«نكشات» دستورية

نشر في 16-11-2013
آخر تحديث 16-11-2013 | 00:01
 عقيل فيصل تقي مضى أكثر من نصف قرن من الزمن على إصدار دستور دولة الكويت ونقلها من بيئة ذات حكم عشائري إلى دولة ديمقراطية مدنية، وإلى نظام مؤسسي جعلها منارة الديمقراطيات في المنطقة، لا يختلف كائن من كان في أن الحريات والنظام الديمقراطي لدولة الكويت من أفضل الأنظمة في المنطقة وأكثرها واقعية.

ويرجع الفضل في هذا النضال التاريخي لأبناء الكويت من أجل خلق عقد اجتماعي يربط علاقة الحاكم بالمحكوم، ويحدد فيه واجبات المواطن، ويكفل له حقوقه، ويمنحه مزيداً من الحرية، بالإضافة إلى رغبة المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح في تطوير ودفع كل ما يحقق المصلحة العامة لهذا الوطن، فبزغ نور الدستور ليحقق نقلة نوعية في تاريخ الكويت.

إذا ما نظرنا في مراحل ما قبل تأسيس الدستور وأيضاً ما بعد تأسيسه نجد أن هناك قوى رجعية وقمعية تحاول مراراً وتكراراً النيل من جميع المكتسبات الدستورية وتعرضه لهجمات عدة بهدف تفريغه من محتواه بداية من تزوير انتخابات مجلس 1967 مروراً بتقليص الحريات ووضع رقيب على الصحف وتعليق مواد الدستور في حقبة الحل غير الدستوري عام 1987، ووصولاً إلى إنشاء ما يسمى بالمجلس الوطني عام 1990، فضلاً عن بعض الممارسات التي تقوم بها أطراف حكومية ونيابية إلى يومنا هذا من الانتقائية بمواد الدستور والضرب بالمواد الأخرى عرض الحائط.

ولاشك أن عدم التزام الأطراف المعنية والتزامنا نحن بالدستور الكويتي بجميع مواده الـ183 من أسباب تراجعنا وتأخرنا، فإذا ما نظرنا إلى مواد الدستور. المادة (13): "التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع تكفله الدولة وترعاه"، ونحن اليوم لا نمتلك إلا جامعة حكومية واحدة تكدس فيها طلاب الكويت بسبب ضعف طاقتها الاستيعابية ومبانيها القديمة ومنهم من لا يزال ينتظر أن يأتي دوره حتى يكمل تعليمه الجامعي.

المادة (15): "تعنى الدولة بالصحة العامة وبوسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة"، ونجد أن اعتماد وزارة الصحة لبناء المستشفيات والمراكز الصحية على أصحاب الأيادي البيضاء من المتبرعين والشركات.

المادة (17): "للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن" ونرى هذه الأموال تسبح في بحر المناقصات بأرقام فلكية، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة في كل من الهيئة العامة للاستثمار والتأمينات الاجتماعية وفضيحة "الداو".

المادة (22): "ينظم القانون على أسس اقتصادية مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية للعلاقة بين العمال وأصحاب العمل وعلاقة ملاك العقارات بمستأجريها"، وإلى اليوم نحن لا نعلم من هم تجار الإقامات الذين يستقدمون العمالة بإيهامهم بعقود عمل وهمية وتلك الشركات التي تستقدم العمالة وتلتهم نصف رواتبهم وتترك مبلغاً لا يكفي لسد أبسط الحاجات.

المادة (35): "حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب"، ولا يخلو يوم من الأيام في وطني إلا ونجد أصحاب النفس الطائفي والإقصائي في تراشق مستمر للنيل من تلاحم المجتمع وضرب حرية اعتقاد الفرد فيه، ومحاربة شعائر الأديان الأخرى كافة برفضهم بناء مسجد لطائفة البهرة والكنائس.

فكم من وزير ونائب أقسم على احترام مواد هذا الدستور وأخذ ما يحلو له ورمى بالآخر، وكم من ناشط سياسي طالب بتطبيق الدستور على هواه، فاليوم وبعد نصف قرن يجب أن نعرف ما هي الواجبات الدستورية قبل الحقوق؟ وماذا طبق من مواد الدستور وما لم يطبق؟ وأهم من كل ذلك أن نعي مواده جيداً ونكون الحصن الحصين له ضد كل من تسول له نفسه القفز على المواد الدستورية.

back to top