أكاذيب أوباما أدت إلى انعدام الثقة عالمياً

نشر في 29-04-2014 | 00:01
آخر تحديث 29-04-2014 | 00:01
 مايكل غودوين عندما كنت صحافياً يافعاً، عبّرت ذات مرة عن صدمتي حين اكتشفتُ أن مسؤولي الحكومة يكذبون على الصحافة باستمرار وبكل مرونة، فسمعني صحافي مخضرم مصادفة، فابتسم ونصحني بألا اعتبر هذه المسألة شخصية.  سألني الصحافي العظيم الرحال موراي كمبتون: "لمَ عساهم يترددون في الكذب عليك... إذا كانوا يكذبون على أنفسهم طوال الوقت؟".

تذكّرت كلماته هذه بينما كنت أقرأ عن جولة الرئيس باراك أوباما في آسيا، فقد أعلن البيت الأبيض أن الرئيس سيخبر حلفاءنا وجهاً لوجه أن الولايات المتحدة ملتزمة أكثر من أي وقت مضى بأمنهم وازدهارهم.

في الأحوال العادية، تُعتبر هذه الجولة وهذا التعهد بالغَي الأهمية بالنسبة إلى اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، التي تشعر بالقلق حيال التجارة وخطوات الصين العسكرية العدائية. لكننا لا نعيش اليوم في ظل ظروف طبيعية، ولا يُعتبر باراك أوباما رئيساً عادياً.

يجب ألا ننسى أن ثلاث سنوات مرت منذ إعلان أوباما للمرة الأولى "الاستدارة" نحو آسيا كجزء من عملية إعادة موازنةٍ استراتيجية للمصالح الأميركية. ولكن اتضح اليوم أن هذا الوعد فارغ. ولا تُعتبر آسيا الوحيدة التي تشعر أنها خُدعت.

لنسأل السوريين عن وعد أوباما بالتحرك في حال تجاوزت حكومتهم "خطه الأحمر" واستخدمت الأسلحة الكيماوية. لنسأل الإسرائيليين، السعوديين، الأردنيين، وغيرهم في الشرق الأوسط عن تعهد أوباما بألا تسمح الولايات المتحدة لإيران مطلقاً بتطوير سلاح نووي، أو لنسأل الأوكرانيين عن تعهده بالوقوف إلى جانبهم خلال قتالهم في سبيل الديمقراطية وتصديهم لفلاديمير بوتين.

نقر بأن هذا التعهد الأخير لم يكن في الواقع كذبة بقدر ما هو دعابة سيئة. فقد تبين أن أوباما قصد بكلمة "مساعدة" أننا سنُرسل إلى الجيش طعاماً وجوارب سميكة، لا أسلحة أو معلومات تساعد جيش أوكرانيا الضعيف. لو كان هذا كل ما قام به الرئيس الأميركي لنشر عدم الثقة لاعتُبر كافياً. ولكن لم يكن الأجانب الوحيدين الذين تعرضوا للخداع، فالأسوأ من ذلك أن أوباما يكذب على إخوانه الأميركيين باستمرار.

لعل أكثر كذباته سوءاً ادعاؤه أن الأميركي يستطيع في ظل برنامج أوباما للرعاية "الاحتفاظ بطبيبه، إن كان يروق له". يلي ذلك إصراره (الذي كرره طوال أسابيع خلال حملته الانتخابية) على أن الاعتداء الإرهابي في بنغازي كان نتيجة عفوية لتظاهرة انطلقت احتجاجاً على شريط فيديو مناهض للإسلام. علاوة على ذلك، تُنتهك الوعود المختلفة بشأن تحسين الاقتصاد، وتوحيد البلد، والتعمّق في فضيحة مكتب ضريبة الدخل الأميركي (IRS)، والشفافية باستمرار، حتى إن هذه الانتهاكات ما عادت تُعتبر معيبة. رغم ذلك، يزداد الانطباع أن أوباما هو "الرئيس بينوكيو" انتشاراً على ما يبدو. فقد أظهر استطلاع أجرته شبكة Fox News أن أكثر من 60 في المئة من الناخبين الأميركيين يعتقدون أن أوباما تعمّد أحياناً أو غالباً تضليلهم في مسائل مهمة.

كذلك تعتقد نسبة كبيرة تصل إلى 37 في المئة أنه يكذب في "معظم الأوقات"، في حين يقول 24 في المئة آخرون إنه يكذب "أحياناً". ويعتبر 20 في المئة من الناخبين أنه يكذب "من حين إلى آخر فحسب"، ويصر 15 في المئة على أنه "لا يكذب مطلقاً". حذّر أبراهام لينكولن، الذي يُفترض أنه أحد أبطال أوباما، من التأثيرات السلبية للتخلي عن النزاهة والصدق. فقد أعلن في كلماته الشهيرة: "تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت وكل الناس بعض الوقت، إلا أنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت".

يلخص هذا عموماً وضعنا اليوم، أو بالأحرى وضع أوباما. فبعد مرور نحو ست سنوات على تسلّمه منصبه، يبدو العالم موحداً فحسب في عدم ثقته بكلامه.

حتى بالنسبة إلى مَن يعتبرون، على غرار موراي كمبتون، أن الكذب العلني يبدأ غالباً بخداع الذات، يبدو تأثير ذلك كبيراً. لربما أراد أوباما حقاً التصدي للأسد في سورية أو الملالي الإيرانيين أو بوتين أو الصين، لكن واقع أنه لم يفعل يبقى الأهم.

نتيجة لذلك، لا تزال الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة، إلا أن معظم القوى الشريرة في العالم ما عادت تخشاها.

نشهد اليوم ولادة تاريخ مأساوي. فافتقار القائد الأميركي إلى المصداقية بين الأصدقاء والأعداء على حد سواء يولّد مخاطر لم يسبق لها مثيل. وإذا لم نشهد قريباً مواقف جريئة مفاجئة ورئيساً تشكّل كلمته ضماناً أكيداً، فسيتجه العالم نحو كارثة. وهذه حقيقة لا شك فيها.

* نيويورك بوست

back to top