أدوية هشاشة العظام... أيّ نوع الأفضل؟
على مر حياتنا، تتجدد عظامنا بشكل مستمر. لكن خلال عملية اسمها {دوران العظام}، تفكك الخلايا الآكلة للعظام العظام القديمة وتتخلص منها، ثم تنتج الخلايا البانية للعظام عظاماً جديدة. بعد مرحلة انقطاع الطمث، يتسارع معدل تفكك العظام عند المرأة ولا يستمر تشكّل عظامها بالوتيرة نفسها دوماً. قد يؤدي هذا الوضع إلى فقدان العظام، ثم تصبح العظام في نهاية المطاف ضعيفة وتظهر مشكلة هشاشة العظام.
حتى لو تم تشخيص هشاشة العظام، لا تصبح الكسور حتمية. تتوافر أدوية عدة اليوم لإبطاء معدل فقدان العظام وهي تستطيع تجديد قوة العظام. ولكن ما من دواء يناسب الجميع. يمكن فهم الخيارات المتاحة من خلال معرفة الأنواع المتوافرة في المقام الأول.سيحدد الطبيب ما إذا كنت مصابة بهشاشة العظام من خلال قياس كثافتها (في الورك والعمود الفقري)، وذلك عبر استعمال «مقياس امتصاص الأشعة السينية مزدوجة الطاقة». تقوم النتيجة بمقارنة كثافة العظام لديك بمعدل امرأة سليمة في الثلاثين من عمرها.
سيوصيك الطبيب على الأرجح بأخذ الدواء في الحالات التالية:• معدل يبلغ ناقص 2.5 أو أقل (هذا هو تعريف هشاشة العظام).• تاريخ في كسور الورك أو العمود الفقري بسبب حادثة سقوط أثناء الوقوف (على عكس حوادث السقوط من علو مرتفع).• يتراوح المعدل بين ناقص 1 وناقص 2.5، ويرتفع خطر الإصابة بكسور في الورك أو في مناطق أخرى مرتبطة بهشاشة العظام خلال السنوات العشر اللاحقة وفق مقياس احتساب خطر الكسور.نقطة البدايةلإبطاء تفكك العظام، يلجأ عدد من الأطباء في البداية إلى فئة معينة من الأدوية. يقول د. ديفيد سلوفيك، أستاذ طب في كلية هارفارد الطبية واختصاصي غدد صماء في مستشفى ماساتشوستس العام: {إذا سجل الفرد معدلاً منخفضاً جداً، نبدأ في العادة بوصف البيسفوسفونات}.تتعدد أنواع البيسفوسفونات التي يمكن الاختيار منها:• أقراص مثل أليندرونات (فوساماكس)، أو إيباندرونات (بونيفا)، أو ريزيدرونات (أكتونيل، أتيلفيا)، على أن تُؤخَذ بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري.• حقن الإيباندرونات (بونيفا) مرة كل ثلاثة أشهر.• ضخ حمض الزوليدرونيك (ريكلاست) في الوريد مرة في السنة. يوضح د. سلوفيك: {أفضّل أن أبدأ بوصف الأليندرونات لأنه الأقدم بين جميع الأنواع ولطالما كان تفاعله العلاجي جيداً. كذلك يتوافر على شكل نسخة عامة، وبالتالي يمكن توفير المال على المرضى}.قد يفكر الطبيب أيضاً بتحديد منطقة فقدان العظام. تبين أن أدوية الأليندرونات والريزيدرونات والإيباندرونات تسهم في تخفيض خطر الكسور في العمود الفقري. بالنسبة إلى كل امرأة لديها تاريخ في كسور الورك أو أي مواقع لا ترتبط بالعمود الفقري، يُعتبر نوعا الأليندرونات والريزيدرونات أفضل من الإيباندرونات.إذا كنت مصابة بمشاكل في الجهاز الهضمي مثل الارتداد المعوي أو إذا كنت تعجزين عن الجلوس أو الوقوف بشكل مستقيم طوال 30 أو 60 دقيقة بعد أخذ حبة من البيسفوسفونات، قد يوصيك الطبيب بأخذ حقنة أو ضخ هذه الأدوية في الوريد، علماً أنها فاعلة بقدر الأقراص التي تُؤخَذ عبر الفم.