من ذاكرة المونديال: من الأوروغواي 1930 إلى البرازيل 1946

نشر في 19-05-2014 | 00:02
آخر تحديث 19-05-2014 | 00:02
شهدت مدينة أمستردام الهولندية اجتماعاً للفيفا عام 1928 اتخذ قراراً بتنظيم أول بطولة عالمية عام 1930 موعداً لإقامتها، ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا أصبحت بطولات المونديال محل اهتمام ومتابعة الرياضيين حول العالم.
تختلف الروايات حول نشأة كرة القدم، فمنهم من يقول إن الرومان كانوا اول من مارسوها في القرون الوسطى، والبعض الآخر يقول إن الصينيين هم الذين اكتشفوها، لكن نشأتها الحقيقية كانت في القرن التاسع عشر، وتحديدا في 26 نوفمبر 1863 عندما اسس الاتحاد الانكليزي لكرة القدم.

واقيمت اول مباراة رسمية في 30 نوفمبر 1872 بين انكلترا واسكتلندا، واسفرت عن تعادلهما صفر-صفر، وكان الانكليز اول من قدم الى العالم لعبة كرة القدم الحديثة، عبر المهاجرين الذي كانوا وراء انشاء اتحاد الدنمارك عام 1889، ليكون بذلك اول بلد خارج الجزر البريطانية الذي يملك اتحادا خاصا به.

الاتحاد الدولي لكرة القدم

وتطورت كرة القدم، التي مارسها 160 مليونا في العالم، وفي مطلع القرن العشرين قام المسؤولون وعلى رأسهم الفرنسي روبير غيران والهولندي هيرشمان بمحاولات جادة لتنظيم شؤون اللعبة، فاسسوا الاتحاد الدولي لكرة القدم في 21 مايو 1904، بحضور ممثلين عن سبع دول هي فرنسا وبلجيكا وهولندا والدنمارك والسويد وسيسورا، وغاب عن الاجتماع ممثلو انكلترا والجزر البريطانية لانهم اعتبروا انه لا حاجة لقيام مثل هذا الاتحاد.

وحاول غيران اقناع البريطانيين بجدوى الانضمام الى هذا الاتحاد لكن محاولاته ذهبت ادراج الرياح. وعرفت كرة القدم طريقها الى الاولمبياد للمرة الاولى عام 1920 في مدينة انتورب البلجيكية، ومنذ ذلك الحين لم تغب عن الاولمبياد.

لكن الاتحاد الدولي، الذي انتخب الفرنسي جول ريميه رئيسا له عام 1918 خلفا لمواطنه غيران، بدأ يفكر جديا في تنظيم بطولة عالمية خارج اطار الدورات الاولمبية. وفي 26 مايو 1928 شهدت مدينة امستردام الهولندية اجتماعا مهما للفيفا، واتخذ قرارا بتنظيم أول بطولة عالمية واختار عام 1930 موعدا لإقامتها، كما افسح في المجال امام جميع الاتحادات العالمية المشاركة في هذا الحدث المميز. وفي 17 و18 مايو 1929 اجتمع الاتحاد الدولي في اسبانيا واختار الاوروغواي لاقامة البطولة الاولى.

الأوروغواي 1930

اقيمت النسخة الاولى من بطولة العالم من 13 الى 30 يوليو 1930 في الاوروغواي، وتقدمت الاوروغواي بترشيحها معتمدة على امرين: الاول احرازها ذهبيتي الاولمبياد عامي 24 و28، والثاني لانها تصادف مع احتفالاتها بالذكرى المئوية لاستقلالها، وقد شيدت لهذه المناسبة ملعب سنتيناريو الضخم الذي يتسع لـ100 الف متفرج.

وبعد ان تم اختيار الاوروغواي لاحتضان البطولة الاولى، بقي معرفة اسماء المنتخبات المشاركة، علما انه لم تقم اي تصفيات بل وجهت دعوات. ولم ترحب بعض الدول الاوروبية باختيار الاوروغواي، لانه كان عليها اجتياز مسافات طويلة للمشاركة، لذا اقتصرت مشاركة المنتخبات الاوروبية على اربعة هي فرنسا وبلجيكا ورومانيا ويوغوسلافيا.

وسافرت المنتخبات الاربعة على متن الباخرة الشهيرة "كونتي فيردي"، التي ابحرت من مدينة "فيلفرانش سور مير" الفرنسية في 21 يونيو في طريقها الى مونتيفيديو، ووصلت الباخرة بعد ثلاثة اسابيع اي قبل خمسة ايام من المباراة الافتتاحية بين فرنسا والمكسيك.

ونال الفرنسي لوسيان لوران، الذي لايزال على قيد الحياة، شرف تسجيل اول هدف في النهائيات في الدقيقة التاسعة عشرة في مرمى المكسيك. وسيطرت المنتخبات الاميركية الجنوبية على البطولة وخير دليل على ذلك فوز الارجنتين على الولايات المتحدة 6-1 في نصف النهائي، والاوروغواي على يوغوسلافيا بالنتيجة ذاتها، لتجمع المباراة النهائية بين منتخبين من اميركا اللاتينية.

