رشدي أباظة... الرجل الأول: لمن تشرق الشمس (11)

نشر في 09-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 09-07-2014 | 00:02
توجه رشدي أباظة إلى أستوديو المصور أحمد خورشيد، والذي يتخذه أيضاً مسكناً، في شارع «الانتكخانة» بالقرب من «غروبي»، ففاجأه خورشيد وهو يبتسم ابتسامة مختصرة:

* بلاش النهارده يا رشدي.

- ليه بس يا أستاذ... دي صور مهمة بالنسبة لي أوي؟

* معلش يا رشدي. صدقني مزاجي مش رايق... وأنا ماحبش أصور وأنا في الحالة دي.

هكذا فشل المشروع الذي لأجله تأنّق رشدي. لكن المشوار لم يذهب سدى، فقد غاب خورشيد في «غرفة التحميض المظلمة» ليطمئن على فيلم كان يطبعه، وترك رشدي وحده في قاعة التصوير.

راح رشدي ينتقل بعينيه بين الصور التي زيّن بها المصور الفنان معرضه، فإذا به يكتشف أنها كلها لامرأة واحدة في لقطات مختلفة، كانت هذه المرأة تحية كاريوكا. ليكتشف أن أحمد خورشيد واقع في غرامها، فتغير وجهه رغم أن قلبه لم يكن قد تعلق بشدة بها.

خرج رشدي من أستوديو خورشيد، لا يعرف لماذا تغير عندما شاهد احتفاء المصور بكاريوكا، فقد شعر بأن شيئاً ما يتحرك داخله، إنه قلبه الذي لا يعرف لماذا ينبض على هذا النحو. يبدو أنه قد تعلق بكاريوكا. فكر رشدي في أمر تمنى أن يتحقق، وهو ألا يحبها، فهذا أمر سهل ويبدو أنه قد حدث فعلاً. لكنه تمنى أن تقع هي في حبه، فقد رأت الكثير من الرجال وعاشت حياتها بعمق... لذا لم يكن من السهل أن تحب إنساناً لمجرد أنه وسيم، أو عنده استعداد للتمثيل، أو حتى صاحب مال أو جاه وسلطان، وإلا لكان الملك فاروق أولى الناس بحبها.

في نوفمبر 1951، دخلت كاريوكا أستوديو “ناصيبيان” في شبرا لتصوير فيلم “ابن الحلال” الذي كتبه سيف الدين شوكت وأخرجه، لتشارك في بطولته أمام كل من محسن سرحان وفاتن حمامة ومحمود المليجي وفريد شوقي وعبد الفتاح القصري والمطرب محمد عبد المطلب.

بعد بداية تصوير الفيلم بأسبوع، زار رشدي أستوديو “ناصيبيان” ولم يكن يعلم بوجود تحية في الفيلم، لكن زيارته كانت لصديقه فريد شوقي وتهنئته بالفيلم الجديد. غير أنه ما إن شاهدها في الفيلم، حتى لم يستطع أن يمنع نفسه من تكرار زياراته لموقع التصوير، فلم يعد قادراً على الهروب، ذلك أن شعوره تجاهها قد وصل إلى درجة الحب... حب قوي متين، جذوره صداقة متينة لا تشوبها شائبة!

خرجت تحية من الأستوديو بعد انتهاء التصوير في ذلك اليوم، لتجد رشدي يقف أمام باب الأستوديو:

* الله... رشدي. أنت هنا؟ مادخلتش ليه؟

- لا أنا كنت مستنيك.

* مستنيني أنا؟

- أيوا... كنت عايز أتكلم معاك شوية.

* طب تعالى ندخل جوه.

- لا تعالي أنت أركبي هأوصلك ونتكلم في العربية.

ظل رشدي جالساً خلف عجلة القيادة ينظر إلى الطريق من دون أن ينطق بكلمة، فقطعت تحية صمته:

* خير يا رشدي... ومالك متوتر كدا ليه... في حاجة؟

- تحية... أنا بحبك.

