زجاج يلتوي ولا ينكسر
عندما تُسقط كوبًا زجاجيًّا أرضًا، ينكسر عادةً. ولكن بفضل تقنية جديدة طورها قسم الهندسة الميكانيكية في جامعة ماكغيل، عندما يحدث أمر مماثل في المستقبل، سيلتوي الزجاج على الأرجح ويتبدّل شكله قليلاً.
نجح البروفسور فرانسوا بارثيلات وفريقه في استخدام خصائص البنى الطبيعية الميكانيكية، مثل قواقع البحر، لزيادة صلابة الزجاج. يذكر بارثيلات: «تتألف قواقع الرخويات من 95% من الطبشور، الذي يُعتبر بالغ الهشاشة بشكله الصافي. ولكن عرق اللؤلؤ أو أم اللؤلؤ، الذي يغلّف الجانب الداخلي من القوقعة، فيتألف من ألواح مجهرية تشبه إلى حد ما قطع الليغو البالغة الصغر. ومن المعروف أن عرق اللؤلؤ قوي وقاسٍ جدًّا. ولهذا السبب انكب الإنسان على دراسة بنيته خلال السنوات العشرين الماضية».يضيف بارثيلات موضحًا أن المحاولات السابقة لإعادة ابتكار بنى عرق اللؤلؤ اصطدمت بتحديات كبيرة. ويتابع: {تخيل أنك تحاول بناء جدار بواسطة قطع ليغو بالغة الصغر. فهذه بالتأكيد ليست مهمة سهلة}. بدلاً من ذلك، قرر بارثيلات وفريقه دراسة الروابط أو الأطراف الداخلية {الضعيفة} التي تتوافر في مواد طبيعية، مثل عرق اللؤلؤ، ومن ثم استخدام الليزر لحفر شبكات من تفسخات صغرية ثلاثية الأبعاد في شرائح الزجاج بغية إنتاج الروابط الضعيفة ذاتها. فحققوا نتيجة مذهلة.
تمكن الباحثون من زيادة صلابة شرائح الزجاج (تشبه المستطيلات الزجاجية التي توضع تحت المجهر) نحو 200 ضعف، مقارنة بالشرائح العادية. فبإحداث شبكات من التفسخات الصغرية في تشكيلات من الخطوط المتماوجة على شكل الأطراف المتعرجة لأحجية الصور المقطوعة (jigsaw puzzle) في سطح زجاج البروسيليكات، تمكنوا من منع التشققات من الامتداد والاتساع. ومن ثم ملأوا هذه التفسخات الصغرية بالبولي يوريثان، مع أن بارثيلات يؤكد أن هذه العملية الأخيرة غير ضرورية بما أن أنماط التفسخات الصغرية كافية للحؤول دون انكسار الزجاج.عمل الباحثون على شرائح الزجاج الصغيرة لأنها متوافرة. غير أن بارثيلات يعتقد أن من الممكن تعديل هذه العملية لتتلاءم مع حجم أي شرائح زجاجية، بما أن الناس ينحتون اليوم الشعارات والأشكال على الألواح الزجاجية. ويعبّر بارثيلات وفريقه عن حماسة كبيرة للعمل الذي ما زال عليهم إنجازه.يقول بارثيلات: «ندرك اليوم أننا نستطيع تقوية الزجاج أو أي مواد أخرى باستخدام أنماط من التفسخات الصغرية لتوجيه الشقوق الكبيرة، فضلاً عن امتصاص الطاقة الناتجة عن الاصطدام. اخترنا العمل على الزجاج لأنه مادة هشة نموذجية. لكننا نخطط للعمل بعد ذلك على السيراميك والبوليمرات. ولا شك في أن تأمل العالم الطبيعي يساهم في تحسين التصاميم التي يبتكرها الإنسان».