مفتاح تميّز البرامج اليوم... إخراج المشاهد من واقعه
مع انتشار البرامج على الفضائيات واشتداد المنافسة لجذب الجمهور، تتعدد الأساليب التي يعتمدها مقدمو البرامج وتتنوع وتكون في غالبيتها نابعة من شخصيّتهم، ففيما يحرص كثر على إضفاء التسلية والكوميديا على برامجهم، يصرّ آخرون على اعتماد التوعية في هذه الظروف التي يواجه فيها المواطن العادي تحديات ومشاكل لا تحصى.
في الأحوال كافة، وحده المشاهد الحكم، فإذا أقبل على البرامج تنجح وإذا ابتعد عنها تفشل حتى لو تمتعت بمقومات النجاح.
ما هي معايير نجاح البرامج وفرادتها؟ سؤال طرحته «الجريدة» على إعلاميين وحصدت الأجوبة التالية.
في الأحوال كافة، وحده المشاهد الحكم، فإذا أقبل على البرامج تنجح وإذا ابتعد عنها تفشل حتى لو تمتعت بمقومات النجاح.
ما هي معايير نجاح البرامج وفرادتها؟ سؤال طرحته «الجريدة» على إعلاميين وحصدت الأجوبة التالية.
بحث عن أفكار غير مستهلكة
أحمد عبدالمحسنمحمد طاحون{محاور نجاح البرامج كثيرة ويستطيع المقدم أن يجدها بسهولة إذا أراد، وتعتمد على فكرة البرنامج الرئيسة ومدى نضجها}، يؤكد المذيع والمقدم محمد طاحون، موضحاً أن المذيع يدير الفكرة بالصورة التي يراها مناسبة شرط أن تكون غير مكررة.يضيف: {في البداية، على المقدم اختيار نوعية الفكرة التي سيقدمها، وهل ستكون كوميدية أو مسابقات أو حوار، وإدارتها وتحويلها إلى فكرة جديدة خالية من التكرار، والأهم أن يضع لمساته عليها ويركز على ما يجذب المشاهد ويستفيد منه}.يشدد على أن المشاهد، بالنسبة إليه، أحد أهم عوامل إنجاح البرنامج أو فشله، {وهذا ما نجده في برامج المسابقات، فالمشاهدون هم الفقرة الأبرز فيها}.يلفت طاحون إلى أن على الفنان تجنب الآراء السياسية والقضايا الحساسة التي تضر بالمجتمع، ويتابع: {في الفترة الأخيرة قدمت برامج كوميدية، فأنا أبحث عن أمور خفيفة ومسلية لا تسيء إلى أحد، وعلى مقدم البرامج الكوميدية الابتعاد عن الإسفاف والسخرية من الآخرين}. فيصل الزايد{على المقدم البحث عن أفكار تجذب المشاهدين وتخلو من السخرية والإسفاف}، يوضح المقدم الشاب فيصل الزايد، مشيراً إلى أن المشاهدين يتهافتون على البرامج التي ترسم البسمة على وجوههم، لحاجتهم إلى الترفيه أكثر من أي وقت آخر، لذا على المذيع ترك البرامج الأخرى التي تتميز بجرأة غير مطلوبة}.يلاحظ أن الفقرات التوعوية والثقافية والاجتماعية، إضافة إلى الترفيه والمسابقات، أهم المحاور التي يعتمد عليها المحاور لإنجاح برامجه، لافتاً إلى أن المذيعين يتجهون إلى البرامج التي تحمل هدفاً سامياً وتجذب المشاهدين أكثر من أي برامج أخرى.يؤكد الزايد أن على المقدم الابتعاد عن القضايا التي تشكل حساسية وتثير الفتن بين المشاهدين، لا سيما القضايا السياسية، لاختلاف الآراء بين المشاهدين، {هنا على المذيع ألا يتدخل في هذه الأمور وألا يفرض رأيه على الآخرين احتراماً لهم. برأيي، البرامج السياسية التي لا تعتمد على الحيادية في الطرح هي الأكثر فشلاً، وتشكل عوامل سلبية قد تضرّ المذيع وتجلب له النقد والاستهجان}. ناصر العلي{مهما توافرت عناصر النجاح وتعددت أساليب التخطيط بالنسبة إلى المذيع، يبقى الأمر في النهاية بيد الجمهور}، يؤكد المقدم الشاب ناصر العلي، مشيراً إلى أن أسس نجاح البرنامج تختلف من مذيع إلى آخر، ولكن ثمة محاور أساسية تمثل مفاتيح نجاح بالنسبة إلى البرامج، من بينها البحث عن أفكار جديدة، مع اعترافه بصعوبة ابتكارها.