السيسي ينصب رئيساً... ويتعهد بالنهوض بمصر

• المشير يؤدي اليمين أمام «الدستورية» ويتسلم السلطة من منصور بوثيقة تحتفي بـ «الثورتين»

• حضور عربي رفيع... والرئيس المنتخب يوجه تحية للعاهل السعودي ويتطلع إلى «المانحين»

وسط حضور عربي وإفريقي واسع، دشَّن الرئيس المصري المنتخب، بحلفه اليمين الدستورية أمس، فترته الرئاسية الأولى، لأربع سنوات مقبلة، والجمهورية المصرية الجديدة التي تطوي صفحة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة «الإخوان».

يبدأ الرئيس المصري المنتخب عبدالفتاح السيسي، مباشرة مهام منصبه اليوم، غداة تسلمه السلطة بعد احتفالية رسمية مهيبة في القاهرة، امتدت على مدار يوم أمس، بدأت بحلفه اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا صباحاً، ثم حضوره احتفالية تسلمه السلطة من الرئيس المؤقت عدلي منصور، في مقر قصر "الاتحادية" الرئاسي ظهراً، قبل أن يشهد احتفالية في مقر قصر "القبة"، مساء.

احتفال مصر بتنصيب السيسي أنهى مرحلة من تاريخ مصر المعاصر، شهدت الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي، في 3 يوليو الماضي، في أعقاب احتجاجات "30 يونيو" التي تبعها إصدار الجيش "خارطة المستقبل"، والتي تنتهي بانتخاب برلمان جديد قبل نهاية العام الجاري، بينما أنهى السيسي البند الثاني من الخارطة، بحسمه الانتخابات الرئاسية التي جرت الشهر الماضي، باكتساحه منافسه الوحيد، القطب الناصري حمدين صباحي، بنسبة 96.9%.

وحلف السيسي اليمين الدستورية، في مشهد مهيب أمام "الدستورية العليا"، بحضور الرئيس المؤقت ونحو 102 من الشخصيات السياسية والوطنية والعسكرية المصرية، تقدمهم رئيس الحكومة إبراهيم محلب وشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس، ورئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري والسابق حازم الببلاوي، وخطفت أسرة السيسي الأنظار في ظهورها الأول أثناء عملية حلف اليمين.

مراسم

ووسط إجراءات تأمين غير مسبوقة، بدأت مراسم حلف السيسي لليمين في مقر المحكمة الدستورية بحي "المعادي" جنوب القاهرة، بكلمة لنائب رئيس المحكمة المستشار ماهر سامي، أكد فيها أن "ثورة 30 يونيو ليست انقلاباً عسكرياً"، مشيراً إلى أن ثورة 25 يناير استطاعت أن تدك عروش وقلاع الفساد المتردية"، قبل أن تقع الثورة  "في يد جماعة انقضت عليها ومزقتها أشلاء مثلما مزقت جسد الوطن"، في إشارة لا تخطئها العين إلى جماعة "الإخوان" التي صنفتها القاهرة منظمة إرهابية، مطلع العام الجاري.

وحلف السيسي اليمين، أمام النائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية العليا أنور العاصي وأعضاء الجمعية العامة، قبل أن ينتقل مع مختلف الشخصيات العامة إلى مقر قصر "الاتحادية" لحضور مراسم تسليم السلطة رسمياً، والمشاركة في مأدبة غداء تكريماً للوفود المشاركة، حيث قال منصور، في كلمته قبل تسليم السلطة: "نجحنا في العبور بالبلاد إلى بر الأمان بالرغم من المصاعب التي واجهناها، وثقتي كاملة بأننا سننجح في استكمال خارطة الطريق".

وشددت الإجراءات الأمنية في القاهرة وتمركزت ناقلات جنود مدرعة ودبابات في مواقع حيوية، بينما كان السيسي يؤدي اليمين الدستورية.

وأدى السيسي اليمين الدستورية قائلاً: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه".

وبالقرب من ميدان التحرير بوسط القاهرة ومركز الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث باتت الاحتجاجات نادرة الحدوث فيه في الوقت الراهن، كان شبان يبيعون القمصان التي عليها صور السيسي وهو يضع نظارته الشمسية.

