلغ ذروته في الكراهية بسبب النفوس المريضة. في حديث عن النظام السياسي الأكثر مواءمة راهناً، مشددة على أن الدول التي تتبنى نظاماً آخر غير مدني علماني لن تصمد طويلاً وستنهار سريعاً، لا سيما أن العالم لن يقبل بدول تعيش على تقسيم أفرادها، ومنهجيتها السياسية قائمة فقط على منهجية دينية أو مذهبية واحدة، فالمستقبل للدول المدنية العلمانية فحسب، وفي ما يلي نص الحوار.
لماذا بدأت تتلاشى مفاهيم التسامح وبرزت المشكلات الطائفية والقبلية وغيرهما في المجتمع؟

كان المجتمع الكويتي يتسم بالتسامح والتعددية أيام الغوص والبحر وكان أكثر ترابطاً وتلاحماً. حتى التقسيم السني الشيعي لم نكن نشعر به ولم يكن يوماً ضمن عوامل الخطر أو يهدد المجتمع بالتفتت، بل سادت اللحمة والتعايش. لكن ثمة مستجدات، فرضت واقعاً مغايراً، ومن أهمها الوفرة المالية والحركات السياسية الدينية التي أثرت في طبيعة المجتمع الكويتي. واللافت أن مجتمعنا يختلف عن بقية المجتمعات العربية لأنه يتأثر سريعاً بأي حراك يحدث في العالم العربي، وتراه ينقسم حول القضية مثلما حدث في الحراك البحريني والوضع السوري.

المجتمع الكويتي واع ونشط ولذلك تؤثر فيه الحركات الخارجية، لا سيما أن المجتمعات الشرق أوسطية تغلي على صفيح ساخن بسبب الظروف السياسية الراهنة وانفتاح الشباب العرب على الحضارة الخارجية وفهمه المعنى المختلف للديمقراطية ورفضه فكرة القيادة المطلقة.

خطاب ديني

هل أسباب الفتنة اجتماعية نابعة من التغير الاجتماعي أو ثقافية تعود إلى التجديد في الخطاب الثقافي، أو سياسية؟

ربما لكل هذه الظروف مجتمعة، فالمجتمع الخليجي فيه كثير من الأموال مع نقص شديد في الوعي، وإن كانت الكويت الأفضل تطوراً ووعياً. والفتنة نتاج مجموعة من الظروف. لكن أعتقد أن الخطاب الديني نتج من سياسة عالمية، ربما مع أول حكومات محافظة في الغرب، تحديداً مع حكومة الرئيس الأميركي ريغان، فعندما أتت دفعت بالثورة الإيرانية والحركات الإسلامية الأخرى مثل حركة {طالبان}، فكان التوجه ناحية التشدد الديني في أنحاء مختلفة من العالم، وكثير من التطرف الديني والفتنة مصدرهما حكومات هذه الدول من مبدأ سياسة فرق تسد.

هل تقولين إن الحكومات سعيدة بتقسيم المجتمع وفتنته، كيف وهي تعاني مساوئ التفرقة ؟

 

أعتقد أنها العامل الرئيس في هذه التفرقة، فعندما تشغل الناس بهذه الخلافات فأنت تبعدهم عما هو أهم وأكبر في حياتهم. مثلاً، الصراع في مجلس الأمة الكويتي هو صراع على إيصال من ينتمي إلى طائفتي، لذلك لا يصل الأفضل بل الأقوى في طائفته أو قبيلته، ونلاحظ دفع الحكومة الكويتية لها من خلال تقسيمات المناطق، إضافة إلى تقسيم الوظائف في الوزارات حيث نجد وزارات حكراً على طائفة دون أخرى. هذه سياسات لا تستطيع أن تلقي اللوم فيها على الشعب بل على السياسيين والقياديين ومن في أيديهم القرار.

