رحمك الله يا جاسم

نشر في 08-01-2014
آخر تحديث 08-01-2014 | 00:01
 أنور جاسم الخرافي عسرت أم يسرت، قل الحمد الله بكل الأحوال...

من يستطيع حمد الله عند بداية الصدمة، من يتصبّر فيقول عند نزول المصيبة وحلول الكارثة: "الحمد لله على كل حال"... قليلون هم.

خرج النَّبيُّ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إلى البقيعِ فرأَى امرأةً جاثيةً على قبرٍ تبكي فقال: يا أمةَ اللهِ اتَّقي اللهَ واصبري، قالت: يا عبدَاللهِ أنا الحَرَّى الثَّكلَى، قال: يا أمةَ اللهِ اتَّقي اللهَ واصبري، قالت: يا عبدَاللهِ لو كنتَ مُصابًا لعذرتني، قال: يا أمةَ اللهِ اتَّقي اللهَ واصبري، قالت: يا عبدَاللهِ أسمعتني، فانصرِفْ عنِّي، فانصرف عنها وبصُر بها رجلٌ من المسلمين فأتاها فسألها: ما قال لك الرَّجلُ؟ فأخبرته بما قال وبما ردَّت، فقال لها: أتعرفينه؟ قالت: لا، قال: ويحك ذاك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبادرت تسعَى حتَّى أدركته فقالت: يا رسولَ اللهِ أصبِرُ، قال: الصَّبرُ عند الصَّدمةِ الأولَى.

وقال أبو سنان: "دفنت ابني سناناً، وأبو طلحة الخولاني جالس على شفير القبر، فلما أردت الخروج أخذ بيدي، فقال: ألا أبشرك يا أبا سنان؟ قلت: بلى. قال: حدثني الضحاك بن عبدالرحمن بن عرزب عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد". رواه الإمام أحمد والترمذي.

عزيزي جاسم...

قبل سنة، في مثل هذا اليوم، تحررت روحك من دنيا فانية وطارت إلى الجنان ذات القطوف الدانية لا تكترث للأرض ولا تنظر إلى دموعنا، انظر إلى ذاك الضوء واتبعه مبتسماً، ودع الدمع والحزن لنا بفقدك..

 فوالله إنني لمؤمن إيماناً جازماً لا يخالطه أدنى شك أبداً بأن رحيلك في ربيع الأربع عشرة سنة لهو عمرك الذي كتبه الله لك وقدره قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وما نقص منه ثانية واحدة.

فالحمد لله يا جاسم، ثم الحمد لله، ثم الحمد لله... أنك طوال الأربع عشرة سنة من حياتك قد أرضيتني وأمك، بل أرضيت جميع من كان حولك...

لكن يا حبيبي لي رجاء...

زر جديك في الحلم وقل لهما جاسم يفتقد جاسم...

زر جدتيك في الحلم واشكرهما على دعائهما وصدقاتهما

وزر أمك في الحلم كل ليلة...

قل لها إنك تسمع دعاءها كل يوم في الثلث الأخير من الليل...

قل لها إنك تراها كل يوم وهي تخفي دموعها عن أهلها وأحبابها كي لا تحزنهم...

قل لها كم والدك فخور برباطة جأشها وقوة إيمانها وصبرها على فقدك...

وبشرها بأنك في كفالة إبراهيم، عليه السلام، تلعب وتمرح كالعصفور في الجنة، وذكرها بشفاعتك وفتحك باب الجنة لها...

علّها تنام الليلة بسلام بعد سنة من سهرها لفقدك...

قل لها نامي قريرة العين يا أمي، فمن منحك إياي قادر أن يعوضك...

وقل لها صبراً أماه فموعدنا الجنة.

اللهم في كل دقيقة تمر على كل مسلم ميت غالٍ علينا وهو في قبره، أسألك أن تفتح له باباً تهب منه نسائم الجنة لا يسد أبداً، اللهم أمطر على قبورهم من سحائب رحمتك.

back to top