لماذا أسيء تقدير الموقف الفرنسي حيال إيران؟

نشر في 21-11-2013
آخر تحديث 21-11-2013 | 00:01
تسلم الرئيس الايراني الجديد وجماعته السلطة منذ 3 أشهر واختار العديد من أعضاء المجتمع الدولي التغاضي عن سجل ايران المستمر في الإرهاب والخداع، أو أنهم خُدعوا بتأثير «حملة السحر» من قبل روحاني ووزير خارجيته المعسول اللسان جواد ظريف.
 ريل كلير يعرف عن النظام الإيراني والمدافعين عنه تمتعهم بذاكرة طيبة (وانتقائية) خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتجميع قائمة من الأشياء المعينة التي يستهدف استخدامها ضد خصومهم. وطوال سنوات تم تحريف الانتقادات المتعلقة ببرنامج إيران النووي ورعاية طهران للإرهاب، وجرى تبرير نشاطات إيران على أنها تأتي في صورة ردات فعل للأحداث المؤلمة التي عانتها بلادهم في الماضي، على يد أطراف مثل وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، أو شركة النفط "الأنغلو- إيرانية". وغالباً ما يتعرض نقاد النظام الإيراني وسلوكياته ولغته المنمقة وسياساته، لهجمات تمس دوافعهم وسماتهم. وعلى سبيل المثال اعتاد النظام وأنصاره على وصف معارضي البرنامج النووي الإيراني بأنهم "دعاة حرب"، و"صهاينة"، و"محافظون جدد"، و"عنصريون"، أو بخليط من ذلك كله.

لذلك لم يكن مستغرباً أن يأتي رد النظام الإيراني وحلفائه على الانهيار الأخير في محادثات (خمسة زائد واحد) في جنيف بتوجيه اتهامات قاسية وغير لائقة ضد ما قيل عن الموقف الفرنسي الصامد ووزير خارجيتها لوران فابيوس من بينها مزاعم بالعنصرية ورهاب الأجانب.

وبدت الحملات ضد فرنسا مضللة وغير مهذبة. ففي حقيقة الأمر، لم يكن تدخل فرنسا في المناقشات ومشاركتها في صياغة النص النهائي أمراً مفاجئاً بالنسبة للمتابعين للمحادثات المتعددة الأطراف بشأن برنامج إيران النووي. وقد عرف عن الدبلوماسيين الفرنسيين أنهم من الخبراء اليقظين في مجالات الانتشار النووي الذين يلجأون إلى تضمين أسلوب تقني وعلمي خاص في عملهم الدبلوماسي الذي يشاركون فيه.

بواعث فرنسا

من الأمور العبثية إطلاق حملة تشكيك سرعان للمساس ببواعث فرنسا، وذلك في ضوء سجل إيران المتخم بالتلاعب الممتد لعقود طويلة. ويعتبر فابيوس نفسه في موقع فريد يمكنه من تقييم التهديد الإيراني، لأن مدة عمله الطويلة في الحكومة تصادفت مع فترة شهدت اتساعاً قوياً لأنشطة إرهابية إيرانية مباشرة أو بالوكالة واستهدفت مواطني فرنسا ومصالحها. وقد خدم فابيوس في مراكز متعددة في الحكومة الفرنسية خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، بما في ذلك منصب رئيس الوزراء.

خلال هذه الفترة كانت إيران والجماعات التي تعمل بالوكالة لمصلحتها مسؤولة عن سلسلة من الأعمال القاتلة وغير المشروعة بما في ذلك اختطاف ما لا يقل عن 15 مواطناً فرنسياً في لبنان خلال في الفترة بين عامي 1982 و1992، إضافة إلى اختطاف طائرات تابعة للخطوط الجوية الفرنسية "إير فرانس" في الفترة بين عامي 1983 و1987، واغتيالات متعددة، ومحاولات اغتيال جرت في فرنسا ضد إيرانيين في المنفى وأعضاء في المعارضة، وطبعاً تفجير الثكنات الفرنسية في سنة 1983 الذي أودى بحياة 58 من المظليين الفرنسيين، وكانت تلك أسوأ خسارة عسكرية فرنسية منذ انتهاء الحرب الجزائرية.

حملة السحر

ومن الواضح أن التجربة- وليس العنصرية- هي السبب الأكثر احتمالاً وراء عدم ثقة باريس في المفاوضين الإيرانيين في جنيف. والسؤال الواقعي في تلك الحالة هو ما سبب عدم الحديث عن شكوك مماثلة من جانب العديد من الدول الأخرى، خصوصاً الولايات المتحدة، التي تأثرت بصورة مماثلة بعمليات الإرهاب والاختطاف وزعزعة الاستقرار من جانب إيران؟

تسلم الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني وجماعته السلطة منذ أكثر من ثلاثة أشهر واختار العديد من أعضاء المجتمع الدولي التغاضي عن سجل ايران المستمر في الإرهاب والخداع، أو أنهم خدعوا تحت تأثير "حملة السحر" من قبل روحاني ووزير خارجيته المعسول اللسان محمد جواد ظريف.

الحقيقة الجلية هي أن النظام الايراني ممثل سيئ منذ زمن طويل على الصعيدين الدولي والداخلي. وقد يختلف روحاني وظريف من وجهة مهنية وبلاغية عن سابقيهما، لكنهما من دون شك من الضالعين في نظام خدع علانية المجتمع الدولي طوال سنوات، وانتهك بصورة منهجية القانون الدولي، وهدد دولاً ذات سيادة بالإبادة وقتل المئات من الجنود الأميركيين.

بعد 34 سنة من العداء يتعين على المجتمع الدولي أن يطالب إيران بأكثر من مجرد 100 يوم من البلاغة قبل أن يذعن لاتفاق لا يخفف بصورة تامة من الخطر النووي الإيراني. وبشكل أكثر تحديداً يتعين على مجموعة (خمسة زائد واحد) أن تطالب على الأقل بإذعان ايران للمطالب المتعلقة بتعليق كل عمليات التخصيب ذات الصلة- وهو مطلب كانت مجموعة الـ5 قد كرسته في قراراتها في مجلس الأمن.

إن إيران هي أبرز دولة في العالم ترعى الإرهاب ويمثل برنامجها النووي أكبر خطر على نظام منع الانتشار النووي. ويجب على بقية أعضاء دول (خمسة زائد واحد) الوقوف إلى جانب فرنسا من أجل ضمان التنفيذ التام لتفويض مجلس الأمن لتحقيق الاستقرار والسلم الدوليين.

التجربة هي أفضل معلم في الحياة، ومن الواضح أن الأمر يتطلب أكثر من 100 يوم بالنسبة إلى فابيوس والفرنسيين لتجاوز التجارب المؤلمة للإرهاب والاختطاف والقتل من جانب إيران. مرحى ولحسن الحظ، أن الفرنسيين لديهم أيضاً ذكريات طويلة، وربما تمكنوا من انقاذ المجتمع الدولي من ارتكاب خطأ فادح.

Nathan Carleton و David Ibsen

back to top