«ثقافة الديمقراطية»... قبل الصناديق

نشر في 15-03-2014
آخر تحديث 15-03-2014 | 00:01
 محمد خلف الجنفاوي قبل تطورات المحيط العربي وما عرف اصطلاحاً بـ "الربيع العربي" من تداعيات دموية حصدت أرواحاً بريئة وتسببت في فقدان الأمن واشتداد الأزمة الاقتصادية التي كانت أحد دوافع التغيير الرامية إلى تعديل المستوى المعيشي في أغلب البلدان، كان أغلب المثقفين وداعمي الحريات ومنظري المجتمع يتساءلون عن أسباب توقف قطار التغيير عند حدود العرب، ولماذا تغيرت دول كثيرة حتى من العالم الثالث ولا تزال هذه المنطقة عصيّة على أي تغيير؟

على المستوى الشخصي ظل اعتقادي أن السبب ينحصر في البنية الثقافية التي تعد المعضلة الحقيقية، فهي التربة الخصبة للاستبداد، فكلما ذهب دكتاتور نبت آخر، ناهيك عن أن بعض صور الراحلين منهم لا تزال ترفع!

لذا فإن حجر الزاوية لأي حل أو عملية إصلاح أو تغيير للنظم السياسية التقليدية أو لنقول سطوة الحكم الفردي، يتمثل في ضرورة وجود تنظيمات بعيدة كل البعد عن الطائفية والقبلية أو العشائرية، ترتكز على برامج واضحة تعزز وتركز على ثقافة المواطنة فقط. فأي تجمع أو كتلة أو حزب، أياً كان مسماه، لا يرتكز على برنامج واضح المعالم ولا يعزز المواطنة، سيتسبب بلا شك في شحن الأطراف بعضها ببعض وترويع فئة لأخرى. وباستمرار هكذا نماذج للحكم وبقائها تستمر معاناة الإنسان في ظل ما يثار من اتهامات بالخيانة وتهم معلبة لمجرد أنه يطالب بحق من حقوقه ناهيك عن مطالبته بإصلاح سياسي!

وإن تغيرت مثل هذه النوعيات من الأنظمة بصورة فجائية، فإنها تخلف وراءها تركة ثقافية مدمرة تمتد لعقود وهو ما يعني شيوع فوضى عارمة في المجتمعات من الممكن أن تنتهي بالوطن إلى التقسيم! خصوصا في المجتمعات التي تفتقر إلى وجود بنية سياسية ثرية من أحزاب وكتل نشيطة لديها برامج واقعية يطمئن إليها الخائفون الذين عاشوا واعتادوا على سياسة التخويف من الآخر التي يمارسها أفراد قد يكونون من أبناء البلد الواحد.

في الآونة الأخيرة، شهدت الساحة السياسية الكويتية إعلان تكتلات أو تجمعات أو مشروعات أحزاب عديدة، لكن مثل هذه التحركات لن يكون لها جدوى سياسية ولن تجلب تغييراً حقيقيا على أرض الواقع ما لم تعتمد مثل هذه التنظيمات السياسية على ركيزة أساسية مكونة من برامج سياسية شاملة وواضحة وتنطوي على مشروعات وطنية شاملة تعود بالنفع على فئات المجتمع.

فالقضية ليست صناديق انتخابية تعبأ ولا انتخاب وجوه وعقول مختلفة، بل ببرامج وسياسات تعزز المساواة وقيم المواطنة وحرية الاختيار والتعبير.

***

"أفضل طريقة لإسكات أهل الفتن تجاهلهم"

back to top