ثمن تركيز كيري على السلام الإسرائيلي - الفلسطيني

نشر في 03-02-2014
آخر تحديث 03-02-2014 | 00:01
No Image Caption
يجب أن تعكس السياسة الخارجية الأميركية وعمل وزير خارجية الولايات المتحدة أهداف الأمة الاستراتيجية ومصالحها الملحة، ولكن المؤسف أن روزنامة كيري لا تأخذ هذه النقطة في الاعتبار.
 ذي كريستيان ساينس مونيتور صحيح أن عقد صفقة سلام تضمن أمن إسرائيل وكرامة الفلسطينيين هدف يستحق العناء، لكنه بعيد الاحتمال، لذلك من الأفضل أن يخصص وزير الخارجية الأميركي جون كيري وقته للترويج لمصالح الولايات المتحدة الأساسية في إفريقيا، وآسيا، ومنطقة الشرق الأوسط الأوسع.

وزير الخارجية الأميركي جون كيري رجل يسعى إلى تحقيق هدف، فقد تبنّى مهمة حمل الإسرائيليين والفلسطينيين على التوصل إلى صفقة سلام، وخصص كل وقته لهذه المهمة، فمنذ توليه رئاسة الخارجية الأميركية قبل سنة، زار المنطقة عشر مرات، آملاً أن تدفع دبلوماسيته الشخصية الطرفين إلى التقارب.

لا شك في أن جهوده تستحق الثناء، فتعزيز أمن إسرائيل وضمان خير الشعب الفلسطيني وأمنه من الأهداف بالغة الأهمية، وإذا أمكن تحقيقه، فسيشكّل إنجازاً كبيراً، لكن الواقع يُظهر أن صفقة السلام الإسرائيلية - الفلسطينية لن يكون لها تأثير يُذكر في القوى الأشمل الأكثر تعقيداً التي تتفاعل في الشرق الأوسط، أو في التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في أجزاء أخرى من العالم.

5 مناطق أساسية تتطلب اهتماماً أميركياً أكبر

خلال ما يزيد على 12 سنة بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، شهد المشهد العام في الشرق الأوسط تحولاً جذرياً، فميزان القوى في الشرق الأوسط مهدد مع تنافس المملكة العربية السعودية وإيران على السيطرة، يخوض الشيعة والسنّة المتطرفون حرباً في ساحات قتال موزعة بين سورية، ولبنان، والعراق، أما ما يُدعى الربيع العربي الذي شكّل عموماً مطالبة عامة بفرص اقتصادية، فأدى إلى سقوط حكومات من دون تأمين بديل مناسب لها، وهكذا انتشرت الميليشيات في ليبيا، في حين تعاني مصر أزمة حكم. علاوة على ذلك، ازدادت شبكة الروابط السياسية والعسكرية المعقدة في لبنان تعقيداً، أما تركيا التي كانت تُعتبر قبل وقت ليس ببعيد نموذجاً تتطلع إليه الدول الخليجية لملء الفراغ، فتعاني اليوم علامات العجز والفساد، وتقدم الدعم لـ"الإخوان المسلمين". بالإضافة إلى ذلك، لا يزال تنظيم "القاعدة" يهدد المصالح الغربية، وبالنظر إلى كل هذه القوى المتفاعلة، لم تعد مأساة الشعب الفلسطيني تمثل المحور الأساس للسلام في المنطقة.

الخطوات الأميركية تعزز حالة الفوضى

تُفاقِم الأعمال الأميركية هذه التحديات المعقدة، فقد أثار استعداد إدارة أوباما للتفاوض مع إيران بشأن اتفاق نووي قلق حلفاء تقليديين اعتبروا انعدام الثقة بإيران المتبادل عماد علاقتهم مع الولايات المتحدة، كذلك فإن مقاربة الإدارة الأميركية المترددة والحائرة والمحدودة نحو ليبيا وسورية، واليوم العراق، تجعل الحكومات تشكك في كفاءة واشنطن الأساسية، وتدفع مقاربات الولايات المتحدة الانتهازية، على ما يبدو، البعض إلى الاعتقاد أن واشنطن لا تملك رؤية طويلة الأمد في المنطقة، ولا شك في أن هذا يثير قلق الأميركيين ويخيف حلفاءنا.

إذن، صحيح أن تركيز وزير الخارجية كيري على محادثات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية ليس خطأً، ولكن يُظهر المشهد الحالي في الشرق الأوسط أن من الأفضل اليوم إعطاء الأولوية لإصلاح ما كُسر في هذه المنطقة، كذلك تتيح هذه الخطوة الكثير من الفرص أمام مصالح الولايات المتحدة الأخرى التي تعاني الإهمال.

استدارة نحو آسيا وإفريقيا

تبنّى أوباما خلال ولايته الأولى سياسة "إعادة توازن" تجاه آسيا، وهدف بذلك إلى التشديد على أهمية هذه المنطقة الأكبر في السياسة الخارجية وحسابات الأمن القومي الأميركية، لكن هذا التبدل اقتصر على الخطابات الأميركية، ولم يُترجم على أرض الواقع، فلا تزال الولايات المتحدة تحاول اللحاق بالصين دبلوماسياً، لكن آسيا قد تستفيد كثيراً من زيادة الدبلوماسية الأميركية الحاسمة والرفيعة المستوى.

لا تُعتبر آسيا استثناء، فتحتاج إفريقيا أيضاً إلى المزيد من الاهتمام، يغرق الكثير من الدول الإفريقية في الفوضى والعنف، وستتواصل محادثات السلام الدقيقة بشأن مستقبل الدولة الأحدث في العالم، جنوب السودان، بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحكومة وقوات المعارضة، كذلك تكثر المجموعات التابعة لتنظيم "القاعدة" في إفريقيا وعلى امتداد الساحل الإفريقي، في الوقت عينه، تضم إفريقيا بعض الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم، ما يقدّم فرصاً للاستثمار والتجارة تحاول الصين ودول أخرى اقتناصها.

من المؤكد أن مصالح الولايات المتحدة في القارة الإفريقية ستنمو، وإذا أعرب الدبلوماسي الأعلى في الولايات المتحدة، كيري، عن اهتمام أكبر بهذه المنطقة، فسيمهد على الأرجح الطريق أمام شراكات أكبر مع ثاني أكبر قارة في العالم من حيث المساحة وعدد السكان.

وماذا عن الرؤى الطويلة الأمد؟

يجب أن تعكس السياسة الخارجية الأميركية وعمل وزير خارجية الولايات المتحدة أهداف الأمة الاستراتيجية ومصالحها الملحة، ولكن المؤسف أن روزنامة كيري لا تأخذ هذه النقطة في الاعتبار.

عرض كيري على الإسرائيليين والفلسطينيين خطة، وقد يكون من الأفضل ترك هذين الطرفين يدرسانها بروية، ما يتيح المجال أمام عزمهما لعقد صفقة ليكتمل، وعلى كيري أن يخصص هذا الوقت للتفكير في كيفية معالجة تفاعلات المنطقة الجديدة ووضع رؤى طويلة الأمد لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، هذا إن لم نقل إفريقيا وآسيا أيضاً.

مع تقدّم المفاوضات مع إيران، من المهم أيضاً الحفاظ على التواصل مع إسرائيل وطمأنة الأمم العربية إلى نوايا الولايات المتحدة، وفي حالة بعض دول الخليج، تُعتبر الضمانات المدعومة بتخفيف أكبر في الضوابط المفروضة على الصادرات والمعدات العسكرية بالغة الأهمية.

back to top