داعش

نشر في 16-01-2014 | 00:01
آخر تحديث 16-01-2014 | 00:01
لعل أبرز إفرازات الحرب السورية المستفحلة من حيث اللغة الغريبة المثيرة للنفور والتقزز، كلمة «داعش»... وهي اختصار لجملة «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، أصبحت هذه الكلمة على كل شفة ولسان، بل هي، ربما، أكبر من التنظيم نفسه.

حتى الآن تكثر التكهنات حول من أسس «داعش» وما الغاية منه، لكن المؤكد أنه تنظيم استخباراتي إقليمي هدفه تشويه صورة «الثورة السورية»، بل وحتى الإمعان في تشويه الإسلام بحد ذاته من ناحية الإجرام باسم هذا الدين، ورفع رايته خلال القيام بأعمال وحشية. ليس هنا المكان المناسب لتوصيف تنظيم «داعش» ومن هم عناصره ومن يموله، فالمراد الآن هو التركيز على مصطلح «داعش» وكل المصطلحات التي تفرزها الحروب ويكثر الناس ووسائل الإعلام من استعمالها.

لا ندري من اختار هذا الاختصار لـ «داعش» وما القصد منه، ولا ندري إن كان جحيميو «داعش» يدرون أن الكلمة ستأخذ صداها في وسائل الإعلام والميديا وتتحول مصطلحاً يتناوب السياسيون والعوام على استعماله، كأنهم يكتشفون البارود من خلاله.

من المعروف أن الاختصارات في اللغة العربية قليلة جداً، وهي تقتصر على بعض الشركات التجارية أو التنظيمات السياسية التي تأسست أو اشتهرت في لبنان، مثل حركة «أمل» (اختصار أفواج المقاومة اللبنانية)، أو حركة «فتح» (اختصار لمنظمة التحرير الفلسطينية)، أو «جمول» (اختصار لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية)، وبقيت هذه الأسماء عادية ومفهومة في مقابل «داعش»، هذه الكلمة التي تبعث على الهذيان وتدل على الرعب والذبح وعقلية القرون الوسطى، بل على ما تفرزه الاستخبارات في المنطقة، وستبقى حتى أمد طويل تستخدم كمصطلح في وصف المشاهد الوحشية المقززة التي يقترفها المتوحشون والمجرمون خلال الحروب، خصوصاً إذا كانت حروباً دينية أو طائفية أو مذهبية وتستعمل فيها السكاكين والسواطير والحراب والسيوف.

سرقت كلمة «داعش» الأضواء من حيث استعمالها عبر «فيسبوك» ومواقع التواصل الاجتماعي وخطابات السياسيين اللبنانيين، وحتى بعض الصحافيين الأشاوس، من زمرة ما يسمى «الممانعة»، لا يترددون في وصف «مسيحيي 14 آذار» بأنهم «مسيحيو داعش»، هؤلاء الأشاوس تكفيريون من نوع آخر، أو «تكفيريون مودرن» (على نحو ما وصف حزب الله تيار المستقبل بأنه «داعش» مودرن)، فيطلقون الأوصاف العبثية في وصف خصومهم لمجرد أنهم يختلفون معهم في الرأي، ويستحضرون عبارات تافهة وممجوجة ويضعونها في مقالاتهم.

 كلمة «داعش» من إفرازات الحرب كما قلنا، على غرار كلمة «علوج» التي أكثر وزير الإعلام الصدامي محمد سعيد الصحاف من استعمالها، خلال غزو العراق (2003)، وجعلت كثيرين يبحثون عنها في القواميس العربية ويستعملونها في المقالات وحتى في الشارع، ومع أن الكلمة متوافرة في اللغة العربية، لكن قلة استعمالها في الكتابات وإكثار الصحاف من استعمالها في مرحلة الحرب والقصف بالذات أثارت الانتباه، بل تحولت نوعاً من كوميديا لبطولات كرتونية كان يقوم بها الوزير في مؤتمراته الصحافية. وقبل «داعش» و{العلوج»، راجت كلمات مثل «اللبننة» و{الصوملة» و{البلقنة» و{الأفغنة»، وكلها تدلّ على جحيم ما في الأفق.

 باختصار، لكل جماعة داعشها، ولكل حي داعشه، ولكل فن داعش ولكل صحيفة داعشها... والنتيجة واحدة.

back to top