ربما قرأت يوماً عن المخاطر المرتبطة بأدوية البيسفوسفونات (لا سيما الكسور في عظم الفخذ وتنخر العظم في الفك). هذه المخاوف حقيقية لكنها أكثر شيوعاً عند الأشخاص الذين يأخذون البيسفوسفونات في الوريد لمعالجة السرطان الذي يمتد إلى العظام، أو في حالة النساء اللواتي يأخذن جرعة مرتفعة من البيسفوسفونات لفترة طويلة.يدرك الأطباء أن مخاطر هذه الآثار الجانبية تزيد عند استعمال البيسفوسفونات على المدى الطويل، لذا يأخذ معظم النساء هذه الأدوية طوال خمس سنوات تقريباً. النبأ السار أن المنافع تستمر حتى بعد التوقف عن أخذ البيسفوسفونات.خيارات أخرىبالنسبة إلى المرأة التي لا تبدأ بأخذ البيسفوسفونات بعد انقطاع الطمث أو تلك التي تأخذه أصلاً منذ فترة تتراوح بين سنة وخمس سنوات، تتوافر خيارات أخرى.دواء رالوكسيفين (إيفيستا) منظّم مستقبلات الأستروجين الانتقائية، ومعروف على الأرجح بدوره في الوقاية من سرطان الثدي ومعالجته، لكنه يقوم بمهمة مزدوجة ويعالج هشاشة العظام أيضاً. يعمل عبر الاتصال بمستقبلات الأستروجين في أنحاء الجسم لإنتاج آثار تشبه مفاعيل الأستروجين مثل تخفيف مشكلة دوران العظام. يوضح د. سلوفيك: «بالنسبة إلى المصابين بهشاشة العظام في العمود الفقري، يخفّض الرالوكسيفين خطر الكسور في هذه المنطقة». تشمل أبرز الآثار الجانبية: هبّات ساخنة، ألم عضلي، ارتفاع خطر تخثر الدم في الساق.* دواء تيريباراتيد (فورتيو) نسخة مركّبة من هرمون الغدد الجاردرقية الذي يزيد كثافة العظام وقوتها. يمكن أن يخفف خطر الكسور في العمود الفقري وفي عظام أخرى بنسبة ملحوظة. يقول د. سلوفيك: {في حال كانت كثافة العظام منخفضة جداً وتم رصد كسور في العمود الفقري، أوصي عموماً بدواء التيريباراتيد}. يحصر الأطباء في العادة علاج التيريباراتيد بمدة سنتين لأنه لم يخضع لاختبارات تفوق هذه المدة. بعد سنتين، قد يحولك الطبيب إلى نوع من البيسفوسفونات للحفاظ على كثافة عظامك. المرأة التي تأخذ التيريباراتيد يجب أن تتلقى حقنة يومية من الدواء.* يُعطى دواء دينوسوماب (بروليا) على شكل حقنة مرتين في السنة. هو يمنع نشوء الخلايا التي تذوّب العظام. قد يكون هذا الدواء خياراً جيداً للمرأة التي لا تتحمل أدوية البيسفوسفونات.* دواء كالسيتونين (مياكالسين، فورتيكال) متوافر منذ الثمانينيات، ما يجعله أقدم دواء لهشاشة العظام. يتصل هذا الهرمون بالخلايا الآكلة للعظام لمنع تفككها. عند أخذه على شكل رذاذ أنفي يومياً أو على شكل حقنة، يمكن أن يخفف الكالسيتونين خطر الكسور في العمود الفقري، لكن لم تثبت فاعليته في تجنب أنواع أخرى من الكسور وهو ليس العلاج الأول الذي يلجأ إليه معظم النساء.يتم تطوير أدوية جديدة لمعالجة هشاشة العظام، بما في ذلك جسم مضاد وحيد النسيلة (روموسوزوماب) وأدوية أخرى تعيق بروتين السكليروستين الذي يمنع تشكّل العظام. لكن لن تتم المصادقة على هذه الأدوية الجديدة خلال السنة المقبلة بحسب رأي د. سلوفيك. حتى الآن، تبقى أدوية هشاشة العظام المتوافرة راهناً أفضل طريقة لتقوية العظام.