الرئيس يتكلم

وفي سابقة هي الأولى في تاريخ مصر، وقّع السيسي ومنصور على وثيقة تسليم السلطة، وقال السيسي، في أول كلمة له بعد حلف اليمين: "رئاسة مصر شرف عظيم ومسؤولية كبيرة"، مُعرباً عن أمله أن "تشهد مرحلة البناء المقبلة نهوضاً شاملاً على المستوى الداخلي والخارجي"، وقال: "سنؤسس دولة قوية محقة عادلة سالمة آمنة مزدهرة تنعم بالرخاء، تؤمن بالعلم والعمل".

وحيا الرئيس المنتخب، الشعب المصري، قائلاً: "لقد آن لشعبنا العظيم أن يحصد ثمار ثورتيه، إن نجاح الثورات يكمن في بلورة أهدافها... آن الأوان أن نبني لمستقبل أكثر استقراراً بعيداً عن الفوضى"، مشدداً على أن "خيرات مصر يجب أن تكون من أبنائها وإلى أبنائها"، محتفياً بلحظة تسليم السلطة، قائلاً: "لم يشهد وطننا تسليماً سلمياً ديمقراطياً للسلطة في مناسبة غير مسبوقة وتقليد غير معهود وبداية حقبة جديدة في تاريخ وطننا لنجتاز المخاطر".

ووجَّه السيسي التحية إلى الرئيس المنتهية رئاسته عدلي منصور، قائلاً إن "مصر دولة وشعباً تتقدم لك بالشكر على ما قدمته لها من خدمات، ففي أقل من عام تركت في نفوسنا أثراً جميلاً، كنت رئيساً قديراً صبوراً حكيماً خلوقاً محباً للوطن، وأنا متأكد أن عطاءك للوطن سيستمر خلال المرحلة المقبلة"، وأعرب السيسي عن شكره لكل الأشقاء العرب والأصدقاء الدوليين، فضلاً عن تقديره الخاص للعاهل السعودي للمبادرة التي أطلقها لدعم مصر.

«الوثيقة»

وجاء في نص الوثيقة: "الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات ومفجر الثورة ثورة الـ25 من يناير لعام 2011 وما حملته من طموحات وآمال وتطلعات وثورة 30 من يونيو لعام 2013 المكملة التي صوبت المسار واستعادت الوطن، وتنفيذا للاستحقاق الثاني لخارطة مستقبل الشعب المصري، وبناء على قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية رقم 36 لعام 2014 بإعلان فوز السيد عبدالفتاح سعيد خليل السيسي في الانتخابات الرئاسية التي عقدت خارج البلاد خلال الفترة من 15 إلى 19 من شهر مايو لعام 2014، وداخل البلاد خلال الفترة من 26 إلى 28 من شهر مايو لعام 2014، وعقب أداء اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا تسلم عبدالفتاح السيسي مقاليد السلطة في البلاد من المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت".

حضور عربي

مراسم تسليم السلطة شهدت حضوراً عربياً حاشداً، إذ قاد أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد، الوفود العربية المشاركة في احتفالية تسلم السيسي السلطة، وشارك في الاحتفالية التي نظمت في قصري "الاتحادية" و"القبة" الرئاسيين، كما شارك ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتشكل الرياض والكويت وأبوظبي، العواصم الرئيسية في العالم العربي، التي تقدم دعماً اقتصادياً للقاهرة.

وأكد ولي العهد السعودي، في تصريحات له أمس، أن "المملكة ستظل حكومة وشعباً، أخاً وفياً تقف جنباً إلى جنب مع مصر الشقيقة في الشدة والرخاء"، معرباً عن الأمل في أن يكون انتخاب السيسي رئيساً لمصر إيذانا بدخولها في عهد جديد يحقق للمصريين تطلعاتهم.

وشارك ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وملك الأردن عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والنائب الأول للرئيس السوداني الفريق أول بكري حسن صالح، ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في احتفالية أمس.

كما حضر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني أحمد تيجودي والوزير المفوض بتونس طارق بن عبدالكريم لطيف، ورئيس البرلمان الإفريقي بيشيل أمادى.

وجاءت المشاركة الغربية ضعيفة في المجمل، حيث شارك رئيس قبرص، نيكوس أناستا سيادس، ونائب رئيس الوزراء وزير خارجية اليونان إيفانجليوس فينيزيلوس، بينما مثل الولايات المتحدة مستشار وزارة الخارجية الأميركية، توماس تشانون، كما حضر وفد من وزارة الخارجية الروسية برئاسة دميتري شيفيكلاف، واكتفت دول الاتحاد الأوروبي بإرسال سفرائها لتهنئة الرئيس المصري الجديد، بعدما جاء قرارها بالإجماع على هذه الخطوة.

