تنظيم «القاعدة» يجني أرباح تجارة العاج

نشر في 12-12-2013
آخر تحديث 12-12-2013 | 00:01
الاتحاد الأوروبي، هو ثالث أهم وجهة لسلع الحياة البرية غير المشروعة، كما أنه يحتل المرتبة الثالثة أيضاً بين الدول التي تشهد أكبر عمليات مصادرة للعاج المهرب حول العالم.
 ذي إندبندنت حضرة اللوردات، كان موضوع هذه المناظرة سيُعتبر قبل بضع سنوات قليل الأهمية، إلا أن الوضع اختلف اليوم.

عند طرحي هذا الموضوع للنقاش، لا بد لي من أن أعبر لكم عن مدى اهتمامي به بصفتي عضواً في "صندوق وايتلي للطبيعة"، مؤسسة خيرية تُعنى بجهود الحفاظ على الطبيعة حول العالم.

نمت التجارة غير المشروعة بالحياة البرية إلى حد تحولت معه إلى تجارة عالمية ضخمة، فيُقال إن قيمتها تصل إلى ما لا يقل عن تسعين مليار دولار سنوياً، وهي تحتل المرتبة الرابعة بين النشاطات العالمية غير المشروعة، بعد المخدرات، والتزوير، والاتجار بالبشر، ومتفوقة على النفط، والأعمال الفنية، والذهب، والأعضاء البشرية، والأسلحة الصغيرة، والألماس.

تضاعفت تجارة العاج غير المشروعة حول العالم منذ عام 2007، وباتت اليوم أكبر بنحو ثلاثة أضعاف مما كانت عليه عام 1998، ويُعتبر هذا معدلها الأعلى خلال عقدين، مع بلوغ سعر العاج نحو 2205 دولارات للكيلوغرام الواحد في بكين.

شكلت 2011 السنة الأسوأ من حيث كميات عاج الفيلة المهرب التي صودرت، فقد صادرت السلطات نحو 40 طناً من العاج المهرب، وخلال العقد الماضي، قُتل 11 ألف فيل تعيش في الغابات في منتزه واحد، حديقة مينكيبي الوطنية في الغابون، ما أدى إلى تراجع عددها بنحو 62% خلال السنوات العشر الماضية.

علاوة على ذلك، تُعتبر مصادرة 24 قرناً من قرون فرس النهر في الجمهورية التشيكية في شهر يوليو عام 2013 أكبر عملية مصادرة في الاتحاد الأوروبي، ويؤكد الإنتربول ووزارة الخارجية الأميركية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة وغيرها أن الطرق التي تُستعمل لتهريب سلع الحياة البرية عبر الدول تُستخدم أيضاً لتهريب السلاح، والمخدرات، والبشر. ويعمل المهربون أنفسهم في عدد من هذه التجارات غير المشروعة، ولا نغالي بالتأكيد مهما استفضنا في وصف هذه المشكلة.

مَن هم القتلة؟ ومَن يدفع لهم؟ يُعتبر الجواب عن هذين السؤالين معقداً. ترتبط عمليات قتل الحيوانات البرية غير المشروعة ارتباطاً كبيرا بأسياد الحرب والمجموعات المقاتلة الذين يسعون إلى تحقيق أهداف عقائدية أو سياسية من خلال عمليات تمرد مسلح. ويعتقد الخبراء أن العاج يُستخدم لتمويل الكثير من المجموعات المتمردة والميليشيات في إفريقيا، على غرار الألماس الدموي في دول إفريقية أخرى.

يتمتع الصيادون غير الشرعيون بالقدرة على الحصول على أسلحة عسكرية ودخول أسواق السلاح التي ترتبط بالجريمة المنظمة والمجموعات الإرهابية. ويبدو أن تهريب سلع الحياة البرية قد أصبح من الطرق التي تعتمدها فرق تابعة لتنظيم "القاعدة" وغيرها من المجموعات المقاتلة بغية جمع المال وتمويل عملياتها.

أفاد عناصر هربوا أخيراً من "جيش الرب" الأوغندي أنهم رأوا الثوار يطلقون النار على الفيلة وينزعون أنيابها، كما أمرهم جوزيف كوني، كذلك تشير بعض التقارير إلى أن الصومال، التي تسيطر "حركة الشباب المجاهدين" الإسلامية التابعة لـ"القاعدة" على جزء كبير منها، تدرب المقاتلين على التسلل إلى دولة كينيا المجاورة وقتل الفيلة وأخذ عاجها بغية جمع المال. ولا بد من الإشارة إلى أن "حركة الشباب" كانت المسؤولة عن مجزرة مركز التسوق في نيروبي في سبتمبر عام 2013.

فضلاً عن الضرر البالغ الذي يلحق بأعداد الفيلة وحيوانات فرس النهر، تؤدي هذه التجارة أيضاً إلى خسائر بشرية، فيعتقد الصندوق الدولي لرعاية الحيوان أن عدد حراس المنتزهات الذين قُتلوا في 35 دولة مختلفة خلال العقد الماضي يتراوح على الأرجح بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف.

ولكن مَن يشترون هذه السلع؟ تشكل الصين السوق الرئيسة. كذلك تُعتبر الولايات المتحدة سوقاً بارزة للعاج والمنحوتات العاجية، أما الاتحاد الأوروبي، فهو ثالث أهم وجهة لسلع الحياة البرية غير المشروعة، علما أنه يحتل المرتبة الثالثة أيضاً بين الدول التي تشهد أكبر عمليات مصادرة للعاج المهرب حول العالم.

