الكويت تفقد العم برجس البرجس

نشر في 15-05-2014 | 00:01
آخر تحديث 15-05-2014 | 00:01
أحد أبرز رواد العمل الخيري والطبي والإعلامي في تاريخ الكويت
فقدت الكويت امس احد رجالاتها البارزين في العمل الانساني والاعلامي، رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر برجس البرجس عن عمر يناهز 83 عاما بعد مسيرة حافلة بالعطاء وخدمة الوطن.

وتولى البرجس رئاسة مجلس ادارة جمعية الهلال الأحمر منذ عام 1994 كما شغل منصب وكيل وزارة الصحة عام 1973 قبل ان ينتقل الى المجال الاعلامي متقلدا منصب رئاسة مجلس الإدارة المدير العام لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» خلال الفترة من 1976 الى 1992.

ونال البرجس أوسمة كثيرة، وكرم من قبل الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليين ومنظمات انسانية ودولية كثيرة، تقديراً لدوره الكبير في خدمة المحتاجين والمنكوبين في العالم.

ويعتبر الراحل أحد الرجالات الذين واكبوا مسيرة نهضة البلاد منذ تأسيسها، كما ساهم في تأسيس وتطوير العديد من مؤسسات الدولة، عبر مسيرة يمكن أن نصفها بسلسلة متصلة من الرحلات التي أورثت صاحبها خبرات قل أن تتجمع لغيره، ما أكسبه رؤية ثاقبة وقراءة واقعية للأمور والأحداث من حوله... رحلات بين الأماكن والأحداث والمراحل الزمنية المختلفة جمع من خلالها أبعاداً متينة بنى عليها، في مختلف المواقف، آراء ووجهات نظر تستند إلى خبرات السنين.

الولادة والنشأة

ولد الراحل بمدينة الجهراء في 21 يناير 1931، في كنف جده لوالدته عثمان الموسى، الا انه نشأ وترعرع في منطقة جبلة على شاطئ البحر وتحديدا في فريج البدر، وكان لديه الكثير من الأصدقاء الذين ينتمون إلى عوائل التمار والبدر والصقر والرشيد والفوزان والملا راشد.

وما بين هذا التردد بين الجهراء والساحل تنوعت ذكرياته بين أحضان نوير الجهراء، حيث ولد وعشق الحياة، والبحر حيث كانت تبدأ رحلات الغوص. كان والده احد النواخذة الذين صالوا وجالوا في مياه الهند خلال الحرب العالمية الثانية، وعندما تأخر والده في الهند، قرر أن يتحمل مسؤولية الأسرة ويطرق باب العمل أثناء عطلة الصيف المدرسية وعمره لمّا يتجاوز بعد الثانية عشرة، فقدم طلبا للعمل محصلا في البلدية، فكان عليه جمع الرسوم من أماكن مختلفة يصعب ارتيادها بالنسبة لطفل صغير وتسليمها للبلدية لقاء راتب 100 روبية شهريا، ما مكنه من شراء احتياجات المنزل وتحسين أوضاع أسرته المعيشية.

الدراسة

بدأ البرجس مرحلة التعليم في حي البدر بجبلة في مدرسة أحمد الخميس بكشك الصقر ولمدة سنة واحدة حتى عام 1941، حيث تلقى دروسا دينية وشيئا بسيطا من الحساب، وكانت الرسوم بين الروبيتين والثلاث شهريا، ثم ذهب، بطلب من والده، الى الملا راشد لعله يلتحق بدائرة المعارف (وزارة التربية حاليا)، فأشار عليه الملا راشد بأن يذهب إلى الملا يوسف القناعي الذي بدوره ارسله الى احمد شهاب الدين ناظر المدرسة المباركية، والذي طلب منه ان يلتحق بالمدرسة الاحمدية، لأنها الاقرب إلى مسكنه، وكان ناظرها المرحوم راشد السيف، فالتحق بمرحلة الروضة فيها، والتي كانت تسمى بـ "التمهيدي" ومكث فيها نحو سنتين، وفي عام 1943 التحق، رحمه الله، بالمدرسة القبلية وكان ناظرها المرحوم عبدالملك الصالح، وفيها انخرط بالنشاط الرياضي، فاشترك في فريق كرة السلة وكان عمره 12 عاما.

