كم ساعة نحتاج من النوم يومياً؟

نشر في 17-07-2014
آخر تحديث 17-07-2014 | 00:01
 د. ساجد العبدلي نعرف جميعاً معنى "نوم ليلة هانئة"، ولعل أكثر من يعرف ذلك منا هن الأمهات اللواتي يفقدن لذة النوم وهن يقضين ليلتهن سهراً مع طفل مريض مثلا، لكن السؤال الذي يكثر تداوله، كم ساعة من النوم يحتاج الإنسان البالغ لكي يقال إنه حصل على كفايته من الراحة ونام ليلة هانئة؟!

على الرغم من أن العلم لم يكشف حتى الآن وعلى وجه الدقة لماذا ينام الإنسان، فإنه تعرف وبعمق على ما يحصل للجسم البشري عند حرمانه من النوم، وتعرف على كثير مما يحصل لأجهزته المختلفة في حالة النوم. بشكل مبسط نستطيع القول إن النوم يعيد للإنسان نشاطه الجسدي والعقلي؛ لذلك يساعده على العودة إلى العمل مرة أخرى بكفاءة عالية، ومن النظريات العلمية المقترحة في هذا الصدد أن النوم يساعد على (إعادة شحن) الجهاز العصبي البشري ومعايرة الكيمياء العصبية من جديد إلى المستويات الطبيعية، كما كشفت بعض الدراسات أن الإنسان عندما يحرم من النوم يبدأ بالمعاناة من اختلال ذاكرته وقدرته على التركيز الذهني، فيواجه صعوبة في استرجاع الأسماء والكلمات، والاحتفاظ بتركيزه على الموضوع محل الاهتمام.

كما يبدأ مزاجه وحالته النفسية بالاضطراب مما ينعكس سلبا على أدائه، وفي حالات الحرمان الشديد من النوم تفترض البحوث أنه من الممكن أن يصل الأمر إلى حد الوفاة، كما أظهرت ذلك التجارب المخبرية على الجرذان التي كانت تموت بسبب انهيار جهاز المناعة عندها، كما تبين أن كثيراً من الهرمونات، كهرمون النمو مثلا، تنشط في الجسم أثناء النوم، ومن الأدلة على ذلك أن الأطفال الذين عانوا اضطرابات أو حرمانا من النوم يعانون في كثير من الأحيان تعثراً في النمو.

تقول الفكرة الدارجة بين الناس إن الإنسان البالغ يحتاج إلى ما مقداره ثماني ساعات من النوم، لكن هذا غير صحيح على إطلاقه، ولتوضيح الأمر يمكن طرح سؤال يقول: ما عدد الساعات التي يستيقظ بعدها الإنسان البالغ وهو في أوج نشاطه؟ وسنجد حينها أن الإجابة تختلف من شخص بالغ إلى آخر، لأن هناك من تكفيه سبع ساعات، وربما ست أو أقل، وهناك من يحتاج إلى تسع ساعات، وربما عشر أو أكثر.

لذلك تبقى مسألة عدد الساعات التي يحتاجها الإنسان البالغ من النوم مرتبطة بالعديد من العوامل كمقدار الجهد المبذول خلال ساعات النهار ومقدار الصحة الجسمانية بصورة عامة وأيضا بالطبيعة البشرية، فهناك من اعتادوا على السهر والنوم القليل وهناك من اعتادوا على النوم الطويل وعدم القدرة على السهر، وكون المرء ينتمي إلى هؤلاء أو هؤلاء لا يعني تلقائيا أنه يعاني مرضا أو اعتلالا.

ويشيع بين الناس كذلك أن الإنسان يحتاج إلى ساعات أطول من النوم بتقادم عمره، والحقيقة أن الإنسان لا يحتاج إلى ذلك بصورة عامة، هذا ما لم تطرأ تغيرات في صحته أو في طبيعة عمله ومقدار المجهود الذي يبذله؛ لذلك فإن كان الإنسان يكتفي بسبع ساعات من النوم عندما كان شابا فإنه لن يحتاج أكثر من ذلك وهو شيخ.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أن الحصول على عدد كاف من ساعات النوم أمر مهم للإنسان على كل المستويات سواء الجسمانية أو العقلية، أو حتى قدراته على التواصل الاجتماعي، لأن اضطراب النوم يؤدي إلى زيادة التوتر النفسي والقلق وبالتالي إلى خلل في النشاط الاجتماعي للمرء مما قد يدخله في مشاكل في العمل أو في حياته الزوجية أو مع الناس من حوله.

في الخلاصة يمكن أن نقول إنه لا توجد قاعدة ثابتة لمسألة النوم عند الإنسان، وتبقى لذلك مرتبطة بالعديد من العوامل والمعايير الشخصية، وعليه فإن كل شخص بنفسه هو الأقدر على تحديد ما إذا كان يعاني مشكلة في النوم، وذلك من خلال تلمسه لمدى نشاطه وقدرته على التركيز الذهني بعد الاستيقاظ، وغيرها من الأمور التي ذكرت أعلاه، والتجارب قد أثبتت أكثر من مرة أن كثيراً ممن يعانون الأرق المزمن يتم علاجهم بسهولة عندما توضع اليد على مكمن الخلل عندهم سواء أكان جسمانيا، أو نفسيا، أو حتى اجتماعيا.

back to top