* يااه... أخيراً قلتها... وأنا كمان بحبك يا واد يا أباظي.

 

كان ردها مفاجئاً كشخصيتها، فعزم رشدي على أن يكون عملياً هذه المرة، ولا يترك الفرصة تضيع من بين يديه، كما حدث سابقاً، وقرر أن يفاتح والدته في أمر الزواج من تحية:

* إيه... بتقول إيه؟

- اللي سمعتيه حضرتك.

* أيوا عايز تتجوز. لكن قلت تتجوز مين؟

- بقول لحضرتك تحية كاريوكا.

* مين تحية كاريوكا.

- في حد في مصر كلها مايعرفش مين تحية كاريوكا.

* أنا. أنا ماعرفهاش... مين تحية كاريوكا؟

- يا ماما تحية كاريوكا الفنانة المشهورة.

* عاوز تتجوز رقاصة؟

- تحية فنانة يا ماما.

* مش كفاية.

- يظهر حضرتك نسيتي كلامك عن الفن والفنانين.

* لا أنت اللي نسيت أنت مين... ومين هم الأباظية.

 

وصل النقاش بين رشدي وبين والدته إلى طريق مسدود، فلم يستطع إقناعها بزواجه من تحية، كما أنها لم تستطع أيضاً أن تثنيه عن فكرته، وفي صباح 4 ديسمبر عام 1951، مرَّ رشدي على كاريوكا في بيتها لتوصيلها إلى الأستوديو، على وعد بأن يعود إليها في نهاية التصوير في مساء اليوم نفسه، بعد القيام بمشوار مهم، من دون أن يقول لها إلى أين سيتجه؟

أوصل رشدي تحية إلى الأستوديو، ثم عاد منطلقاً إلى قرية «العياط»، إحدى القرى التابعة لمحافظة الجيزة، حيث يعيش أحد أصدقائه ويدعى «الشيخ محمد»، الذي اعتاد رشدي أن يلجأ إليه وقت الضيق والحيرة، فقد كان يتفاءل به ويأنس إلى كلامه، وتهدأ نفسه بالجلوس في بيته. ذهب إليه رشدي ولم يجلس معه، بل اصطحبه معه في سيارته، وفي الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم نفسه، عاد رشدي إلى أستوديو «ناصيبيان» في شبرا ومعه في السيارة ثلاثة أشخاص: صديقه الشيخ محمد، واثنان من الأصدقاء أقلهما من مقهى «ريتس» في شارع عماد الدين، وهو في طريقه إلى الأستوديو.

دخل رشدي الأستوديو حيث وجد تحية لا تزال تعمل، فهمس في أذنها بأنه يريدها في أمر مهم. اضطرت إلى الاستئذان من مخرج الفيلم سيف الدين شوكت لمدة ساعة، تزور فيها صديقاً مريضاً. خرجت فوجدت أصدقاء رشدي الثلاثة في السيارة فاندهشت من الأمر، فهو لم يكن موعد غرام. جلست إلى جواره في السيارة، وهي تجهل أين يسير بها، ولا تعرف هوية الثلاثة الذين يجلسون في الخلف؟

ارتسمت علامات التعجب والاستفهام على وجهها، غير أن الإجابة على أسئلتها عرفتها بمجرد أن وصلت إلى بيت رشدي، فقبل أن يجلس أي منهم، بادر موجهاً كلامه إلى صديقه الشيخ: يلا يا شيخ حسن. طلع ورقك ودفترك. آدي العروسة وأنا العريس... ودول يا سيدي الشهود.

نظر الجميع إلى تحية التي فتحت فمها، وانتابتها أحاسيس مختلطة بين الفرح والغضب والدهشة، فهي كانت تظن نفسها طوال الوقت «مجنونة» لأنها تفعل كل ما يخطر لها على بال، غير أنها اكتشفت أن ثمة من هو أكثر منها جنوناً.