وتراقب الدول الغربية عملية التحول السياسي المتعثرة في مصر، وكانت تأمل أن تكون الإطاحة بمبارك عام 2011 بداية لعهد جديد من الديمقراطية.

استقالة الحكومة اليوم

إلى ذلك، أكد رئيس الحكومة المصرية، إبراهيم محلب، لـ"الجريدة" أنه وأعضاء حكومته سيتقدمون باستقالتهم إلى الرئيس السيسي، بمجرد انتهاء الاحتفالات، وسط توقعات بتقديم الاستقالة الجماعية اليوم، بسبب ظروف الاحتفالات التي استمرت على مدار أمس.

وقال محلب، الذي تولى رئاسة الحكومة مطلع مارس الماضي: "سنقدم استقالتنا لرئيس الجمهورية بمجرد انتهاء الاحتفالات، ولدينا رضا كامل عما قدمناه للبلاد خلال الفترة الماضية"، مشدداً على أن حكومته عملت تحت ضغط لإنهاء الاستحقاق الرئاسي وتسليم السلطة للرئيس المنتخب.

وكشف محلب أنه في حال ما إذا طلب منه الرئيس السيسي الاستمرار في تولي مهام منصبه، فإنه سيقبل، مستدركاً: "سننتظر ما ستسفر عنه الأحداث، ولكننا سنقبل لمصلحة الوطن دون أي تردد أو قيود أو تحفظات، وقادر على خدمة الوطن من أي موقع".

الأمير سلمان: شعب مصر كتب مستقبله بيده

«اليوم هو يوم فاصل بين الفوضى والاستقرار»

ذكر ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز: "ستبقى المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا، بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، أيده الله أخا وفيا، تقف جنبا إلى جنب مع مصر الشقيقة في الشدة والرخاء".

وأوضح الأمير عبدالعزيز، في تصريح صحافي لدى وصوله الى القاهرة أمس، للمشاركة في تنصيب الرئيس المصري المنتخب عبدالفتاح السيسي، أنه "في هذا اليوم المبارك الذي أصل فيه إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحضور حفل تنصيب الأخ الرئيس عبدالفتاح السيسي، يسرني أن أعبر عن السعادة البالغة بهذه المناسبة التي تمثل نقطة تحول عظيمة لمصر نحو الأمن والاستقرار والسير في طريق التنمية المستدامة، بحول الله وقوته".

وأضاف: "نأمل بإذن الله أن يكون انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي إيذاناً بدخول مصر في عهد جديد، حيث كما قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إنه يوم فاصل بين مرحلتين بين الفوضى والاستقرار، ولا تبني الأمة مستقبلها ولا تقيم عزتها دون استقرار، ولا شك في أن تولي فخامته قيادة أرض الكنانة وشعبها الكريم سيحقق لشعب مصر بإذن الله تطلعاته التي يصبو إليها".

ورأى أن "شعب مصر الشقيق في هذا اليوم كتب مستقبله بيده ليواجه التحدي، وليبني مستقبلا يليق بقدرته وحضارته، موقنا بأنه بحضارته العظيمة قادر على تحمل الصعاب ليعيد لمصر دورها المسؤول في العالم العربي والمجتمع الدولي، وستبقى المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تقف جنباً إلى جنب مع مصر الشقيقة في الشدة والرخاء".

أمير قطر يبرق مهنئاً وسفيره يشارك في الحفل

بعث أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمس ببرقية إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أعرب فيها عن تهانيه بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيسا للجمهورية.

وقالت وكالة الأنباء القطرية "قنا" إن رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني بعث ببرقية مماثلة للرئيس السيسي أعرب فيها عن تهانيه بمناسبة أدائه اليمين الدستورية.

يذكر أن السفير القطري لدى مصر سيف بن مقدم البوعينين عاد إلى القاهرة أمس الأول وشارك أمس في الاحتفال بتنصيب السيسي، بعد توتر العلاقات بين القاهرة والدوحة بسبب دعم الأخيرة لجماعة الإخوان المسلمين التي أعلنتها الحكومة المصرية جماعة إرهابية في ديسمبر الماضي.

وتوترت علاقات قطر مع دول مجلس التعاون الخليجي بسبب دعمها للإخوان الذين أعلنتهم السعودية أيضا جماعة إرهابية.

(الدوحة  - كونا)

back to top