واشنطن تتجه إلى معاقبة مصارف روسية منتقاة
تنظر إدارة أوباما في فرض عقوبات على مؤسسات مالية روسية مختارة، على طريقة العقوبات المفروضة على المصارف الإيرانية، في حال أرسلت موسكو قوات إلى شرقي أوكرانيا.وحسب مساعدين ومسؤولين في الكونغرس، فإن العقوبات على المصارف واحدة من سلسلة من الإجراءات التي ناقشتها الإدارة الأميركية مع الكونغرس في الأيام الأخيرة، أثناء سعيها لإيجاد طرق لعزل موسكو دبلوماسياً واقتصادياً.
وتعتبر العقوبات على المصارف أداة قوية تستفيد من ميزة الدور الأميركي المركزي في النظام المالي العالمي، الذي ساعد في وضع ضغوط على الاقتصاد الإيراني في السنتين الماضيتين، فإذا تم استهداف أي بنك روسي، فإن أي مصرف في العالم يستمر في التعامل معه، يمكن أن يتم حجبه عن النظام المالي الأميركي.تجري دراسة العقوبات على البنوك كإجراء ثانوي يهدف إلى ردع روسيا عن اتخاذ إجراء عسكري في شرقي أوكرانيا، وكاستجابة مباشرة للأزمة في القرم، تدرس الإدارة الأميركية وضع مسؤولين روس كبار على لائحة الحظر على التأشيرات وتجميد الأصول.إجراءات فرض عقوبات أوسع على التجارة والاستثمار، التي ألمح إليها وزير الخارجية جون كيري في عطلة نهاية الأسبوع، ويتم تحليلها الآن فقط على أساس أنها احتمال في مدى أبعد بكثير من الوقت الحاضر.يأتي النقاش في واشنطن حول نوع الأدوات الاقتصادية التي يمكن استخدامها ضد روسيا، وسط خلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا حول سرعة -ومدى قوة- تطبيق الضغوط الاقتصادية.عبّر دبلوماسيون أوروبيون عن إحباطهم بسبب وصفهم بالمرتعشين من الخوف، في الوقت الذي يُنظر للولايات المتحدة على أنها اللاعب الحاسم، في حين أن المخاطر على الجانب الأوروبي هي الأعلى.تختلف وجهات النظر داخل الاتحاد الأوروبي حيال اتخاذ إجراءات شديدة ضد موسكو. يقول الأوروبيون في أوروبا الوسطى، إن هناك حاجة للتلويح بعقوبات مبكرة لمنع القوات الروسية من التحرك إلى شرقي أوكرانيا. إنهم محبطون من دول مثل إيطاليا وألمانيا وهولندا، لأن لغتها كانت حذرة للغاية.وبينما كانت اللغة الخطابية من الأميركيين أشد، اعتبر المسؤولون الأميركيون والأوروبيون أولوياتهم ستكون إيجاد طرق «جانبية» وطرق من أجل «عدم تصعيد» هذه الأزمة.قال مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي: «هذه مثل سيناريو الشرطي الجيد والشرطي السيئ». وقالت دول أوروبية رئيسة، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا: إن من غير المجدي إخبار الروس بأن عليهم عدم تصعيد الأزمة، وفي نفس الوقت إصدار العقوبات ضدهم».حتى أثناء تقييم المسؤولين في الاتحاد الأوروبي للعقوبات، جمّد سفراء دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل أصول 18 شخصاً من الذين عملوا مع نظام فيكتور يانوكوفيتش الأوكراني المعزول.حسب دبلوماسيين من دول الاتحاد الأوروبي فإن هذا القرار الذي اتخذ في اجتماع عقده سفراء دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لا يتضمن منع السفر، ولكن ستتم الموافقة عليه رسمياً وسيصبح نافذاً اعتباراً من الغد.أبقيت فكرة العقوبات على المصارف كإجراء احتياطي في حال تصاعد الأزمة. ولخص مصدران مطلعان هذه المحادثات بقولهما: إن فكرة العقوبات المصرفية تلاقي بعض الدعم من كل من الإدارة الأميركية والكونغرس، ومع ذلك يعترف المسؤولون، بأن هذه خطوة كبيرة سيكون لها أثر اقتصادي كبير على أوروبا.قال جوان زارات، المسؤول السابق في وزارة المالية الأميركية وفي البيت الأبيض في إدارة جورج دبليو بوش، ومن الذين ساعدوا في تطوير عدد من هذه العقوبات: «علينا أن نقبل في حال جعلنا روسيا هدفاً لعقوبات مالية، أننا سنستخدم نفس التكتيكات التي استخدمت في السابق مع اللاعبين الآخرين من الأشرار، وإذا أعدنا استخدام تلك التكتيكات، فلن يعود بإمكاننا الرجوع عنها، فهي ستلحق أذىً بالغاً بسمعة النظام المصرفي الروسي».إذا أرادت الولايات المتحدة استهداف مصارف روسية معينة، فإن الطريق الوحيد المتاح أمام وزارة المالية هو الادعاء بمشاركة هذه البنوك بغسل الأموال أو في دعم الجريمة المنظمة.يقول الخبراء: إن الوزارة ربما يوجد لديها أصلاً دليل بارتباط المصارف الروسية بعمليات تمويل شحنات الأسلحة إلى سورية، وهو أمر يمكن أيضاً استخدامه سبباً للعقوبات.