عاصفة هوجاء تتجمع قبالة جنوب شرقي آسيا في 2014

نشر في 19-12-2013 | 10:01
آخر تحديث 19-12-2013 | 10:01
«غولدمان» وآخرون يوصون بتعاملات محدودة في أسواق المنطقة
اصطدمت نشوة اختطاف المستثمرين للأسهم في اقتصادات تايلند وإندونيسيا والفلبين بجدار صلب في مايو الماضي، حين أشار البنك المركزي الأميركي إلى إمكانية البدء بانسحاب تدريجي من برنامجه الخاص بشراء الأصول هذا العام.

ارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وعدم اليقين السياسي، والدولار الأميركي القوي – أي واحد من هذه العوامل يمكن أن يعني المتاعب بالنسبة للأسواق الصغيرة المتقلبة في جنوب شرقي آسيا. لكن في عام 2014 ستجد المنطقة نفسها في مواجهة عاصفة عنيفة تجمع كل العوامل الأربعة. وهناك تقابل صارخ بين الوضع الحالي والوضع قبل سنة. في العام الماضي كانت تايلند وإندونيسيا والفلبين تركب موجة عالية، حين كان المستثمرون يختطفون الأسهم في هذه الاقتصادات المدفوعة بالاستهلاك. وعلى خلاف البلدان الآسيوية الشمالية المدفوعة بالتصدير الكثيف، كانت منطقة جنوب شرقي آسيا ملاذاً آمناً نسبياً في أوقات النمو العالمي الضعيف.

واصطدمت هذه النشوة بجدار صلب في مايو الماضي، حين أتى بن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، على ذكر إمكانية البدء بانسحاب تدريجي من برنامج البنك المركزي الأميركي الخاص بشراء الأصول هذا العام. وفي 21 مايو، أي قبل يوم من حديث برنانكي، أقفلت بورصة الفلبين عند رقم قياسي مرتفع، في حين سجلت تايلند أعلى مستوى لها منذ 20 سنة. وقبل يوم من ذلك وصلت إندونيسيا إلى أعلى مستوى لها في التاريخ.

تراجع كبير

وخلال أسابيع عادت الأسواق الثلاثة وتراجعت إلى المنطقة السالبة، ولم يستطع أي منها أن تتعافى منذ أن كُشِفت نقاط الضعف في المنطقة خلال موجة الحديث عن الانسحاب التدريجي أثناء الصيف، التي أضرت بالأسواق النامية على المستوى العالمي.

وبحسب سويك تشينج كوم، رئيسة أبحاث جنوب شرقي آسيا في بنك كريدي سويس للمصرفية الخاصة، فان التقييمات التي لاتزال مرتفعة في المنطقة يرجح لها أن تكون عامل إعاقة حين يبدأ الانسحاب التدريجي في نهاية الأمر.

وتقول كوم: «لا نتوقع من أداء أسواق جنوب شرقي آسيا أن يكون أقل من أداء بلدان شمالي آسيا، على الأقل خلال النصف الثاني من العام المقبل». وتضيف: «إلى حد كبير ستلقي عوامل عالمية كبيرة بظلالها على العوامل المحلية».

وعلى الرغم من التراجعات خلال الأشهر الستة الماضية، فإن تداول الأسهم في تايلند وإندونيسيا والفلبين مازال يجري بعلاوة في مؤشر مورجان ستانلي المركب لآسيا باستثناء اليابان. مثلا، تراجع مؤشر الفلبين من معدل متوقع للأسعار إلى الأرباح مقداره 22 مرة في مايو إلى 16.8 مرة مقدرة على الأرباح لكامل عام 2013. لكن في المقابل يبلغ المتوسط للمنطقة 12.4 مرة للأرباح المتوقعة، ويبلغ المتوسط التاريخي نحو 14 مرة.

