على واشنطن التحرك لمواجهة «القاعدة» في سورية

نشر في 22-02-2014 | 00:01
آخر تحديث 22-02-2014 | 00:01
No Image Caption
أخبر مدير الاستخبارات القومية جيمس ر. كلابر ومدير سي آي إيه جون برينان الكونغرس الشهر الماضي أن شرق سورية يتحول إلى ملجأ لـ«القاعدة» ومجموعات تابعة له، مثل «جبهة النصرة» و«داعش»، وأن بعضها يطمح إلى مهاجمة بلدنا.
 Samuel R. Berger يوضح عدم استعداد النظام السوري للمشاركة بجدية في جنيف أن من الضروري القيام بجهد موازٍ لتبديل حسابات هذا النظام والسماح للولايات المتحدة والمعارضة المعتدلة بالعودة إلى طاولة المفاوضات وهما يتمتعان بموقف أقوى، فهذه الطريقة الوحيدة لوقف الحرب الوحشية.

تُظهر آخر التطورات في حمص مدى انحطاط وسفالة استراتيجية البؤس التي يعتمدها الرئيس السوري بشار الأسد، لكن هذا الصراع اتخذ بعداً أمنياً خطيراً يهدد الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة، فقد أدت اعتداءات الأسد المكثفة، بما فيها قصفه المتواصل للعناصر الأكثر اعتدالاً في المعارضة السورية، إلى فراغ تملؤه مجموعات مجاهدة تشكل تهديداً بالنسبة إلينا أيضا. أخبر مدير الاستخبارات القومية جيمس ر. كلابر ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون برينان الكونغرس الشهر الماضي أن شرق سورية يتحول إلى ملجأ لتنظيم "القاعدة" والمجموعات التابعة له، مثل "جبهة النصرة" و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، وأن بعض هذه المجموعات يطمح إلى مهاجمة بلدنا. كذلك ذكر كلابر أن حركة التمرد السورية تضم أكثر من 7 آلاف مقاتل أجنبي، ولا شك أن كثيرين منهم سيعودون إلى بلدانهم في أوروبا وغيرها كمحاربين مدربين أقوياء.

في ظل غياب أي حل سياسي قريب، علينا أن نبدل مسارنا، يجب أن تتواصل عملية جنيف، لأن الحرب لن تنتهي بأي طريقة أخرى، ولكن على الولايات المتحدة أيضا أن تقدِم على عدد من الخطوات الحازمة تعالج من خلالها التهديد المباشر الذي يشكله تنظيم "القاعدة" في سورية وتمنح جنيف فرصة بالنجاح.

ستعجز الولايات المتحدة بمفردها عن إنزال الهزيمة بتنظيم القاعدة في سورية، ولكن للتصدي لهذا الخطر، علينا أن نقوي العناصر الأكثر اعتدالا في المعارضة، فوحدها هذه المجموعات، التي تتحدث باسم أغلبية الشعب وتُقاتل عنه وتشاركه في رغبته في التخلص من الأسد والمقاتلين الأجانب على حد سواء، قادرة على السيطرة على المناطق الخاضعة للمجاهدين والحفاظ عليها. يعتقد المسؤولون الأميركيون ألا علاقة لمعظم المقاتلين بـ"القاعدة"، مع أن بعضهم من الإسلاميين. وقد ظهر ذلك جلياً من خلال مواجهة هذه القوات في الأسابيع الأخيرة تنظيم "القاعدة" في أجزاء من سورية، وإذا لم نقدم لهم المساعدة اليوم، فقد نكتشف لاحقاً أننا نتحمل مسؤولية اعتداء إرهابي آخر مصدره معقل تنظيم القاعدة الجديد في شرق سورية بسبب تمسكنا بشروطنا وجدولنا الزمني.

