كيف ينظر النجوم إلى واقع الأغنية اليوم؟
قد يكون للمتغيرات الحاصلة على القطاعات المختلفة في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي تأثير متفاوت على الأغنية، فبينما يرى نجوم أن التقدم التكنولوجي أثر إيجاباً على صناعة الأغنية ككل وفتح آفاقاً جديداً عبر إقامة جسر تواصل بين الثقافات المختلفة، يؤكد البعض الآخر أن التطور دفع كثراً إلى الاستسهال واعتماد السرعة في التحضير للأغنية ما أدى إلى فقدانها هويتها وقطع الرابط مع الموروث الثقافي والفني، بالتالي تعمقت الهوة بين الفنانين في الماضي والفنانين اليوم، وضاع الفن في متاهات الاستهلاك.
حول تقييمهم للأغنية اليوم ومدى صحة ما يتردد من أن الفن الحاضر لا يكتب له الاستمرار في الزمان والمكان استطلعت {الجريدة} آراء نجوم عرب.
حول تقييمهم للأغنية اليوم ومدى صحة ما يتردد من أن الفن الحاضر لا يكتب له الاستمرار في الزمان والمكان استطلعت {الجريدة} آراء نجوم عرب.
تراجع مستمر
أحمد عبدالمحسنعلي كمال{الأفكار تغيرت، وهوية الأغنية الكويتية تلاشت}، يؤكد الملحن والمطرب علي كمال لافتاً إلى أن ما تبقى من هوية الأغنية الكويتية هو القشور، باستثناء محاولات قليلة تعبر عن هوية الأغنية الكويتية.يضيف: «نشاهد اليوم أموراً غريبة وغير معقولة، فبعض الفنانين لا يغني باللهجة الكويتية بل يتجه إلى لهجات أخرى، كالعراقية والمغربية والمصرية، فيما يفترض بهؤلاء الحفاظ على هذه الهوية. والمفارقة أن فنانين في المغرب ومصر والعراق يؤدون أغاني خليجية وكويتية، وهذا أمر يثير الاستغراب».يتابع: «تفتقد الأغنية الكويتية حالياً إلى أهم عناصرها، فالكلمات سيئة والألحان مفككة، وأتمنى أن تتحسن هذه الأمور في المستقبل. أما في الماضي فكانت الكلمات والألحان تحاكيان الحياة اليومية بشكل رائع، وكان الاهتمام بها كبيراً. فلا عجب أن يستاء الفنانون الكبار لما وصلت إليه حال الأغنية الكويتية التي أصبحت منزوعة الطعم، وما تبقى من الماضي، محاولات من بعض الشباب لإعادة غناء أعمال قديمة وتقديمها بإيقاع عصري وجديد».يوسف العماني{لا تعبر الأعمال الغنائية حالياً عن هوية الأغنية الكويتية الحقيقية}، يؤكد الفنان يوسف العماني، لافتاً إلى أن دخول كلمات وألحان من دول أخرى على الأغنية الكويتية أفقدها هويتها، ويتطلب الحفاظ على هذه الهوية عملاً جاداً ومستمرًا سواء من المنتجين أو المطربين والملحنين والشعراء.يضيف: {تعيش الأغنية اليوم أوضاعاً سيئة، فالكلمات لم تعد قوية كالسابق والألحان فقدت هويتها وأصبحت تعتمد في غالبيتها على النمط السريع، وما يزيد من المشكلة أن وسائل الإعلام لا تدعم الفنانين والأعمال المحلية. لذا يتطلب إرجاع الأغنية الكويتية إلى سابق عهدها عملاً جاداً من الجميع}.يتابع: {في السابق كانت الأغنيات الكويتية تخرج بشكل جديد يختلف عن الأعمال الباقية، أما اليوم فأصبحت الأعمال متشابهة ولا تقدم إضافة، بل تخرج بشكل سيئ للغاية}.