يضيف: {يؤدي الديكور والأكسسوارات دوراً في جذب المشاهدين، فضلاً عن الإعداد السليم والمدروس للبرنامج والمناسب للفكرة الرئيسة}.يشير إلى أن نسبة المشاهدة هي الفصل وتحدّد الفوارق بين البرامج ومستوى نجاحها، فإذا تدنت يؤشر ذلك على فشل هذه البرامج.يبتعد العلي عن القضايا الحساسة التي من شأنها إثارة حساسية لدى المشاهدين، مثل الدين والجنس، ويحاول أن تكون الأفكار التي يطرحها في برنامجه بعيدة عن التعقيد ليستوعبها المشاهد.احترام الضيف وجذب المشاهدبيروت - ربيع عوادشانتال سرور{ليس سهلاً أن يبتكر المحاور جوّاً حوارياً جديداً يجذب المشاهد»، تقول الإعلامية شانتال سرور مؤكدة أن المشاهد ملّ الحوار الروتيني الذي يسيطر على البرامج القائمة على ضيف واحد، «هنا تبرز مهارة الإعلامي في إيجاد مواضيع جديدة مع نجوم لهم إطلالات إعلامية كثيرة، ولطالما تحدثوا عن حياتهم الفنية والإنسانية»، على حد تعبيرها.تضيف أن ثمة انتقائية في اختيار أسماء ضيوفها في برنامج «وحدك» الذي تقدمه عبر شاشة «أم تي في»، مشيرة في هذا المجال إلى أن نجومية الضيف ضرورية، وأن يكون راقياً ولديه جماهيرية، ويتمتّع بمحبة الناس وتقديرهم، وأن الأسماء التي لديها تجارب وهموم ومشاكل وخبرة في الحياة تجذبها.حول ما يميزها عن غيرها من برامج توضح: «لست بوارد استضافة أي فنان لاصطياده أو حشره في مكان لا يريده. ببساطة، ما من ضيف ندم على استضافتي له، وهذا أمر أفتخر به، فأنا لست من المحاورين الذين يفخّمون بالضيف كي أسلط عليه سهامي وأحطمه. لكن لا يعني ذلك أن الحذر لا يكون موجوداً لديه، ومن خلال أسلوب راقٍ وهادئ في الحوار، يمكنني الدخول في المحظورات وجعل الضيف يفصح عن أمور ومكنونات سبق أن رفض الحديث عنها».رابعة الزيات«التجديد مهمّ، خصوصاً أن استضافة مجموعة من الضيوف تضفي تنوّعاً على البرنامج من ناحيتي الاختلاف في الشخصيات والأفكار»، تؤكد الإعلامية رابعة الزيات التي تقدم برنامج «وبعدنا مع رابعة» على شاشة الجديد. تضيف، في حديث لها، أنها تستمتع بعملها، فثمة أفكار جديدة للنقاش، وطبيعة هذا النوع من العمل جميلة لأنها تثير الحماسة في النفوس. حول كيفية تعاملها مع الضيوف تقول: «هم ضيوفي ومن واجبي التعامل معهم بكثير من الإحساس وحسن الضيافة وكرم النفس، طبعاً مع الاحتفاظ بحقي واحترام الآخرين لي». أما إذا كانت ثمة منافسة بينها وبين منى أبو حمزة وطوني بارود، توضح رابعة، في إطلالة تلفزيونية لها، أن برنامج طوني اجتماعي طريف، وبرنامج منى حواري اجتماعي متنوع، ومن الطبيعي وجود منافسة لكنها شريفة، مشيرة إلى أن علاقة زمالة واحترام تربطها مع منى ولكن لا تجمعهما صداقة، وأن كل مقدّم يشغل مكانه وأنها ضد التصنيف، لأن كل شخص يصنف حسب وجهة نظره للأمور.