مناهج خطيرة

برأيك، ما دور المؤسسات التربوية المحلية في تكوين نسيج اجتماعي محصن ضد الفتنة والتفتيت؟ وهل تستطيع هذه المؤسسات أداء هذا الدور؟

مؤسساتنا التربوية راهناً  أحد عوامل تثبيت الفتنة، فمناهجنا في اللغة العربية والتربية الإسلامية هي منافذنا إلى تربية الطفل العربي بالحس الديني. هذه المنافذ هي أخطر مرحلة قد يمرّ فيها الطفل العربي، فالجرعة الدينية زادت وهذه الزيادات جاءت على حساب المواد الفنية والإبداعية الأخرى مثل الموسيقى والتربية الرياضية. والمشكلة أن قضاياها أصبحت دينية تخويفية، فنحن نحدث الأطفال عن فكرة الموت والغيبيات ونذكر قصصاً مرعبة، ما هو الغرض من ذكرها؟ كذلك منهج التربية الإسلامية، كلنا يعلم بوجود خلاف عليه لأنه يكفر أحد المذاهب، فالمجتمع الكويتي منقسم بين المذهبين الشيعي والسني، وعندما تضع في منهج التربية الإسلامية جملاً تكفر زوار القبور، هذا يعني أنك كفرت نصف المجتمع. ما هي الفائدة؟ لا أناقش صحة الفكرة أو خطأها ولا حتى أحقيتك في أنك تؤمن فيها أو لا، لكن لماذا تدرسها لأطفال صغار؟ فالمنهج سلفي بحت يطالبك بعدم المصافحة وتقصير الدشداشة. أنت هنا تفرض منهجية واحدة على أطفال لم يتم تقسيمهم بعد، ألا يكفي تقسيمهم إلى شيعي وسني.

إذاً المؤسسات التربوية لها دور كبير في تقسيم المجتمع من وجهة نظرك وتخلت عن دورها الإيجابي.

للأسف، أرى أن دورها اليوم أصبح سلبياً بما تقدمه من مواد. لم نكن نشعر في طفولتنا أن منهج التربية الإسلامية يدفعنا إلى التساؤل حول مذهبك. ربما كنا نسمع من الأهل في البيت أو المجتمع ولكن المنهج ذاته لم يعزز هذا الأمر إطلاقاً.

مجتمعات مدنية

ما دورك كحقوقية بالدرجة الأولى وعملك التطوعي الأساسي ينصبّ في الحريات وحقوق الإنسان للحؤول دون وقوع فتنة في المجتمع؟

أرى أن الجهود الإنسانية هي المنقذ راهناً من تقسيم المجتمع والوقوع في الفتنة، فالناشط في المجال الإنساني أو الحقوقي أو أي عمل مدني يعاني ضغوطاً كبيرة اليوم عليه مواجهتها كي يستطيع أن يكون مخلصاً في عمله وبعيداً عن أي تقسيم، ومثل هذا الحراك هو حلقة الوصل بين الناس ليقيهم الفتنة بدرجة كبيرة. لكن يتوقف ذلك على قدرة المجتمعات المدنية على فعل ذلك.

ماذا تقصدين بقدرة المجتمعات المدنية؟

أقصد السلطة، فالمجتمعات المدنية في الغرب لديها سلطة وهي جزء من منظومة الحكم بالكامل ولا تستطيع الأنظمة الحاكمة تجاهلها. لكنها عندنا، لا تزال محكومة بحكوماتها، مكبلة الأيدي، تمويلها ضعيف وصوتها غير مسموع، فهي بالنسبة إلى حكوماتنا، كالأكسسوار في المجتمع، أكثر من كونها مشاركة حقيقية في الحكم. وهذه الصورة تحتاج إلى تغيير، ولن تتغير إلا بدفع وضغط من مؤسسات المجتمع المدني لتفعيل دورها، ولن يحدث هذا الأمر إلا بالتواصل مع نظرائها في العالم، فالعمل الإنساني لا يتجزأ ولنا علاقة بأي قضية إنسانية تحدث في العالم.

