في العلاقة بين الملحنين والشعراء والمطربين

نشر في 16-11-2013 | 00:02
آخر تحديث 16-11-2013 | 00:02
يشهد الوسط الفني ثنائيات بين مطرب وملحن أو شاعر أو ثلاثيات بين مطرب وملحن وشاعر، كذلك يشهد في أحيان كثيرة انفصالاً بين هذه الثنائيات أو الثلاثيات... النتيجة أعمال رفيعة المستوى في حال ساد التناغم والتفاهم بين أعضاء هذه الثنائيات والثلاثيات، وحروب ومشاكل وبيانات مضادة في حال راح كل واحد يغني على ليلاه ويغير في الأغنية من غير وجه حق، هنا الطامة الكبرى، وقد يصل الأمر بالبعض إلى التوقف عن الإنتاج الفني والانصراف إلى ملاحقة القضية قضائياً لاسترجاع حقوق مهدورة.
«الجريدة» استطلعت آراء شعراء وملحنين ومطربين حول واقع العلاقة بين أركان الأغنية الثلاثة: الشاعر والملحن والمطرب، وسجلت الأجوبة التالية.

 حقوق فنية وأدبية

أحمد عبدالمحسن

ناشي الحربي

«تعاملي مع النجوم يختلف بين واحد وآخر، ثمة نجوم أرتاح بالتعامل معهم وآخرون يسببون لي الصداع»، يؤكد الشاعر ناشي الحربي مشيراً إلى أن طريقة تعامل الفنانين الكبار مع الشعراء لا تخرج عن المألوف، ويضيف: «في السابق كان ثمة احترام للشعراء وتقدير للكلمة وكان النجوم ويؤدونها بطريقة رائعة وملفتة للانتباه، فيرتاح الشعراء ويكررون تعاونهم معهم».

 أما اليوم، فمن الصعب إيجاد نجم يتعامل مع الشعراء بطريقة جميلة، حسب رأيه، إذ يحاول فنانون تغيير كلمات الأغنية، ما يثير استياء بعض الشعراء، وقلة تحترم  الكلمة وتحفظ الحقوق الأدبية للشاعر، «بالنسبة إلي لا أمانع أن يغير الفنان كلمات لي، في حال جلسنا معاً واتفقنا على أمر محدد».

يتجنب الحربي الجدل والمشاكل ويتعاون مع المطربين إلى أقصى حد، ويقول: «قد تظهر بعض الاختلافات بين الشاعر والنجم بسبب المدة الزمنية للأغنية، إذ يحاول فنانون تقليصها، لذا على الشاعر التعاون مع المطرب وأن يمد له يد العون ويكون له سنداً لتخرج الأغنية بأفضل صورة».

عبدالله سالم

 

«لا سلبيات في تعاملي مع النجوم والفنانين الكبار» يلفت الملحن والمطرب الشاب عبدالله سالم، موضحاً أن تعامل الملحن مع النجوم الكبار وسام يعلق على صدره  ويضيف إليه الكثير في مشواره الفني.

يضيف: «تعاونت مع نجوم شباب، ولم تحدث أمور خارجة عن المألوف بيننا، بل كان تعاملي معهم متميزاً وأضاف إلى رصيدي أموراً إيجابية، أبرزها أن ارتباط اسمي باسم أحد النجوم الكبار يجذب انتباه نجوم آخرين، في حال نجاح الأغنية، أنا فخور بذلك وعلى استعداد تام لخدمة النجوم في أي وقت».

لا  يعتقد سالم أن ثمة مشاكل قد تحدث معه في المستقبل، «يكون الاختلاف دائماً حول مدة الأغنية أو طريقة اللحن والأداء، وأنا أستقبل ذلك برحابة صدر ونناقش كل ما يضيف إلى الأغنية، سواء بتعديل اللحن أو بطريقة الأداء، فأنا مطرب بالأساس، وأعرف تماماً ما الذي يحتاج إليه الفنان في أغانيه، لذلك أتعاون معه بإيجابية، بعيداً عن الأساليب الأخرى التي قد يختلقها البعض لأسباب غير مُبرّرة».

 يوسف العماني

«الخبرة والتجربة والشهرة أبرز الإيجابيات في تعامل الملحن مع النجوم الكبار»، يوضح الفنان والملحن يوسف العماني، مشيراً إلى أنه يتعامل مع النجوم بنية حسنة وبعيدة عن الخبث والمكر.

