الحمية الغنيّة بالبروتين مضرة بالصحة
أظهرت دراسة أن تناول كمية كبيرة من البروتين مضر بالصحة بقدر التدخين في حالة مَن بلغوا منتصف العمر.
اكتشف باحثون تتبعوا حالة آلاف البالغين طوال 20 سنة تقريباً أن احتمال الموت نتيجة مرض السرطان يرتفع بنحو أربعة أضعاف لدى مَن يتناولون حمية غنية ببروتينات الحيوانات، مقارنة بمن يتبعون نظاماً غذائياً لا يحتوي الكثير منها.يوازي خطر الإصابة بالسرطان هذا الخطر الناجم عن تدخين 20 سيجارة كل يوم.
أظهرت دراسات سابقة الرابط بين السرطان واللحم الأحمر. لكن هذه المرة الأولى التي يقيس فيها بحث خطر الموت نتيجة تناول كمية كبيرة من البروتين بانتظام.لطالما ركّزت النصائح الغذائية على الحد من الدهون والسكر والملح. لكن منظمة الصحة العالمية أصدرت أخيراً توصية بضرورة خفض التوجيهات المرتبطة باستهلاك السكر، فضلاً عن تعزيز التحذيرات من الإفراط في استهلاك البروتين.داء السكريكشفت الدراسة الأميركية أن احتمال الموت نتيجة أي سبب، خلال فترة الدراسة، كان أعلى بنحو 74% بين مَن يستهلكون كمية عالية من البروتين، مقارنة بمن يحدون من تناولهم منه. كذلك تبين أن احتمال وفاتهم نتيجة الداء السكري كان أعلى بأضعاف. لكن هذا الميل يتراجع، على ما يبدو، في حالة مَن تخطوا سن الخامسة والستين، حسبما لاحظ الباحثون.باتت خطط الغذاء الغنية بالبروتين، مثل حمية أتكنز، رائجة في السنوات الأخيرة بسبب قدرتها على خفض الوزن.لكن هذا البحث، الذي أُجري أخيراً في جامعة جنوب كاليفورنيا، يُظهر أن مَن يتبعون حميات مماثلة قد يؤذون أنفسهم على الأمد الطويل.يذكر الدكتور فالتر لونغو من الجامعة ذاتها: {نقدّم أدلة مقنعة على أن الغذاء الغني بالبروتين، وخصوصاً البروتين الحيواني، مضر بالصحة تماماً كالتدخين}. يعرّف الباحثون النظام الغذائي {الغني بالبروتين} بأنه كل نظام غذائي يستمد 20% على الأقل من سعراته الحرارية اليومية من البروتين. وينصحون باستهلاك نحو 0.8 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم كل يوم عند بلوغ منتصف العمر. ويعني ذلك أن مَن يزن 57 كيلوغراماً يجب أن يتناول نحو 45 إلى 50 غراماً من البروتين يومياً، علماً أن شريحة لحم وزنها 300 غرام تحتوي على 77 غراماً من البروتين.مشتقات الحليبعلى غرار اللحوم الحمراء، تُعتبر مشتقات الحليب التي تحتوي كميات كبيرة من البروتين خطرة أيضاً، وفق الباحثين. فيضم كوب الحليب (200 مليلتر) 12% من الكمية الموصى بها يومياً، في حين أن 40 غراماً من شرائح الجبن تحتوي على 20%.يُعتبر الدجاج، السمك، البقول، الخضر، الجوزيات، والحبوب مصادر بروتين أقل ضرراً. فإن قطعة من صدر الدجاج أو السلمون تحتوي على نحو 40% من كمية البروتين الموصى باستهلاكها يومياً.تذكر الدكتورة إيلين كريمينز، باحثة شاركت في هذه الدراسة التي نُشرت في مجلة Cell: {يظهر هذا البحث أن اتباع نمط غذاء لا يحتوي الكثير من البروتين في منتصف العمر يساهم في الحد من مرض السرطان والموت عموماً}. وتضيف: {لكننا نقترح، أيضاً، أن من الضروري مع التقدم في السن تفادي نمط غذاء لا يحتوي كميات كافية من البروتين للحفاظ على وزن صحي وحماية الجسم من الوهن والضعف}.يؤكد الخبراء البريطانيون أن الأبحاث برهنت أن الحد من تناول اللحوم الحمراء يخفض خطر الإصابة بالسرطان. إلا أنهم يشددون على أن اتباع نظام غذائي متوازن يبقى الخيار الأفضل.يذكر الدكتور غونتر كوهنل، عالم تغذية في جامعة ريدينغ: {صحيح أن هذه الدراسة تقدّم بعض الأفكار المثيرة للاهتمام عن الروابط بين تناول البروتين والوفاة... لكن المقارنة بين تأثيرات التدخين وتناول اللحوم والجبن خاطئة، لا بل خطيرة}.يشير كوهنل إلى أن الإدلاء بتصريحات مماثلة {قد يلحق الضرر بفاعلية رسائل بالغة الأهمية في الصحة العامة}. ويضيف: {يظن المدخن: لمَ أتكبد عناء الإقلاع عن التدخين، إذا كانت اللحوم والأجبان تسبب لي الضرر ذاته؟}.يوضح البروفسور نافيد ساتار، خبير في الطب الأيضي في جامعة غلاسكو، أن تأثير البروتينات المحدود في حالة المسنين يعود على الأرجح إلى {بقاء الأفضل}، بما أن مَن يعيشون فترة أطول يتمتعون عموماً بصحة أفضل.تتحكم البروتينات في هرمون النمو IGF-I، الذي يساعد الجسم على النمو، إلا أنه يرتبط باحتمال الإصابة بالسرطان. يشير البروفسور تيم كي، عالم أوبئة في مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة: {من الضروري إجراء المزيد من الأبحاث للتأكد من أي رابط بين تناول مَن بلغوا منتصف العمر غذاء غنياً بالبروتينات وارتفاع خطر وفاتهم نتيجة إصابتهم بالسرطان}.