بوتين مثلي والحيوانات أفضل أصدقائه؟!

نشر في 07-12-2013 | 00:03
آخر تحديث 07-12-2013 | 00:03
No Image Caption
في كتاب جديد، يصف عالِم سياسي فلاديمير بوتين بأنه يتيم مصدوم لديه ميول مثلية وثروة ضخمة. لكن الكرملين نفى تلك الادعاءات واعتبرها مجرد تلميحات لا أساس لها من الصحة.التفاصيل من «شبيغل».
بالنسبة إلى مناصري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يُعتبر الأخير منقذ البلد. وبالنسبة إلى خصومه، مجرد طاغية متسلّط. في وثائق «ويكيليكس» الدبلوماسية، يتم تشبيهه بالبطل الخارق «باتمان»، وقد اختارته مجلة الأعمال الأميركية «فوربس» كأحد أبرز الرجال النافذين في العالم. لكن الوصف الذي لم يستعمله أحد بعد: ذلك الرجل الذي يحكم أكبر بلد في العالم (من حيث المساحة وبعدد سكاني يبلغ 143 مليون نسمة) ويدير الأسلحة النووية وكميات ضخمة من الموارد الطبيعية، هو في الحقيقة رجل ضعيف ومثير للشفقة.

عمد العالِم السياسي الروسي ستانيسلاف بيلكوفسكي (42 عاماً) إلى إطلاق هذا الادعاء تحديداً في كتابه الجديد الذي يحمل عنواناً فرعياً يَعِد بطرح {الحقيقة الكاملة عن بوتين}. تجنب الناشرون الروس هذا العمل الفاضح، فعبّر بيلكوفسكي وحيداً عن موقفه المعارِض طوال سنوات وكان يظهر مراراً وتكراراً ليطلق ادعاءاته الفظة والفاضحة عن بوتين. ويظن عدد لا يُستهان به من الناس بأن المراسل يحظى بحماية أعضاء رفيعي المستوى في أوساط الاستخبارات الروسية.

بيلكوفسكي كاتب صحافي شهير في مجلة فضائح في موسكو، يظن أن الطريقة المثلى لفهم بوتين تكمن في طفولته التعيسة. كتب العالِم السياسي: {عملياً، نشأ فلاديمير الصغير من دون أب ومن دون حب ورعاية من والديه وكان طفلاً منغلقاً وكئيباً}. وفق نسخته من الأحداث، كان بوتين ابن رجل مدمن على الكحول وقد وُلد فعلياً قبل سنتين من تاريخ ولادته الرسمي. انتقلت والدته إلى جورجيا مع فلاديمير قبل أن يُرسَل الطفل بعد فترة قصيرة إلى ما كان يُعرف حينها بمدينة لينينغراد ليصل لاحقاً إلى الشخصين اللذين أصبحا الوالدين الرسميين للرئيس المستقبلي.

لا يستطيع بيلكوفسكي تقديم أي أدلة، مثل مقتطفات من سجل الولادات، لدعم هذه الادعاءات. لكنه يتحدث عن الظروف الغامضة التي أحاطت بمقتل صحافي استقصائي معروف كان يحاول الكشف عن لغز ولادة بوتين قبل أن يُقتل في تحطم طائرة خاصة. وفق بيلكوفسكي، أمضى بوتين مرحلة الرشد كلها وهو يبحث عن عائلة بديلة. فوجد في شخص بوريس يلتسين الأب البديل، وفي رجل الأعمال النافذ وصاحب نادي كرة القدم رومان أبراموفيتش (وهو يتيم بدوره) أخاً بديلاً.

يهرب من الناس

كذلك، كتب بيلكوفسكي أن بوتين كان سياسياً وحيداً جداً وكادوا يجبرونه على تولي الرئاسة، وقد خضع للضغوط كي يتخذ القرارات وكان يفضّل تمضية وقت فراغه مع الحيوانات خوفاً من الناس. فضلاً عن أنّ صور بوتين الرجولية التي تُظهره وهو في طائرة ثلجية أو يتصور مع نمور قيل إنه خدّرها بنفسه ليست مجرد جزء من حملة تسويقية بل إنها توفر نظرة عميقة عن روح الرئيس بحسب رأيه. كتب بيلكوفسكي: {هناك يكمن بوتين الحقيقي. يهرب من الناس ومن واجباته ويتجه إلى الطبيعة. هناك نجد أفضل أصدقاء بوتين: كلب اللابرادور {كوني} وكلب الراعي البلغاري {بافي}، وهما رفيقاه الوحيدان في القصر الرئاسي}.

إنه تحليل نفسي زائف ورخيص. لكن تهتم وكالات الاستخبارات الغربية والدبلوماسيون والخبراء بالشؤون الروسية بقسمين تحديداً من نظريات بيلكوفسكي: ثروة بوتين الضخمة المزعومة وحياته الجنسية. بحسب بيلكوفسكي، كانت علاقة بوتين المزعومة مع لاعبة الجمباز الجميلة السابقة وبطلة الألعاب الأولمبية، ألينا كاباييفا، مجرد حيلة مبتكرة من مستشاريه في مجال العلاقات العامة. أرادوا إظهار بوتين بصورة {الرجل الحقيقي والجذابـ{ لإخفاء واقع أنّ {الحياة الجنسية أمر غريب عنه}، أو ربما يكون {مثلياً في الخفاء} بحسب تحليلات بيلكوفسكي.