من حسن الحظ أننا نستطيع تقوية المعارضة المعتدلة بطرق تحد من مكاسب تنظيم "القاعدة" وتساهم في تغيير معادلة الأسد. أولاً، ينبغي أن تزود الولايات المتحدة القوات المعتدلة المناهضة للأسد وتنظيم "القاعدة" بالمساعدة التي تحتاج إليها لإبعاد الناس عن المتطرفين، مثل إقامة مناطق محررة والتصدي لهجمات النظام، ما يتيح لها التركيز على تنظيم "القاعدة". ومن الطرق الفضلى لتحقيق هذه الغاية مد هذه القوات بالمال كي تسدد الرواتب في المناطق المحررة، فبمساعدة مجالس الحكم المحلية التابعة للمعارضة في دفع رواتب المدرسين، والعمال الطبيين، والموظفين المدنيين، ورجال الشرطة، نعزز شرعيتها ونتيح لها إرساء النظام العام، مقدمين بديلاً حقيقياً عن المتطرفين ونظام الأسد.

كذلك من الممكن اتباع مقاربة مماثلة لدعم الألوية التي تحارب تنظيم "القاعدة". ثمة حاجة كبيرة إلى الأسلحة، إلا أن طرق نقلها معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً. في المقابل، على مقاتلي المعارضة تأمين قوتهم وقوت عائلاتهم. وتدفع المجموعات المتطرفة، التي تتمتع بوفرة من المال من داعميها في الخليج العربي، مبالغ أكثر سخاءً بانتظام أكبر. لذلك من الأهمية بمكان التدقيق في قادة المعارضة وألويتها التي تتلقى مساعدة مالية مع الحفاظ على نظرة واقعية: قد يحول جزء من هذا المال إلى لاعبين سيئين. ومن الضروري الأخذ في الاعتبار أن البديل يشمل استمرار حصول أولئك اللاعبين السيئين على المساعدة الأكبر في مناطق المعارضة، في حين يفتقر المعتدلون إلى أي دعم.

ثانياً، بينما تعمل الولايات المتحدة على تعزيز المعارضة المعتدلة، فإن عليها أن تسعى إلى الحد من تدفق الأسلحة إلى نظام الأسد والمجموعات المتطرفة. وتُعتبر الطريقة الأكثر فاعلية لتحقيق هذا الهدف فرض عقوبات مدروسة بدقة على المصارف التي تمول شحنات الأسلحة إلى النظام وعلى ممولي "القاعدة"، فقد يعيق استهداف هذه المؤسسات جهود النظام للحصول على الإمدادات ويفاقم الضغوط على داعمي الأسد الدوليين ويحضهم على مساعدتنا في التوصل إلى حل دبلوماسي.

أخيراً، إذا أردنا الفوز بدعم المعارضة السورية الكامل ضد تنظيم "القاعدة"، فعلينا أن نكون مستعدين لمساعدتها في حماية المدنيين من فظائع الأسد، بما فيها فيض "البراميل" التي تسقط على القرى التابعة للمعارضة. فستتيح عرقلة مروحيات الأسد وطائراته الحربية التي تقتل المدنيين أمام المعارضة السورية المعتدلة المجال لتبرهن أنها ساهمت في تقديم مقدار من الحرية من الخوف الدائم المنتشر في الهواء، كذلك ستسمح لها بتنويع الموارد المستخدمة في حربها ضد المتطرفين. ثمة طرق عدة لتحقيق هذا الهدف بالتعاون مع شركاء وحلفاء، من العمل مع مجموعات موالية في المنطقة إلى تنفيذ ضربات جوية وغيرها من الخطوات المحدودة النطاق التي لا تشمل إنزال جنود أميركيين على الأرض.

عندما نتأمل في سورية، لا نرى فرصا ضائعة طوال ثلاث سنوات من الصراع فحسب، فمصالح الولايات المتحدة الأساسية باتت مهددة، ولا يمكن الحفاظ على الوضع الراهن. صحيح أن هذه الخطوات تنطوي على المخاطر، إلا أن البديل أكثر سوءا: تعافي القاعدة من الضربة التي سددتها لها الولايات المتحدة وإنشاؤها معقلا جديدا لها ومواصلة الأسد عمليات القتل. لذلك علينا أن نبدل الظروف لحماية أنفسنا والعودة إلى طاولة المفاوضات في موقف يتيح لنا تحقيق النجاح.

back to top