في كليب جو بو عيد «ما تجي هنا}... هذه ليست نانسي!

نشر في 26-03-2014 | 00:01
آخر تحديث 26-03-2014 | 00:01
مع اطلاق الفنانة اللبنانية نانسي عجرم كليب {ما تجي هنا} إخراج جو بو عيد قبل أيام، وانتشار  التعليقات الفيسبوكية التي عبرت عن صدمتها وخذلانها من الكليب المنتظر، يمكن قراءة جوانب من الكليب في هذه المرحلة، وجوانب من شخصية نانسي في بعض الكليبات السابقة وما حملت من أصداء متنوعة ومختلفة.

بالعودة إلى الوراء، حين أطلقت نانسي عجرم أغنيتها {أخصامك أه}  من ألبوم {يا سلام} وصورتها مع المخرجة نادين لبكي، شكلت صدمة إيجابية للجمهور العربي، إذ وجد نفسه أمام فنانة فتية شرقية تجمع بين الشقاوة والإغراء، بين الأنوثة والطيبة، بين المراهقة والنضج، بين الرقص الشرقي وإيقاع الصورة السريعة، بين الحنين إلى الماضي الجميل والسيلكون.

عرفت نادين لبكي كيف تسوّق نانسي من خلال الكليب، وتقدمها بطريقة شكلت خرقاً في عالم الكليبات العربية السائدة، كأنها فيلم قصير، اذ اعتمدت على القصة والصورة ولم تغرق في الإغراء المبتذل والمفتعل، ربما هي الآتية من ثقافة سينمائية استوحت الإغراء من شخصيات الأفلام القديمة، سواء من خلال المكان أو الأزياء أو حركة الشفاه.

من أغنية واحدة دخلت نانسي وجدان الجمهور وعشاق البصبصة والتسلية، كانت أشبه بـ{ثورة بصرية} بسبب تحرك بعض المجالس النيابية العربية ضدها، وصارت نموذجاً للتشبه بها في الغناء وحتى اللوك، ولم تخلُ مقالات المثقفين من التعليق عليها وكتابة قصص عنها، وحتى تدوين قصائد تحمل اسمها، فمجرد أن يذكر اسم نانسي في قصة يعني أن الجمهور سيتلقفها، لدرجة أن حازم صاغية لم يجد ضيراً في عنونة كتاب له {نانسي ليست كارل ماركس}.

ابتذال وسوقية

كثرت مقارنة نانسي بالأخريات وقالوا إنها تشبه هند رستم، وقالوا أيضاً إنها تحاول استحضار روح سندريلا الشاشة العربية، سعاد حسني، مقلدة إياها في دلعها وفي إغماضة عينيها. وغالى انصار نانسي فقالوا إنها تشبه النجمة الفرنسية بريجيت باردو في أيام عزها. وقالوا أيضاً إنها إغرائية مثل الشقراء ماريلين مونرو، وفي كليب {يا سلام} قيل إنها تقلد ممثلة فيلم «شيكاغو} رينيه زيلويغر، وقيل الكثير في توصيفها وتشبيهها.

نصل إلى بيت القصيد في كليبها الجديد {ما تجي هنا} الذي صورته مع جو بو عيد، يبدو أن نانسي تعود فيه إلى مرحلة كانت تجاوزتها منذ سنوات، تختار أن تستعيد ملامح من كليب {حبيبي قرّب} (وحتى كليب {أه ونص}) ولكن بطريقة مبتذلة وسوقية، ولم يعد الحديث عن تقليد نانسي لمارلين مونرو أو هند رستم، بل رأى البعض أنها تقلد هيفا وهبي التي تبيع السمك والخضار في كليب {بكرا بفرجيك}، وظهرت بفستان أحمر.

جمعت نانسي صورة المرأة المثيرة والقروية التي ترتدي فستاناً لا يليق بالبيئة التي تبيع فيها، ما جعل من بضاعتها مادة غير قابلة للكساد. مع العلم أنه في عالم الكليبات ثمة تسرّع في الاتهام بالتقليد والنقد القاسي وغير المنطقي، فالذين يتهمون نانسي بتقليد هيفا في كليب {بكرا بفرجيك} لم ينتبهوا أن بعض الجمهور اتهم هيفا في هذا الكليب بالذات بتقليد نانسي في كليب {آه ونص}، وأكثر من ذلك اعتبر المهتمون بالفيسبوك أن هيفا في {بكرا بفرجيك} تشبه ممثلات عالميات في السينما القديمة، لا سيما صوفيا لورين من ناحيتي الشعر والثياب، وهنا تكون المعمعة والقيل والقال وهل الدجاجة قبل البيضة أم البيضة قبل الدجاجة؟

 لا يتعلق الأمر بمن يقلد مَن مِن الفنانات، بل بالمادة التي تقدمها الفنانة، وكيف يتلقفها الجمهور ويتابعها ويتفاعل معها. كان واضحا أن نانسي صدمت جمهورها بشكل سلبي هذه المرة، ربما هي تبحث عن جمهور جديد في العالم العربي حيث تقدم حفلاتها، هذا الجمهور قد يحبها بهذه الصورة المفتعلة.