 يضيف: «تعاونت مع كمّ من الفنانين وقدمت ألحاناً لنجوم رائعين واستفدت من هذه التجربة. أن تتعاون مع نجوم كبار لهم مكانتهم في الوسط الفني، هذا بحد ذاته شهادة ووسام على صدر الملحن، حتى وإن تعاون مع نجوم شباب، فهؤلاء يتصرفون بأمانة وإخلاص ويتعاملون مع الملحنين بأدب واحترام».

يتابع: «قد يحدث أن يُصدم ملحن من تغيير فنان ما للحنه، أعتقد أن هذا أمر عادي ويحصل في كل مكان، أما بالنسبة إلي، إذا حدث فلا أكرر تعاوني مع هذا الفنان، مهما كان حجمه ومكانته في الوسط الفني، وأستفيد من تجاربي. على الجميع الحفاظ على حقوق الملحن الأدبية وعدم المساس بها، لأنها تضيف الكثير إلى رصيده».

تناغم وانسجام

بيروت  -   ربيع عواد

نزار فرنسيس

{لكل فنان لونه ونكهته الخاصة} يقول الشاعر نزار فرنسيس الذي وقَّع أعمالاً لأهم نجوم لبنان وساهم في نجاحهم وانتشارهم، من خلال كلمات صادقة ومميزة قدمها لهم، مشيراً إلى أن ما من معيار واحد للتعامل مع النجوم، ويضيف: «يحتاج الموسيقار ملحم بركات إلى كلمات مختلفة عن الكلمات التي أقدمها لعاصي الحلاني، التي بدورها تختلف عن الكلمات التي أقدمها لراغب علامة». عن مساهمته في نجاح نوال الزغبي وعاصي الحلاني ووائل كفوري وإليسا ونجوى كرم وغيرهم، يوضح: «أفتخر بأننا بدأنا معاً، فبلغوا النجومية وأنا معهم بفضل صوتهم وكلماتي. من المهم أن يعترفــوا بهذا الأمــر كما أعترف أنــا، لأن هذه الأصوات سبب نجاحي».

يؤكد فرنسيس أن ما يهمه هو تقديم أغنية لا تخدش الأذن وتعبر عن أخلاقنا ومجتمعنا وطبيعتنا وحياتنا، لأن أغنياتنا مرآة حضارتنا، حسب رأيه، ويتابع: «لا يمكن أن نبني كلمات أغنياتنا على قضايا غير متوافرة لدينا أو موجودة بنسبة 20 في المئة فحسب». أما عن الأسماء التي يرفض التعاون معها فيشير إلى أن «ثمة فنانين وفنانات، راقصين وراقصات لا يشبهونني بشيء، لذلك يعرفون أنني لا أرد على اتصالاتهم. بداية يجب أن أحب الفنان لأكتب له».

رواد رعد

{أفضل توجيه الفنان إلى لون جديد قريب من أسلوبه وشخصيته، فأظهر بذلك الناحية الإبداعية في عملي} يؤكد الملحن رواد رعد الذي يتعامل مع أهم نجوم لبنان، موضحاً أن لكل منهم شخصية معيّنة لافتة: {أطرب لصوت معين شريف وأشعر بحماسة الدبكة مع عاصي الحلاني وأستمتع بأسلوب فارس كرم، إلا أنني أميل إجمالا إلى الصوت الطربي، سواء كان الفنان في بداية مسيرته أو في قمة نجوميته وأهتم بقدراته الصوتية لتسهيل تسجيل الأغنية وإيصالها بطريقة صحيحة}. يضيف أن التناغم بين الفنان والشاعر والملحن سبب رئيس في نجاح أي عمل فني، مشيراً إلى أنه تعاون مع شعراء بارزين من بينهم: سمير نخلة، نزار فرنسيس، منير بو عساف، نبيل أبو عبدو، ومارسيل مدوّر.

حول المعيار الذي يعتمده في اختيار الشعراء يوضح: {يهمني أن أشعر بالكلمة التي أغنيها وأن تسيطر على إحساسي، لذلك أتعاون مع شعراء اعتدت على أعمالهم ويعجبني أسلوبهم في الكتابة. في المقابل، إذا قرأت نصاً جميلا لشاعر مبتدئ أقبله، لكن الشاعر المخضرم متمكن أكثر في نصّه}.

