The Secret Life of Walter Mitty…

نشر في 01-01-2014
آخر تحديث 01-01-2014 | 00:02
No Image Caption
آخر أفلام بن ستيلر دراماتيكي أكثر من أنجح كوميديا له

على مر 15 عاماً، لم تحقق غالبية أفلام بن ستيلر نجاحاً باهراً في شباك التذاكر فحسب بل سيطرت على حياتنا من خلال تكرار مشاهدها، إن على شاشات التلفاز أو في أذهاننا بدءاً بـZoolander وMeet the Parents وصولا إلى There’s Something About Mary وTropic Thunder. سواء أحببنا ستيلر أو انزعجنا منه أو حتى اعتقدنا بأنه لن يحقق نجاحاً أكبر من ذاك الذي وصل إليه، لا بد من الإقرار بأنه أحد أبرز الشخصيات الكوميدية في عصرنا الحالي.
في 25 ديسمبر، ودع ستيلر تاريخه من نواح عدة إذ أطلقت شركة  20th Centuty Fox فيلمThe Secret Life of Walter Mitty، وهو الفيلم الخمسون من إخراجه وأيضاً من إنتاجه وبطولته. ورغم أن يحوي مواقف مضحكة ولمحات من الخيال، فإنه يحمل في طياته مواضيع جدية وعميقة ومحزنة أحياناً، ويطرح أسئلة عن معنى الحياة فيروي قصة شاب واعد غدا اليوم في الأربعين من عمره يتأمل كمّ الفرص التي أهدرت.

يستذكر متتبعو السينما الأقدمون الممثل داني كاي في دور Mitty (1947)، اقتُبست القصة أساساً عن الرواية الكلاسيكية New Yorker (1939) للكاتب James Thurb، وتمحور الفيلم حول مقتطفات متفرقة من حياة رجل في إحدى الضواحي سئم مما آلت إليه حياته. أما النسخة الجديدة من Mitty فتروي قصة بطل تزلج سابق حصل على وظيفة متواضعة كمصور في مجلة {لايف}.

يقرر Mitty الشروع في البحث عن معنى الحياة الحقيقي وتغيير المعطيات، متابعاً أثر صورة مفقودة في جهة بعيدة، وجاهداً في سبيل إيجاد شجاعة كافية لدعوة إحدى زميلاته (الممثلة كريستن ويغ) للخروج برفقته. كتب السيناريو ستيف كونراد، صاحب النظرة الدراماتيكية الذي كتبThe Pursuit of Happiness. يتناول الفيلم بكثير من السوداوية كيف يمكن للانكسارات أن تقضي على الأمل والموهبة ويتساءل عما يمكن فعله حيال هذا الواقع الأليم.

أثار الفيلم، بما يحوي من جدية وغرابة في آن، بعض الانتقادات، فاعتبره كثيرون مجموعة مشاهد تتوالى أو مجرد إعلان لهؤلاء القلقين الذين بلغوا منتصف العمر. إنه يعكس حياة المخرج  الذي يرزح تحت نير طموحات لم تتحقق وموقعه في الرابطة الأميركية للمتقاعدين AARP.

يقول ستيلر (48 عاماً) عن الفيلم: {إنه يعنيني مباشرة}. ويضيف: {أنا اليوم في هذه المرحلة من حياتي التي يسعى فيها المرء إلى ابتكار شيء جديد، ويحاول الوصول دوماً إلى مكان لم يعرفه. هذه هي المعضلة التي يواجهها والتر}.

ويروي ستيلر أنه كان في أحد مباني منهاتن الشاهقة قبالة {سنترال بارك} يتأمل الأفق ويفكر في هذه المهنة التي حولته بشكل غير متوقع من فكاهي هاو إلى أحد ألمع نجوم الكوميديا في العالم، إلا أنه لم يكتف بذلك. يرغب في الإخراج أكثر مما يريد أن يمثل. اكتشف ميله إلى الحكايات التاريخية وليس إلى الكوميديا التي اجتاز منحنياتها ولمع فيها سابقاً. أحد أكثر الشخصيات تعقيداً وتناقضاً: ساحر وانفعالي في آن، يتقن الأداء رغم أنه خجول أحياناً، وهو بالتأكيد على عتبة نجاح عظيم. رغم وجودهما على طرفي نقيض من سلم النجاح إلا أن لدى ستيلر وMitty قواسم مشتركة أكثر مما هو متوقع.

كان يوماً إيسلاندياً بارداً على مقياس إيسلندا نفسها، وكان ليصبح أكثر برودة لو أنك قررت القفز في الماء كما فعل ستيلر. غطس ليلتقط بعض مشاهد Mitty فيما تحوم حوله زوارق صغيرة. خرج وهو ينزف ويرتجف قبل أن يسارع إلى حوض منفوخ مليء بالماء الساخن وقد أتاه مساعدو الإنتاج بالمناشف.