طوني بارود«في برنامجي «أحلى جلسة» لم يضع أحد قيوداً أمامي، بل حددتها بنفسي ورسمت الحدود التي أراها مناسبة»، يقول طوني بارود الذي يقدم برنامجه «أحلى جلسة» على شاشة المؤسسة اللبنانيّة للإرسال، مؤكداً أنه سعى، منذ انطلاقته الإعلامية، إلى تقديم برنامج يستمرّ لسنوات ويتمتّع بهوية معينة.يضيف: «تنقلت من برنامج إلى آخر حتى وصلت إلى «أحلى جلسة» المستمرّ عبر الشاشة، بفضل إرادتي وحماستي واندفاعي». وعن التنويع في استقبال ضيوف، من مجالات مختلفة، يؤكد: «البرنامج غير محصور بوجه معيّن وغير مكبّل بطابع محدد، مثل البرامج الأخرى، فهو يحمل رسائل اجتماعية وإنسانية بأسلوب يطغى عليه طابع مرح، ويتماهى مع المناسبات الاجتماعية والأعياد، ويقدم حلقات تواكب المجتمع واهتماماته».يشير بارود إلى أنه سبق أن قدّم برامج مستنسخة من أعمال أجنبية، لكنه شعر بأنه مقيّد ومعلّب بمضمونها، وعما إذا كان يعتمد خطاً معيناً في الحوار يقول: «من الضروري ألا تبلغ الأمور حدّ الوقاحة، وليبقى الحوار ممتعاً ولائقاً ومقبولا من الجميع. عبّرت، من خلال البرنامج، عن نفسي بحرية أكبر، ما أطلق العنان لموهبتي التي صقلتها تدريجاً وبعناية».ريتا حرب{العفوية والبساطة والقرب من الناس من أهم العوامل التي نعتمدها في برنامجنا}، توضح ريتا حرب التي تطل في برنامج {عيون بيروت} على شاشة {أوربت} مع زميلات لها، ويطرحن مواضيع حياتية واجتماعية وفنية وحتى سياسية وغيرها...تشدد حرب على أن لكل مقدم برامج أداءً خاصاً وأسلوباً مختلفاً عن غيره، لكن البعد عن التفلسف واعتماد التلقائية في الحوار لا بد من أن يتوافرا عند الجميع. تعزو استمرارية البرنامج لسنوات طويلة إلى الانسجام بين فريق العمل وبينهن كمقدمات، {ثم لا يقوم البرنامج على سؤال وجواب وهو أمر يجعل المشاهد يملّ، بل على حوار شيق مع الضيوف، فيشعر المشاهد بأنه موجود معنا في الاستوديو، نظراً إلى العفوية والبعد عن التصنع والتكلف، إضافة إلى الاتصالات التي نتلقاها من المشاهدين وتضفي أجواء جميلة ومختلفة، بالتالي نكون على تواصل دائم معهم، وأصبحت بيننا وبينهم وحدة حال وصداقة، ففي حال غابوا ولم يتصلوا يعتذرون على الهواء، ما يحملنا مسؤولية تجاههم}.تضيف: {كذلك نحرص، في مقدمة البرنامج، على طرح موضوع اجتماعي آني ونتحاور حوله، إضافة إلى تقارير منوعة وفقرات غنية ومواكبة لكل جديد سياسي أو فني أو اجتماعي}.تميز وانحياز إلى الحقيقةالقاهرة – بهاء عمريركز محمود سعد على التنوع في فقرات البرامج، والاعتماد على فريق إعداد يضم متخصصين في مجالات مختلفة، فلا يقتصر المحتوى على السياسة، بل يحرص على استضافة فنانين ومطربين، في محاولة لإرضاء الأذواق المختلفة، وحشد المتابعين لبرنامجه.تنقّل سعد بين فضائيات عدة وغيّر صورته لدى متابعيه، من صحافي متخصص في الفن، إلى أحد أشهر مقدمي البرامج في مصر، وقد فسّر ذلك قائلا: {أحرص على تجنب الملل}، لذلك هو دائم البحث عن نماذج ناجحة في المجالات كافة من الطب إلى الهندسة، وحتى استضافة الأوائل في المدارس والجامعات، موضحاً أن تلك التوليفة تجذب قطاعاً واسعاً يكفل النجاح لأي برنامج.