المالكي هادم اللذات ومفرق الجماعات

نشر في 25-01-2014
آخر تحديث 25-01-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر  مقاتلة الإرهاب والميليشيات التكفيرية لا تكون بإرهاب شيعي وميليشيات شيعية مقابلة،

إذ يتصرف البعض أحيانا مثلما تتصرف النعام في دفن رأسها في التراب كي يتهربوا من الحقيقة؛ لأنها عادة إما أن تكون موجعة أو أن البوح بها لا يخدم مصالح طرف معين، فما يحصل في العراق هو آخر فصل في تفكيك دولة مر على إنشائها ما يقارب القرن بحدودها الحالية وتحويلها إلى أشلاء وتكوينات سياسية مجتزأة لا يربطها شيء سوى الاسم.

إن دولة القانون التي بشر بها المالكي في بداية تسلمه للسلطة تحولت إلى دولة تقودها ميليشيات، وتشتتها الولاءات الطائفية والمذهبية وأخيراً المناطقية، ومع ذلك فهو مستمر في دعواته الإعلامية لدولة القانون والمواطنة، ودعواته هذه عادة ما تكون موجهة للطرف الرافض له (الطرف السني) فقط، بينما الطرف الموالي له (الطرف الشيعي) مطلق اليدين يفعل ما يريد في الوقت والمكان الذي يريد.  وبنظرة سريعة على تناقضات المالكي "الوطنية" نستطيع أن نتوصل إلى الحقائق التالية:

- الوطنية التي يدعيها المالكي تعبر بشكل أو بآخر عن وطنية السلطة التي تفرضها على المجتمع حسب توجهاتها هي (في حالة المالكي توجهات مذهبية)، أي أن المواطنة عنده هي رضوخ جميع المكونات العرقية والمذهبية والدينية، والانصياع لما يؤمن به هو، وبخلافه فإن الجميع إرهابيون، تماماً مثلما كان يتصرف سلفه صدام حسين.

- لا يمكن لسياسي منتم إلى حزب يؤمن في عقيدته المذهبية السياسية بسيطرة المذهب على الحكم أن يدعو إلى دولة مواطنة يكون المواطن فيها متساويا في الحقوق والواجبات في الوقت الذي يعاني هو نفسه عقدا تاريخية سياسية تربى عليها.

- دعوة المواطنة التي يدعو إليها المالكي تتناقض مع ما يجري في الواقع من تزايد نفوذ الميليشيات الشيعية التي تشترك معه في العقيدة للحد الذي أصبحوا يستهترون بمؤسسات الدولة الرسمية، فقد أشارت الأخبار قبل أيام إلى قيام زعيم عصائب أهل الحق باستقبال شيوخ عشائر حزام بغداد، الذين طلبوا منه إمدادهم بالأسلحة لقتال داعش والتنظيمات الإسلامية الأخرى، أي أن هذه الميليشيات الشيعية قد حلت محل وزارة الدفاع العراقية والأجهزة الأمنية للدولة.

- إن محاربة المالكي للميليشيات السنية الإرهابية وغض النظر عن الميليشيات الشيعية التي لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها السنية، تشير إلى أنها ليست حربا على الإرهاب بقدر ما هي إسكات الصوت الآخر المعارض له، وستتحول قريبا إلى حرب شاملة ضد أي طرف معارض آخر وبحجة الإرهاب نفسها.

- لقد سرب قبل أيام وبالتزامن مع الحملة في الأنبار خبر اعتقال البطاط زعيم ميليشيات حزب الله الذي قصف قبل فترة الأراضي السعودية بقذائف هاون دون أي تفاصيل عما توصلت إليه التحقيقات معه، ليس هذا فحسب بل إن تنظيمه هدد الحكومة لإطلاق سراحه دون أن تكون هناك أي ردة فعل رادعة من أجهزة المالكي لهذه التهديدات، وبعد أيام ذكرت مصادر عن إطلاق سراحه ولم تنف الحكومة هذا الخبر. إن هذه الممارسات تنمي روح الكراهية والحقد لدى الطرف السني، ولا تجعله يحس بالمواطنة الحقيقية، ولا لانتمائه إلى دولة تصان فيها كرامته وحقوقه.

- إن إطلاق أسماء مدن جنوبية ذات أغلبية شيعية على تشكيلات القوات المسلحة التي قاتلت في الأنبار مؤخرا تشير وبوضوح إلى رغبة المالكي في تعميق الشرخ بين مكونات الشعب العراقي، وتصدير هذه المشاكل لعمق النسيج الاجتماعي العراقي.

- إن كان المالكي يحارب (كما يقول) من أجل دولة المؤسسات فعليه أولا التمعن في  ظاهرة حدثت مؤخرا عند فتح باب التطوع للقتال في الأنبار، وأن يفكر في أسبابها، فأغلب إن لم نقل جميع من تطوعوا كانوا من المواطنين الشيعة دون السنّة، وهذا يدل على أمرين: أولهما أن الشارع السني يدرك أن هذه الحرب ليست ضد الإرهاب بقدر ما هي حرب ضد المذهب السني بشكل عام، وثانيا يوضح مدى نجاح المالكي في التحشيد الطائفي عند الشارع الشيعي، وهذه لها مدلولات خطيرة جداً ستمتد لأجيال قادمة.

إن محاربة الإرهاب (السني) لا تكون بواسطة أحزاب طائفية شيعية كحزب الدعوة والمالكي؛ لأنها في النتيجة تقضي على إرهاب لنمكن إرهابا آخر مؤيدا له، فهكذا حرب يجب أن تكون من خلال أحزاب علمانية لمقاتلة الإرهاب من الطرفين كي يشارك فيها جميع العراقيين. وإن كان المالكي صادقا في دعوته هذه فعليه أولا التملص من الأحزاب الدينية الشيعية كي يطمئن العراقيون لحقيقة نواياه في حربه هذه.

* كردستان العراق – دهوك

back to top