لم تستطع أن تخفي سعادتها بأن رشدي كان جاداً في علاقته معها وقرر الزواج منها، غير أنها لم تخف غضبها أيضاً، فكيف تكون «العروس» آخر من يعلم. كان معها في صباح اليوم نفسه ولم يبح لها بنيته، فهي تعرف يقيناً أنه يريد الزواج منها ولكنها كانت تجهل بهذا الترتيب:

* هو إيه أصله دا... أنا مش فاهمة حاجة؟

- حبيبتي إحنا مش اتفقنا على الجواز؟

* أيوا اتفقنا... بس مش بالشكل دا وباستعجال كدا.

* يعني مش أنت موافقة يا حبيبتي؟

* أيوا موافقة... لكن!

- أهي موافقة أكتب... أكتب يا شيخ حسن... أكتب.

عقد الشيخ حسن، صديق رشدي، قرانهما بحضور صديقيه اللذين انتزعهما من المقهى ليشهدا على زواجه من تحية، التي خرجت من الأستوديو لبضع دقائق بحجة زيارة صديق مريض، لتعود زوجة لرشدي أباظة. لم يستغرق ذلك كله سوى ساعتين. وما إن انتهى تصوير «ابن الحلال» الذي عثرت تحية خلاله على «ابن الحلال» وتزوجته، حتى سافرت بصحبة زوجها لتمضية شهر العسل في لبنان، وفي الوقت نفسه تنفيذ عقد عمل كانت قد اتفقت عليه قبل الزواج، في أحد الملاهي هناك.

لم يمر أسبوعان من العسل والعمل في بيروت، حتى دبت الخلافات بين العروسين بسبب الغيرة. غير أنها هذه المرة لم تكن من الزوج على زوجته، بل من الزوجة على زوجها الشاب الوسيم الذي كان يصغرها باثني عشر عاماً. وانتهت الخلافات بغضب الزوج العصبي، وعودته إلى القاهرة بمفرده، بينما انتظرت تحية أسبوعاً آخر لتكمل بقية التعاقد، ثم لحقت به. وفي القاهرة تصالح العروسان لتبدأ حياتهما الزوجية كأسعد زوجين في الوسط الفني.

انعكست حالة الحب والاستقرار على الزوجين، وإن كان أثر ذلك اتضح بشكل أكبر على كاريوكا، التي انهالت عليها العروض الفنية لدرجة أنها كانت ترفض عدداً كبيراً منها، واضطرت إلى قبول البعض الآخر، في الوقت الذي لم يطلب أحد رشدي من بعد فيلمه الأخير «أولادي»، فاضطر إلى العودة إلى حياة الملاهي والسهر ولعب البلياردو، خصوصاً أن كاريوكا كانت تمضي غالبية وقتها بين البلاتوهات والأستوديوهات، فقد تعاقدت على تقديم عشرة أفلام دفعة واحدة خلال ذلك العام، من بينها «ليلة غرام» مع المخرج أحمد بدرخان الذي شاركها بطولته كل من مريم فخر الدين، حسين رياض، عباس فارس، وماجدة الصباحي، بالإضافة إلى صديقتها سميحة توفيق التي سقطت فجأة أثناء تصوير آخر مشهد لها ونُقلت فوراً إلى أحد المستشفيات الخاصة القريبة من موقع التصوير.

لم يترك رشدي وتحية، صديقتهما سميحة. كانا يتبادلان زيارتها، فقد كانت تحية لا تأمن على وجود رشدي إلى جوار سيدة أخرى سوى سميحة توفيق، كانت تعتبرها مثل شقيقتها وأكثر، فضلاً عن أنها كانت في حالة لا تسمح لرشدي بأن ينظر إليها نظرة إعجاب. استدعى مرضها بقاءها في المستشفي ما يقرب من شهر، لم يمر فيه يوم من دون وجود تحية أو رشدي إلى جوارها، بل دفعا لها مصاريف المستشفى والعلاج.