أحمد ماضي

{أحرص على تقديم عمل للفنان يشبه شخصيته} يؤكد الشاعر أحمد ماضي الذي تعاون مع أسماء كثيرة في مجال الفن على غرار إليسا ونانسي عجرم... وحول كيفية اختياره للفنانين الذين يتعاون معهم يوضح: {أصبحت لدينا رؤية في هذا الإطار، فنحن نحضّر أغنية متكاملة سواء من ناحية الكلمات أو الألحان أو التوزيع، ونعرضها على الفنان الذي يشبهها}.

وعمّا إذا كان يشجّع الفنان على تقديم أنواع غنائية متنوعة أم الالتزام بقالب واحد يضيف: {أفضّل أن يغني الفنان ما يشبه شخصيته وإحساسه، قلة تتميّز بقدرة على التنويع}. هل ندم على تقديم أعمال لبعض النجمات؟ يجيب: { للأسف وقعت في هذا المطبّ عندما كتبت لبعض الفنانات الهابطات لكني أؤكّد أنني لن أتعاون مع أي واحدة منهن مجدداً}. ورداً على سؤال حول ما إذا كان تعاونه مع فنانين  من الصف الأول يحمّله مسؤولية مضاعفة يقول: {أتحمّل مسؤولية تقديم عمل جميل لكل فنان، سواء كان نجماً أو مبتدئاً}.

سليم عساف

{لا مشكلة مع الاسم بقدر ما أهتم بالصوت الذي سيغني كلماتي وألحاني}، يشير  الشاعر والملحن سليم عساف، مؤكداً أنه يميل إلى الفنان الذي يوصل الأغنية بطريقة مناسبة وصحيحة إلى المستمع.

وحول ما إذا كان يفضل التعامل مع فنان مبتدئ أو نجم يوضح: {المهم عندي الأداء الصحيح. قد يكون الفنان مبتدئاً لا جماهيرية كبيرة له، إلا أنه يتمتّع بصوت وأداء وإحساس، فيوصل الأغنية إلى المستمع بجمالياتها، سواء من ناحية المضمون أو الألحان. أما بالنسبة إلى النجم، فالأغنية الجميلة تعدّ إضافة جديدة إلى نجاحاته ويحقق من خلالها استمرارية مبنية على التميّز نفسه}.

يضيف: {معظم الذين تعاملت معهم نجحوا في أداء الأغنيات بشكل يرضيني، لكن يحدث أحياناً ألا يعمل فنان على الأغنية بطريقة مناسبة، سواء من ناحية التسويق أو الدعم أو أمور تعتبر أساساً لنجاح أي عمل فنّي فيحصل تقصير، لكني أتخطّى ذلك سريعاً وأعتبره تجربة أتعلّم منها، وأفكّر بعمل جديد}.

إعطاء كل ذي حق حقه

القاهرة – بهاء عمر

دخل الشاعر أيمن بهجت قمر في نزاع حاد مع عمرو دياب، بسبب خلاف على عقود تنازل عن أغنيات في ألبوم دياب الأخير، وتطور الخلاف إلى حد أن أصدر كل منهما بياناً يهاجم الآخر.

رغم إتمام الصلح بين الصديقين، ثمة أمور ترتبت عن تلك الواقعة ما زالت  قائمة، تتمثل بطلب الشركة المنتجة لألبومات دياب توقيع المؤلفين والملحنين على عقد تنازل عن حق النشر، لتضمن عدم مطالبتهم إياها بحقوقهم المادية، نظير الأداء العلني وإعادة طبع الألبومات التي يشاركون فيها، مع أن الدخل المادي هو الأهم للمؤلف والملحن على حد سواء.

بدوره كان الملحن عمرو مصطفى طرفاً في الخلاف، فأصدر بيانا ضد دياب جاء فيه: {فوجئنا بطلب الفنان عمرو دياب الذي يصر فيه على أن نوقع على تنازل وعقد نشر}.

أضاف مصطفى أن هذا العقد يحرم مؤلفي وملحني أغاني دياب من  حق تقاضي الأداء العلني للأغنية المكفول بالقانون، ويمنعهم من نشرها وجني ثمارها، فيما يحق للمطرب استغلال تلك الأغاني في الحفلات والأفراح.