رغم كل ما تربينا ونشأنا عليه، هل يمكن نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر في مجتمعاتنا العربية؟

نشر هذه الثقافة قد يسهل في مجتمع ويصعب في آخر بحسب التربية والنشأة. عموماً، لن تبث ثقافة التسامح في الأكبر سناً لأنه عاش حياته وتربى على عدم قبول الآخر أو التسامح معه، فعليك أن تتحرك في دائرة الأصغر مثل الأطفال والناشئة والشباب. حتى كلمة التسامح غير دقيقة لأنها تعني أنك تتنازل لغيرك المختلف معك، وهذا غير صحيح لأنه من حقه أن يكون مختلفاً معك. القبول بالتعددية واجب وليس تنازلاً، وتحقيق هذه الخطوة أمر صعب جداً، ويحتاج إلى جهود ضخمة وتضحيات قد تصل إلى الأرواح.

أخرجت المسنين من المعادلة، هل هو يأس من تغييرهم؟

نحت هؤلاء أفكارهم ومبادئهم، ومع ذلك فإن التغيير ممكن في أي عمر. لكن تزداد الصعوبة كلما تعاملنا مع الأكبر سناً لأن التغيير يأتي من الصغر مع بداية الدراسة.

تشدد ديني

دأبت على التحذير من التشدد الديني والغلو، مطالبة بكثير من الفهم والتحليل، هل كان لهذه المطالبات وقع طيب لدى الجهات الأخرى؟

ثمة نصوص يجب مراجعتها ووضعها في سياقها التاريخي، فما كان يصلح في زمن معين ربما لم يعد صالحاً أو مقبولاً في زماننا، أقصد بعض الفقه والتشريع الديني. مثلاً، ورد في النص القرآني «وما ملكت أيمانكم»، فالنص هنا مرتبط بذكر حالة واقعة والمشرع أخذها وشرع لها، فالعبودية في الإسلام مشرعة ولها أصول: كيف تملك وكيف تبيع وتشتري، لأنها كانت جزءاً من زمانها، والمطلوب الآن وضع حد لهذا التشريع. عندما تتكلم مع أحد في هذا الموضوع يقول لك هذا كان في السابق وانتهى، لماذا أنت قلقة الآن؟ وأرد على ذلك، نعم قلقة، لأن ثمة من يستخدمه من المتطرفين المجانين، وعندنا أصوات ظهرت تقول نعم هؤلاء ملك اليمين، فإذا تحاربنا مع الغرب فالأسرى يعتبرون سبايا وعبيداً. إذا، الفكرة موجودة وعندنا أناس يعاملون العاملة في البيت من هذا المنطلق.

ثمة آيات في القرآن الكريم تتضمن أحكاماً ولكن تم نسخها بآيات أخرى وبطل حكمها؟

نعم هذا صحيح، فالقرآن ذكر ملك اليمين في سياق قصصي أو رواية الأحداث وليس سياقاً تشريعياً كما أعتقد، فعلى المشرع أن يقول إن هذه الرواية كانت في سياقها التاريخي وهذا الموضوع لم يعد مقبولاً، حتى من الناحية الدينية. كذلك قوانين الطلاق والزواج وتعدد الزوجات وهي أكثر حساسية، هذه أمور يفترض أن تنتهي.

قضية تعدد الزوجات ذكرت في القرآن تحديداً، ولكن بشروط، فكيف تقولين هذه أمور يجب أن تنتهي؟

نعم عبر تفاسير وقراءات جديدة للقرآن الكريم لأن العاملين على قراءته وتفسيره لقرون طويلة كانوا رجالاً فقط، لذلك يميلون في تفسيرهم إلى جنسهم، ولو أتيت بامرأة وطلبت منها تفسير آية «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً»، فهذا يعني المنع وليس الإباحة. المطلوب هو قراءة متطورة للقرآن الكريم فكلمة شريعة تعني الماء الجاري بمعنى أن الشرع يجب أن يكون متجدداً دوماً ولا يأسن. أعتقد أن ثمة مجالاً كبيراً لقراءة تجديدية جريئة، يحتاج الدين الإسلامي إلى أن يتواكب فيها مع معطيات العصر الحديث.

