طهران تحيي ذكرى «السفارة» وروحاني غير متفائل بالمفاوضات
حرق أعلام وسحل دمى لأوباما... وجليلي يؤكد أن «شعار الموت» ليس للشعب الأميركي
قبل أيام من انطلاقها، تلقت المفاوضات النووية الإيرانية طعنة نافذة أمس من الرئيس حسن روحاني، سبقتها ضربة مماثلة من مرشد الثورة علي خامنئي بإعلانهما عدم التفاؤل بنتيجة المحادثات المقرر بدؤها الخميس مع الدول الكبرى، في وقت أحيا الآلاف الذكرى الـ34 لاقتحام السفارة الأميركية في طهران على وقع هتافات «الموت لأميركا».
في مؤشر قوي على العقبات الهائلة التي تعترض المبادرة الدبلوماسية للرئيس حسن روحاني لتهدئة التوترات مع واشنطن، أحيا آلاف الإيرانيين أمس ذكرى اقتحام السفارة الأميركية في طهران على يد طلاب إسلاميين قبل 34 عاماً واحتجازهم 52 دبلوماسياً رهائن خلال 444 يوماً للتنديد بدخول الشاه السابق للمستشفى في الولايات المتحدة والمطالبة بإعادته وكذلك للاحتجاج على «التدخلات» الأميركية في الشؤون الإيرانية.وشارك في احتفالات هذه الذكرى، التي لوحظ ان التعبئة لها كانت أكبر من السنوات السابقة، عدد من الشخصيات المحافظة في عدادهم قائد الباسيج (الميليشيا الإسلامية) محمد رضا نقدي وكذلك أحد نواب الرئيس إضافة إلى عدد من وزراء حكومة روحاني.وجرت تظاهرات أخرى في مدن عدة من البلاد بحسب الصور التي بثها التلفزيون الرسمي، بينما حمل المتظاهرون في طهران رسوماً تمثل الرئيس الأميركي باراك أوباما وأحرقوا أعلاما أميركية وإسرائيلية هاتفين أيضاً «الموت لإسرائيل».وكر الجواسيسوأدت عملية اقتحام السفارة الأميركية، التي جرت يوم 4 نوفمبر عام 1979، إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وبات مبنى السفارة السابق الذي سمي بـ»وكر الجواسيس» مركزاً ثقافيا يديره الباسيج ويضم متحفاً يعرض «الجرائم» الأميركية بحق إيران.وفي إشارة إلى عمليات التنصت الأميركية الأخيرة في سائر أرجاء العالم، قال المفاوض النووي المتشدد السابق والمرشح المحافظ إلى الانتخابات الرئاسية في يونيو سعيد جليلي خلال مشاركته في فعاليات الاحتفال، إن «شعار الموت لأميركا ليس موجهاً إلى الشعب الأميركي بل إلى الحكومة التي تقمع الشعوب الأخرى»، مضيفاً: «لقد قلنا للعالم قبل 34 عاماً إن السفارة الأميركية كانت مكانا للتجسس والتآمر، واليوم حتى أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة وصلوا إلى الاستنتاج نفسه».ولتجسيد هذه الفضيحة تظهر لافتة بعنوان «خيانة الشيطان» المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تحمل بيدها هاتفاً جوالاً. كما أكد جليلي دعمه أيضاً للحكومة وفريق المفاوضين الجديد للدفاع عن «حقوق إيران» في المجال النووي «في وجه عدوانية الأعداء».تشاؤم روحاني وبينما ستتواصل المفاوضات بين الدول الكبرى وإيران حول البرنامج النووي الإيراني هذا الأسبوع في جنيف، رفع المتظاهرون مجسمات لأجهزة طرد مركزي تستخدم لتخصيب اليورانيوم، في إشارة إلى «صمود الأمة أمام العقوبات» كما كتب على إحدى اللافتات.وأعلن روحاني، عند استقباله وفداً من النواب الإيرانيين أمس أن حكومته «غير متفائلة» بنتيجة المفاوضات حول الملف النووي مع القوى الكبرى التي ستستأنف الخميس في جنيف، مشدداً على ضرورة عدم التسلح بالأمل لتسوية المشاكل الناجمة عن العقوبات الاقتصادية الغربية.ومع تزايد نقد المتشددين في إيران لمواقف روحانى، الذي وصفوه بالمستسلم ومكالمته في سبتمبر الماضي للرئيس الأميركي بـ»خيانة دبلوماسية»، عبر الزعيم الإيراني آية الله علي خامنئي أمس الأول عن مساندته القوية للمفاوضين الإيرانيين في تحذير على ما يبدو للمتشددين.وقال خامنئي، في كلمة عشية ذكرى اقتحام السفارة الأميركية، «لا ينبغي لأحد أن يتهم مفاوضينا بالتفريط. مهتمهم صعبة ويجب ألا يقوم أحد بإضعاف مسؤول منهمك في عمله».وتنفيذا لطلب خامنئي، أكد رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء حسن فيروزابادي دعمه للفريق الذي يتولى مهام المفاوضات النووية. وقال، في كلمة بملتقى القيادة وإدارة شؤون الأمن بطهران أمس، «كما أعلن قائد الثورة عن دعمه فاننا ندعم أيضاً المفاوضين النوويين للجمهورية الإسلامية»، منبهاً إلى ضرورة تحليهم بالوعي واليقظة في المفاوضات وألا يثق بابتسامات الأعداء بل يجب النظر بدقة إلى حقيقة سلوكهم».تعاون استخباريعلى صعيد آخر، أثنى السفير الإيراني في تركيا علي رضا بيكديلي أمس على العلاقات الاستخبارية بين البلدين، معتبراً أنها في وضع جيد جداً، وقال لصحيفة «حرييت» أمس إن «التعاون الاستخباراتي بين البلدين هو على المستوى الذي يجب أن تكون عليه العلاقات بين بلدين جارين في وجه القوى الغربية وإسرائيل»، وجاء ذلك بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى اسطنبول ولقائه المسؤولين الأتراك ولاعلان عن بواد تقارب إيراني ـ تركي بخصوص عدد من الملفات الإقليمية.وسأل بيكديلي: «لمَ لا يرغبون بتعاون وكالات الاستخبارات التركية والإيرانية؟ يتوقعون أن تتعاون تركيا بشكل جيد مع سي آي إيه والموساد. التعاون بين وكالات الاستخبارات التركية والإيرانية مستمر وهكذا يجب أن يكون وسيكون كذلك».غير أن بيكديلي رفض التعليق على تقارير حول تسليم تركيا لإيران لائحة بأسماء جواسيس جندهم «الموساد»، قائلاً إنه يشغل منصبه منذ 7 أشهر والقضية تعود إلى أكثر من سنة «وليس لديّ معلومات عنها».(طهران، أنقرة، تل أبيب -أ ف ب، رويترز، د ب أ)