وحسمت الاوروغواي المباراة النهائية لمصلحتها بفوزها 4-1 بمؤازرة نحو 100 الف متفرج رغم تخلفها 1-2 في نهاية الشوط الاول. وسجل في البطولة 70 هدفا، منها واحد من ركلة جزاء، وطرد لاعب واحد، وتابعها 4355000 متفرج. وتوج الارجنتين ستابيلي هدافا برصيد 8 اهداف.

نجوم البطولة

- خوسيه لياندور اندري (الاوروغواي): صانع العاب المنتخب البطل واللاعب الاسود الوحيد في التشكيلة، سبق له ان احرز ذهبية الالعاب الاولمبية في 1924 و1928.

- خوسيه ناساتزي (الاوروغواي): اول قائد منتخب يرفع كأس العام التي صممها النحات الفرنسي ابيل لافلور.

- غييرمو ستابيلي (الارجنتين): بدأ البطولة على مقاعد الاحتياط قبل ان يلمع نجمه في المباراة ضد المكسيك التي سجل فيها ثلاثة اهداف. وسجل 8 اهداف في البطولة بينها اثنان في نصف النهائي وواحد في المباراة النهائية.

- المباراة النهائية: في 30 يوليو 1930، فازت الاوروغواي على الارجنتين 4-2 في مونتيفيديو امام 90000 الف متفرج. سجل اهداف الاوروغواي دورادو (12) وتشيا (57) واريارتي (68) وكاسترو (89) وسجل هدفي الارجنتين بوتشيللي (20) وستابيلي (37).

إيطاليا 1934

نظمت إيطاليا البطولة الثانية من 27 مايو الى 10 يونيو 1934 بمشاركة 12 منتخبا اوروبيا ومنتخبين من اميركا اللاتينية وواحد من اميركا الشمالية وواحد من افريقيا.

وكانت ايطاليا خاضعة للنظام الفاشي بقيادة الزعيم بينيتو موسوليني الذي كان استلم الحكم عام 1922، وكانت فرصة له للدعاية للفاشية والتمجيد لها. وللمرة الاولى قضى نظام البطولة بانسحاب الخاسر من مباراة واحدة، وكانت مصر أول دولة عربية تشارك في النهائيات، وقد خسرت امام المجر 2-4 وسجل هدفيها عبدالرحمن فوزي.

وتأهلت ثمانية منتخبات للدور ربع النهائي، وكانت ابرز مباراة في هذا الدور بين ايطاليا واسبانيا، وتمكنت ايطاليا من الفوز في المباراة المعادة بينهما 2-1 بعد تعادلهما في المباراة الاولى.

وتواجهت ايطاليا في النهائي مع تشيكوسلوفاكيا امام 60 الف متفرج يتقدمهم موسوليني، وقد تقدمت تشيكوسلوفاكيا بهدف سجله جناحها بوك في الدقيقة 69، فخيم صمت مطبق على الملعب لكن الايطالي الارجنتيني الاصل اورسي اعاد الامور الى نصابها عندما ادرك التعادل لايطاليا ليفرض التمديد. وبعد 5 دقائق على الشوط الاول الاضافي اطلق شيافيو رصاصة الرحمة في مرمى المنتخب التشيكي لينفجر الملعب.

سجل في البطولة 70 هدفا، منها 3 من ركلات جزاء وطرد لاعب واحد، وتابع المباريات 395000 متفرج، وتقاسم اربعة لاعبين لقب الهداف وهم الالماني كونن والتشيكي نيجيدلي والايطالي شيافيو ولكل منهم 4 اهداف.

نجوم البطولة

- جيوسيبي مياتزا (إيطاليا): صانع الفوز على إسبانيا في ربع النهائي على النمسا في نصف النهائي وصاحب التمريرة التي سجل منها شيافو اصابة الفوز في المباراة النهائية.

- اولدريش نيييدلي (تشيكوسلوفاكيا): هداف البطولة بسبعة اهداف: لقب بكريستال بوهيميا.

- ماتياس سينديلار (النمسا): احد افضل لاعبي كرة القدم في النمسا الذي قال عنه مدرب فرنسا للاعبيه قبل لقاء منتخبيهما في المباراة التي خسرتها فرنسا 2-3: "اذا ذهب سينديلار الى المرحاض الحقوه الى هناك"، وقد انتحر الاخير في 22 يناير 1939 بعدما ضمت المانيا النازية النمسا اليها.

- ريكاردو زامورا (اسبانيا): لقبه "لاعب من السماء"، كان نجم المباراة الاولى ضد ايطاليا في ربع النهائي التي انتهت بالتعادل 1-1، وبسبب الاصابة لم يستطع المشاركة في المباراة المعادة التي خسرتها بلاده صفر-1.

