هل ستكون إيران قدر كردستان الثالث؟

نشر في 23-11-2013
آخر تحديث 23-11-2013 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر إن وجود وفد إيراني في إقليم كردستان، بالتزامن مع المفاوضات الجارية بين الأحزاب الكردستانية لتشكيل الحكومة القادمة، يشير إلى الدور الذي تأمل إيران ممارسته في السياسة الداخلية للإقليم، بعد أن حازت الأحزاب الكردية المقربة منها أصواتا تؤهلها للدخول وبقوة في الحكومة الكردستانية القادمة.

إن كانت أميركا وإيران هما قدرا الحكومة العراقية في المركز منذ 2003 حتى يومنا هذا، فإن لإقليم كردستان أقدارا سياسية كثيرة لا يمكن التغافل عنها، فمع القدر الأميركي والتركي يظهر هناك قدر ثالث يلوح في الأفق مخالف لهما، وهو القدر الإيراني الذي قد يكون مصيرا أسود إن لم نحسن التصرف معه في كردستان.

ففي الوقت الذي استطاع فيه إقليم كردستان تحويل الهيمنة الأميركية والتركية إلى تنسيق سياسي واقتصادي يصب في مصلحة كل الأطراف، عمد إلى إبقاء مسافة معينة في العلاقات بينه وبين إيران، والاقتصار على علاقات يمكن وصفها بالجيدة معها، وكان رد الفعل الإيراني على ذلك هو محاولاتها إضعاف النفوذ السياسي الكردي عراقيا، من خلال دفع حكومة المركز إلى إثارة المشاكل مع الإقليم، وكذلك مد الجسور مع بعض الأحزاب الكردية، التي تمتلك ثقلا جماهيريا في المناطق المحاذية لها، بغية شق الصف الكردي مستغلة المنافسة الحزبية بين هذه الأحزاب والحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب الأغلبية في الحكومات الكردية المتعاقبة).

كنا قد دعونا في مقالات سابقة حكومة كردستان إلى إقامة علاقات متميزة مع الجانب الإيراني، بالتوازن مع علاقاتها مع تركيا، وقد حان الوقت الآن لأخذ هذا المقترح على محمل الجد وذلك للأسباب التالية:

1- الأحداث الأخيرة تشير إلى أن المجتمع الدولي رضخ ضمنياً للقبول بإيران كقوة اقليمية لا يستهان بها وكدولة لها طموح وأجندات بعيدة المدى عكس دول إقليمية أخرى أثبتت قصر نظرها السياسي على غرار تركيا وبعض الدول العربية، وقد تمثل البروز الإيراني هذا في الموقف الأميركي الأخير حيالها، سواء في الأزمة السورية أو في ملفها النووي... لذلك فمن مصلحة الإقليم إقامة علاقات متميزة معها جنباً إلى جنب مع علاقاته مع دول المعسكر المضاد.

2- إن دخول الأحزاب الكردستانية القريبة من إيران للحكومة الجديدة في الإقليم، ووجود علاقات متميزة بين تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب الأغلبية في البرلمان) يشير إلى أن الحكومة الكردية القادمة ستكون ذات علاقات خارجية غير متجانسة تؤثر فيها أجندات ومصالح هذه الدول أكثر من مصالح الشعب الكردي، ما لم يتدارك حزب الأغلبية (الحزب الديمقراطي الكردستاني) هذه الثغرة السياسية، وعليه فإن الانفتاح على إيران يمكن أن يكون من المهام الملحة لتشكيل حكومة تواجه التحديات بشكل مشترك، منطلقين من مصالح الشعب الكردي لا إرادات هذه الدولة أو تلك.

3- وجود علاقات مركبة لحكومة إقليم كردستان مع كل من تركيا وإيران سيعطي الإقليم مساحة كبيرة للمناورة بين دور الدولتين في المنطقة، ليمثل أوراق ضغط على الطرفين، حسب المعطيات الكردية، خصوصا على الجانب التركي الذي لا يمتلك الإقليم حالياً أي أوراق ضغط عليه بعد فقدان ورقة "حزب العمال الكردستاني".

4- الانفتاح على إيران سيؤدي إلى انسجام أكثر في الملف الكردي في كل من كردستان تركيا وسورية، بعد أن شهدت العلاقات الكردية الكردية أخيراً في الإقليم وخارجه بعض التوتر بدفع إيراني سوري مشترك.

5- إن التوجه نحو المعسكر الإيراني بعمقه الروسي الصيني سيعطي للإقليم مساحة مناورة أكبر مع المعسكر الأميركي الغربي، يمكن من خلالها تسجيل الكثير من النقاط لمصلحة الطموحات القومية للشعب الكردي على الصعيد الدولي.

6- إقامة علاقات قوية مع إيران ستؤدي في المحصلة إلى تعزيز موقفها السياسي في الداخل العراقي، وستضعف رهان الحكومات العراقية على الدعم الإيراني لها إزاء الملفات العالقة مع الإقليم.

مثلما تمكن الإقليم (إلى حد ما) من شراء الموقف السياسي التركي تجاه الكثير من القضايا الكردستانية بإقامة علاقات اقتصادية معها... يمكن ممارسة السياسة عينها مع إيران، التي تعاني أساسا مشاكل اقتصادية كبيرة على اثر الحصار الدولي عليها، وإذا أخذنا بعين الاعتبار التوجه الدولي الحالي في تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران فقد يتمكن الإقليم من التعامل مع إيران في الملف النفطي بنفس الصيغة التي تعامل بها مع تركيا، بحيث يمكن أن يصل إلى مد أنبوب نفطي من حقول كردستان وخلال الأراضي الإيرانية إلى موانئها على الخليج العربي، ما سيفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الطرفين قد تكون لها نتائج مثمرة على الموقف الكردي بشكل عام في المنطقة.

* كردستان العراق – دهوك

back to top