اكتسب بوتين سمعته كـ}رمز للمثليين} بسبب جلسة تصوير جرت في عام 2007 ويعتبرها البعض دليلاً على تلك التكهنات بشأن ميوله الجنسية، فقد كانت {جلسة تصوير مثيرة بالفعل حيث تصوّر بوتين وأمير موناكو ألبرت وهما عاريا الصدر ويحملان قضبان الصيد بيدهما}. لكن ينفي المتحدث باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، ذلك الاتهام بشكل قاطع، مثلما ينفي المزاعم المتعلقة بثروته الهائلة أو تزوير تاريخ ولادته. قال بيسكوف: {تفتقر تعليقات بيلكوفسكي لأي أساس، أو كما نقول في روسيا: إنها مجرد تفاهات}.

يبدو أن بيلكوفسكي نفسه يدرك أنه يأخذ مجازفة كبرى حين يطلق تلك التكهنات عن الميول المثلية المحتملة لدى رئيس الكرملين، فقد كتب: {إلى المحامين الذي يقرأون كتابي، أريد أن أشير إلى أن الشخص الذي يكون رمزاً للمثليين لا يكون بالضرورة مثلياً}.

يخصص بيلكوفسكي أيضاً صفحات عدة للحياة الشخصية لابنتَي بوتين، ماريا (28 عاماً) وإيكاترينا (27 عاماً)، مع أن الرئيس لطالما حاول حمايتهما من الرأي العام. كانت ماريا على علاقة عاطفية مع مهندس معماري هولندي. حين رُمي في حفرة على يد موكب مدرّع لمصرفيّ من موسكو، اعتُقل المذنبون خلال 15 دقيقة فقط. ثم عيَّن بوتين الشخص الذي أمر بتنفيذ تلك العملية الفائقة السرعة في منصب وزير الداخلية بينما حُكم على المصرفي فوراً بالسجن لسبع سنوات وهو يملك الآن {الفرصة المناسبة كي يعطي رأيه بذلك المهندس الهولندي الهادئ}، كما كتب بيلكوفسكي.

فيلا فاخرة

تقيم إيكاترينا، ابنة بوتين الثانية، مع ابن نيكولاي شمالوف، صديق بوتين القديم. شمالوف معروف في قطاع الأعمال الألماني والروسي بأداء دور الوساطة في صفقات كبرى بين السلطات الروسية والغرب، وهو يكسب أمواله من عقد الصفقات في القطاع الطبي.

في نهاية عام 2010، ادعى أحد شركاء شمالوف في رسالة مفتوحة إلى الرئيس ديمتري مدفيديف حينها أن قصراً بكلفة مئات ملايين اليورو يُبنى على مسافة غير بعيدة من مدينة سوتشي، حيث ستحصل الألعاب الأولمبية الشتوية خلال السنة المقبلة، وهو مُعَدّ {لاستعمال بوتين الشخصي}. قيل إن شمالوف موّل عملية البناء باعتباره شخصاً يثق به بوتين. لكن رد المتحدث باسم بوتين فوراً وأكد على أن الرئيس الروسي لا علاقة له بأي مبنى فخم على البحر الأسود. يزعم بيلكوفسكي الآن أن القصر كان سيُقدّم إلى ابنة بوتين، إيكاترينا، وزوجها، ابن شمالوف. أعلن شمالوف من جهته أن شركته لا تعلّق على أي مسائل شخصية.

لا يوجد خط فاصل بين الخيال والحقيقة في كتاب بيلكوفسكي. حين يكتب عن الإشاعات المرتبطة بمرض بوتين الحاد في بداية القرن الجديد، يذكر أن أعضاء مخمورين من فريق الحراس الشخصيين للرئيس أيدوا هذه النظرية. قيل إنهم أخبروا بيلكوفسكي بأن الرئيس يُستبدَل أحياناً بأشخاص يشبهونه {لإخفاء أمراضه المزمنة ومشاكله الصحية}.

تجاوز بيلكوفسكي السخط الذي واجهه غداة المقابلة التي أجراها مع صحيفة {دي فيلت} الألمانية في عام 2007 حيث اتهم بوتين بالاستفادة من استثمارات الشركات بمبالغ تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات.

لا يكشف كتاب بيلكوفسكي الحقيقة عن بوتين شخصياً بل عن نظام بوتين ككل: تتداخل المعلومات الصحيحة والمغلوطة بسلاسة في ما بينها. لم تعد التأكيدات التي يوفرها أصحاب السلطة كافية لإقناع الرأي العام المُشكِّك منذ فترة طويلة. لهذا السبب، تزدهر نظريات المؤامرة ويعتبر الروس أن كل شيء تقريباً أصبح ممكناً مهما بدا الأمر جنونياً. يمكن اعتبار بيلكوفسكي شخصاً مجنوناً بعض الشيء أو مناوِراً يهتم بمصالحه الخاصة {ويقبض مسبقاً مبالغ كبيرة مقابل كلامه} بحسب رأي عالِم سياسي آخر.

back to top