بريطانيان يعيدان إحياء حقبة العبودية الأميركية

نشر في 06-11-2013 | 00:01
آخر تحديث 06-11-2013 | 00:01
No Image Caption
تقل مظاهر العدالة في فيلم Years a Slave 12 ولا وجود لمشاهد الانتقام على طريقة فيلمDjango Unchained، ولا لقطات يظهر فيها بطل حر من نيويورك يتم خطفه واستعباده قبل أن يطلق النار على معذبيه ويقطّعهم أو يخنقهم.
يقول نجم فيلم 12 Years a Slave إن نهج السلم يناسب الرجل الذي اقُتبس الفيلم من سيرته الذاتية، سولومون نورثاب. لم يكن الانتقام جزءاً من مخططاته.

يقول شويتل إيجيوفور الذي يؤدي دوره في الفيلم الجديد: “ثمة أمر مميز في إنسانيته، إذ تغيب مشاعر الكره لديه حتى عندما يكتب عن تلك الأمور المريعة التي حصلت له. كان شخصاً يعشق الحياة لكن ليس بطريقة سطحية. أحب الحياة من أعماقه. يتضح ذلك في مختلف جوانب سيرته الذاتية. حاولتُ إضافة هذه الميزة إلى السيناريو عند تجسيدي لشخصيته”.

فيلم 12 Years a Slave تجسيد مذهل ومؤثر لتجربة حياة العبودية التي عاشها رجل أسود ومتعلّم من القرن التاسع عشر، وبدأ الحديث منذ الآن عن ترشيح العمل لجوائز الأوسكار بعدما حصد إشادة واسعة من النقاد.

عمل ملحمي

كتبت مجلة «تايم» عن الفيلم أنه عمل «ملحمي»، واعتبر دليل «تايم أوت نيويورك» أنه «فيلم ممتاز». وجاملت مجلة «تورونتو ستار» الفيلم قائلة: «يجب أن نصدق الأنباء عن ترشحه للأوسكار».

كان يكفي وجود بريطانيَين (إيجيوفور المولود في لندن من والدين نيجيريين، والمخرج ستيف ماكوين من أبوين من غرب الهند) لصنع فيلم ممتاز عن العبودية في الولايات المتحدة.

يقول ماكوين (أعماله لا تخلو من المواضيع السلبية، كما في فيلمَي Hunger عن إضراب السجناء عن الطعام و Shameعن الإدمان الجنسي): «أنا في قلب القصة، وينطبق الأمر نفسه على كثيرين في أنحاء العالم. كان والداي من غرانادا حيث وُلدت أم مالكوم إكس. ووُلدت أمي في ترينيداد، بلد ستوكلي كارمايكل الذي ابتكر عبارة «قوة السود» الشهيرة. العبودية لم تكن تتعلق حصراً بشحن العبيد السود إلى أميركا الشمالية. تخلى التجار عن أجدادي وهم في طريقهم إلى أميركا. كان الأمر عبارة عن تجارة عالمية لها تداعيات واسعة وقد استقر العبيد السابقون في جميع أرجاء العالم. قصتي تتمحور حول جزء من ذلك الشتات».

قد يبدو إيجيوفور (36 عاماً) أكثر بعداً عن القصة التي يسردونها. فهو ممثل مسرحي من لندن ونجم سينمائي صاعد برز في أفلام مثل Kinky Boots و Children of Menو2012، لكنه انجذب إلى القصة التي أراد ماكوين سردها.

يقول إيجيوفور: «أظن أن كل شخص إفريقي مرتبط بالعبودية. تتحدر عائلتي من جنوب شرق نيجيريا ومن قبيلة «الإيبو» تحديداً. كنت في نيجيريا لتصوير عمل آخر قبل فيلم 12 Years a Slave. آخر محطة قصدتها قبل الانطلاق كانت متحف العبودية في كالابار. يحتشد الناس هناك، بمئات الآلاف، وينتظرون رحيلهم من كالابار. في اليوم التالي، أخذتُ رحلة إلى لويزيانا، وهو المكان نفسه الذي أُرسل إليه كثيرون. كان الأمر غريباً بعض الشيء. لطالما شعرت بأنني مرتبط بما حدث هناك وبالحياة التي عاشها هؤلاء الناس في الولايات المتحدة».

كان سولومون نورثاب رجلاً متزوجاً وأباً لاثنين وموسيقياً في ساراتوغا، نيويورك. خُدع كي يصعد إلى قارب في واشنطن وخُطف في عام 1841.

تجربة مبهمة

كان العمل الذي يرتكز على أحداث تاريخية يعني ضرورة أن يغوص المخرج والنجم في الأبحاث لصنع الفيلم. رغم كل ما كُتب عن العبودية على مر العقود، صُدم كل واحد منهما بجانب معين من المعارف غير الشائعة في هذا المجال.

يوضح إيجيوفور: «لطالما ظننا أن العبودية هي تجربة مبهمة. لا نفكر في العادة بالتفاصيل الدقيقة والحريات الصغيرة مثل صعوبة الحصول على قلم وورقة، وكيف كان الصابون يترافق مع تجربة حياة أو موت، والتمييز بين العبيد الذين يقطعون الخشب وقصب السكر وأولئك الذين يقطفون القطن. يمكن أن تولّد تلك القطاعات حياة مختلفة بالكامل في المزارع التي تحتوي عليها. لا يكون العنف في أحد تلك الأماكن موجوداً بالضرورة في أماكن أخرى».

تفاجأ ماكوين (43 سنة) بتغير «حدود العبودية بوتيرة دائمة. يتضح ذلك مثلاً مع شخصية السيدة شو (أدت دورها في الفيلم ألفري وودارد). هي متزوجة من مالك عبيد أبيض. كانت عبدة في البداية ثم باتت تستعبد الناس بنفسها. كان عدد العبيد أو العبيد السابقين الذين باتوا يمتلكون العبيد مرتفعاً في الجنوب. تمكنوا في بعض المناسبات من شراء أقاربهم لاستعادتهم. كانت العلاقات أكثر من مجرد اختلاف بسيط بين البيض والسود. لم أكن أدرك مدى تعقيد الوضع والأمور التي سُمح بحصولها هناك وطريقة فرض القواعد بمختلف الطرق».

ما هو أبرز أمر فاجأ المخرج؟

أجاب: «كيف يمكن ألا أسمع بهذا الكتاب؟ لا أحد سمع به! زوجتي وجدته. بالنسبة إلي، هذه القصة يمكن أن تنافس حكاية آن فرانك. شعرتُ بضرورة أن أروي هذه القصة».

يعتبر إيجيوفور أن فيلم 12 Years a Slave لا يسمح حصراً بتذكر أهوال الماضي، بل إنه يرصد أيضاً مدى تغير العالم. في عصر يسود فيه استخفاف بمختلف العوامل، بدءاً من الحرية الشخصية والاتصالات الفورية وصولاً إلى حكم القانون وحرية التنقل، إنه انعكاس جديد لمشاعر الناس اليائسين الذين وقعوا في فخ العبودية وتجسيد للبطولة التي كانوا يحتاجون إليها للنجاة.

يقول إيجيوفور: «كتاب نورثاب أحد أعظم الوثائق التاريخية التي تجعلنا نغوص في تجربة العبودية. صوته يصرخ من الماضي. إنها نعمة منه إلينا، في العالم المعاصر، لفتح النقاشات عن حقيقة الوضع في تلك الحقبة».

back to top