«حارة اليهود»... ما خَفي كان أعظم

نشر في 28-04-2014 | 00:01
آخر تحديث 28-04-2014 | 00:01
No Image Caption
دموع «يهود النيل» تتألق في قلب القاهرة الإسلامية

حافظتْ "حارة اليهود" أحد شوارع "حي الجمالية" العريق على بريقها القديم، رغم أن كل شيء في هذا المكان يخفي وراءه كثيراً من الأسرار، ويحكي جزءاً منسياً من تاريخ الوحدة الوطنية في هذا البلد.

الشوارع ضيقة والزحام شديد، لكن البيوت القديمة نفسها متلاصقة، كما أن الممر الطويل الذي يحمل اسم "حارة اليهود"، تتفرع منه عشرات الحواري "الممرات الصغيرة" الضيقة، لدرجة تجعل المارين من هذه الحارة يشعرون أن هناك شيئا تخفيه وراء هذه المباني القديمة.

عددٌ كبير من "ورش" صناعة الذهب وطلاء الحديد والنحاس، يجاور عدداً هائلاً من محلات بيع الأقمشة والملابس، كما أن معبداً يهودياً يقع قريباً من حارة "درب الكنيسة" ومن أحد المساجد في لوحة تحكي قصة وحدة وطنية لا تفرقها الأديان من زمن بعيد.

الجميع هنا لا يشعرون أن نحو ستة عقود مضت كان فيها "يهود النيل" يعيشون بأمان وسط أهاليهم وذويهم، قبل أن تجبرهم ظروف سياسية صعبة على الخروج من مصر، منهم من ذهب إلى إسرائيل، ومنهم من ذهب إلى دول أوروبية رافضاً الذهاب إلى تل أبيب.

الحاج جلال صاحب إحدى أقدم ورش النحاس يتذكر بكثير من الأسى الفترة التي قضاها وسط يهود مصر، وقال: "أتمنى أن ترجع أيام اليهود، أيام كان المسلم يأمن لأخيه اليهودي على عرضه وماله، أنا تعلمت على أيدي يهودي، فهذه الورشة صاحبها كان يهودياً".

يتذكر الحاج جلال أن اليهود، قبل ستة عقود كانوا يمارسون طقوسهم الدينية بحرية كاملة، وكانوا يلجأون يوم الجمعة، وقبيل آذان المغرب حتى مغيب شمس اليوم التالي، إلى ممارسة طقس ديني لا يوقدون فيه شمعة أو ناراً ولا يشعلون فيه أضواء كهربائية، فكان المسلمون يفعلون ذلك نيابة عنهم.

الحاج طارق أحد أبناء الحارة، كان يسكن بجوار معبد

"موسى أبوميمون"، الموجود حتى اليوم، والذي يحظى برعاية أمنية كاملة، يتذكر الرجل المسن، مدى حزن مجموعات اليهود التي اضطرت إلى مغادرة مصر، وقال: "كانوا يبكون بالدموع حين خرجوا من بيوتهم في هذه الحارة، ومنهم من قد يأتي بأولاده وأحفاده لزيارة مصر حتى اليوم، مش كل اليهود راحوا إسرائيل، هناك من رفض وذهب إلى بلدان أوروبا وأميركا".

ورغم أن اليهود حظوا بحرية ممارسة معتقداتهم في مصر خلال القرون الماضية، فإن ثلاثة معابد فقط هي التي بقيت من أصل 13، لكن الحارة التي تحمل اسمهم إلى الآن تبدو كأنها اعتذار مصري متأخر، على ما أصاب اليهود المصريين منتصف القرن الماضي من آلام.

يُذكر أن اضطرابات سياسية شهدتها مرحلة الستينيات من القرن الماضي، أدت إلى خروج آلاف اليهود المصريين إلى بعض بلدان أوروبا وأميركا وإلى تل أبيب أيضاً، بينما تشبث عدد محدود منهم، يصل إلى مئة شخص بالإقامة في مصر.

back to top