معلم ولكن

نشر في 21-12-2013
آخر تحديث 21-12-2013 | 00:01
 مزيد بن ثاري بعد كل خسارة اعتاد عليها فريق يلقي باللوم على المدرب وكأنه هو من يدير النادي وهو من يركل الكرة، وهو من يحرس المرمى، وهو القائم على كل شيء، هذه هي حال الفريق وحال التعليم، فالمنهج هو الضحية دائما حين يفشل التعلم.

لا يمكن للمدرب أن يصنع المعجزة بفريق متهالك محبط معنويا ومقيد فنياً، ولا يمكن للمنهج أن يحدث أي نجاح في ظل هذا الظلم المتفشي للمعلمين والمعلمات، وما يحدث من تشتيت لقدراتهم الذهنية والجسدية يجعلهم على حافة الانهيار الإبداعي، فمسلوب الحقوق لا يمكن أن يبدع.

يعاني المعلم الشتات، فهو البائع في المقصف والشرطي في الفسحة وضابط المرور حين دخول الطلبة في بداية اليوم الدراسي وخروجهم في نهايته، وصائغ الاختبار ومحرره وكاتبه ومصححه، وراصد الدرجات ومعدّ الشهادات وموزعها، وأيضا المعلم مطالب بنشاط مدرسي عادة ما يخصص له يوم بالأسبوع، ومطالب بالكثير من الفعاليات والمسابقات والأنشطة الإذاعية التي لا تنتهي، ففي كل لحظة متوقع أن ترتفع حصيلة لائحة المهام المضافة للمعلم ليجد نفسه محاصراً بضيق الوقت لا يجد من الساعات ما تكفيه لإنجاز الحد الأدنى من عمله، فيتوقف الإبداع والابتكار، وتبقى تحضيرات العام الماضي هي ذاتها تحضيرات هذا العام ووسائله أيضا، ويبقى هو كمن يصارع الزمن كي يبقى على قيد التعليم.

 سئل الإمبراطور الياباني حول مسألة التعليم، فأجاب: «إن دولتنا تقدّمت، في هذا الوقت القصير، لأننا بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلّمنا من أخطائهم، وأعطينا المعلّم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير». هذا بالإضافة إلى ما تقدمه اليابان لمعلميها من منح مالية ومزايا لا تحصى، حتى إن المعلم في اليابان يمكنه السفر مجاناً لإحدى الدول ليتعرف على طرق التعليم لديهم، وفي ألمانيا راتب المعلم أعلى من راتب الدكتور والمهندس، وفي إندونيسيا تصنف مهنة التعليم ضمن أكثر ثلاث مهن شديدة الاحترام.

أما في الكويت فقد حدثتني أختي بحرقة أن مهنتها الوظيفية كمعلمة حرمتها أن تمارس مهنتها الإنسانية كأم تجاه طفلها الوحيد، بأن تكون بجواره كسائر زملائه في يوم الاستفسار المدرسي، والذي يأتي بعد استلام الشهادة بيوم، وذلك لأنها مجبرة على أن تستقبل أولياء أمور الطالبات وتترك طفلها، وطلب الإذن في هذا اليوم من الكبائر لدى إدارة المدرسة!

لا يمكن للمناهج أن ترتقي بالتعليم أبداً في ظل هذا الظلم والاضطهاد للمعلم، أطلقوا سراح طاقاتهم وأوقاتهم ليبدعوا، فالمعلم المبدع كالسائق الماهر لا يمنعه سوء المنهج وتعرجه من الوصول.

back to top