علمانية الدولة

هل ترين أن الدولة المدنية العلمانية هي الحل في القضاء على التفرقة بين شرائح المجتمع؟

 

طبعاً، وأعتقد أنه في القريب العاجل لن تبقى سوى هذه الدول. فكل الدول التي تقوم على أساس غير مدني علماني ستنتهي لأنه لم يعد لها مكان في العالم الذي لن يقبل بدول تعيش على تقسيم أفرادها ومنهجيتها السياسية قائمة، فحسب، على منهجية دينية أو مذهبية واحدة. المستقبل للدول المدنية العلمانية.

هل هذا الكلام  قابل للتطبيق عملياً في الكويت؟

لا أعتقد أنه قابل للتطبيق في الكويت ولكنه حاجة ملحة، فإذا ما لحقنا أنفسنا ليس فقط في الخليج، فحولك أمثلة واضحة مثل العراق وسوريا ولبنان، هذه كلها حالات رأينا كيف نخرت الطائفية فيها، فلبنان عانى من الحرب الاهلية 15 سنة هل تغير شيء؟ أوروبا تحاربت قروناً طويلة بين البروتستانت والكاثوليك هل فاز احد ؟ لا أحد يفوز لأنه في النهاية طالما الامر متعلق بالعقيدة فأنت مستعد للموت، لكن لا شيء يتغير لذلك نعود الى القرآن الكريم « لكم دينكم ولى دين» تحت مظلة دولة السيادة فيها للقوانين.

يفهم البعض مدنية الدولة أو علمانيتها باعتبارها ممارسات ضد الدين؟

بل قد تصل الأمور إلى حد الرمي بالكفر من بعض المتطرفين. في اعتقادي أن الترويج لهذه الفكرة يأتي من الحكومات لأنها تخشى العلمانية أكثر من رجال الدين، لأنها تفتح باب الحريات وتدعو الشعب إلى المشاركة، والحكومات لا تريد ذلك لأنها استبدادية، فتروج العلمانية للعامة على أنها كفر وإلحاد، بينما في الواقع نرى أن النظام الوحيد الذي حمى الأديان وأباح لها ممارساتها الحقيقية هو النظام العلماني، بدليل أن المتدينين يهاجرون إلى الغرب ليمارسوا أديانهم بحرية. حتى بعض المتطرفين الذين يعانون القمع في دولهم يذهبون إلى بريطانيا ويطلقون تصريحاتهم بحرية.

وعاظ السلاطين

هل الفتاوى الصادرة من بعض رجال الدين سواء السنة أو الشيعة تعد أحد أسباب الانقسام والفتنة في المجتمع، خصوصاً بعدما دخلوا في سجال عبر وسائل الإعلام؟

يصدر كثير من الفتاوى من رجال دين هم في الواقع وعاظ سلاطين يصدرون فتاواهم بالاتفاق مع السلطة، لذلك كثير من هذه الفتاوى يثير النعرات ويقسم المجتمع، ما يصبّ في صالح المتطرفين والأنظمة القمعية، فيما الناس يشغلهم العراك مع بعضهم البعض على توافه الأمور رغم وجود فساد وسرقات وثروات تنهب.

أصبح بعض الفضائيات مصدراً رئيساً لإثارة الفتنة، هل تؤيدين إغلاقها للحد من تفتيت المجتمع بدافع المصلحة العامة؟

إغلاقها هو تعدٍ على الحريات للأسف والشارع العربي لا يتحمل خطاب الكراهية فهو مستعد للانفجار دوماً. والسؤال: من الذي يحدد أن هذا الخطاب مثير للكراهية والانقسام والفتنة، فإذا انتقدت أمراً في المذهب الشيعي أو المذهب السني بشكل علمي يقال إنك تثير الكراهية وتفتح عليك أبواب جهنم. هكذا فإن محاولة القمع وإغلاق وسائل الإعلام وتكميم الأفواه هي في صالح الجهات المتطرفة لأنها تجلب لهم التعاطف والتأييد حتى من الجهات المختلفة معهم.

