هاني شنودة: مشاركة الأفلام في المهرجانات فرضت الموسيقى التصويرية

نشر في 21-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 21-07-2014 | 00:02
أدَّت الموسيقى التصويرية في الأعمال السينمائية القديمة دوراً مهماً في نجاح أعمال الأبيض والأسود.
في حواره مع {الجريدة} يتحدث الموسيقار هاني شنودة عن ميزة هذه الموسيقى وعن صانعيها.
استعانت أفلام سينمائية كثيرة في الأربعينيات بمقطوعات من الموسيقى الأجنبية، فهل كانت تلك الاختيارات  موفقة؟

كانت موفقة فعلاً إلى حد كبير، وملائمة لغالبية الأعمال، لدرجة أن بعض غير المتابعين للموسيقى الأجنبية يتصور أن الموسيقى المختارة صنعت خصيصاً للفيلم.

كيف بدأ التفكير في تأليف موسيقى تصويرية خاصة بالأفلام؟

كان ذلك عندما بدأت مشاركة الأفلام المصرية في المهرجانات الدولية، حيث كان يشترط على الفيلم المشارك أن تكون له موسيقى خاصة وغير مستعين بمؤلفات أخرى، ومن ثم بدأ صانعو الأفلام يسندون تأليف الموسيقى إلى اختصاصيين.

من هم الرواد في تلك الفترة؟

كان أهم رواد تأليف الموسيقى التصويرية للأفلام كل من فؤاد الظاهري وعلي إسماعيل وأندريه رايدر وميشيل يوسف، وحفر جميعهم أسماءهم بحروف من نور على مسيرة الموسيقى التصويرية في السينما المصرية.

هل كانوا مؤلفين موسيقيين فعلاً قبل الأفلام؟

كانوا موزعين موسيقيين، ولم يألفوا مقطوعات موسيقية خاصة قبل ذلك. إلا أنني أرى أن توزيع الموسيقى نوع من التأليف الموسيقي تحت أمر الملحن حتى يعطيه جوانب أخرى، والتوزيع أسهم في نجاح أغان كثيرة.

هل ظلوا متأثرين بالموسيقى الأجنبية؟

في أحيان كثيرة كان يحدث ذلك، من خلال الاستعانة بفكرة أو أكثر من إحدى المقطوعات الأجنبية، خصوصاً أن حقوق الملكية الفكرية لم تكن معروفة بشكل كبير آنذاك، إلا أنهم تمكنوا من ترك بصمتهم الخاصة على كل عمل.

ما الذي لفت نظرك إلى موسيقى أفلام الأبيض والأسود؟

كنت قديماً لا أهتم بها إلا بشكل عابر، إلى أن استمعت في إحدى المرات إلى موسيقى أبهرتني لأنها كانت أوركسترا معبرة عن الريف المصري وهو أمر غريب ومذهل، وكنت بعيداً عن التلفزيون، فخرجت بسرعة فوجدت أن هذه الموسيقى لفيلم «الحرام»، من بطولة فاتن حمامة، والموسيقى من تأليف أندريه رايدر، فبدأت أنتبه إلى موسيقى تلك الفترة ووجدتها حقاً عظيمة ولها تأثير كبير في نجاح هذه الأفلام.

ما هي الأفلام الأخرى التي كانت متميزة موسيقياً من وجهة نظرك؟

فيلم «الكرنك» الذي وضع له علي إسماعيل موسيقى عالمية، كذلك وضع موسيقى متميزة لفيلم عن الإمام اليمني إلا أنه لم يعرض لأسباب سياسية، واستخدم فيها إيقاعات جديدة، والآلات حديثة بالنسبة إلى تلك الفترة. أبدع أيضاً موسيقى تصويرية رائعة لفيلم «عروس النيل» من بطولة رشدي أباظة ولبنى عبد العزيز، ولا ننسى موسيقى فيلم «يوميات نائب في الأرياف». كذلك كانت الموسيقى التي وضعها أندريه رايدر لفيلم «دعاء الكروان» مذهلة حيث حسب فيه طبقة الصوت (التوناليتيه) للمقام الذي يغني منه الكروان من خلال «شوكة رنانة» ثم مزجها بشكل مذهل مع موسيقى الفيلم التصويرية، وهو ما كان صعباً جداً في تلك الفترة على عكس هذه الأيام نظراً إلى التطور التكنولوجي.

كيف كان  نظام وضع الموسيقى التصويرية؟

كانوا في البداية يقرأون السيناريو، ولا يضعون موسيقى الفيلم إلا أثناء التصوير، فيذهبون إلى أستوديو مصر، ويتابعون المشهد أثناء قيادة الأوركسترا فيخرج متماشياً مع الأحداث.