كتير هلقد!

لم أكن تابعت الكليب حين مررت في إحدى المؤسسات العامة ورأيت امرأة في الأربعين شاخصة إلى التلفزيون تشاهد كليب نانسي وتقول منتقدة: {بس كتير هلقد}، فالفنانة التي عرفت بأنوثتها الطفولية وشقاوتها، ورأى فيها باحثون أنها تشبه طالبات الثانوية اللواتي يحلم الرجل بأن يمسك خدودهن بأصبعيه من باب الغنج والدلع، أطلت في كليب من المستوى الذي تختاره المغنيتان مروى وروبي أو {مطربات اللاصوت}، {فخذلت}  بعض محبيها بارتدائها فستاناً أحمر مثيراً يبرز تفاصيل جسدها النحيف وله ايحاءاته الجنسية، ووضعها ماكياجاً قوياً مركزاً من اللون نفسه، لتعمل كبائعة بطيخ تغري الزبائن ليشتروا منها، فتمايلت مع أصوات تقطيع البطيخ، وأثناء تجول {ملكة البطيخ} بشاحنتها لبيع حمولتها، تتعرض لحادثة صغيرة تتسبب بسقوط البطيخ على الطريق وعرقلة حركة السير، ما يدفع  {الشرطي} (ملك جمال لبنان 2013 أيمن موسى) إلى إلقاء القبض عليها وتكبيل يديها مع بعض الإيحاءات.  وفي مركز الشرطة تحاول نانسي إغراء الشرطي... فتكبله لتبادل الأدوار الإغرائية وتختم المشهد  بإيحاءات مد اللسان الإباحية.

وين زوجِك؟

 قد تكون فكرة الكليب شعبوية ولافتة، لكنها مصورة بطريقة فاجرة وسوقية، سواء من خلال التركيز على أحمر شفاه فاقع أو على تفاصيل جسد الفنانة كأنها شاكيرا ترقص، مع فرق جوهري أن شاكيرا تعرف كيف تقدم نفسها وكيف تجعل من الهز لغة موسيقية لها جمهورها، فيما مع نانسي تبدو الأمور في غاية الافتعال، وإن كانت تقدم رقصاً بلدياً، أو هي ترقص في المكان الخطأ، ويتم تصوير رقصها بطريقة تخلو من أي ابداع، فالرقص ليس مجرد هز، والتركيز على حركة الجسد بهذه الطريقة لا يجلب جمهوراً، ثمة شعرة تفصل بين الإغراء والابتذال، ومعايير ذكية ينبغي اتباعها للحوؤل دون تحول الاغراء إلى ابتذال...

تساءل بعضهم عن سبب لجوء نانسي، في هذا الوقت، إلى فكرة كهذه، لم ترض بعضاً من جمهورها الذي يريد دوماً أن يرى نانسي الطفلة البريئة، حتى وهي أم ثلاثينية لطفلتين. وتساءلت ميس محمد عن زوج نانسي فعلقت قائلة: {وين زوجك بس}، وقالت سارة عمر: {هاد اللي صرعتونا فيه، كليب قليل الأدب وإغراءات غبية كمان}، وكتب آخر: {ميزتك أنك تملكين براءة الأطفال، أرادوا بهذا الكليب أن يجعلوك جريئة لكنهم أخطأوا}، أما سمر علي فألغت إعجابها بصفحة نانسي عجرم على موقع {فيسبوك}، وعلقت قائلة: {أنا حذفت إعجابي بصفحة نانسي بسبب هذا الفيديو، ما کنت أتصور أن نانسي صارت تقلد ميريام وهيفا وهبي}. وكتبت حنين: {أنت أرقى من هذا المستوى الرخيص}... واللافت في التعليقات الفيسبوكية التركيز على أن نانسي {أم عيال} ولا يمكنها أن تفعل ذلك.

 قد يعتبر بعض المقربين من نانسي عجرم أن هذا الكليب محاولة لتقديم مطربة {أخاصمك آه} في صورة مختلفة من باب التنويع، بعدما رست نانسي في السنوات الأخيرة على الأغاني الهادئة والرومانسية. إلا أن البعض رأى أن المزج بين صورة المرأة المثيرة وبائعة الخضار، لم يَلِق بنانسي، التي عرفت بدلعها الطفولي. ويتخوّف البعض الآخر من أن يصبح {ملكة البطيخ} لقباً دائماً لنانسي...

ويبقى أن نشير إلى أن الكليب لم يخلُ من {القفشات} الظريفة، مثل تساؤل أحد المارة عما اذا كانت بائعة البطيخ هي نانسي؟  وكان الجواب لسخرية القدر: هذه ليست نانسي...

back to top