رولا حمادة: كيف ننافس الآخرين ولم ندخل السوق العربية بعد؟

نشر في 11-02-2014
آخر تحديث 11-02-2014 | 00:02
تميّزت دائماً بأدوار اختارتها بعناية ودقة، فهي إن غابت فترة عن الشاشة، لا تعود إلا بدور يستحقّ مسيرتها الدرامية المشرقة، لأنها، كما تقول، لا تقبل إلا بالدور الذي يرضيها معنوياً وفنياً.
بعد شخصيتي «دينا» و{ديانا» في مسلسل «جذور»، أطلّت الممثلة اللبنانية رولا حمادة بدوري «ياسمين» و{قمر» في مسلسل «وأشرقت الشمس» الذي حصد نجاحاً لبنانياً كبيراً عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال.
عن نجاح المسلسل وتألقها في دورها، تحدثت حمادة إلى «الجريدة».
في مسلسل و{أشرقت الشمس» تؤدين دور ياسمين التي تهرب من الضيعة إلى المدينة حيث تتنكر بشخصية راقصة تدعى قمر، أي تسمية تفضلين: «قمر» أم «ياسمين»؟

يمكن مناداتي بأي شخصية جسّدتها: «قمر» أو «ياسمين» أو «دينا» أو «ديانا» في «جذور»، أو{نبيلة» في مسلسل «فاميليا» وغيرها.

لكنك بدوت متأثرة بدورك في «وأشرقت الشمس».

تابعني الجمهور بدور جديد وأداء مختلف، فقد جسدت دائماً شخصية المرأة القوية غير المنكسرة، لكن شخصيتي في هذا المسلسل قوية حيناً ومنكسرة أحياناً إنما بذكاء، كالعشبة التي تميل مع الريح ولا تنكسر.

انتظرتم خمسة أعوام لتنفيذ هذا العمل، هل توقعت نجاحه الكبير أم فوجئت به؟

كل من قرأ السيناريو قبل تصويره أُغرم به وتوّقع إعجاب الجمهور به لأنه جميل جداً، علماً أن الممثل، في الأساس، لا يضع آماله في أي مسلسل لئلا يصاب لاحقاً بخيبة أمل. لكن النتيجة الجميلة التي حققها «وأشرقت الشمس» تخطت توقعاتنا وأفرحتنا.

هل تحقق هذا النجاح بفضل القصة أم بفضل عناصر أخرى توافرت فيه؟

القصة أساس العمل التلفزيوني، كذلك التمثيل والإخراج، ثم تكامل العناصر الأخرى مهم أيضاً، خصوصاً أن الأحداث جرت في حقبة زمنية ماضية، ما تطلب مجهوداً إضافياً لتأمين ما يلزم، وتقديم عمل لائق يحترم المشاهد. فلو لم يتوافر هذا المجهود الإنتاجي الجبّار، لكان الجمهور أحبّ المسلسل من دون أن يحقق هذه النسبة الكبيرة من النجاح.

ألم تساهم أعوام الانتظار في اختمار الشخصية أكثر في ذاتك؟

ربما استمرار هذه الشخصية في داخلي طيلة هذه الأعوام ساهم في اتحادي أكثر معها، إنما من جهة أخرى يبقى نضوجي كممثلة عاملا أساسياً أيضاً.

هل تؤيدين مقولة إن مرحلة ما قبل هذا المسلسل لن تكون كما بعده؟

أتمنى ذلك على رغم بعض المحاولات الدرامية الجيدة سابقاً. يأمل الممثل اللبناني دائماً أن تكون الأعمال في مستوى أفضل من السابق، وأن يهتم المنتجون أكثر به، لرفع مستوى الإنتاج الدرامي اللبناني.

ألا تكفي ضخامة الإنتاج وحدها لتقديم عمل بمستوى عالٍ؟

لا يكفي أن يؤمن الإنتاج الضخم الديكور والأكسسوار والثياب، إنما أن يتم اختيار الممثل المناسب للدور المناسب، وهذا ما حصل في مسلسل «وأشرقت الشمس».

