النزاع بين قطر وجيرانها يبطئ الاستثمار والإصلاحات في الخليج

نشر في 07-03-2014 | 00:04
آخر تحديث 07-03-2014 | 00:04
No Image Caption
• التوترات تعرقل مشاريع شبكة خليجية للسكك الحديدية وتطوير منطقة للتجارة الحرة
• ثروة قطر الضخمة من الغاز الطبيعي تمكنها من مواصلة مسيرتها لأجل غير مسمى

من الممكن أن تعاني جميع الاقتصادات في المنطقة في الأجل الطويل، إذا أدت التوترات الدبلوماسية إلى عرقلة مشاريع مثل تشييد شبكة خليجية للسكك الحديدية، وتطوير منطقة للتجارة الحرة.
قد يؤدي نزاع دبلوماسي بين قطر وجيرانها الخليجيين إلى تعطيل استثمارات بمليارات الدولارات في المنطقة، ويبطئ مساعي لتحسين كفاءة اقتصاداتها من خلال إصلاحات في قطاعي التجارة والنقل.

وتعني ثروة قطر الضخمة من الغاز الطبيعي أن الدولة الخليجية الصغيرة قد تتمكن على الأرجح من مواصلة مسيرتها لأجل غير مسمى، رغم استياء السعودية ودولة الإمارات العربية والبحرين.

لكن نمو اقتصادها قد يتباطأ إذا تقلصت روابطها التجارية والاستثمارية مع الاقتصادات العربية الخليجية الكبيرة.

وقد تعاني جميع الاقتصادات في المنطقة في الأجل الطويل، إذا أدت التوترات الدبلوماسية إلى عرقلة مشاريع مثل تشييد شبكة خليجية للسكك الحديدية، وتطوير منطقة للتجارة الحرة،

وقد يحرم ذلك أيضاً شركات أجنبية من عقود للتشييد بمليارات الدولارات.

وأعلنت السعودية والإمارات والبحرين يوم الأربعاء أمس الأول سحب سفرائها من قطر قائلة، ان الدوحة لم تحترم اتفاقا وقعته دول مجلس التعاون الخليجي في 23 نوفمبر يقضي بألا تدعم "كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر، أو عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي".

نتيجة محتملة

وقال جون سفاكياناكيس كبير خبراء الاستثمار في ماسك -وهي شركة استثمار مقرها الرياض- إن النزاع الدبلوماسي لن يؤثر على الفور على أنشطة قطاع الأعمال في منطقة الخليج، لكن سيكون هناك تأثير في الأشهر والسنوات المقبلة إذا لم تنحسر التوترات.

وأضاف أن النتيجة المحتملة في حال انعزال قطر عن المنطقة ستكون "استثمارات أقل وتحويلات رأسمالية أقل، وبعدد أقل من المشاريع المشتركة، والمزيد من الأشياء السلبية لقطر".

وسحب الدول الخليجية الثلاث لسفرائها قرار لم يسبق له مثيل في تاريخ مجلس التعاون للدول الخليجية العربية، الذي أنشئ قبل ثلاثة عقود، ونتج عن استياء عميق بين جيران قطر من سياسات مثل دعم الدوحة لجماعة الاخوان المسلمين.

ولم تظهر دلائل على التحرك نحو فرض أي عقوبات اقتصادية، وتكهن مسؤولون ورجال أعمال في المنطقة بأن الحكومات ستبقي النشاط الاقتصادي بمعزل عن السياسة.

وقال أكبر البكر الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية المملوكة للدولة للصحافيين في برلين "الدول في منطقتنا لا تخلط السياسة بنشاط الأعمال".

لكن الاقتصاد يميل إلى أن يتأثر بالسياسة في الشرق الاوسط فيما يرجع جزئيا إلى أن الكثير من الشركات الكبرى تسيطر عليها الدولة، ولأن الحكومات الخليجية أصبحت تعمد إلى استخدام ثروتها النفطية كأداة دبلوماسية.

وحدث هذا مع مصر في الأعوام القليلة الماضية عندما تجنبت الشركات السعودية والإماراتية الاستثمار هناك اثناء حكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي، لكن البلدين قدما مساعدات بمليارات الدولارات للقاهرة منذ الإطاحة بمرسي العام الماضي واستؤنف تدفق الاستثمارات.

وباعتبارها أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال، فإن قطر بلغت مبلغا من الغنى يجعلها لا تحتاج إلى التجارة والاستثمار من باقي الدول الخليجية لرخائها الاقتصادي، مادامت قادرة على مواصلة بيع الغاز إلى الأسواق الدولية.

وسجلت ميزانية الحكومة القطرية فائضا بلغ 27.3 مليار دولار أو 14.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية حتى مارس الماضي.

ويعني ذلك انها يمكنها استيراد الغذاء والتكنولوجيا والعمالة التي تحتاج إليها من جنوب اسيا واوروبا ومناطق اخرى.