القطاع النفطي

في عام 1946 وبعد ان انهى دراسته في المدرسة القبلية، توسط له استاذه صالح الشهاب فعمل في وزارة النفط بوظيفة كاتب، ثم التحق للعمل لدى شركة نفط الكويت بعد ان عينه عبدالرحمن العتيقي مسؤولاً عن النفط بالشويخ وتحديدا على مركب اسمه "تسلة" كان يأتي من عبادان، حيث كان يتولى الاشراف على عملية تفريغ السفينة للبترول في الخزانات ويقوم بقياس النفط فيها حتى اذا امتلأت يعطي الاشارة للمركب بالمغادرة، ليقوم بتسجيل فواتير للسيارات التي كانت تأتي من الاحمدي لأخذ البنزين، وكثيرا ما كان يعود إلى بيته في جبلة سيرا على الأقدام، فيجد كل البوابات مغلقة، وظل، رحمه الله، في هذه الوظيفة حتى اواخر عام 1949، ورغم عمله هذا لم ينقطع العم برجس البرجس عن مواصلة التعلم خاصة اللغة الانكليزية، ثم وسع الدائرة إلى تلقي دروس خصوصية في الرياضيات والتاريخ واللغة والأدب العربي والكيمياء والطبيعة.

وزارة الصحة

ومرة اخرى ساعده استاذه صالح الشهاب على نقله للعمل في ادارة الصحة بقسم المستودع الطبي الذي كان يقع مكان وزارة التخطيط حاليا، وكان ذلك عام 1950، كما عمل مدة عام في المحجر الصحي في المطار، وانتقل بعدها ليعمل في المستشفى الاميري في مخزن الادوية، ثم اميناً لمخزن الغذائيات والبياضيات، وذلك في الفترة من 1951 حتى 1953، ثم انتقل بعدها ليكون امينا لمستشفى الصليبيخات (مستشفى العظام حاليا)، حيث أنيطت به مهمة انشاء المستشفى، فاجتمع مع د. ماكريدي مسؤول المستشفى، وهو اسكتلندي الجنسية، ليبدآ معاً مهمة تأسيس مستشفى العظام الذي بدأ بأربعة اسرّة، ثم زادت الى ثمانية، وفي عام 1954 عاد المرحوم الى المستشفى الأميري بوظيفة أمين المستشفى، كما استمر في عمله مسؤولا في مستشفى العظام، وعند عودته وجد د. احمد الخطيب قد انضم إلى المستشفي الأميري كأول طبيب كويتي وخليجي يحمل مؤهلاً علمياً.

اسندت اليه مهمة تأسيس مستشفى الصباح الذي كان في مراحله النهائية من البناء من قبل الشركة الالمانية، التي وضعت في خطتها ان يستغرق تأسيسه نحو السنتين، وما ان اكتمل بناؤه حتى بدأ المرحوم برجس البرجس والدكتور ماكريدي تنفيذ خطة تأسيس المستشفى، وخلال ثلاثة اشهر تم تجهيز المبنى الرئيس المخصص للجراحة، ومبنى الولادة والاطفال وثلاثة مبان اخرى.

وفي عام 1962 جاء المغفور له الشيخ عبدالله السالم لافتتاح مستشفى الصباح، وهو نفس العام الذي شهد تعيين المرحوم عبدالعزيز الصقر وزيرا للصحة، حيث طلب الصقر ان يكون البرجس مديرا لمكتبه، فوافق رغم حبه للعمل الفني اكثر من الاداري، وتعاون الاثنان بداية على انجاز مشروع التسجيل الصحي، ثم تعاونا مرة ثانية على انشاء معهد للتمريض في الكويت، بعد ان كان التمريض في هذه الفترة قاصراً على الفلسطينيين والمصريين واللبنانيين والهنود، فطرح على العم عبدالعزيز الصقر فكرة انشاء معهد للتمريض حتى يلتحق به الكويتيون فرحب بالفكرة، وسافر المرحوم برجس البرجس الى الاسكندرية لإقناع مديرة المعهد العالي للتمريض هناك بالقدوم إلى الكويت، وبالفعل حضرت وبدأ العمل على قدم وساق حتى تم انشاء معهد التمريض.