لماذا لم تعد الموسيقى التصويرية على قوة موسيقى الأفلام القديمة نفسها؟

لأسباب عدة من بينها الاستسهال، وعدم رصد ميزانية جيدة للموسيقى، التي لا يعتبرونها أحد الأمور المهمة في الفيلم، فضلاً عن أنهم يقتصرون جزءاً كبيراً من ميزانيتها لصالح أجر النجم، بينما كانوا قديماً مدركين لأهميتها، وكان الموسيقيون يحصلون على أجر يناسب القيمة الفنية التي يقدمونها.

ما الذي كان يميز كل موسيقى عن زميله؟

درجة الموهبة الموسيقية والدراسة الموسيقية والتدريب. كان أندريه رايدر أكثر الموسيقيين معرفة لأنه يوناني الأصل وتعلم في الأكاديمية اليونانية للموسيقى في القاهرة وكان يعشق الأوركسترا ويعزف الترومبيت، ولكن بكفاءة أقل من علي إسماعيل. أما أكثرهم خبرة فكان علي إسماعيل لأنه كان يعزف آلة السكسيسفون في الملجأ العسكري، لذلك كان عازفاً متميزاً جداً لآلات النفخ الخشبية والنحاسية. وتميز فؤاد الظاهري بتقديم الموسيقى الشرقية، لذلك كانت أفكاره نافذة. وكان ميشيل يوسف معروفاً بعزف «الترومبيت».

أيهم أكثر تأثيراً في مسيرتك الموسيقية؟

كلهم أساتذتي، وقد التقيت بفؤاد الظاهري، وسجلت مع علي إسماعيل أغاني «أبي فوق الشجرة»، وكنت صديقاً لابنة ميشال يوسف، بينما كنت صديقا شخصياً لأندريه رايدر.

كيف كانت هذه الصداقة، رغم فارق السن الكبير؟

كانت البداية عندما زارني في كلية التربية الموسيقية في جامعة حلوان في الصف الرابع، وكنت أحلم بلقائه، وقال لي إن الموسيقار محمد عبد الوهاب يريد أن يدخل الأورغن في بداية إحدى أغاني أم كلثوم التي لحنها، مشيراً إلى أنه يعلم أنني عازف أورغن متميز، إلا أنني رفضت ذلك، واندهش قائلا: «هل ترفض العمل مع عبد الوهاب وأم كلثوم»، فقلت له مع تقديري الكامل لهما إلا أنني لا أقبل أن أكون ديكوراً، لأن العزف في بداية الأغنية بينما أظل طيلة الأغنية واقفاً على المسرح من دون داع كقطعة أكسسوار، وقد أعجبته طريقة تفكيري وقدرتي على الرفض لأنه كان يقدر الشخصية الناقدة. كذلك كنت متابعاً جيداً لأعماله ومبهوراً بها، خصوصاً توزيعه موسيقى «هدية العيد» لمحمد عبد الوهاب، ثم اتصل بي بعدها بشكل شخصي وأصبحنا صديقين.

ماذا تعلمت منه؟

تعملت منه الاستيقاظ باكراً، ووضع الموسيقى خلال ساعات الصباح عندما يكون الذهن صافياً، وعندما كنت أحضر معه التسجيل كنت أجده لطيفاً جداً مع العازفين. كذلك تعلمت منه أن أسأل كل من يطلب مني توزيع مقطوعة موسيقية: «كم ستكلفها»، كي أتمكن من تحديد عدد الآلات التي سأستخدمها في التوزيع طبقا للميزانية المحددة.

 ثمة مدارس عدة في الموسيقى التصويرية، إلى أي منها كان ينتمي؟

معظم الموسيقيين متأثر بالمدرسة التي ترى أن الموسيقى التصويرية لا يجب أن تكون محسوسة أو تبقى في الذاكرة، ويجب أن تبقى كجزء غير ملموس في نسيج الفيلم، فيما عدا أندريه رايدر، الذي كان مؤمناً بالمدرسة الثانية التي ترى ضرورة وجود فكرة مميزة في الفيلم لذا كانت موسيقاه واضحة ونافذة ومؤثرة في الفيلم، وكان ذلك واضحاً جداً في فيلم «دعاء الكروان».

هل كان المؤلف الموسيقي هو المسؤول عن الموسيقى التصويرية أم كان المخرج يتدخل؟

كان كل من الموسيقي والمخرج و«المونتير» يتناقشون في الأمر، وأحياناً كان بطل الفيلم يتدخل أيضاً.

back to top