بين الفدرالية والكونفدرالية هناك خطوة!

نشر في 26-04-2014
آخر تحديث 26-04-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر يقف إقليم كردستان اليوم على مفترق طرق في علاقته المستقبلية مع بغداد، بعد أن توصل إلى قناعة مفادها أن المشكلة لا تكمن في شخص رئيس الوزراء بقدر ما هي أزمة حضارية نشأ عليها أغلب من في المشهد السياسي في بغداد بمختلف أحزابهم وتوجهاتهم.

فأول ما يفكر فيه من يقود بغداد هو كيفية إحكام قبضته على كل مفاصل الحياة في العراق بدلاً من التفكير في كيفية استقراره وازدهاره، ومن الصعب تغير هذه الثقافة على المدى المنظور... وعليه، فإن إقليم كردستان مطالب بالتعامل مع بغداد بأقصى درجات توخي الحذر بغض النظر عمّن يحكمها. لذلك، فإن أي مفاوضات تُجرى بعد الانتخابات بخصوص تشكيل الحكومة العراقية الجديدة يجب أن تكون وفق ضمانات دولية، وتحت إشراف أممي، ليس باعتبارها اتفاقيات بين أحزاب عراقية لتشكيل الحكومة العراقية، بل لكونها اتفاقيات بين إقليم ومركز.

والاتفاقيات يجب أن تشمل جميع الملفات العالقة منذ 2003 حتى يومنا هذا، إضافة إلى المشاكل التي اختلقها المالكي في الولايتين السابقتين له على النحو التالي:

1- حل مشكلة الموازنة التي تثار سنوياً وتثبيت حصة الإقليم منها لعدم استخدامها كل سنة كورقة مساومة مع الإقليم.

2- الاتفاق على دمج مؤسسة البيشمركة ضمن منظومة وزارة الدفاع العراقية وإعطائها حصتها من الأسلحة التي تتعاقد عليها الحكومة العراقية دفاعية كانت أم هجومية.

3- التوصل إلى اتفاق نهائي لملف النفط الكردستاني وإشراف الإقليم على تصديره حسب توجهات الإقليم.

4- لقد نجح المركز في التسويف والمماطلة عن تنفيذ تعهداته الدستورية حول المناطق المتنازع عليها، وعلى هذا يجب وضع الحكومة العراقية المقبلة أمام مسؤولياتها الدستورية في شأن إنهاء آليات تنفيذ بنود الدستور المتعلقة بهذا الملف.

5- البدء بسياسة الفعل وترك سياسة رد الفعل التي اعتاد عليها الإقليم، فهناك الكثير من الملفات التي يمكن إثارتها لجعل المركز في موقف ردة الفعل ومن بينها:

• تعويض الإقليم عن الأضرار التي تسببت فيها سياسات الحكومات العراقية المتعاقبة عليه، وتعويض الإنتاج النفطي من حقل كركوك التي كان العراق يعتمد عليه طوال سنوات الحرب مع إيران وسنوات الحصار، إضافة إلى تعويض الإقليم عن عائدات النفط منذ تأسيس العراق حتى 2003 وإعطاء حصته حسب النسبة المقررة 17 في المئة.

• إثارة موضوع توزيع وزارات ومؤسسات الحكومة العراقية بين مدن عراقية أخرى، وعدم حصرها في بغداد للحد من سيطرة حكومات المركز المتعاقبة عليها، وبالتالي التقليل من احتمالات نشوء دكتاتوريات جديدة.

• إثارة موضوع عبور النفط العراقي في أراضي الإقليم واحتساب عمولة عليها تسترجع تراكمياً من حصة الإقليم في الميزانية العراقية سنوياً.

• إثارة ملف الماء مع المركز، ليس من أجل استخدامها كسلعة بل كورقة ضغط للحصول على مكاسب سياسية من خلالها.

في حال عدم التوصل إلى اتفاقيات مع الكتلة الفائزة في الانتخابات أو عدم وجود ضمانات دولية لها فلا نرى أن هناك ضرورة لمشاركة الإقليم في تشكيلة الحكومة العراقية، خصوصاً في وجود سيف الحصار الاقتصادي الذي سيرفعه المركز في كل مناسبة ضد الإقليم. فسياسة ترك الأمور للوقت كي يحلها أثبتت فشلها مع بغداد.  وعليه فيجب البحث عن عقد شراكة جديد بين الطرفين، سواء في علاقة فدرالية بمقومات جديدة أو تهيئة وضع مناسب لعلاقة كونفدرالية بينهما، ولكي لا تدخل أربيل في مهاترات سياسية مع المركز في هذين التوجهين، ولمنع اتخاذ الدستور العراقي شماعة لتسويف هذين التوجهين، فإننا نرى أنه لابد من وجود فترة قطيعة كاملة بين أربيل وبغداد يرافقها ضغوط من قبل الإقليم في ملفات الماء وتصدير النفط العراقي عبر كردستان، واستغلال ورقة الموقع الجغرافي لكردستان بالنسبة إلى العراق، لكونه يمثل الرئة التي يتنفس بها العراق على أوروبا وتركيا. إن بقاء القطيعة بين الطرفين لفترة غير محددة من الزمن ستكون ورقة ضغط قوية على بغداد، ويعطي كردستان مكتسبات سياسية كثيرة من بينها:

• يجعل كردستان في حِل من كل المواد المنصوص عليها في الدستور العراقي.

• وفي حال اللجوء إلى خيار الكونفدرالية مع العراق، فإنها تعتبر قفزاً على مبدأ أنه علاقة بين دولتين منفصلتين.

• تعطي المرونة الكافية لكردستان في التعامل مع بغداد بالكيفية التي تستوجبها الظروف الإقليمية مستقبلاً.

• فترة القطيعة بين أربيل وبغداد ستجعل كردستان في حل من ضرورة تغيير الدستور العراقي والإشكاليات الموجودة فيه من أن العراق دولة اتحادية، وتجعل من هذا الدستور خاصاً بالعراق دون أن يكون له تأثير على الجانب الكردستاني. وعليه فالحديث على ضرورة تغيير الدستور للتحول إلى صيغة الكونفدرالية سيصبح ترفاً قانونياً لدى بعض القانونيين العراقيين لا معنى له.

• ستكون هذه القطيعة ورقة ضغط على الدولتين الإقليميتين تركيا وإيران، للضغط على حكومة بغداد في تقبل خيار الكونفدرالية مع كردستان، منعاً لحدوث الأسوأ بالنسبة إليهما، وهو انفصال كردستان الفعلي عن العراق.

* كردستان العراق - دهوك

back to top