دقات قلب

نشر في 25-11-2013
آخر تحديث 25-11-2013 | 00:01
 د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب لكل منّا عذاباته، لحظات ألم مفزعة تتركنا في ظلام لا نعرف كيف نتعامل معه، ولكن قلة من البشر يتلمسون الطريق في هذا الظلام محولين لحظة الألم إلى لحظة أمل وذاك الفزع إلى أمان ورحمة وعطاء. تارا تورج هي واحدة من هؤلاء البشر المختلفين، حين استطاعت أن تحوّل فقد ابنتها الصغيرة إلى حياة، حين نقلت الألم إلى موقع أمل، فأنقذت عدداً من البشر بمَن فيهم نفسها وزوجها على إثر وفاة صغيرتها.

تارا كانت في رحلة تزلج مع ابنتها تايلور حيث تعرضت الأخيرة ذات الثلاثة عشر عاماً إلى حادث اصطدام بشجرة سرعان ما تركها متوفاة دماغياً. حين أبلغ الأطباء الوالدة والوالد بهذا الخبر المحزن أرفقوه بسؤال حول رغبتهما في التبرع بأعضاء ابنتهما. تقول الأم تارا إن القرار كان سهلاً، لم يتردد الوالدان لحظة، فصغيرتهما كانت طفلة معطاءة، وذاك تحديداً ما كانت هي لتختاره.

في ذلك الوقت كانت السيدة باتريشيا وينترز تعاني تضاعفات خطيرة في عمل قلبها تركها خائرة القوى معظم وقتها تستشعر قرب نهايتها. جاء قلب تايلور في اللحظة الأخيرة ليعطيها فرصة جديدة في الحياة تنعم فيها بقرب ولديها الصغيرين. طبعاً، تمت عملية التبرع بسرية تامة، إلا أن المصادفة أتاحت للطرفين أن يتعرّف بعضهما على بعض حين قرأت باتريشيا مقالاً عن تبرع الصغيرة بقلبها لمريضة قلب، فاستنتجت أن قلب هذه الصغيرة هو الذي يسكنها. وفي تلك الأثناء، بحثت الأم كثيراً على الإنترنت في محاولة غاية في العذوبة والألم والروعة للقاء حاملة قلب ابنتها، لتسمعه مرة أخرى، لتستشعر صغيرتها مرة أخيرة.  ولقد جاء اللقاء مليئاً بالحب والألم والأمل. في آخره، طلبت الأم من باتريشيا أن تسمح لها بالاستماع لدقات قلب ابنتها. تقول الأم إنها ما إن وضعت رأسها بالقرب من صدر باتريشيا حتى أعطى القلب نبضة قوية تبعها بأخرى. تقول باتريشيا إنها صَلَّت للأم وابنتها بشيء من الوصال، فكان أن أعطت الابنة للأم علامة وجودها، هكذا على الأقل قرأت تارا وباتريشيا هذه النبضة المضاعفة. ولمرة أخيرة، كان للأم أن تستمع لنبضات قلب صغيرتها، لمرة أخيرة كان لها أن تقترب منها وتستشعر قيمة مضاعفة لحياتها. فتايلور لم تنقذ بأعضائها باتريشيا فقط ولكن أربعة آخرين ممن تلقوا أعضاء الصغيرة، فمنحتهم الصحة والحياة ليستكملوا مشواراً أبت الأقدار على الصغيرة أن تستكمله وأبت هي ووالدتها ووالدها أن يستسلموا لهذا الحرمان، فكان أن استكملت حياتها من خلال خمسة أشخاص، فيا لها من حياة مليئة عامرة مفعمة المعنى.

في الكويت لدينا الجمعية الكويتية للتبرع بالأعضاء، أنا وغيري الكثيرون أعضاء قدماء بين متبرعيها، هي جمعية تمنح الحياة ليس فقط لمتلقي التبرع ولكن للمتبرع كذلك، هذا الذي تنتهي حياته في لحظة، فيمدها لسنوات، منقذاً حياة أخرى، لربما لطفل صغير، أو لأم أو أب يرغبون في استكمال مشوارهم مع أبنائهم الصغار، أو لرجل أو امرأة كبيرين يجدد لهما التبرع الحياة والقوة ليحييا السنوات الأخيرة في شيء من الراحة والسلام. فهل هناك أعظم من التبرع بالأعضاء كعمل إنساني يسمو به الإنسان فوق الموت، يصارع به هذا الفناء الذي نخافه جميعاً وننتظره لا محالة، يضاهي به القدر القاسي فيجبره على شيء من الرحمة والسلام؟ تقدموا اليوم بطلب التبرع بالأعضاء في الجمعية الكويتية التي مقرها منطقة الروضة، واحملوا معكم أينما كنتم هذه البطاقة الصغيرة التي تشير إلى كونكم متبرعين، فنحن في سباق دائم مع القدر، فإذا حل علينا، صددنا قسوته بهذه اللفتة الرحيمة، ولطفنا البعد وخففنا ألم الغربة بهذا الاستمرار لشيء منا. ليس هناك من شيء أكثر إنسانية ورحمة ونبلاً، فتبرعوا ولنجعل لفنائنا معنى نتحداه به.

خبر قصة تايلور تجدونه على الرابط التالي:

http://www.today.com/id/39456266/#.UpCdnDbfrIU

وهذه هي الصفحة الإلكترونية التي كونها والدا تايلور لإرشاد الناس حول التبرع بالأعضاء:

http://taylorsgift.org/

back to top