يلفت إلى أن ثمة فنانين يعيدون غناء أعمال فنية سابقة، ما يؤكد أن الساحة الفنية تعاني: {صحيح أن إعادة إحياء أغنيات سابقة أمر جيد، ولكن يجب أن تخرج من هذا الجيل أعمال جديدة تكون بحجم الأعمال السابقة}.ناشي الحربي{حال الأغنية الكويتية كحال الأغنية العربية تتعرض للظروف نفسها والمتغيرات}، يؤكد الشاعر ناشي الحربي، موضحاً أن الأغنية الكويتية تأثرت بالظروف السياسية والاجتماعية، فالوضع الراهن في ركود تام كما هي حال الأغنية العربية وواقعها.يضيف: {تعاني الدول العربية، من دون استثناء، من قلة الدعم في هذا المجال. في السابق كانت الأغنية، سواء الكويتية أو العربية، تحصل على دعم من الجهات الحكومية والجهات الخاصة والأفراد المعنيين بتمويل المشاريع الغنائية، أما اليوم فلا أحد يهتم بها ويسعى إلى تطويرها، باستثناء إذاعة الكويت التي استعادت نشاطاتها، كذلك فقدت الكلمات هويتها وأتمنى أن تعود كما كانت في الماضي}.يشير الحربي إلى أن وزارة الإعلام والمحطات والصحف كانت تدعم الأغنية باستمرار، {وعندما دخل العمل الخارجي وشركات الإنتاج الخاصة إلى الأغنية الكويتية بدأت بالتراجع، ففي السابق احتضن استوديو وزارة الإعلام المبدعين والمواهب الغنائية، وكانت الوزارة تدعم الفنانين خصوصاً مع وجود فرقة التلفزيون، أما اليوم فأفسد الاحتكار كل شيء}.أحمد المطوع{تسير الأغنية الكويتية من سيئ إلى أسوأ} يقول الفنان أحمد المطوع معرباً عن استيائه مما وصلت إليه الأغنية الكويتية راهناً، رابطاً تراجعها بتراجع شركات الإنتاج عن احتضان المواهب الشابة، خلافاً لما كان يحصل. يضيف: {اليوم، ينتج الفنانون على حسابهم الخاص، لذا اتجهت نسبة كبيرة منهم إلى إنتاج أغنية واحدة في كل موسم، باعتبار أن الإنتاج مكلف ولا يستطيع الفنان تحمله، خصوصاً إذا كان في بداية مشواره الفني، وقلة من الشباب تجذب انتباه شركات الإنتاج}.يوضح أن الأغنية الكويتية، في الماضي، تميزت بفضل الرواد، مؤكداً أن الماضي أفضل حالاً من الحاضر حتى بالرياضة والاقتصاد والمحبة والعلاقات الاجتماعية... {بالنسبة إلي أحاول الاجتهاد وتقديم ما أستطيع، لكن العصر اليوم للأغنية السريعة، ويتجه الفنانون في غالبيتهم إلى هذا اللون من الغناء، رغم أنه لا يدوم، فالأغنية السريعة تنتهي بسرعة خلافاً للأغنية الكلاسيكية والهادئة}.الجيّد يتراجع والفضائيات السبببيروت - ربيع عوادرواد رعد {ثمة تدنٍ في بعض الأعمال الصادرة. ما زالت الدول العربية متحفظة أكثر من بلاد الشام التي نشكل جزءًا منها، حيث نتقبل نحن كل شيء ونصّدر أي شيء إلى الخارج}، يقول الفنان رواد رعد ويشير: {تصرف أموال طائلة على الفن المبتذل في مقابل نسبة قليلة من الفنانين الجيدين. أما في المناطق الخليجية، فلم أجد يومًا فنًا مبتذلا أو مستوى متدنيًا سواء في الكلمة أو اللحن أو الصوت أو العزف لأنهم يقدمون فنًا صحيحًا}.وعن الموضة السائدة اليوم يضيف: {أدخل فولكلور غريب إلى الفن اللبناني، فالدبكة السائدة اليوم تجارة عشوائية ومبتذلة وبضاعة رخيصة تباع بأسعار مرتفعة لتصل إلى الناس بطريقة خاطئة}، موضحًا أن {بعض الفنانين حقق شهرته بفضل الأغنية اللبنانية، وما إن وصل إلى القمة حتى التفت إلى مصالح أخرى فتوجه إلى الأغاني العراقية والساحل السوري التي اختلطت بأعمالنا، رغم أنها لا تشبهنا}.