هل من الحكمة أن نترك الناس على اختلافهم وثقافاتهم ينتقدون أموراً دينية قد تهدد المجتمع لو ترك لهم الحبل على الغارب؟

ناقش ابن سينا وجود الله والعدم، ولو كان موجوداً اليوم كان ليُكفّر ويعدم. عانى العلماء في تاريخ الدولة الإسلامية. اتركوا الناس تنتقد وتقول أفكارها، وفي الإمكان الرد عليهم بشكل راقٍ ومناقشتهم وليس تجاهلهم. أعتقد أن هذا الحوار سيتكفل بالتغيير وربما يتخلصون من بعض الأفكار حينما تحدث القناعة. نرى اليوم عبر وسائل الاتصال الحديثة ومن بينها «تويتر» أفكاراً كانت مكبوتة ولا أحد يدري عنها، وتصل هذه الطروحات والنقد الديني إلى حد متدنٍ جداً لمستوى الخطاب. ما يطفو على السطح في وسائل التواصل الاجتماعي كله خراب ومرض داخل نفوس الناس، فلو فتح المجال وتركتهم يعبرون عن أنفسهم تستطيع الرد عليهم وتخلصهم من العفن الذي يعشش داخل أنفسهم، وفي الوقت نفسه تكون قد تركت الناس تمارس حريتها.

الديمقراطية ممارسة

هل تعتقدين أن الشعوب العربية تفهم جيداً مبادئ الديمقراطية ومكتسباتها؟

 

لم يحدث في تاريخ البشرية أن تهيأت الشعوب لاستقبال الديمقراطية، فالواقع يقول إن الممارسة هي خير تفعيل لمبادئ الديمقراطية. ونتذكر أن خلال المطالبة بحقوق المرأة السياسية في الكويت كان يقال إن المجتمع غير مهيأ، لكن مع الممارسة تقبل الشعب هذا الأمر وتهيأ له. ليس لدينا خيار. نحن نعيش في عالم متحرك ومتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والأجيال المقبلة لن تسكت، والأنظمة القمعية ولى زمانها، وعلينا تدارك الأمر قبل أن تحل بنا كارثة.

كيف يمكن تعزيز الوحدة الوطنية بمنأى عن المذهبية والقبلية والاستقطاب الطائفي، في واقع الكويت أولاً ثم واقع ثورات الربيع العربي؟

علينا البدء بحراك واقعي لا بكلام إنشائي. لا بد من تغيير حقيقي في طريقة تصويتك في مجلس الأمة وفي سياسات الحكومة، وإتباع سياسات تجمع الناس لا تفرقها، والتخلي عن المناهج التي تساهم في تقسيم الناس بالتعاون بين الحكومات وبين الشعوب. ولكن الحكومة صاحبة القرار وتملك الأموال، فعليها الدور الأكبر، وهي لن تتحرك سوى بضغط من المجتمع الواعي.

الإنسان المثقف، لا سيما الشباب لهم دور كبير في هذا الاتجاه. وفي النهاية، سيكتشف الناس أن الوحدة الوطنية ليست شعاراً جميلاً نردده بل حاجة ملحة للبقاء كي لا يهجم عليك الآخرون. وحدتنا هي درعنا لمواجهة الأخطار الخارجية.

بين فترة وأخرى تظهر على السطح فكرة المؤامرة ويتم تداولها عبر الوسائل الإعلامية العربية، هل ثمة فعلاً مؤامرة تحاك ضد العرب؟

 

لا أنكر وجود المؤامرات ولكن المؤامرة الكبرى هي على أنفسنا لأنه لولا وجود ثغرات لديك ما استطاع أحد الدخول إليك. المؤامرة هي من صناعتنا، ففي السابق كانت إسرائيل هي الشماعة التي نعلق عليها مشاكلنا واليوم إيران والولايات المتحدة وروسيا. نحن من سمحنا بدخول المؤامرات إلينا، ونحن نضخمها آلاف المرات أكثر من حجمها ولا نفعل أي شيء لمواجهتها.

back to top