تعاملات مخففة

ورغم أن كوم، مثل كثير من المحللين، تتوقع أن تكون التداعيات من بداية الانسحاب التدريجي أكثر تواضعاً مما كانت عليه خلال الصيف، فإن كل بلد أيضاً يواجه رياحاً مباشرة متزايدة. فبالنسبة إلى تايلند وإندونيسيا تشكل السياسة تهديداً. ويعتبر غولدمان ساكس، ونومورا، وبانك أوف أميركا ميريل لينتش من بين الجهات التي توصي باتخاذ تعاملات مخففة في البلدين.

وخلفت الاضطرابات الأخيرة في العاصمة التايلندية تداعيات على سوق الأسهم. ففي الأسبوع الماضي وحده أخرج الأجانب 325 مليون دولار من السوق، مما أدى إلى دفع المؤشر إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر ودفع به بصورة واضحة إلى أعماق المنطقة السالبة بالنسبة لهذا العام.

وإذا صرفنا النظر عن السياسة، فإن الاقتصادي التايلندي يواجه منذ الآن مشاكل متزايدة. فقد ارتفعت ديون الأسر إلى نحو 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2008، ما يجعلها من بين أعلى المعدلات في آسيا. وفي الوقت نفسه تعطل نمو الأجور حين اقتربت نهاية برامج حكومية رامية إلى تعزيز الاستهلاك.

وفي الفترة الأخيرة، قلصت شركة دايوا للأوراق المالية تقديراتها للنمو في تايلند لهذا العام من 3.7 في المئة إلى 2.9 في المئة، وأزالت 3 في المئة من الأرباح المتوقعة عن السنة الكاملة.

وفي إندونيسيا، يوازن المستثمرون بين المخاطر المحتملة من الانتخابات الرئاسية التي ستجري قبل يوليو، وكذلك العجز العنيد الذي شكل مصدرا رئيسا للقلق في وقت مبكر من هذا العام.

نمو بطيء

ويقول حذيفة توبيوالا، رئيس قسم أبحاث منطقة آسيان في مورجان ستانلي، إن تصحيح سوق الأسهم الإندونيسية عمل فقط على احتساب «وضع طبيعي جديد» من النمو البطيء، وإن المؤشر الآن أقرب إلى القيمة العادلة.

وحتى الفلبين، أسرع الاقتصادات الآسيوية نمواً في الربع الثاني، لديها مخاوفها الخاصة، ومن المتوقع أن ينعكس الأثر المدمر لإعصار هايان في الشهر الماضي على الاقتصاد في الربع الرابع وكذلك في الربع الأول من عام 2014، وأن يشعل التضخم نتيجة لنقص الإنتاج الزراعي.

ويتوقع بنك إتش إس بي سي أن يتراجع النمو من 6.8 في المئة هذا العام إلى 5.8 في المئة في العام المقبل، في حين يشير الاجماع بين المحللين إلى انخفاض نمو الأرباح إلى النصف في عام 2014. ويرجح أن يكون للدولار المتصاعد، الذي يعتبر من الناحية التاريخية عاملا سلبياً بالنسبة للأسواق الناشئة على المستوى العالمي، تأثير أيضا. وخلال الشهر الماضي، كان البات التايلندي والبيزو الفلبيني والروبية الإندونيسية من بين أسوأ العملات أداءً في الأسواق الناشئة في آسيا.

لكن بعض المستثمرين يظلون متفائلين. ويقول وينج كين تشو، مدير المحافظ في إيست سبرينج للاستثمار، إن التقييمات أخذت «تبدو مثيرة للاهتمام»، وهو يعتزم استخدام أي تراجع إضافي على أنه فرصة للشراء ويقول: «من وجهة نظرنا، على الأمد الطويل، تظل هذه الأسواق من بين الأقوى في المنطقة. في أعقاب التصحيح تكون الأسواق قد تخلصت من معظم الأخبار السيئة».

* فايننشال تايمز

back to top