يتابع: {غنّت فيروز لهجات مختلفة، لكنها حافظت على التراث اللبناني، فلماذا لا نتمثل بالرحابنة وزكي ناصيف وفيلمون وهبي؟ أقام الرحابنة دولة فنية في لبنان وصدّروها إلى الخارج من خلال أعمال خالدة، تحدثت عن الفرح والحب والوطن والسلام والحرب بطريقة رائعة تخطت الزمان والمكان}.مارك عبد النور{رغم وجود أعمال هابطة فإن الأغنية اللبنانية ناجحة ليس في لبنان فحسب بل في الدول العربية}، يؤكد الفنان مارك عبد النور مشيراً إلى أن الأغنيات اللبنانية هي الأكثر نجاحًا ورواجًا في العالم العربي، وأن نجومًا لبنانيين أثبتوا أنفسهم في الدول العربية وبجدارة من خلال الأغنية اللبنانية.وعن وجود أعمال هابطة يتابع: {على مر السنوات سمعنا أعمالاً جيدة وأخرى هابطة، ويبقى المستمع هو الحكم الوحيد، لكن من دون شك النسبة الكبرى من الأغنيات الناجحة ذات قيمة فنية كلامًا ولحنًا وتوزيعًا وأداءً، وحتى لو حققت أي أغنية هابطة نجاحًا فلا يمكن اعتبار ذلك مقياسًا}. وعن النسخ والتقليد يقول: {عدد النوتات الموسيقية سبعة لذا لا بد من حصول ترابط أفكار في مكان معيّن، خصوصًا أننا نستمع إلى كثير من الأغاني، وقد نلتقط تلقائيًا جملا موسيقية يمكن تنفيذها في أغانٍ معينة، علمًا أن ثمة أغاني لعمالقة في الفن، أفكارها مأخوذة من أغانٍ غربية، وهذا ليس عيبًا، إنما أرفض النسخ والتقليد}.نزار فرنسيس{ثمة أغنيات جيدة وأخرى سيئة، كما في العصور كافة، ففي زمن العمالقة مثل عبد الوهاب وأم كلثوم وفيروز ووديع الصافي، قدّم بعض الفنانين مستوى متدنيًا من الأغنيات لكننا لا نذكرهم لأن الإعلام لم يضئ عليهم}، يقول الشاعر اللبناني نزار فرنسيس مؤكداً أن الفنان غير الراقي لا يستمرّ.يضيف: {راهنًا يزداد المستوى الرديء بسبب الإعلام والفضائيات المتحكّمة بالعالم والتي أضاءت على الجيد والسيئ بتساوٍ، إلا أن الأغنيات السيئة لن تدوم ولن يذكرها أحد}.أما عن حصر كتابته باللهجة اللبنانية يوضح: {أنا متعصّب جدًا لها، كوني لبنانيًا بطبيعة الحال والفن حضارتنا، إلى ذلك أريد الحفاظ على هويتي، لا يعني ذلك أنني أكره الآخرين، فأنا أستمع إلى الأغنية المصرية {المطبوخة} من فنانين مصريين وإلى الأغنية الخليجية. أكتب اللهجة البدوية أيضًا التي هي امتداد لبلاد الشام وتدخل ضمن ثقافتنا وليست غريبة عنّا}.صعوبة في الاختيار ولا تراجعالقاهرة – بهاء عمرلا يرى المطربون تراجعاً في الأغنية المصرية لكنهم يعترفون بصعوبة اختيار كلمات وألحان جيدة ومناسبة لأصواتهم، فيما يبررون التغيير فيها بتطور العصر وسرعة إيقاعه.توضح جنات أن العثور على كلمات جيدة أصبح أمراً صعباً ويحتاج إلى مزيد من الوقت، نظراً إلى تغير ذوق الجمهور، مشيرة إلى أن الأغنية لم تتراجع بل أصبحت تناسب سرعة العصر والتطور التكنولوجي، سواء في إيقاع الألحان أو الكلمات.