بعدما نجحت بدوريْ «دينا» و{ديانا» فوجئ الجمهور بدور «ياسمين»، فعما ستبحثين لاحقاً؟ وهل من السهل أن تقتنعي بأي شخصية جديدة؟

لا أرى صعوبة في هذا الإطار، لأنني مقتنعة بأن دوري المرتقب بعد «وأشرقت الشمس» سيكمّل خياراتي الدرامية السابقة، خصوصاً أنني، منذ مرحلة إثبات الذات، دققت في خياراتي واشتغلت لمتعتي الشخصية ولم أستخفّ بخياراتي، فكيف الحال راهناً؟

ألا ترين أن شخصيتك في «وأشرقت الشمس» أسهل من شخصية «دينا» المركبة في «جذور»؟

تحضير الشخصيات التي نراها عادة في حياتنا اليومية أسهل من تحضير شخصيات مركبة مثل شخصية «دينا»، والتي لا نجدها دائماً حولنا، فتتطلب دراسة عميقة وتمارين كثيفة بعد مراقبة حالات مماثلة في مراكز متخصصة. برأيي، لكل شخصية خصوصية معينة، فضلا عن أنني أرفض التكرار في أدواري، وإذا تشابهت الشخصية الجديدة مع إحدى شخصياتي السابقة، أضيف إليها أموراً وأعدّل فيها لئلا أكرر نفسي.

«ياسمين» مزيج من التضحية والقوة والحب والعنفوان، وهذه صفات مثالية في المرأة، هل نشهد مثلها راهناً؟

طبعاً، ومثال على ذلك، صمود المرأة اللبنانية إبان الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، فهي تتحمل مسؤولية كبيرة من دون أن يدرك الآخرون ذلك، لأنها من يبني العائلة ومن خلالها يُبنى المجتمع، فهي الأم التي تزرع العنفوان والكرامة في قلوب أولادها لينشأوا على الشهامة وعزة النفس، ويرفضوا اغتصاب الغير لأرضهم وبيتهم وكرامتهم.

هل سيشق المسلسل طريقه إلى الشاشات العربية على رغم عدم مشاركة ممثلين عرب فيه؟

أعتقد ذلك، ومن شأن المؤسسة اللبنانية للإرسال اتخاذ هذا القرار ومتابعته. برأيي، لا مشكلة في تقديم المحطة تضحيات في سبيل تسويق العمل عربياً، ما دامت النتيجة ستكون خرق السوق العربية وإبراز قدرات الدراما اللبنانية.

كيف وجدت الثنائية مع غسان صليبا في باكورة أعماله الدرامية التلفزيونية؟

جميلة جداً، كسبت من خلالها صديقاً جديداً. لقد استمتعت بالتعاون معه لأنني أحبه واحترمه، كما احترم تاريخه الفني وطريقة تعامله مع فنه وموهبته ومع المحيطين به. فضلا عن إعجابي بمجهوده الشخصي لئلا يخيب أمله بنفسه أولا.

للمرة الثانية تشكلين ثنائية نسائية مع إلسي فرنيني، كيف ترين إيقاع الأداء بينكما؟

تجمعنا محبة شخصية قبل العلاقة المهنية، لقد مثلت مع زوجها جورج شلهوب وولديها يورغو ونديم قبل التعاون معها، فتعرفت إليها من خلال عائلتها أولا. أراها سيدة استثنائية مهنياً وشخصياً، لذا أتمنى لها دوام الصحة والعطاء. أما بالنسبة إلى الإيقاع في الأداء، فمن الطبيعي أن ينعكس الشعور الشخصي الذي يجمع الممثلين على أدائهم، إيجاباً أو سلباً، فيظهر ذلك واضحاً عبر الشاشة، لذا من المهم توافر التفاهم بينهم من جهة، ومع المخرج من جهة أخرى.

هل يمكن أن تطوّري أداءك التمثيلي بين عمل وآخر بغض النظر عن الفترة الفاصلة بينهما؟

طبعاً، لأن حياة الإنسان تتطوّر يومياً بفضل التجارب واختبار الأحاسيس، فكيف الحال بالنسبة إلى الممثل الذي يراقب كل شيء من حوله؟

كتبت منى طايع الشخصية خصيصاً لك، فهل انطلقت من شخصيتك الحقيقية في صياغة الدور؟

لا أظنّ ذلك، لكنها وضعت مشاهد قوية كونها مؤمنة بموهبتي التمثيلية وما يمكنني إضافته إلى العمل، فضلا عن ثقتها بقدرتي على بثّ الحياة في الشخصية.