وأشار فاروق سوسة كبير الخبراء الاقتصاديين بـ"سيتي غروب" في الشرق الأوسط إلى أنه بسبب أن الدول الخليجية تركز على صادرات الطاقة، فإن لها روابط اقتصادية قليلة نسبيا فيما بينها.

وقال إن "التجارة خارج مجال الطاقة بين قطر والدول الثلاث الأخرى بلغت حوالي 1 في المئة من مجمل التجارة القطرية".

لكن ستكون هناك بعض العواقب المالية إذا استمرت التوترات الدبلوماسية لفترة طويلة، إذ إن مواطني الدول العربية الخليجية مستثمرون نشطون في اسواق الأسهم في كل من الدول الاخرى، وقد تبدأ تدفقات الأموال هذه في التراجع.

ويقدر محللون أن مواطني مجلس التعاون الخليجي غير القطريين ربما انهم يمتلكون 5 إلى 10 في المئة من الأسهم في البورصة القطرية التي تبلغ القيمة السوقية للاسهم المسجلة فيها نحو 175 مليار دولار.

نزاع دبلوماسي

وهبط المؤشر الرئيسي للاسهم القطرية 2.1 في المئة يوم الاربعاء مع ظهور أنباء النزاع الدبلوماسي.

وأشار ناصر سعيدي رئيس شركة ناصر سعيدي وشركاه للاستشارات في دبي إلى أن قطر مستثمر كبير في السوق العقاري المزدهر بدولة الإمارات، والذي قد يخسر مصدرا للاموال إذا طال أجل النزاع.

وتحرص شركات قطرية كبيرة مثل بنك قطر الوطني على التوسع في الخليج للهرب من قيود سوقها المحلي الصغير، وهي قد تجد ذلك اكثر صعوبة في المستقبل.

ومن المنتظر أن تبدأ الخطوط الجوية القطرية تسيير خطوط محلية في السعودية في الربع الثالث من هذا العام، بعد أن كانت إحدى شركتي طيران اجنبيتين فقط منحتا حقوقا لخدمة السوق السعودي الذي يبلغ حجمه حوالي 30 مليون مسافر.

وإذا تصاعدت التوترات في نهاية المطاف إلى عقوبات اقتصادية فإن أكبر شيء عرضة للتأثر سلبيا في الخليج سيكون على الأرجح خط انابيب دولفين انرجي، الذي ينقل حوالي ملياري قدم مكعبة من الغاز يوميا من قطر إلى الإمارات العربية وسلطنة عمان.

وقال سوسة انه لا يتوقع أن تستخدم إمدادات الغاز كسلاح اقتصادي لكنها سلاح محتمل مهم.

ويقدر محللون ان تدفق الغاز يمثل نحو 5 في المئة من اجمالي صادرات قطر، ونحو 30 في المئة من حاجات الإمارات من الغاز.

وأضاف قائلا "إذا حدث شيء لخط الأنابيب فسيكون وضعا يصعب معالجته في الجانبين كليهما، لكن في الأساس في جانب الإمارات العربية".

ولقطر أيضاً روابط للطاقة مع باقي الدول الخليجية من خلال "اوبك"، حيث أيدت بشكل تقليدي سياسات السعودية باعتبارها المنتج المهمين في المنظمة.

والمصلحة الذاتية ربما تمنع سياسة الطاقة من ان تصبح منغمسة في النزاع الدبلوماسي.

وقال مصدر بشركة قطر للبترول عملاق الطاقة المملوك للدولة "جميع مشاريع الغاز وعلاقات اوبك المرتبطة بالنفط مع مجلس التعاون الخليجي لن تتأثر".

لكن مبادرات مشتركة أخرى بين قطر وجيرانها الخليجيين -وبعضها مهم لجهود تلك الدول لخلق المزيد من الوظائف بالقطاع الخاص وتنويع اقتصاداتها لتقليل الاعتماد على النفط- قد تتعطل. وقد يحرم هذا شركات أجنبية من عقود للتشييد بمليارات الدولارات.

وتناقش البحرين وقطر منذ سنوات احتمال بناء جسر فوق البحر بطول 40 كيلومترا للربط بينهما، ومن الصعب تصور ان يمضي هذا المشروع قدماً في ظل المناخ الحالي.

وربما يتعطل أيضاً مشروع قيمته 15 مليار دولار على الأقل لربط الدول الخليجية بشبكة مقترحة للسكك الحديدية في الأعوام القادمة.

وحتى قبل تفجر النزاع الدبلوماسي فإن مقترحا لوحدة نقدية لمجلس التعاون الخليجي بدا مجمداً، لأن المسؤولين الخليجيين أصبحوا متشككين إزاءه بعد أن شاهدوا الصعوبات في منطقة اليورو.

(رويترز)

back to top