تضيف أن الفارق بين الماضي والحاضر يمكن حصره في مدة الأغنية، {في الماضي لم يكن الجمهور يملّ من الاستماع إلى أغنية طويلة قد تصل إلى 20 دقيقة، فيما لا تصل غالبية الأغاني اليوم إلى خمس دقائق}، معتبرة أن هذا الاختصار الزمني أمر طبيعي.تؤكد أن اختيار الأغاني ليس بالأمر السهل، لأن كل فنان يرغب في التميز بالمحتوى الذي يقدمه، لذا يستغرق اختيار الأغنية وقتاً طويلا، قد يصل إلى أشهر، حتى تصل إلى مرحلة التسجيل في الأستوديو استعداداً لطرحها، {أحياناً، بعد هذه الفترة الطويلة من العمل، قد تُستبعد الأغنية لأسباب فنية أو ظروف، ما أن ترى النور في الألبوم أو كأغنية سينغل}.تنوع ومقارنةيؤكد مصطفى كامل أن الأغنية المصرية راهناً أفضل من ذي قبل، وتشهد تنوعاً في المحتوى بين الأغاني العاطفية والوطنية والدرامية، مشيراً إلى أن الثورة المصرية أعادت الأغاني الوطنية إلى صدارة المشهد بعدما غابت فترة طويلة، وعازياً التنوع إلى وجود مجموعة من الملحنين والشعراء المتميزين، لافتاً إلى التغير في معايير نجاح الأغنية لدى الجمهور التي أصبحت ترتبط بردود الفعل عبر {فيسبوك} و{تويتر}، بالإضافة إلى نسب التحميل عبر الإنترنت، بدلاً من الاحتكام إلى أرقام المبيعات في سوق الكاسيت، كما كان يحدث في الماضي.المقارنة بين الأغنية المصرية في الماضي والحاضر أمر غير منصف للجيل الحالي، برأي خالد سليم، لأن الجمهور يحفظ الأغاني القديمة التي نشأ عليها، ومقارنتها بالأغاني الجديدة ليس في صالح المطربين الشباب، لأنهم يقدمون أغاني في ظروف مختلفة وزمن مختلف.يضيف أن الأغنية تطورت في السنوات الأخيرة بفضل التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت تعطي صوتاً أفضل للآلات الموسيقية، مؤكداً أن ثمة أغاني مميزة تؤكد عدم تراجع مستوى الأغنية المصرية.بدوره يشير محمد حماقي إلى أن الأغنية المصرية لم تتراجع، وربما مرت بفترات صعبة، موضحاً أن الفترة الحالية تشهد تقديم أغان مميزة تجد صدى لدى الجمهور، كما كان يحدث مع الأغاني في الماضي ما يعتبر دليلا مهما على النجاح.يضيف أن اختيار الأغنية ليس أمراً سهلا، خصوصاً عندما يصل الفنان إلى مرتبة معينة لدى جمهوره الذي ينتظر منه تقديم الأفضل، مشيراً إلى أنه يستغرق وقتا، لأن التحضير للأغنية يرتبط بكلمات وألحان وتوزيع، وفي كل مرحلة قد يكون ثمة تعديل يستغرق بعض الوقت. في المقابل، ثمة أغنيات لا تستغرق وقتاً وتكون مناسبة للتسجيل فوراً.بدورها تشير سميرة سعيد إلى أنها تعاني من مقارنة الجمهور بين الأغاني القديمة والحديثة في ألبوماتها، {فور طرح ألبومي الجديد يحكم عليه البعض بأنه الأضعف في مسيرتي الفنية قبل أن يتحول الانتقاد إلى إشادة بعد فترة قصيرة}، لافتة إلى أن فكرة المقارنة لا تكون صائبة في كل الأوقات نظراً إلى اختلاف الظروف.تضيف أنها تعرضت لهذه المقارنة في ألبومها الأخير {أيام حياتي} وأن المنتقدين أنفسهم أشادوا بالألبوم لاحقاً، موضحة أن العثور على كلمات جيدة أصبح أمراً مرهقاً للغاية وهو ما يتسبب في طول فترة غيابها عن الساحة الفنية.