قال هاري رايد، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ يوم الاثنين: إن العقوبات المصرفية، يمكن أن تسبب الفوضى في الاقتصاد الروسي، ولكن ذلك يحتاج إلى تحرك واشنطن مع أوروبا. وأضاف: «لكن أهم ما في الأمر بالنسبة للولايات المتحدة، هو أن نكون متأكدين بأننا لن نتصرف بدون الأوروبيين. إن مصالحهم مهمة تماماً إذا أردنا إيقاع عقوبات من نوع آخر».(فايننشال تايمز)أسلحة متاحة لمعاقبة موسكو1. حظر السفر: إصدار حظر فوري على السفر ضد مواطنين روس. فرضت الولايات المتحدة قيوداً على سفر 20 مسؤولاً أوكرانياً سابقاً في الشهر الماضي، ووقع الرئيس الأميركي باراك أوباما قانون ماجنيتكسي في 2012، الذي يحظر على 18 مسؤولاً روسياً دخول الولايات المتحدة، عقاباً على دورهم في قضية تحايل.ما مدى إمكانية ذلك؟ الإمكانية واردة. يفترض أن يكون هذا سهلاً نسبياً من حيث التنفيذ، وسيؤذي عدداً من الأغنياء الروس الذين لديهم مصالح مالية في أوروبا، خصوصاً في لندن وقبرص. بيد أن تحديد الأشخاص المستهدفين يمكن أن يحتاج لبعض الوقت.2. تعليق المباحثات: يشتمل ذلك على المحادثات حول تحرير التأشيرات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا – التي كانت هدفاً مهماً لانخراط الرئيس بوتين مع بروكسل منذ عدة سنوات – ويعترض المفاوضات على اتفاقية استراتيجية جديدة بين الجانبين، التي تهدف إلى تعزيز التعاون حول الاستثمار والأبحاث والتعليم.ما مدى إمكانية ذلك؟ الإمكانية واردة. على اعتبار أنه يفترض أن يكون من السهل تنفيذها بصورة مباشرة. سيؤدي هذا القرار بالتأكيد إلى إثارة سخط موسكو، لكن لا يرجح له أن يكون حاسماً لإنهاء الأزمة.3. التجارة: فرض حظر على التجارة في مجالات تتراوح بين الأسلحة إلى الخدمات المرتبطة بالطاقة، مثل تأمين ونقل النفط الروسي، وحظر على تصدير تكنولوجيا التنقيب عن المواد الهيدروكربونية. هناك رد فعل متطرف، وهو إيقاف تدفق النفط والغاز من روسيا إلى أوروبا.ما مدى إمكانية ذلك؟ الإمكانية واردة بالنسبة لحظر الأسلحة، لكن لن يكون لذلك أثر يذكر على اعتبار أن روسيا تصنع معظم ما تحتاج إليه من أسلحة. لا يرجح فرض العقوبات المرتبطة بالطاقة، بالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتمد على إمدادات الغاز الروسي بنحو 30 في المئة من احتياجاته للطاقة، لكن مثل هذا الإجراء تم تنفيذه ضد إيران.4. الدبلوماسية: يستطيع زعماء الاتحاد الأوروبي مقاطعة قمة الثماني في حزيران (يونيو) في منتجع سوتشي الروسي، وكذلك مقاطعة مباريات كأس العالم لعام 2018، التي ستستضيفها روسيا. معظم الإجراءات التقليدية تشتمل على سحب وطرد السفراء.ما مدى إمكانية ذلك؟ انسحبت مجموعة البلدان السبعة من الاستعدادات لقمة مجموعة الثماني، بالتالي هناك احتمال قوي بأن الاتحاد الأوروبي سيصعِّد هذه الخطوة. إن إحراج بوتين في داخل موطنه سيؤذي الرئيس الروسي، لكن إيطاليا وألمانيا غير مرتاحتين إلى المقاطعة الكاملة.أما إلغاء كأس العالم فهذا احتمال بعيد. أخيراً، فإن إغلاق المسارات الدبلوماسية أمر في حكم المستبعد، على اعتبار أن زعماء الاتحاد الأوروبي يرغبون في السعي للحوار في جميع الأوقات.5. المالية: تجميد أصول الأغنياء الروس في أوروبا، وحظر وصول البنوك المملوكة للدولة في روسيا إلى الأسواق المالية في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك حظر إدراج الشركات الروسية في البورصات الأوروبية. تعرضت الحكومة الروسية للانتقاد الشديد بعد أن تم تصوير أحد المسؤولين وهو يسير وبيده مستند يحذر بالقول: إنه لا ينبغي على بريطانيا «إغلاق مركز لندن المالي أمام الروس». ما مدى إمكانية ذلك؟ هذا أمر مستبعد. سيكون تطبيقه سهلاً إلى حد كبير، لكنه أمر حساس من الناحية السياسية، على أساس أنه يمكن أن يؤذي المصالح الاقتصادية الأوروبية – إذ يقتني الروس مليارات الدولارات من اليورو والجنيهات في البنوك الأوروبية.6. البطاقة المفتوحة: فرض عقوبات قاسية على شركة الطاقة الروسية «غاز بروم» بسبب الأسعار غير التنافسية لمبيعاتها من الغاز في أوروبا.ما مدى إمكانية ذلك؟ هذا أمر مستبعد، فالمفوضية الأوروبية، التي تتولى مسؤولية التحقيق في نظام تسعير «غاز بروم» غير تواقة لِتسييس الموضوع.