استمر المرحوم برجس البرجس سنة وبضعة أشهر في مكتب الوزير، حتى جاء عبداللطيف ثنيان الغانم وزيرا للصحة، فأصبح البرجس مديراً ادارياً ثم اصبح في اكتوبر 1964 وكيلاً مساعداً في وزارة الصحة، وفي أكتوبر 1973 صدر مرسوم أميري بتعيينه وكيلا لوزارة الصحة، إلا انه واجه الكثير من المتاعب والصعوبات بسبب تخلف التشريعات عن تأمين استقرار نفسي للعاملين، وتذمر الجهاز الوظيفي المتضخم من متطلبات التدريب واعتماد معايير الكفاءة والحاجة، وتزايدت المشاكل والعراقيل واستجدت خلافات وصعوبات جعلت من غير الممكن الاستمرار في العمل، فما كان منه الا أن قدم استقالته من منصب وكيل الوزارة عام 1976، ولدى وصول الاستقالة إلى ولي العهد آنذاك الشيخ جابر الأحمد، أرسل إلى البرجس وسأله عن سببها ولم يقتنع بما سمعه، ثم طلب منه أن يعمل لديه في مكتبه، لكنه طلب إعفاءه من هذا الأمر ايضا.

بنك الدم

في عام 1962 لاحظ طبيب اسمه علي انسي ان الدم الذي يأتي من لبنان كان مغشوشا، فبدأ العم برجس البرجس بحملة لجمع الدم من الكويتيين بمشاركة 12 طبيبا كانوا يجتمعون كل ثلاثاء في مختبر المستشفى الاميري، والذي ولدت منه فكرة التبرع، وكان المتبرع يأخذ مكافأة تشجيعية عشرة دنانير وعصيرا، وفي الوقت نفسه تم استيراد الدم من مصر بدلا من لبنان، ومع تدفق المتبرعين، ابتهج الأطباء بحصولهم على دم طازج يفيد المريض، وزيادة على هذا تم تصدير الدم الى الأردن وسورية عام 1973.

الهلال الأحمر الكويتي

كانت فكرة تأسيس جمعية الهلال الأحمر تراود البرجس منذ بداية الستينيات، وفي ديسمبر عام 1965، عقدت 18 شخصية من أهل الخير أول اجتماع تأسيسي لهذا الغرض ووضعت النظام الأساسي لها، وتمت مخاطبة وزارة الشؤون التي وافقت على انشائها وتم اشهارها في يناير عام 1966. وضمت هذه الشخصيات إضافة إلى البرجس: د. إبراهيم المهلهل، خالد يوسف المطوع، سعد الناهض، سليمان خالد المطوع، د. عبدالرحمن العوضي، عبدالرحمن سالم العتيقي، عبدالرزاق العدواني، عبدالعزيز حمد الصقر، عبدالعزيز محمد الشايع، عبدالله سلطان الكليب، عبدالله علي المطوع، عبدالمحسن سعود الزبن، علي محمد الروضان، محمد يوسف النصف، يوسف إبراهيم الغانم، يوسف جاسم الحجي، ويوسف عبدالعزيز الفليج.

ثم بدأ البحث عن مقر للجمعية، ووقع الاختيار على ديوانية الجسار في جبلة لتكون مقرا مؤقتا لسنتين، انتقلت بعده الى المقر الحالي في منطقة الشويخ، ولتنشط الاتصالات بعدها من اجل الانضمام لعضوية الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، واثمرت تلك الجهود بقبول الجمعية عضوا في الاتحاد عام 1968، وخلال هذه الفترة تم انتخاب البرجس عضوا في مجلس الإدارة مرتين، وفي عام 1970 ترشح لمنصب نائب الرئيس حتى عام 1975، حيث أصبح أمين عام الجمعية، وفي عام 1994 تم انتخابه رئيسا للجمعية حتى وفاته رحمه الله.

«كونا»

وفي عام 1976 طلب الشيخ جابر العلي وزير الإعلام، في ذلك الوقت، من المرحوم برجس البرجس انجاز فكرة وكالة الأنباء، الا انه طلب اعفاءه، معللاً ذلك بقلة خبرته في مجال الاعلام، الأمر الذي رفضه الشيخ جابر العلي، كما رفضه الشيخ جابر الاحمد الذي كان وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء، وبعد مهلة تفكير ومع إصرار الشيخ جابر الاحمد على تكليفه بالمهمة، وافق البرجس على المهمة، واجتهد في ان يؤسس وكالة ناجحة وبمساعدة رفيق دربه في الوكالة احمد دشتي صاحب الفضل في ابتكار اسم "كونا"، وتم الاتفاق مع وكالة «D.B.A» الألمانية لتكون مشرفا ومستشارا لوكالة الأنباء الكويتية لمدة عام، حتى استطاعت "كونا" ان تقف على قدمها رغم المصاعب التي واجهتها، وبدأ البث الداخلي ثم الخارجي، وكان بالعربية اولاً ثم بالانكليزية كذلك، وترأس رحمه الله مجلس ادارة الوكالة حتى عام 1992.

