الكويت في موقع متخلف عالمياً لاعتمادها على النفط فقط كمصدر وحيد للدخل
يمكن استغلال الموارد للتخطيط الدقيق وطويل الأمد لتطوير قطاعات إنتاجية وبديلة عن النفط ولها قابلية للتصدير، للانفكاك من أسر الاعتماد على النفط.
ذكر تقرير الشال أن الاقتصاد الكويتي يعتمد، بشكل أساسي، على النفط، ويمكن تحديد نسبة هذا الاعتماد بالأرقام بالنظر لعدد من المؤشرات الاقتصادية، منها نسبة الصادرات النفطية ضمن الصادرات الكويتية، ويعرض التقرير التطور التاريخي لمؤشر الصادرات، مع محاولة استخلاص بعض الحقائق عن تطور الاقتصاد الكويتي، وأهمها هدر ثلاث فرص تاريخية، على الأقل، لتنويع الصادرات، وبالتالي الفشل في تخفيف الاعتماد على النفط.فوفقاً للبيانات المتوافرة لدينا والممتدة منذ عام 1973، يمكن فهم التطور التاريخي لدور النفط في الصادرات الكويتية عبر تقسيمه لأربع دورات، على الأقل، والدورة تعني مرحلة تغير في نسبة الصادرات النفطية من إجمالي الصادرات، من نسبة متدنية نسبياً، إلى مرتفعة فمتدنية مرة أخرى، مع الإشارة إلى أن بيانات الصادرات مقومة بالقيمة النقدية لا بالحجم أو الوزن، وبالتالي فإنها لا تتأثر، فقط، بحجم التصدير النفطي وغير النفطي، بل بأسعارهما كذلك.
صعود جديد وهناك، على الأقل، أربع دورات تاريخية في الصادرات الكويتية، أولاها الدورة البادئة منذ بداية بياناتنا عام 1973 (وربما أقدم) حتى عام 1982، والتي شهدت بلوغ الصادرات النفطية أعلى نسبة لها عام 1974 عند نحو 96.4 في المئة من إجمالي الصادرات الكويتية، لتنخفض بعدها بثماني سنوات إلى أدنى نسبة عند نحو 82.7 في المئة عام 1982، تخللتها دورة صغرى شهدت قمتها عام 1979 عند نحو 94 في المئة. وثاني الدورات، وأطولها، هي الممتدة بين عامي 1982 و1998، وشهدت صعوداً جديداً لنسبة الصادرات النفطية من إجمالي الصادرات الكويتية من أدنى مستوى عام 1982، إلى أعلاه عام 1991، رغم كون بيانات عام 1991 تغطي النصف الثاني من العام، فقط، بسبب ظروف التحرير من الغزو العراقي وتوقف الصادرات الأخرى، ولعل ارتفاعها إلى مستوى قياسي جاء بتأثير من الحاجة إلى الموارد لإعادة الإعمار، تحول هذا الصعود إلى انخفاض بعد ذلك مع تدني نسبة الصادرات النفطية من إجمالي الصادرات الكويتية لنحو 88.1 في المئة عام 1998، ثاني أدنى قاع لها بعد عام 1982 وفق بياناتنا.أما الدورة الثالثة للصادرات النفطية الكويتية فكانت في الفترة 1998-2009، وتتميز بكونها لم تشهد العودة للنسب القياسية للصادرات النفطية، لا من حيث الارتفاع ولا من حيث الانخفاض، وكانت أقصى نسبة بلغتها نحو 94.9 في المئة عام 2006، أي خلال الطريق إلى ذروة الفقاعة المالية، العالمية والمحلية، وقبل انفجارها عام 2008، لتنخفض إثرها نسبة الصادرات النفطية إلى نحو 90.6 في المئة عام 2009، وتعلن بذلك نهاية الدورة الثالثة وبداية الرابعة، التي لانزال في غمارها حتى اليوم، والتي شهدت صعوداً مستمراً لنسبة الصادرات النفطية لتبلغ أعلاها حتى الآن عام 2012 عند نحو 95.5 في المئة، مقتربة من مستويات عامي 1974 و1991 القياسية تاريخياً، وذلك بعكس الأهداف المعلنة لخطة التنمية المقرة في فبراير 2010، والتي يحل أجلها في نهاية مارس 2014.فرص مهدرةوتمثل هذه الدورات الثلاث الأولى فرصاً مهدرة لتنويع الصادرات، أو هي تؤكد أن الكويت لم تفعل شيئاً، ونحن لانزال في الدورة الرابعة التي لا يبدو أننا نستغلها جيداً، وتحديداً فترة ارتفاع نسبة الصادرات النفطية، التي يواكبها عادة ارتفاع في إيردات الدولة وارتفاع للسيولة في الاقتصاد، وبالتالي يمكن استغلال هذه الموارد للتخطيط الدقيق وطويل الأمد لتطوير قطاعات إنتاجية وبديلة عن النفط ولها قابلية للتصدير، بحيث تحول الانخفاض الدوري في نسبة الصادرات النفطية من سبب لأزمة اقتصادية إلى فرصة لتثبيت مركز القطاعات المنتجة والمصدرة الوليدة، والانفكاك من أسر الاعتماد على النفط، هذا الاعتماد الذي جعل الكويت تحتل موقعاً متخلفاً وتابعاً في الاقتصاد العالمي، هو موقع الدولة المصدرة للمواد الخام بالدرجة الأولى والمستوردة لكل ما عدا ذلك، تقريباً، في وضع شبيه بوضع جمهوريات الموز في أميركا اللاتينية، في القرنين التاسع عشر والعشرين، والتي تخصصت بإنتاج الفاكهة للدول المتقدمة، فقط، من دون تطوير صناعات متقدمة.