«التحالف الوطني العراقي» من دكتاتورية إلى «طائفية»

نشر في 24-05-2014
آخر تحديث 24-05-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر على الرغم من أن العمر الافتراضي المؤثر للتحالف الوطني سابقا كان مقتصراً على فترة تشكيل الحكومات المتعاقبة، فإنه كان يمثل أحد أوجه الاستقطاب والتجاذب في الشارع السياسي العراقي بشكل عام، بسبب التركيبة التي تشكل على أساسها والموجبات التي كانت وراء تشكيله، أما اليوم فإن محاولات بعض الأطراف السياسية في العراق استباق الأحداث، وتحويل هذا التحالف إلى مؤسسة سياسية، تمهد لإدخال العراق إلى حالة جديدة من الصراعات، تكون آثارها قاتمة، رغم ما يعلن من النيات والمقاصد الحسنة وراء هذه المؤسسة.

فقد تناولت التسريبات من داخل أروقة المباحثات بين كتلة المواطن وائتلاف دولة القانون، أن السيد عمار الحكيم قد وضع شروطاً خمسة أمام ائتلاف دولة القانون للدخول في التحالف الوطني الجديد، الذي سيكون مختلفا عن سابقه سواء من حيث الواجبات الملقاة على عاتقه أو الدور الذي سيلعبه مستقبلا في الوضع السياسي.

فمن الشروط التي أكدها عمار الحكيم:

 أولا: تحويل التحالف الوطني إلى مؤسسة سياسية بدلا من إبقائه تحالفا سياسيا هشاً كما كان في السابق.

 ثانيا: رفض أي تحالفات فرعية داخل التحالف الوطني الذي سيكون الإطار الوحيد والأكبر للتحالفات.

 ثالثا: ألا يكون منصب رئاسة الوزراء باتفاق جميع الأطراف المشاركة في التحالف الوطني حكرا على دولة القانون فحسب.

 رابعا: عدم اعتبار هذا التحالف تحالفا وقتيا تنفك عراه في حال تشكيل الحكومة كما حصل سابقا.

 خامسا: يجب أن يكون التحالف الوطني مطبخ القرارات الحكومية لا داعما لها داخل قبة البرلمان فقط. هذه الشروط الخمسة توضح الملامح العامة لما يراد أن تكون عليه مؤسسة التحالف الوطني، وهي إن بدت إيجابية للوهلة الأولى في تقليل فرص المالكي في تولي منصب رئاسة الوزراء، فإنها في الوقت ذاته تزيد من تعقيد الأوضاع المستقبلية في العراق، وتمهد لخلق حالة جديدة من الصراعات السياسية وذلك للأسباب التالية:

1- أن تركيبة التحالف الوطني السابقة، التي ضمت بمجملها أحزابا وتيارات سياسية شيعية، كانت سببا في تحويل الفوضى الطائفية التي أعقبت احتلال العراق إلى طائفية سياسية منظمة، فاقت تأثيراتها الطائفية الفوضوية السابقة، وأن تحويل التحالف الوطني الآن إلى مؤسسة، سيحول الطائفية السياسية الحالية إلى مؤسسات طائفية ترسخ الواقع المتشنج بشكل أكبر وتداعيات أقوى.

2- أن تأثير الضغوط الإيرانية على مجموع الأحزاب الشيعية في التحالف الوطني سابقا كان محددا بفترة المباحثات حول تشكيل الحكومة العراقية، لتتحرر أحزاب التحالف الوطني، في حال تشكيل الحكومة، من هذه الضغوط، وتقتصر على دولة القانون فقط وشخص نوري المالكي. أما في حال تحول التحالف الوطني إلى مؤسسة، فإن الضغوط الإيرانية ستستمر على مجمل الأحزاب الشيعية وطوال أربع سنوات قادمة من عمر الحكومة، مما يفقدها جميعا الاستقلالية في التحرك أو القرار.

3- أن اللجوء إلى مؤسسة التحالف الوطني في إقرار السياسات العامة للحكومة، حسب ما ذكر الحكيم، يفقد الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها دواعي وجودها أساسا، وتنقل الثقل السياسي من الحكومة الى دهاليز مؤسسة التحالف هذه، وترهن القرارات المصيرية للدولة بيد مكون واحد من المكونات العراقية.

4- أن تحويل التحالف الوطني إلى مؤسسة وبالشكل الذي ينظر له السيد عمار الحكيم، سوف تنقل المخاوف من نشوء دكتاتورية فردية، إلى مخاوف نشوء مكون دكتاتورية أو طائفة على حساب المكونات والطوائف العراقية الأخرى.

5- في التحالف الوطني السابق كانت هناك دائما مواقف شيعية تعارض ممارسات وتوجهات المالكي الفردية في اتخاذ القرارات، أما في حال تشكيل مؤسسة التحالف الوطني، وبالشكل الذي يمهد له، فلن نشهد داخل المكون الشيعي السياسي أي مواقف تعارض مواقف الحكومة العراقية، الأمر الذي سيزيد من تفاقم الخلافات بين هذا المكون وباقي المكونات العراقية سواء الكردية منها أو السنية. إن الدعوة إلى مؤسسة التحالف الوطني وبهذه الملامح العامة، تعطي للمكونات الأخرى غير الشيعية انطباعا بأن المكون الشيعي يتصرف وكأنه اللاعب الوحيد في الساحة العراقية بعيدا عن مبدأ الشراكة، ويفرض على العملية الديمقراطية بدعا سياسية لا يمكن فرضها من جهة واحدة. فالحكومة العراقية ليست حكومة أغلبية طائفية، إلا أن الشروط التي عرضها السيد عمار الحكيم تشير إلى أنه لا فرق بين ائتلاف دولة القانون وبين أي حزب أو تيار شيعي آخر، فجميعها تعاني نفس التوجهات الدكتاتورية إذا سنحت لها الفرصة.

* كردستان العراق – دهوك

back to top