هل تلغين ذاتك عند تقديم الشخصية أم تنطلقين منها لتجسيدها؟

ثمة مدرستان في التمثيل، واحدة تقول بإلغاء الذات خدمة للشخصية، وأخرى أؤمن بها وهي أن ينطلق الممثل من أحاسيسه لتقديم الشخصية مع تعديلها وتغييرها بما يتناسب مع الدور.

هل ثمة دور يرضي الممثل فنياً ومهنياً وآخر يرضيه معنوياً؟

إذا كان الدور يرضي الممثل معنوياً يعني أنه يرضيه فنياً ومهنياً، إنما السؤال: هل ثمة دور يرضي الممثل مادياً رغم أنه أقل مهنياً؟ أو هل ثمة دور يرضيه معنوياً وفنياً وهو أقل مادياً؟ الجواب أن الممثل قد يضطر إلى أداء شخصيات لا يحبها بهدف الربح المادي، أو قد يشارك في أعمال لا ترضيه مادياً إنما ترضيه فنياً ومعنوياً وتشكل إضافة إلى مسيرته.

هل تقبلين دوراً لا يرضيك مهنياً وفنياً بهدف الربح المادي؟

حاولت طيلة مسيرتي المهنية أن أتجنب زلات القدم، لئلا أخطئ تجاه نفسي قبل جمهوري، وأن أكون مقتنعة دائماً بخياراتي وإن كانت ترضيني بدرجات متفاوتة، لأننا في النهاية لا نتلقى دائماً نصوصاً جميلة، لذا نختار الأفضل بين ما يعرض علينا. عموماً، لم أندم على أي دور رفضته يوماً.

الدراما رسالة

ما رأيك بالواقع الثقافي الفني في ظل الحركة الدرامية والسينمائية والمسرحية التي نشهدها راهناً في لبنان؟

توقعنا عند انطلاقتنا الفنية أن تكون أوضاع الجيل اللاحق أفضل من أوضاعنا، للأسف لم يتحقق ذلك. ربما جيل اليوم مقدام أكثر منا، أو ظروفه أفضل من ظروفنا، لكنه ينحت الصخر بيده مثلما فعلنا نحن قبله، ويسعى إلى تأمين إنتاجات تساهم في نهضة السينما اللبنانية، وهذا ما يدفعنا إلى التفاؤل بمستقبلها. بالنسبة إلى التلفزيون، نرى إنتاجات جيدة من حين إلى آخر لذا نتمنى، عندما يحتاج العمل إلى مجهود انتاجي كبير، أن تتعاون شركات الإنتاج مع بعضها البعض، مثلما حصل في «وأشرقت الشمس» لتقديم عمل لائق واختيار ممثلين مناسبين للعمل.

هل اقتربنا من مستوى المنافسة العربية؟

لا أعتقد ذلك، لأننا نحتاج إلى دخول الدول العربية أولا، فكيف ننافس الآخرين إذا لم ندخل السوق العربية ولم يتعرف الجمهور العربي إلينا ولم يتابع أعمالنا؟ لا يمكن التحدث راهناً عن منافسة لعدم تكافؤ في نسبة المشاهدين، وعدم الاعتياد على متابعة العمل اللبناني. لذا عندما نقنع المشاهد العربي بإنتاجاتنا، عندها تبدأ عملية الاختيار بين أعمالنا وأعمال الآخرين، وبعدها الحديث عن إمكانية المنافسة.

هل تؤدي الدراما دوراً في خفض منسوب التطرف الديني والمذهبي والعرقي الذي يزداد في العالم العربي؟

يجب أن تنقل الدراما الواقع مع الحلم ليبقى ثمة أمل بالغد. أشبّه متابعة الدراما بالذهاب عند المعالج النفسي، حيث يرتاح الإنسان في التحدث عن واقعه. تحكي الدراما الواقع لنراه ونفهمه، فنشعر بالأمل في تصحيح الوضع عبر أخذ العبر.

ما مصير الفن في ظل تزايد هذه الحالات؟

لا أظنّ أن الفكر الظلامي المتأخر يمكن أن ينتصر، وأتمنى ألا يحصل ذلك لأن لا معنى للحياة من دون فن.

ما استراتيجيتك للمرحلة المقبلة؟

أتحضّر لتجسيد شخصية مختلفة عن شخصياتي السابقة في عمل عربي مشترك. كل ما أستطيع الإفصاح عنه حتى اللحظة أن النص محترم يحكي واقعاً معاشاً، وأتعاون مع مخرج احترمه جداً ولطالما تمنيت العمل معه.

back to top