ياسين الحاج صالح: جيش «الإسلام» خطف رزان زيتونة ورفاقها

نشر في 18-12-2013 | 00:04
آخر تحديث 18-12-2013 | 00:04
No Image Caption
ياسين الحاج صالح تلك العملة النادرة، مناضل من الزمن الجميل رفض التخلي عن مبادئه وقناعاته، لم يكسره السجن ولا السجان. تحدى الأسدين الأب والابن، مارس السياسة والنقد على طريقته، يرفض العمل ضمن القوالب الحجرية، تمرد حتى على حزبه وابتعد عن التنظيم لأنه لا يحب القيود، هو لقاء الأحبة الأول بعد عامين من التواصل الافتراضي عبر الإنترنت.

بدأ اللقاء بحميمية كأني أعرفه ويعرفني من زمن طويل. سألته بحياء وتردد عن سبب عدم إخراجه زوجته سميرة الخليل معه عندما قرر أن يخرج من البلد، وما هي ظروف خروجه من سورية، فقال لي إنه خرج من سورية بعدما اشتد الخطر عليه بضغط من زوجته المختطفة مع الناشطة رزان زيتونة، فأوضح: "كنا نعتقد، سميرة وأنا وأصدقاؤنا، أن خروجي من الغوطة من المستحيلات وصعب جداً، وخروج سميرة ممكن أن يتأمن بدون صعوبة كبيرة. وكنا نقدر أنني معرض للخطر على يدّ النظام، وداعش وجبهة النصرة بنسبة عالية". وأضاف بانفعال: "سميرة التي كانت تساند عملي العام دائماً، بدأت لأول مرة تضغط علي بشكل يومي بعد وصولي إلى الرقة لأخرج من البلد".

كيف وصلت للرقة؟ يجيب: "19 يوما أخذت رحلتي للانتقال من غوطة دمشق الى الرقة، ومن ثم تسللت منها الى خارج سورية، قضيت معظمها داخل صناديق السيارات في حر أغسطس منها 27 كلم خطيرة كنت معرضاً فيها لخسارة حياتي في كل لحظة. خرجت من سورية دون أي أوراق ثبوتية تثبت شخصيتي، ورحلة الحصول على أوراق ثبوتية حكاية أخرى يجب أن تروى على حدة، يفترض بالمعارضة السورية وهيئاتها تأسيس مكتب لرعاية شؤون السوريين لإصدار وثائق تسهل لهم حياتهم عندما يخرجون من الوطن، لأن النظام لا يزودنا بجوازات سفر، وسيجردنا بمرسوم بطاقة الهوية الجديد حتى من جنسيتنا، لنصبح لاجئين بلا هوية تعرف عنا، وبذلك يتخلص من خمسة ملايين سوري غير موالين له بشخطة قلم".

تهرب طول الثلاث ساعات التي التقيته فيها من الكلام بموضوع خطف رزان وزوجته ورفيقيهما بسبب خيبته والألم الشديد، إلا أنه قال لي في النهاية: "عندي قناعة أنهم عند الإسلاميين، وأنا خائف على حياتهم لأن المطلوب إسكات كل الأصوات العلمانية خارج الاصطفافات الطائفية في سورية".

قلت له رئيس (المجلس الوطني) جورج صبرا متخوف من إمكان ان يكون النظام قد تسلل الى مناطق الثورة وخطفهم، فأجاب: "أنا أتهم جيش الإسلام وزعيمه زهران علوش (المنضوي تحت لواء الجبهة الإسلامية) بخطف سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادي أو على الأقل بتسهيل أمر الخطف من قبل تابعين لهم".

وشرح: "أولاً، لا يمكن أن يجري شيء في دوما دون أن يكون لجماعة علوش ضلع به، ولا يمكن لأي تشكيل عسكري آخر أن يتحداهم في عقر دارهم إلا بغض نظر منهم متفق عليه معهم. لن يقدم أحد على الاعتداء على أربعة أشخاص عزل، بينهم سيدتان، إلا بضوء أخضر من قبل سلطة الأمر الواقع في دوما. ثانياً، جماعة علوش وعدت بالتحقيق بالخطف، وحتى الساعة لم تعاين المكتب الذي يعمل فيه الأربعة، أو تجري أي نوع من التحقيق.

ثالثاً، سبق لهذا التشكيل العسكري الذي لا يتعاون مع أحد في الغوطة والمنطقة، ويتوقع من الجميع العمل عنده وليس معه، أن هدد رزان زيتونة قبل شهرين وأطلق النار أمام بيتها بغرض الترويع والتطفيش. هذه وغيرها قرائن ترجح مسؤولية التشكيل المذكور، وبناء عليه، فإن هذا التشكيل هو المسؤول عن أمن السكان في دوما وهو المتهم الأول بالجريمة، أو بالتستر على الجناة. وسأعمل ما أستطيع لتجريم قادته قانونياً، لأنه لا يجوز أن يفلت المجرمون من العقاب، سواء كانوا من طرف النظام الأسدي أو أي مجموعات تمارس ممارساته".

وقال بحرقة: "في النهاية خرجت أنا من الغوطة، وسميرة حوصرت مع المحاصرين. وأنا تركت سورية في حين وقعت سميرة بأيدي المتسلطين الجدد. قلبي عليكي يا سمور"، وتابع: "سورية متعددة، وبحاجة للحرية، وليست بحاجة إلى أنظمة قمعية شبيهة بالنظام".

سألته عن الدور الذي يمكن أن يلعبه بعد خروجه من سورية، فقال: "لا أطمح لأي دور سياسي أنا كاتب أحب الكتابة والعمل بالكتابة. بعد خروجي من السجن كانت أحلامي بسيطة جداً وهي أن أمتلك بيتاً في سورية، وأن أتمكن من شراء الكتب من مالي الخاص لأقتني مكتبتي، ويبدو أنني بعد ما حصل في سورية لن أستطيع شراء منزل لأنني أرفض أن أعمل بمهنة معارض وأقبض راتباً لقاء ذلك".

لم استسلم وشرحت للأستاذ ياسين حاجة الساحة السورية للأنقياء من أمثاله، وفسرت له مطولاً أن الزهد ممنوع على أمثاله، فالعمل السياسي ليس تشريفاً بل هو تكليف وثمنه أحياناً حياة الشخص أو سنين طويلة من السجن كما حصل معه.

ألا يكون ياسين الحاج صالح في الصفوف الأولى للمعارضة السورية وألا تسعى المعارضة السورية الى التمسك بوجود شخصيات كياسين الحاج صالح بصفوفها تلك هي الكارثة الحقيقية ودلالة كبيرة على سقوط القيم والمبادئ. سيسعد النظام السوري مرتين، مرة لأنه حاول قتل ياسين شخصياً، ومرة لأنه حاول قتله بيد معارضة لا ترى ضرورة وجود شخصيات كياسين بصفوفها.

back to top