تعلّم اللهجات ينشّط دماغك!

نشر في 27-10-2013 | 00:01
آخر تحديث 27-10-2013 | 00:01
No Image Caption
من خلال استخدام تقنيات التصوير لمشاهدة المناطق الدماغية التي تُستعمل لفهم اللغة عند الناطقين باللغة اليابانية الأصلية، استنتجت دراسة جديدة أجراها معهد علوم الدماغ {ريكن} أن اللكنة القوية في الكلمات التي يلفظها اليابانيون العاديون تنشّط أجزاء دماغية مختلفة، ويتوقف ذلك على إتقان المستمع للغة اليابانية الرسمية أو واحدة من اللهجات المناطقية.
في دراسة نُشرت في مجلة {الدماغ واللغة}، حلل الطبيبان يوتاكا ساتو وريكو مازوكا وزملاؤهما النتائج لمعرفة ما إذا كان الناطقون بلهجة غير رسمية يستعملون المناطق الدماغية نفسها أثناء الإصغاء إلى كلمات الآخرين مثل الناطقين باللغة الأصلية واللهجة الرسمية أو مثل الأشخاص الذين يكتسبون لغة ثانية في مرحلة لاحقة من حياتهم.

حين نسمع لغة معينة، يُشرّح الدماغ الأصوات ليستخلص المعنى منها. لكن قد يجد شخصان يتحدثان اللغة نفسها صعوبة في فهم بعضهما البعض بسبب اختلاف اللكنات المناطقية، مثل اختلاف اللغة الإنكليزية بين الأستراليين والأميركيين. في بعض اللغات، مثل اليابانية، تكون هذه الاختلافات المناطقية أكثر وضوحاً من اللكنات وتُسمى اللهجات.

على عكس اللغات المتنوعة التي يمكن أن تشمل اختلافات كبيرة في القواعد والمفردات، تختلف لهجات اللغة الواحدة في العادة على مستوى الأصوات وطريقة اللفظ. بالإضافة إلى اللهجة اليابانية الرسمية التي تستعمل لكنة قوية لتمييز الكلمات المتشابهة التي تحمل معاني مختلفة، لا تستعمل لهجات مناطقية أخرى هذه الطريقة في اليابان.

مثلما تختلف معاني بعض الكلمات في اللغة الإنكليزية عند الشدّ على حروف معينة، تحمل كلمات متشابهة في اللغة اليابانية الرسمية معاني مختلفة بحسب قوة اللكنة. قد تترافق المقاطع الصوتية في كلمة معينة مع طبقة صوت عالية أو منخفضة، وقد يؤدي خليط اللكنات القوية في كلمة معينة إلى منحها معاني مختلفة.

راقب الباحثون نشاط الدماغ في النصف الدماغي الأيمن والأيسر وقاسوا في الوقت نفسه مستوى التغير في تركز أوكسجين الدم عبر استعمال «ﻁﻴﻑ ﺍلأﺸﻌﺔ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﺤﻤﺭاء ﺍﻟﻘﺭﻴﺒﺔ»، وتابعوا ردود فعل الدماغ على الكلمات التي تختلف في اللكنة وطبقة الصوت. أظهر الناطقون باللغة اليابانية الرسمية نشاطاً أعلى في النصف الدماغي الأيسر، بينما لم يُظهر الاختلاف عند الناطقين باللغة اليابانية من دون لكنة معينة أي نشاط طاغي من الناحية الإحصائية في الجزء الأيسر.

مقطع صوتي

كانت المهمّة التجريبية تهدف إلى اختبار ردود فعل المشاركين حين يميزون بين ثلاثة أنواع من الكلمات المتشابهة كتلك التي تختلف في مقطع صوتي واحد، أو تلك التي تختلف في اللكنة والطبقة الصوتية، أو الكلمات التي تُطرح على شكل سؤال مع ارتفاع نغمة الصوت.

استعمل علماء الأعصاب في معهد {ريكن} {ﻁﻴﻑ ﺍلأﺸﻌﺔ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﺤﻤﺭاء ﺍﻟﻘﺭﻴﺒﺔ» لمعرفة ما إذا كان نصفا الدماغ ينشطان بشكل مختلف رداً على تغيرات طبقة الصوت بين كلمتين يستعملهما الناطقون باللغة الرسمية أو مستعملو لهجة معينة من دون لكنة. هذه الطريقة البسيطة لمشاهدة نشاط الدماغ ترتكز على واقع أنّ المنطقة الدماغية الناشطة تترافق مع زيادة تدفق الدم موضعياً في تلك المنطقة ويمكن رصد ذلك الارتفاع عبر الليزر بالأشعة تحت الحمراء.

من المعروف أن التغيرات في طبقة الصوت تنشّط نصفَي الدماغ معاً، بينما يرتبط معنى الكلمة بالنصف الدماغي الأيسر. حين سمع المشاركون الكلمتين المتشابهتين اللتين تختلفان في الطبقة واللكنة، نشط الجزء الدماغي الأيسر بشكل واضح عند الناطقين باللهجة الرسمية، بينما لم يُظهر الناطقون بلهجة معينة من دون لكنة واضحة نشاطاً طاغياً في الجزء الأيسر. بالتالي، يستعمل الناطقون باللغة اليابانية الرسمية لكنة قوية لفهم معنى الكلمة. لكن يحلل الناطقون بلهجة محلية من دون استعمال لكنة معينة تغيّرات طبقة الصوت كما يفعل الأفراد الذين يتعلمون لغة ثانية في مرحلة لاحقة من حياتهم.

إنها نتائج مفاجئة لأن المجموعتين تتكلمان اللغة اليابانية الأصلية وتعرفان اللهجة الشائعة. علّق د. ساتو على الموضوع قائلاً: {تكشف دراستنا أن خبرة الفرد في استعمال اللغة في سن مبكرة قد تحدد طريقة استيعاب اللغات في الدماغ. قد يؤدي التمرّس الكافي باللغة في سن مبكرة إلى تغيير طريقة استيعاب لغة ثانية كي تصبح بمستوى اللغة الأم}.

back to top