انحياز إلى الحقيقةلا ينفك الصحافي التلفزيوني المخضرم يسري فودة يكرر أن انحياز مقدم البرنامج إلى الحقيقة من دون التدخل برأي الضيف، كفيل بأن يرسخ مكانة البرنامج وقيمته لدى المشاهدين، حتى ولو احتاج ذلك إلى بعض الوقت.يشير فودة في لقاءاته النادرة، إلى صعوبة العمل بمعايير دقيقة واحترافية، وسط مناخ يغلب عليه {عدم المهنية}، منبهاً إلى خطورة انتشار برامج تقدم فقرة مطولة يتحدث فيها المقدّم عن آرائه ووجهة نظره، ويختار الضيوف الذين يؤيدونه، لخلق رأي واحد.يتجنب فودة إطلاق الأوصاف على شخصيات فاعلة في المشهد العام، موضحاً أن كل ما هو تحريضي أو طائفي أو إعلاني لا مجال له في برنامجه.الإعلامي أحمد موسى، مقدم برنامج {الشعب يريد} على فضائية التحرير، يعبر عما يسميه {نبض الناس}، بمعنى نقل ما يشعرون به إلى شاشة البرنامج، موضحاً أن السياسة هي بطل المشهد العام في مصر، لذلك يعرض فقرات مرتبطة بالأحداث اليومية، مع التميز بلقاءات خاصة أو حصرية، رغم صعوبة ذلك وسط كم من البرامج ووسائل الإعلام.يضيف ألا يوجد لديه ما يتجنبه في برنامجه، {المجال التلفزيوني أصبح مفتوحاً ومتعدداً، وإذا شعر الجمهور بأن برنامجاً بعينه يخشى طرح قضية ما، فسينتقل بكل بساطة إلى قناة أخرى تناقش ما يبحث عنه}.جملة مفيدةصرّحت الإعلامية منى الشاذلي أكثر من مرة أن برنامجها {جملة مفيدة} يعتمد على متغير واحد عما كانت تقدمه سابقاً، هو مشاركة الجمهور في تصوير الحلقات داخل الأستوديو والاستماع إلى الضيوف، ورغم أن هذا المتغير تلاشى في الحلقات التي تقدمها الآن، فإنها تجتهد في التعامل مع الأحداث الرئيسة برؤية مختلفة، لا سيما أن معظم البرامج تناقشها، لذا تعتمد على قدرتها في الحوار وفريق العمل في الحصول على لقاءات حصرية تدفع بالبرنامج إلى التميز.المعروف عن منى أنها لا تستضيف شخصية تعرف مسبقاً أنها يمكن أن تتعرض بالسب والقذف لخصم لها، فإذا لم يكن متاحاً حضور الخصم أو المعارض في البرنامج، لا تسمح وفريق العمل بظهور وجهة نظر واحدة.الإعلامية مفيدة شيحة التي تقدم برنامج {الستات ما بيعرفوش يكدبوا} بمشاركة الفنانة منى عبد الغني والإعلامية أميرة بهي الدين، توضح أن المحور الأهم الذي يعتمدن عليه في نجاح برنامجهن هو شعور المشاهد بالأريحية والمشاركة في النقاش، حتى أضحى البرنامج كأنه {قعدة ستات} يتحاورن في قضايا مختلفة، ويشبه، إلى حد كبير، الواقع اليومي حيث تكثر اجتماعات السيدات للحديث بشأن كل شيء.تضيف شيحة أن فريق العمل يحرص على أن تكون مقدمات البرنامج جزءاً من فقراته، {فنشارك في فقرات الطبخ على الهواء مباشرة، ونبدي رأينا وأفكارنا بشأن المأكولات، ما شكَّل حالة من الألفة بيننا وبين المشاهدين}.أما الإعلامية عزة مصطفى، مقدمة برنامج {صالة التحرير}، فترى أنه، بحكم ظهور برنامجها على الشاشات بعد ثورة غيرت النظام في مصر، من الطبيعي أن تكون السياسة الخط العريض في اهتماماتها.توضح أن البرنامج يضع بصمته الخاصة، رغم أنه يتناول بعض ما ينشر على صفحات الجرائد، لافتة إلى أن التميز يتمثل بالسبق والقدرة على الوصول إلى نجوم الساعة في أي مجال قبل أن يظهروا في برنامج آخر.