انصب تركيزه على الدور الرئيسي الذي كان يقوم به، متطوعا في جمعية الهلال الاحمر ورئيسا لها منذ عام 1994 وحتى وفاته في ايصال المساعدات الانسانية من داخل الكويت وخارجها إلى المناطق المنكوبة بسبب الفيضانات او الزلازل... رحم الله الفقيد وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

الراحل في سطور

الاسم: برجس حمود البرجس حمود السالم البرجس

تاريخ الميلاد: 21-1-1931

أبناؤه: خالد ومحمد وضاري ومها وسحر وعائشة

الدراســـة

• دبلوم إدارة إعلام بالمراسلة من الولايات المتحدة.

• 1955 دورة دراسية بلندن لتعلم اللغة الإنكليزية وإدارة المستشفيات.

• 1960 دبلوم إدارة المستشفيات.

• 1973 زمالة إدارة المستشفيات.

الوظـــائف

• 1946-1949 موظف بشركة النفط.

• 1950-1962 موظف في دائرة الصحة.

• 1962 -1963 مدير مكتب وزير الصحة

• 1963-1964 مدير إداري في وزارة الصحة

• 1964-1973 وكيل مساعد بوزارة الصحة.

• 1973 نائب رئيس جمعية الهلال الأحمر الكويتي

• 1975 أمين عام جمعية الهلال الأحمر الكويتي

• 1973-1976 وكيل وزارة الصحة.

• 1976-1992 رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لوكالة الأنباء الكويتية (كونا).

• 1986-1992 رئيس اتحاد وكالات الأنباء العربية.

• 1994 حتى وفاته رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر الكويتي

أبرز الأعمال التطوعية والخيرية

* في فترة الخمسينيات - تبني مشروع اللقطاء بالمستشفى الأميري حتى انتقال تبعيتهم إلى دائرة الشؤون الاجتماعية.

* في الستينيات - تطوير فكرة إنشاء وحدة للأطفال غير كاملي النمو والمساهمة والمبادرة في إنشاء معهد التمريض، كما تبني مشروع إنشاء بنك الدم بوزارة الصحة.

* إدارة حملات لمكافحة وتطويق الجدري (عام 1968) بالعشيش والصرايف بمناطق الشدادية والوفرة.

* الإشراف على تقديم المساعدات والفرق الطبية التابعة لكل من وزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر الكويتي في أحداث سبتمبر 1970 - الأردن.

* تنظيم فرق جمعية الهلال الكويتي ووزارة الصحة لتقديم المساعدات إلى دول المواجهة بحرب 1973.

* تبني قضية البوسنة والهرسك والاشتراك في إرسال وتوصيل المساعدات ممثلاً لجمعية الهلال الأحمر الكويتي.

* تقديم المساعدات لرواندا عام 1994، وحث الجهات الحكومية والأهلية والتنسيق مع كل من الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وجمعية مسلمي إفريقيا.

* الإشراف على تقديم المساعدات للبنان إثر الظروف التي واجهتها (الحرب الأهلية والاجتياح ومجزرة قانا).

* المبادرة إلى تقديم المساعدات لمتضرري الإعصار ببنغلاديش عام 1997.

عضوية اللجان

•    عضو الاتحاد الدولي للمستشفيات.

•    عضو اتحاد وكالات الأنباء العربية، ورئيس الاتحاد مدة ثماني سنوات متتالية.

•    عضو لجنة رعاية الأيتام بوزارة الشؤون الاجتماعية.

•    عضو لجنة رعاية «ضعاف العقول» عند التأسيس.

•    عضو مؤسس في أول مجلس إدارة صندوق التوفير.

•    عضو لجنة الطوارئ.

•    عضو المجلس الاستشاري للصندوق المركزي للاستجابة للطوارئ CERF.

back to top