ويروي جيف مان، مدير الإنتاج ما جرى قائلا: {كانت أسنان بن تصطك وجسمه يرتجف ويلوح تارة إلى الأمام وطوراً إلى الوراء}، ويضيف مان: {حاول الجميع تدفئة أنفسهم إلا أن بن طلب الكاميرا وراح يدرس المشهد: ثم نظر إليها، أعطى بعض الملاحظات وأردف: فلنعد الكرة}.

كذلك كان للمخرج شون ليفي تجربة مشابهة مع ما سماه {سعي ستيلر الدائم إلى الكمال}، وذلك خلال تصوير فيلم Night at the Museum بجزأيه. يقول ليفي إن ستيلر راح يقرأ السيناريو مع الممثل صفحة صفحة. بعد ذلك حمل ليفي ملاحظات ستيلر إلى الكتّاب ليعيدوا صياغة النص، ثم عاد بالنسخة المنقحة إلى ستيلر الذي أعاد الكرة عينها. هنا، قال ليفي: «سنعيد العملية حوالى 10 إلى 12 مرة» وأضاف: «لن نعيد ذلك أكثر من 12 مرة»، وضحك.

لا تغيب هذه الدقة عن Mitty. منذ نحو عامين، لم يكن ستيلر سوى ممثلا في الفيلم الذي ما انفك على مدى 17 عاماً يتخبط من مخرج إلى آخر بمن فيهم Steven Spielberg وGore Verbinsk. ولكن، عندما قرأ النجم السيناريو، راح يدون ملاحظاته على الهامش. {لا ترى ممثلا يقوم بهذا العمل إجمالا}، يؤكد منتج الفيلم جون غولدوين.

إحباط ووحدة

يتضمن فيلم ستيلر وكونارد مشاهد مضحكة، تماماً كما تصوراه، إلا أنه يعكس في المقابل الإحباط والوحدة اللذين يعيشهما الرجال من الطبقة الوسطى وقد بلغوا منتصف العمر بما يشبه فيلمFalling Down لو أن مايكل دوغلاس سعى إلى الوصول إلى بعد أعمق وتأثير أكبر.

{شعرت أن ستيف لم يكتب هذه القصة عن حالم يملك خيالا مذهلا فحسب بل عن رجل يبحث عن فرصة ليعيش}، يقول ستيلر الذي وظف نحو 100 مليون دولار لإنتاج الفيلم، واستقدم مؤثرات مرئية. أراد كذلك أن يدخل فريق العمل في جو الحزن الذي حاول عكسه في الفيلم، فبعث إلى أفراده مجموعة من أغاني الـemo، وعمل على إتقان الشخصية التي  يجسدها بحيث تتعامل مع الظروف التي تواجهها بشراسة بارعة ومدهشة.

{باتت المعضلات التي يضعها بن كتحد لنفسه حالةً مرضية} وفق ما يعلن مان، منتج الفيلم. فالواقع يؤكد أن ستيلر لم يكن متساهلا يوماً. على مر السنوات، عرف بن بدقته المتفانية، وقد أثبت ذلك في عمله، خصوصاً من خلال دوره في فيلم  Greenberg لـ Noah Baumbach  كرجل وحيد غاضب أو من خلال حلوله ضيفاً على مسلسل  Friendsبدور منحرف.

ويقول المخرج ليفي إن ستيلر دقيق ومتطلب إلا أنه معتدل في تصرفاته ومتفهم، ويضيف: «يريد بن أن يكون محاطاً بأناس يعملون بجد ويهتمون بالعمل مثله تماماً. هذا كل ما يريده». أما ستيوارت كورنفيل، أقدم شركاء ستيلر في الإنتاج، فيقول: «أظن أن كل من عمل معه يتفهم اندفاعه وحثه الآخرين على الاندفاع مثله وهي نزعة خارجة عن إرادته».

نهاية القصة

يبدو ستيلر رصيناً، عميق التفكير وطفولياً في آن. عندما يرن هاتفه، تسمع صوت الممثل جورج تاكي. إضافة إلى ذلك، هو واثق بنفسه ومضحك، خصوصاً أمام الجمهور. قبل عرض فيلم Mitty في {مهرجان نيويورك للسينما}، مازح الجماهير قائلاً: {يظن كثر أن الاستوديوهات سيئة والشركات لا تأبه إلا بمصالحها الماديّة}. وأضاف بعد هنيهة من الصمت: {هذه هي الحقيقة}.