بعدما استعادت سميحة عافيتها، ساعدتها تحية في الرجوع إلى الشاشة، فبعدما اختارها يوسف شاهين في فيلمه الجديد «ابن النيل» أمام شكري سرحان وفاتن حمامه ويحيى شاهين، رشحتها تحية لتشارك معها في فيلم «فايق ورايق» مع إسماعيل ياسين وكارم محمود، والمخرج حلمي رفله. كذلك دفعت بها لتشارك في أكثر من فيلم لتعوض فترة غيابها، فشاركت سميحة في ما يقرب من ستة أفلام أخرى، فيما حرصت تحية على ألا تتدخل لأجل زوجها رشدي أباظة، حرصاً على كرامته من ناحية ولإيمانها بأنه لا يحتاج إلى مساعدتها لأن لديه موهبة كبيرة تتحدث عن نفسها.

لم ينتظر رشدي الفرصة طويلاً، لتأتيه من صديقه الفنان فريد شوقي، في أول فيلم ينتجه لنفسه، ليقدم نفسه وزوجته من خلاله كبطلين منفردين بالقمة، غير أنه تردد في أن يعرض على رشدي الدور، خشية أن يسيء فهمه:

- أنت بتقول أيه يا فريد. أفهمك أنت غلط.

* أيوا يعني علشان الدور مش أد كدا.

- قصدك صغير يعني.

* لا مش القصد... هو يعني...

- ماتجيبها على بلاطة يا فريد. قصدك تقول إنه دور ولد ابن ذوات عايش على علاقاته بالستات. بس أنا مش كدا يا فريد. أنا صحيح ابن ذوات بس كمان ابن بلد وعمري ما خليت واحدة ست عزمتني على كأس أو حتى جابتلي علبة سجاير.

* الله يخرب عقلك يا أبو الرشد. أنت مخك راح فين... وشرف أمي ما كان قصدي كدا. أنا بس خايف تقلق أن الدور يهز صورتك عند الجمهور. أنت حساس أوي يا رشدي. وبعدين يا سيدي ما أنا هأمشي في نفس طريقك في الفيلم قبلك.

كتب فريد شوقي قصة فيلم «الأسطى حسن» فيما تولى السيناريو والحوار السيد بدير، الذي شارك في بطولته أيضاً، ومعهما كل من هدى سلطان ورشدي أباظة وماري منيب وشكوكو وعبد الوارث عسر، والفنانين الكبيرين حسين رياض وزوزو ماضي، والمخرج صلاح أبو سيف.

دارت أحداث الفيلم حول حسن، العامل البسيط، الناقم على معيشته وعلى ظروفه المادية القاسية رغم أن زوجته وولده يحبانه. في أحد الأيام تحضر إلى الورشة إحدى سيدات المجتمع الراقي التي تعجب به وبفتوته وشبابه، وتدعوه إلى فيلتها لاستكمال وتركيب قطعة ديكور، غير أنها تكون عطشى للحب، وحسن لديه الاستعداد لأي شيء لأجل المال. يتورط معها في علاقة آثمة ويهجر بيته، وتظل زوجته وأهل «الحارة» يبحثون عنه، حتى يعثروا عليه لدى هذه السيدة المستهترة، فيرفض مرافقتهم. لكنه يضطر لاحقاً إلى العودة رغماً عنه بعد أن تجد السيدة من هو أكثر منه قوة وفتوة وشباباً، ومن طبقتها الارستقراطية، وهو الدور الذي يجسده رشدي أباظة، ليكتشف الجميع أنها تعيش في فيلتها مع زوجها القعيد المغلوب على أمره، والذي يضطر إلى أن يقتلها دفاعاً عن شرفه، ويعترف أمام المحكمة بأنه القاتل بعدما كان حسن متهماً بقتلها، وتظهر براءة حسن ويعود إلى أسرته.

شارك رشدي في فيلم «الأسطى حسن»، في الوقت الذي عرض فيه المخرج أحمد كامل مرسي على تحية كاريوكا بطولة فيلم «الأم القاتلة» بدور جديد عليها شعرت بأنه بداية مرحلة جديدة لها، ليبدأ كل من الزوجين مرحلة جديدة بالنسبة إليه، مع بداية العام الجديد 1952.