ما الحلول؟ نحتاج إلى رد فعل واسع ومتعدد الأوجه يشمل مواجهة الإرهابيين، وتدريب الحراس ودعمهم، وتقديم دعم شبه عسكري لهم، خصوصاً في المناطق الأكثر عرضة لخطر مماثل.

بدءاً من هذه السنة، بات فحص الحمض النووي ضرورياً لكل كميات العاج المهرب الكبيرة التي تُصادر، كذلك تُطور راهناً تقنيات جديدة، تشمل أجهزة إنذار، فضلاً عن مقاربة تعتمد على مصادر معلومات واسعة، إلا أن كل ذلك لن ينجح بدون استراتيجية تطبيق متكاملة تشمل كل الوكالات المعنية، بالإضافة إلى تشاطر المعلومات في ما بينها.

ولكن تبقى الطريقة الفضلى للحد من عمليات الصيد غير المشروعة على الأرض خفض طلب المستهلكين. ويستخدم الصندوق الدولي لرعاية الحيوان وسائل الإعلام ليثقف الرأي العام والأمم الأكثر استهلاكاً ويُظهر مدى تأثير الاتجار بالحياة البرية في خير الحيوانات. على سبيل المثال، ينظم هذا الصندوق حملات إعلانية في الصين تستهدف خصوصاً شرائح المجتمع التي تشتري عادة سلعاً مماثلة.

على نحو مماثل، تشن المنظمة الأميركية WildAid حملة قوية في الصين، فقد لجأت إلى مشاهير مثل الأمير وليام، دوق كامبريدج، وديفيد بيكهام، وعدد من النجوم ورجال الأعمال الصينيين. تعتمد هذه الحملة على إعلانات على التلفزيون وفي القطارات والطائرات وسيارات الأجرة وعلى الهواتف الخلوية لتوصل رسالتها إلى أكبر عدد ممكن من الناس.

كذلك يحاول الأميران وليام وتشارلز زيادة الوعي حول العالم بشأن هذه المشكلة، ولكن ذكر تقرير أخير في صحيفة Times، التي تتناول باستمرار هذه المشكلة، أن الصين لم تقرر بعد إرسال وزير إلى المؤتمر الذي سيُعقد في مقر الحكومة البريطانية. وآمل حقاً ألا يكون ذلك صحيحاً.

أعدت WildAid شريط فيديو قوياً وُزع على نطاق واسع يظهر فيه الأمير وليام وياو مينغ، ولا شك أنهما محقان بقولهما إن استهداف الصيادين غير الشرعيين فحسب ينطوي على خطر رفع سعر العاج وقرون فرس النهر وتصعيد الصراع، في حين أن الحد من الطلب في الشرق الأقصى سيكون أكثر فاعلية على الأرجح كاستراتيجية طويلة الأمد.

لا أشك في تصميم الحكومة على المساهمة بفاعلية في تقويض هذه التجارة المريعة، ولكن ما الخطوات الإضافية التي يمكن اتخاذها؟

تحظى الوحدة الوطنية لمكافحة جرائم الحياة البرية بالتمويل على أساس سنوي، ما يصعب عليها رسم الخطط الطويلة الأمد والحفاظ على موظفيها؛ لذلك أقترح أن تقدم لها الحكومة تمويلاً طويل الأمد، كما اقترحت لجنة المحاسبة البيئية في مجلس العموم.

كذلك يجب أن تشكل مكافحة تجارة العاج غير المشروعة على شبكة الإنترنت أولوية، لذلك أقترح أن تلتزم الحكومة بمعالجة هذه الجريمة، التي تُرتكب بحق الحياة البرية على شبكة الإنترنت، بتحسين مراقبة المنتديات والمنصات على الشبكة، وتوسيع صلاحيات وكالات تطبيق القانون، وبناء الشراكات، وتأسيس نماذج ممارسة أفضل بالتعاون مع شركات الإنترنت.

علاوة على ذلك، تُعتبر عقوبات جرائم الحياة البرية في هذا البلد خفيفة؛ لذلك ينبغي للحكومة أن تساهم محلياً وعالمياً في التعاطي مع هذه الجرائم بجدية كافية، فهذا النوع من الجرائم الدولية يهدد الأمن والتنمية العالميين، ولتحقيق هذا الهدف، من الضروري تعزيز السياسات وإطار العمل القانوني على الصعيد المحلي، والوطني، والدولي.

حضرة اللوردات، يجب أن يعي الناس أن كل قطعة عاج تمثل فيلاً أو فرس نهر ميتاً، مع أن المستهلك ينسى غالباً هذا الواقع الأليم، على ما يبدو.

حضرة اللوردات، لا تُعتبر هذه مشكلة يمكننا حلها بتمهل، فهي تزداد إلحاحاً يوماً بعد يوم، ومن المؤكد أن القضاء على الفيلة وحيوانات فرس النهر لسد رغبات الطبقة الوسطى الصينية أو حاجاتها الطبية الوهمية عمل مشين ومريع، وإذا لم يتخذ العالم الخطوات الضرورية بسرعة، فسنفقد ثروة لا تعوض ونزيد من تدهور وانحسار إرثنا الذي سنتركه لمن بعدنا من البشر.

Edward Faulks

back to top