تقرير اقتصادي: «مونديال» البرازيل... عوائد اقتصادية مقابل تنامي البطالة والتضخم

نشر في 12-06-2014 | 00:08
آخر تحديث 12-06-2014 | 00:08
No Image Caption
23 مليار دولار للدولة المنظمة و5 مليارات لـ «الفيفا» وتحديات على صعيدَي الفقر والجريمة
يتوقع «الفيفا» عائدات قياسية من استضافة البرازيل هذه الدورة من كأس العالم، تناهز 5 مليارات دولار، مما يعني ارتفاعها بنسبة 36٪ عما حققه مونديال 2010 في جنوب إفريقيا.

تبدأ اليوم منافسات البطولة الأكثر جماهيرية، وهي كأس العالم، وسط تحديات تتجاوز ملاعب كرة القدم الى التوقعات الاقتصادية المرتقبة من عوائد هذه البطولة على الدولة المنظمة -البرازيل - او الشركات الراعية والمشاركة في تسويق وتنظيم وادارة البطولة في مقابل ملفات تتنامى صعوبتها على اكثر من صعيد كالبطالة والفقر والتضخم والجريمة .

فحسب التوقعات الأولية للإيرادات المباشرة المتوقعة من تنظيم البطولة فإنها ستقترب من 11 مليار دولار ينفقها نحو 4 ملايين سائح من داخل وخارج البرازيل، وهو ما يشكل 4 أضعاف الإيرادات النهائية التي حققها مونديال جنوب إفريقيا 2010، أما العائدات المتوقعة الناتجة عن مجمل النشاط الاقتصادي المرتبط بكأس العالم داخل البرازيل فمن المتوقع الا تقل عن 23 ملياراً، ما يعادل 1.5% من إجمالي الناتج القومي، وهي ايرادات ناتجة عن عوائد استثمار المنشآت الجديدة مثل البنية التحتية من جسور واتصالات وشبكات نقل ومنشآت متنوعة، الى جانب ضرائب وعوائد ترتيبات وصفقات تجارية كبرى وسفر وسياحة وبث تلفزيوني وإذاعي ومراهنات رياضية وغير ذلك كثير جدا.

أما الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" فيتوقع- حسب دراسة مركز BDO للاستشارات- عائدات قياسية من استضافة البرازيل لكأس العالم 2014 تناهز 5 مليارات دولار، مما يعني ارتفاع هذه العائدات بنسبة 36٪ عما حقق في مونديال 2010 في جنوب إفريقيا (3.655 مليارات دولار)، وبزيادة نسبتها 110٪ عما حقق في كأس العالم 2006 في ألمانيا (2.345 مليار دولار).

مصادر الإيرادات

وتأتي مصادر هذه الايرادات بشكل رئيسي من بيع حقوق النقل التلفزيوني للمونديال، وحقوق الرعاية والتسويق وحقوق ترخيص المنتجات، والضيافة من تذاكر واصدارات ومقتنيات، وذلك على مدار السنوات الأربع التي تسبق المونديال. يذكر ان اخر كأس عالم في جنوب افريقيا عام 2010 بلغ عدد مشاهديه حوالي 800 مليون شخص من 204 دول حول العالم، ومن المتوقع ان يلامس العدد في المونديال الحالي مليار مشاهد.

بطولة مثل كأس العالم ليست مجرد حدث رياضي، انما هي ايضا نشاط اقتصادي متكامل يتعلق بالبنى التحتية وتوفير فرص العمل، ونشاط سياحي وعقاري، فضلاً عن كونها عروضاً للتسويق، بل ان قطاع التجزئة في ألمانيا وجنوب افريقيا اللتين استضافتا بطولتي 2006 و2010 شهد أيام تنظيمهما مبيعات تتجاوز ملياري دولار نتيجة شراء المشروبات والمأكولات كالبيرة والوجبات السريعة وأجهزة التلفزيون والشاشات وذلك لمتابعة البطولة في المنازل والساحات العامة.

غير ان الصورة ليست زاهية تماما، فثمة تحديات اقتصادية ترتبت على كأس العالم اشعلت العديد من التظاهرات في اكثر من مدينة برازيلية، إذ أوردت مجلة ايبوكا البرازيلية المختصة في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية ان أسعار المواد الاستهلاكية قبل اشهر من بدء كأس العالم زادت بنسبة 300% بسبب التضخم المالي الذي بدأ يخرج عن نطاق سيطرة الحكومة، مع الاخذ بعين الاعتبار أن الرواتب في البرازيل تعتبر من بين الأخفض في العالم.

وأضافت المجلة أن أسعار العقارات زادت بنسبة 400% منذ اعلان اختيار البرازيل لاستضافة بطولة كأس العالم، مؤكدة أنه مقارنة بأسعار العقارات في دول أخرى من العالم فإن سعر شقة صغيرة بمساحة 70 مترا مربعا في مدينة ريو دي جانيرو يعادل سعر منزل فخم في الولايات المتحدة.

كذلك ظهر على السطح في الاونة الاخيرة نتيجة لنمو التضخم نمو اخر في معدلات الجريمة في البرازيل، اذ وصلت حالات السلب إلى أكثر من 420 حالة في حافلات ريو دي جانيرو في يناير 2014، في حين كانت اقتصرت على 195 حالة فقط في يناير 2013. ولعل هذا ما يفسر موقف النجم البرازيلي السابق روماريو الذي اتخذ موقفاً مناوئاً لتنظيم البطولة في بلاده، موضحاً أنها مكلفة ومعوقة لدرجة كبيرة، كما يعتقد أغلب البرازيليين أن البطولة ربما لا تستحق كل هذا العناء.

تحديات

البرازيل التي تواجه اليوم تحدي نجاح كأس العالم اقتصاديا هي الدولة التي كانت قبل 10 سنوات فقط نموذجاً للفقر والجوع والبطالة، مما ادى الى انتشار الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات حتى لامست الإفلاس لعدم قدرتها على سداد دين خارجي كبير، وباتت اليوم تصنف كسابع اكبر اقتصاد في العالم في منافسة شديدة مع اقتصادات عريقة كبريطانيا وفرنسا، بعد ان قدمت نموذجا للعالم في كيفية اعادة الاستغلال الأمثل للموارد الزراعية والمائية والنفط والمعادن المتنوعة، فضلاً عن السكانية التي تناهز 200 مليون نسمة.

خلال السنوات الماضية استطاعت البرازيل ان تغير اقتصادها بعد ان نجحت في تغيير انماط الادارة لديها، فكان لشخصية الرئيس السابق لولا دا سيلفا اثر كبير في التحول الاقتصادي الكبير، في حين يتوقع ان يصل ناتجها المحلي عام 2017 الى 3.3 تريليونات دولار حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، في حين يصل النمو المتوقع لاقتصادها هذا العام إلى 3.6%.

لا شك ان كأس العالم كحدث رياضي يعتبر الاهم عالميا، الا انه يعطي نماذج في كيفية التعاطي الاقتصادي مع الملفات المهمة في الدول التي تعاني مستويات معيشية منخفضة كالبرازيل.

back to top