البقية في الحلقة المقبلة

26 يناير

وفي اليوم السادس والعشرين من يناير من العام نفسه، وفيما كانت كاريوكا تقف أمام الكاميرا تصور دورها في فيلم «الأم القاتلة»، فوجئت بحالة من الهرج والمرج في الأستوديو، وعدد من العمال والفنيين يخرجون مسرعين من موقع التصوير، وتبعهم الفنانون، ليجدوا سحابة ضخمة من الدخان تغطي سماء القاهرة، وفجأة وجدت تحية رشدي أباظة يأتي بسيارته متجها نحوها:

- تحية أركبي... أركبي بسرعة!

* فيه إيه؟ إيه اللي بيحصل يا رشدي مالك؟

- مصر بتولع يا تحية... ولعوا فيها الخونة.

* بتولع إزاي؟ ومين دول اللي ولعوا فيها؟

- لحد دلوقت مش متأكدين مين هم... بس تفتكري مين اللي ممكن يعمل كدا. إلا ملك فاسد عايش على ملذاته... مش فاضي غير لمطاردة الستات في الكباريهات.

* دي مصيبة.. مصيبة يا رشدي.

انطلق رشدي أباظة بسيارته ومعه زوجته تحية كاريوكا، يجوب شوارع القاهرة، بحثاً عن طريق آمن للخروج من وسط الحرائق التي تنتشر في كل مكان، في المحلات التجارية والمقاهي والبيوت، والملاهي والنوادي والفنادق الكبرى، حتى أستوديو التصوير حيث كانت تعمل تحية!

كانت بداية الشرارة الأولى من الإسماعيلية، فقد بدأت المأساة في الثانية من فجر ذلك اليوم 26 يناير 1952، بتمرد عمال الطيران في مطار ألماظة، عندما رفضوا تقديم الخدمات لأربع طائرات تابعة للخطوط الجوية الإنكليزية، تبعها تمرد الشرطة في ثكنات العباسية تضامناً مع زملائهم من ضباط وعساكر الشرطة، الذين تعرضوا للقتل والأسر في اليوم السابق على أيدي جنود الاحتلال في مدينة الإسماعيلية.

سعت بريطانيا إلى مؤامرة جديدة لبث الفرقة بين صفوف المصريين، فقام عدد من عملائها بإشعال النار في كنيسة في مدينة «السويس» أثناء غارة بريطانية على المدينة في 4 يناير 1952، وحاولت بريطانيا إلصاق التهمة بالفدائيين المسلمين لزرع الفتنة الطائفية بين المصريين، واستعداء الرأي العام العالمي على الحكومة الوفدية والفدائيين. لكن ما لبثت التحقيقات أن كشفت مسؤولية جماعة «إخوان الحرية» التي تمولها المخابرات البريطانية عن الحادث.

في صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952، استدعى القائد البريطاني في منطقة القناة البريغادير أكسهام ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذاراً بأن تسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة، بل وعن منطقة القناة كلها، غير أن «المحافظة» رفضت الإنذار البريطاني وقررت عدم الاستسلام.

وقبل غروب شمس ذلك اليوم حاصرت الدبابات والمصفحات البريطانية مبنى محافظة الإسماعيلية بسبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمئة في الثكنات، وثمانين في المحافظة، لا يحملون غير {البنادق} الخفيفة، فما كان من قائد القوات البريطانية إلا أن أعطى الضوء الأخضر لقواته، فدكت مبني المحافظة وثكنات {بلوكات النظام} بالمدفعية ونيران الدبابات وحصدت نيران الرشاشات أرواح رجال الشرطة المصريين، ليكون شهداء الشرطة في الإسماعيلية، الشرارة التي أطلقت الغضب الشعبي في مصر، ليتحول يوم 26 يناير 1952، إلى يوم فارق في تاريخ مصر.

back to top