أشار إلى أن الخلاف مع دياب لا يؤثر على علاقة الصداقة التي تجمع بين دياب وبين الشعراء والملحنين، فهو يكنّ التقدير والاحترام لمشوارهم الفني ونجاحاتهم معه. إلا أنه، وكما جاء في البيان، وبحسب المثل المصري الدارج {بين البايع والشاري يفتح الله}.

بعد خلاف دام سنوات بين الشاعر بهاء الدين محمد وعمرو دياب بسبب الشروط التي تضعها {روتانا} في تعاقدات دياب، وتضامن فيه بعض الشعراء والملحنين  مع بهاء الدين محمد، عاد الثنائي إلى التعاون مجدداً في ألبوم دياب الذي يجهز له بعد تجديد تعاقده مع شركة {روتانا}.

كان عمرو دياب كرّم، في ألبومه الأخير، مجموعة من الملحنين والشعراء من بينهم أحمد حسين والشاعر تامر حسين، واحتفى في حفلته الأخيرة بالمؤلفين والملحنين الذين تعاونوا معه في مشواره الغنائي، في محاولة لتحسين الأجواء المحيطة بإصدار ألبومه الأخير.

خلافات فنية وشخصية

اتهم الملحن عمرو مصطفى شيرين عبد الوهاب بأنها أدّت أغنية {ماشربتش من نيلها} بطريقة غير مناسبة مع اللحن الذي وضعه لها، ورغم أن شيرين لم ترد على انتقادات مصطفى علانية، فإن الخلافات بينهما لا تزال قائمة، كما يؤكد المقربون منها.

يؤكد الشاعر إسلام خليل أن علاقة الصداقة والمودة هي الباقية بين الملحنين، وما دام لا يرتاح في العمل مع مطرب فلا يمكنه تأليف أغنية له، مشيراً إلى أن الصداقة لا تعني ضياع الحقوق، لافتاً إلى أنه لم يتعرض لمشاكل مع المطربين الذين يتعاون معهم حرصاً منه على الخيارات الجيدة دوماً.

ويوضح خليل أن ازدياد القرصنة على الألبومات تجعل من الضروري أن يحرص العاملون في الوسط الفني على مصالح بعضهم البعض، في مواجهة إهدار حقوقهم وسرقتها.

إذا كانت الخلافات المادية إحدى أهم المشاكل التي تشوب العلاقات في الوسط الفني، فإن المشاكل الشخصية تبدو ظاهرة أيضاً، إذ انتهت أخيراً الأزمة التي استمرت سنوات، بين أصالة والملحن حلمي بكر باستضافته في برنامجها الذي تقدمه على شاشة إحدى الفضائيات.

كانت الخلافات بدأت عندما اتهم حلمي بكر أصالة بأنها تقف وراء المشاكل التي واجهها في حياته الزوجية، وانفصاله عن زوجته السابقة التي كانت إحدى قريبات أصالة.

وتطورت المشكلة بين بكر وأصالة وتعمّقت بمرور السنوات، وبعدما تكلما عنها في الإعلام، ووصل الأمر بأصالة إلى حد الهجوم الصريح والعلني، مشيرة إلى أن تعاونها الفني مع بكر لا يدخل ضمن تاريخها.

تقدير متبادل

يوضح الشاعر عوض بدوي أن القضية الحقيقية في العلاقة بين المطرب والملحن أو الشاعر تكمن في الشقّيْن المادي والمعنوي، مضيفاً أنه ما دام المطرب يقف إلى جوار المؤلف ولا يحاول الضغط عليه لإقرار العقد مع الشركة المنتجة بما يهدر حق المؤلف، ستكون العلاقة مثمرة وناجحة ومنتجة.

يضيف أن الشق المعنوي يتمثل بتقدير الفنان للمؤلف من خلال ذكر اسمه أثناء أداء الأغنية في حفلة كبيرة، وهي عادة يقوم بها المطربون الناجحون الذين ينسبون النجاح للمشاركين فيه، واصفاً العلاقة بين الطرفين بأنها تقدير متبادل، وليست مجرد مصالح، لا سيما أن الموهوبين في الوسط معروفون وبالتالي يجب أن يعطى كل ذي حق حقه.

back to top