لكن بعض الوقائع يفيد بأن ثمة أسئلة وتعليقات تستفزه وتثير توتره. فقد سئل عن الانتقادات التي طاولت Mitty من مصنفي الجوائز، فهز رأسه بشيء من الغضب قبل أن يلقي فكاهة. كذلك شعر بالإهانة عندما قيل له إنه وأوين ولسن إلى جانب آخرين شكلوا في ما مضى ما يعرف بكوميديا الـ frat pack، وقد جاءت التسمية إثر تعاون هؤلاء الممثلين في مجموعة من الأفلام الناجحة. ويعلّق ستيلر على الموضوع قائلا: {لا أعرف من أين جاءت هذه التسمية وأتجرأ على القول إن أياً منا لم يكن في هذه الخانة - التي لن أذكر اسمها- ولم ينتم إليها يوماً}.

من الصعب أن نتذكر الأعمال الأولى التي أخرجها ستيلر، خصوصاً بعد الأفلام التجارية التي عرف بها كـAlong Came Polly و Meet the Fockersوغيرها. كانت بداية ستيلر في عالم الإخراج مع الفيلم العائلي  Reality BitesوThe Cable Guy إلى جانب مسلسل The Ben Stiller Show وطغى على هذه الأعمال الطابع التجاري عوضاً عن المواضيع العميقة.

في ذلك الحين، وقبل أن يرسم نجم هوليوود صورة الرجل اللطيف التي أثبتت نجاحها في ما بعد، شاهدنا رجلا أقلقته أسئلة عميقة عبر عنها من خلال الكوميديا ومثال على ذلك فيلم Gen-X Woody Allen.

ويقول ستيلر إن الموهبة لم تغب أبداً إذ إنه يرى هذه الصورة كغلاف لأول فيلم له: {فيReality Bytes كنت أتطلع إلى حياتي أيضاً. ولكن كانت لي نظرة مختلفة إليها. لطالما نظرت إلى الأمام مفكراً بالخطوة التالية وقد عكس الفيلم هذا الواقع. أما في هذه المرحلة فلا بدّ من التروي والاستمتاع بما أنا عليه اليوم وهذا ما يعكسه فيلم Mitty}.

طفولته

قبل سنوات، انتقل ستيلر وزوجته كريستن تايلور مع ولديهما إلى نيويورك التي أمضى فيها بن طفولته، وذلك بعدما أمضى عقدين من الزمن في لوس أنجليس. وقد قرر التروي في مسيرته المهنية بما في ذلك إعادة النظر فيها. أنهى ستيلر تصوير فيلم While We›re Young بالتعاون مع الكاتب والمخرج  Baumbach ويؤدي فيه دور مخرج أسير لنمطه المنهجي.

ويقول ستيلر إنه يجد نفسه في ما تعانيه الشخصية التي يجسدها. ويردف: {أحب إخراج الأفلام الكوميدية إلا أنني أظن أن ما نتوصل إليه ليس إلا وليد اللحظة، بالنسبة إلي فالوقت الحاضر يبدو دراماتيكياً. أرغب في خوض تجربة أفلام تاريخية بعيدة عن السير الذاتية التي غالباً ما نشاهدها على القنوات التي تهتم بالتاريخ (يبرز فيلمCivil War Land in Bad Decline  كمشروع يعكس هذا الطموح، وقد دأب ستيلر في العمل عليه وهو مقتبس من مجموعة قصص جورج ساندرز السريالية(.

ويتوقع المخرج مان أن يوشك ستيلر على فتح صفحة جديدة تتمثل بتحقيق نقلة تاريخية تتخطى البعد المادي الذي تحققه الأفلام عند افتتاح عرضها.

وأضاف ستيلر أنه، بهدف توسيع نطاق عمله، يودّ بشدة إخراج أفلام لا يمثل فيها، ما يسمح له بخوض تجربةً أوسع نطاقاً مع شخصيات ومواضيع مختلفة. كذلك سيكون لهذه النقلة تقدير من المخرجين جود أباتو وتود فيليبس، علماً أن تجربتيه الأخيرتين في الكوميديا ولدتا خيبة أمل كبيرة في شباك التذاكر. فكثير من ممثلي ما يعرف بـالـ  frat packأحسوا بأن الفكاهات التي تناولها أمست سخيفة إلى حدّ كبير.

ويعتبر بن أن أعماله هي نتاج لذوقه الخاص وليس لنموذج ثقافي، معترفاً بأنه لا يمكن التحكم بهذه المسألة، ويضيف: {في السنوات القليلة الماضية، توصلت إلى استنتاج ما يلي: هذه الأمور تحدث من دون سبب. بعضها حسن وبعضها سيئ. يوم كنت يافعاً، ظننت أن لكل شيء تفسيراً معيناً، فإذ أكلت مثلا تكون بخير. إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك فلا تنفك الحياة تفاجئك وترى الوقت يمر بسرعة فتدرك حينئذ أن كل شيء موقت. لذا أريد أن أحرص على انتهاز كل دقيقة محاولا الحفاظ على التوازن في ما أود تحقيقه من دون التخلي عن الإبداع}. ثم يسكت لبرهة قبل أن يكمل: {أنا أشبه والتر ميتي».

back to top