الأمانة... وما أدراك ما الفساد؟

نشر في 27-06-2014
آخر تحديث 27-06-2014 | 00:01
 د. محمد لطفـي  نختتم اليوم سلسلة المقالات حول "ماذا يريد الشعب من الرئيس" بأهم ما يريده وهو الأمانة، يقول تعالى "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً". (الأحزاب 72)، ويقول المفسرون إن الأمانة المقصودة هي أمانة الإيمان أو القرآن أو العقل، أو هي كلها مجتمعة، والأمانة لغوياً هي النزاهة والصدق والإخلاص، وهي عكس الخيانة، والشعب يريدك أميناً وقوياً "... إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ"، (القصص 26)، فالقوة مع الخيانة بلاء ووبال على الحاكم والمحكوم، والأمانة بدون قوة تحميها لا يستقيم معها الحكم، ولك فيمن سبقك آية.

 نعم الشعب يريدك أميناً قوياً تفي بعهدك وتبرّ بوعدك، تحارب الفساد وما أدراك ما الفساد؟ الفساد الذي ضرب جذوره في مصر وعشش فيها طوال عقود طويلة، الفساد الذي أصاب جميع مؤسسات الدولة، فلم يسلم منه جيش ولا شرطة ولا إعلام ولا قضاء– وأنت أدرى الجميع بذلك- هناك فاسدون في كل مكان يجب اقتلاعهم ومحاسبتهم ومحاكمتهم فهل تقدر على ذلك؟

السيد الرئيس: بالتأكيد تتذكر– غيرك يحاول أن ينسى- أن الفساد والرشوة والمحسوبية وتزاوج المال والسلطة وتدخل رجال الأعمال الفاسدين في الحكم... كل ذلك كان أهم أسباب ثورة يناير، والكثيرون يريدون الردة عن الثورة، والعودة إلى ما كان، والشعب في المقابل لن يتخلى عنها ولا عن مبادئها ولا عن محاربته للفساد، وهذه هي الأمانة التي حملك إياها، فهل ستحملها وتحقق ما يريده الشعب ويتمناه، مع الالتزام بالصدق والوضوح والعدل والمساواة؟ نتمنى جميعاً ذلك.

***

جاء تشكيل الحكومة الجديدة بذات الأسلوب الذي كان يتم به تشكيل الحكومات قبل ثورة يناير، وكأن يناير 2011 سقط من روزنامة التاريخ، وعدنا كما كنا، فاستمر أكثر من ثلثي الوزراء بدعوى الاستقرار (في عهد مبارك استمر بعض الوزراء في مناصبهم أكثر من 15 عاما بذات المبرر)، ورحل البعض ولم يعلم الشعب لماذا رحلوا؟ وجاء آخرون ولم يعلم الشعب أيضاً لماذا جاء هؤلاء؟ وتم التشكيل بمبدأ "النظام يشكل والشعب يقول آمين..!".

 لم نعرف لها برنامجاً محدداً، ولم تشرح لنا أسلوباً واضحاً لتنفيذ هذا البرنامج!! ولكن– كما قلت مراراً- شعب 2014 يختلف عن 2000، ونريد أن نعرف كيف تشكلت الحكومة؟ ومن استبعد؟ ولماذا؟ ومن جاء؟ ولماذا؟ وما برنامجها؟ وما الجدول الزمني لتنفيذه؟ أما أن نعود كما كنا قبل يناير فأعتقد أنها بداية غير مشجعة ولا موفقة للنظام الجديد الذي يأمل فيه الشعب خيراً، وينتظر منه الكثير.

***

"كل عام وأنتم بخير"، غداً أو بعد غد يبدأ شهر رمضان الكريم أعاده الله على أمتنا العربية والإسلامية بكل خير وسلام.

back to top