لا تدَعوا بوتين يسيطر على أوكرانيا

نشر في 07-02-2014
آخر تحديث 07-02-2014 | 00:01
No Image Caption
تكبّل الألعاب الأولمبية في سوتشي السياسة الروسية، بما أن بوتين لا يود الظهور في الوقت الراهن بمظهر المعتدي الاستعماري، في حين يستضيف معظم قادة العالم، ولا شك أن تدخل موسكو في الأزمة الأوكرانية بدعم السياسيين الموالين له سيفاقم الأوضاع وينقل الأزمة إلى مستوى أكثر خطورة.
بينما يفكر القادة والدبلوماسيون والمعلقون الروس في احتمال انقسام أوكرانيا، فمن الضروري أن نسأل أنفسنا ما معنى ذلك.

إذا انتهت الأزمة الراهنة بتفكيك الدولة الأوكرانية، فلا شك أن النتيجة ستكون كارثية لكل الأطراف، بما فيها روسيا، يكمن الخطر في أن روسيا، في ظل حالة الفوضى هذه وغياب الموقف الغربي الحاسم، قد تتبع منطق التزاماتها الراهنة لتصل إلى خلاصة بالغة الخطورة.

بخلاف أوروبا والولايات المتحدة، تملك روسيا موقفاً واضحاً من أوكرانيا، ويأمل فلاديمير بوتين أن يتمكن في المستقبل من إنشاء اتحاد أوراسي سيتحوّل في شهر يناير المقبل إلى منافس للاتحاد الأوروبي، ويبدو حكام روسيا البيضاء وكازاخستان الأقوياء مستعدين للانضمام إلى نادي القادة المستبدين هذا، ولكن بما أن هذه الفكرة لا تلقى دعماً كبيراً في أي دولة أخرى، فلن يحدث التكامل الأوراسي إلا في حال بسطت روسيا سيطرتها وحكمت البلاد أنظمة مستبدة. فضلاً عن ذلك، يعتبر بوتين أن الاتحاد الأوراسي لا طائل فيه من دون أوكرانيا. تُعَدّ العقيدة الأوراسية وليدة أفكار ألكسندر دوغن، الذي لم يخفِ يوماً ميله إلى الفاشية، فينشر موقعه على شبكة الإنترنت أعمال خبراء استراتيجيين روس يدّعون أن أوكرانيا ليست دولة ذات سيادة.

بدأت الأزمة الراهنة في أوكرانيا بسبب السياسة الخارجية الروسية، فقد بدا أن الحكومة الأوكرانية، التي يقودها فيكتور يانوكوفيتش، ميّالة إلى توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، لكن بوتين سارع إلى عرض المال وأسعار غاز منخفضة على يانوكوفيتش، الذي بدّل بعد ذلك موقفه فجأة، رافضاً توقيع الاتفاق. وبما أن عائلة يانوكوفيتش كدّست ثروة طائلة خلال رئاسته، فقد يكون قلقاً أيضاً حيال احتمال أن يؤدي الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي إلى فرض حكم القانون، ولكن مع الاتحاد الأوراسي، لن يواجه خطراً مماثلاً.

منذ أواخر شهر نوفمبر، شن ملايين الأوكرانيين حملات موالية للاتحاد الأوروبي، إلا أنهم سرعان ما وُصفوا بالمتطرفين والعملاء الغربيين والمجرمين. ومع المال الروسي أتى أيضاً نمط الحكم الروسي، ففرض يانوكوفيتش على البرلمان بطريقة غير مشروعة تمرير تشريعات حوّلت أوكرانيا إلى دولة دكتاتورية في 16 يناير.

شكّلت هذه القوانين الجديدة نسخة من القوانين الروسية، لكن أوكرانيا تختلف كثيراً عن روسيا، إذ ذاق أوكرانيون كثر طعم الحرية فترة طويلة؛ لذلك قاوم الشعب هذه المحاولة المفاجئة لفرض حكم مستبد، وهكذا فقَدَ يانوكوفيتش سيطرته على مؤسسات السلطة المحلية، واتخذ أخيراً خطوات عدة للتقرب من المعارضة، مثل القبول باستقالة رئيس وزراء غير محبوب وإلغاء بعض القوانين المجحفة، لكن عملية القمع المريعة تتواصل بقيادة وزارة داخلية تتمتع بروابط وثيقة مع روسيا، في حين تثير القيادة العسكرية ضجة كبيرة حول "الاستقرار".

إذا تدخلت روسيا مرة أخرى، فقد تشمل المرحلة التالية انقلاباً داخلياً مع استلام السياسيين الأوكرانيين الموالين لروسيا السلطة وإبقاء يانوكوفيتش على الأرجح على رأس الدولة. يعتمد السياسيون الأوكرانيون المسؤولون عن أعمال العنف على التدخل الروسي للاستمرار سياسياً، وإذا دعمت روسيا انقلاباً داخلياً في أوكرانيا، فستتفاقم المقاومة.

تكبّل الألعاب الأولمبية في سوتشي السياسة الروسية في الوقت الراهن، بما أن بوتين لا يود الظهور بمظهر المعتدي الاستعماري، في حين يستضيف معظم قادة العالم، ولكن قبل الألعاب وخلالها، علينا مراقبة ثلاث إشارات إلى التصعيد: إذا أصرت الدعاية الروسية على أن المعارضة الأوكرانية نازية ومعادية للسامية (نلاحظ اليوم تلاعبات مماثلة بذكريات الحرب العالمية الثانية)، وإذا أُلقي لوم أي اعتداءات إرهابية في روسيا خلال الألعاب الأولمبية على القوميين الأوكرانيين، وأخيراً، إذا تجمعت القوات الروسية، التي حُشدت في جنوب غرب روسيا لتأمين الألعاب، حسبما يُفترض، إلى شرق سوتشي لا غربها، أي على طول الحدود الأوكرانية.

back to top