لا حاجة للتداوي بالخمر في ظل تقدم كيمياء الدواء
السؤال: ما حكم استخدام الخمر في أغراض علاجية؟المفتي: مفتي مصر الأسبق الشيخ جادالحق علي جادالحق.
1.الفتوى: من الثابت في الإسلام أن الخمر رجس محرم قطعا بقول الله تعالى في سورة المائدة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". (المائدة 90)، وقد أبان النبي (ص) في أحاديث كثيرة تحريم الخمر أيا كانت المادة التي أخذت منها، ومن هذه الأحاديث "كل مسكر خمر وكل خمر حرام"، رواه الإمام مسلم في صحيحه.وقوله "ما أسكر كثيره فقليله حرام"، رواه الإمام أحمد وابن ماجه والدار قطني، وقد اختلف فقهاء المذاهب في إباحة التداوي بالمحرم ومنه الخمر، فمنع التداوي بالمحرم فقهاء مذهبي الإمام مالك وأحمد بن حنبل، وأجاز التداوي به فقهاء مذهب الإمام أبي حنيفة في القول المختار وفقهاء المذهب الشافعي في أحد الأقوال وذلك بشرطين أحدهما أن يتعين التداوي بالمحرم بمعرفة طبيب مسلم خبير بمهنة الطب معروف بالصدق والأمانة والتدين. والشرط الآخر ألا يوجد دواء من غير المحرم ليكون التداوي بالمحرم متعينا، ولا يكون القصد من تناوله التحايل لتعاطي المحرم، وألا يتجاوز به قدر الضرورة.هذا وأساس هذه الإباحة الضرورة، لأن صون نفس الإنسان عن الهلاك من الضرورات الخمس التي هي مقاصد الإحكام في الإسلام.وقد استدل الفقهاء الذين أجازوا التداوي بالمحرم عند الضرورة بالشروط السابقة بآيات القرآن الكريم التي أباحت المحرمات عند الضرورة، ومنها قوله تعالى في سورة البقرة "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ". (البقرة 173)، ولما كانت إباحة التداوي بالمحرم حسبما تقدم في قول فقهاء المذهب الحنفي، وقول في مذهب الإمام الشافعي للضرورة، وكانت الضرورة تقدر بقدرها، فإنه ينبغي ألا يتمادى المريض المسلم في تعاطي المحرم استغلالا لحال الضرورة.فإن الله سبحانه يعلم السر وأخفى، هذا وإنه مع التقدم العلمي في كيمياء الدواء لم تعد حاجة ملحة لاستعمال الخمر في التداوي لوجود البديل.