- المباراة النهائية اقيمت في 10 يونيو، وفازت بها ايطاليا على تشيكوسلوفاكيا 2-1 في روما امام 50 الف متفرج. سجل اوروسي (81) وشيافو (95) هدفي ايطاليا وبوك (71) هدف تشيكوسلوفاكيا، قاد المباراة الحكم السويدي ايكلند.

فرنسا 1938

اختار مؤتمر الاتحاد الدولي، الذي عقد في برلين عام 1936، فرنسا لاحتضان كأس العالم الثالثة عام 1938، اعترافا بجميل ابنها جول ريميه الذي يعود إليه الفضل بإطلاق هذه البطولة العالمية.

واقيمت النهائيات من 4 الى 19 يونيو بمشاركة 12 منتخبا اوروبيا وواحد من اميركا الجنوبية وواحد من اميركا الشمالية وواحد من اميركا الوسطى. وحاول الاتحاد الدولي اقناع الاتحاد البريطاني بالمشاركة لكن دون نجاح.

وحصلت مفارقة طريفة في مباراة البرازيل وبولندا عندما خلع البرازيلي ليونيداس أحد نجوم المباراة وهدافها برصيد 7 اهداف حذاءه ورماه خارج الملعب، فاقترب منه الحكم السويدي ايكليند وامره بارتدائه مجددا لان ذلك مخالف للقوانين، وقد تمكن ليونيداس من تسجيل هدفين آخرين رافعا رصيده الى 4 اهداف في تلك المباراة.

وتغلبت إيطاليا في طريقها الى النهائي على فرنسا والبرازيل، وكان عليها التغلب على المجر للاحتفاظ باللقب. ولم تجد ايطاليا صعوبة في الفوز 4-2 بقيادة نجميها بيولا وكولوسي اللذين تقاسما تسجيل الاهداف الاربعة. وسجل في البطولة 84 هدفا، منها اثنان من ركلة جزاء، وطرد اربعة لاعبين، وتابعها 483000 متفرج، وتوج البرازيلي ليونيداس هدافا برصيد 8 اهداف.

نجوم البطولة

- اندريه ابيغلين (سويسرا): صانع الفوز التاريخي لسويسرا على ألمانيا 4-2، علما ان المنتخب الخاسر ضم نخبة من اللاعبين الالمان والنمساويين.

- جيوفاني فيراري (ايطاليا) هو أحد ثلاثة لاعبين مع مياتزا ومونزيليو الذين احرزوا الكأس مع ايطاليا في 1934 و1938.

- سيلفيو بيولا (ايطاليا): تصويباته الحاسمة ساعدت ايطاليا في تخطي عقبة فرنسا 3-1 في ربع النهائي بعد تسجيله هدفين ثم حصل على ركلة جزاء في نصف النهائي ترجمها مياتزا، وفي المباراة النهائية سجل هدفين في مرمى المجر.

- المباراة النهائية اقيمت في 19 يونيو، وفازت فيها ايطاليا على المجر 4-2 في باريس امام 55000 الف متفرج، سجل كولوسي (5 و35) وبيولا (26 و82) اهداف ايطاليا وتيتكوش (7) وساروزي (70) هدفي المجر. قاد المباراة الفرنسي كابدوفيل.

البرازيل 1946

توقفت بطولة كأس العالم 12 عاما بسبب الحرب العالمية الثانية، وبعد انتهاء الحرب عام 1946 اجتمع الاتحاد الدولي في العام ذاته واتخذ قرارا بإطلاق اسم جول ريميه على الكأس، كما اعلن انضمام الاتحاد البريطاني الى كنفه بعد غياب طويل وقبول عضوية الاتحاد السوفياتي، واوكل الى البرازيل احتضان البطولة الرابعة.

وشيدت البرازيل لهذه المناسبة ملعب ماراكانا الشهير، وهو اكبر الملاعب العالمية حيث يتسع لـ200 الف متفرج، واقيمت النهائيات من 24 يونيو الى 16 يوليو بمشاركة 6 منتخبات اوروبية و5 من اميركا الجنوبية و2 من اميركا الشمالية.

واكد الدور الاول ان المنافسة ستنحصر بين البرازيل المضيفة والاوروغواي العائدة بقوة والتي اكتسحت بوليفيا 8-صفر، وعمل بنظام الدوري بعد انتهاء الدور الاول، ويتوج بطلا المنتخب الذي يجمع اكبر عدد من النقاط، وقد فاز البرازيليون على السويد 7-1 وعلى اسبانيا 6-1، بينما فازت الاوروغواي على السويد 3-2 وتعادلت مع اسبانيا 2-2.

وكان اللقاء الاخير بين البرازيل والاوروغواي حاسما لتحديد الفوز مع افضلية للاولى التي كانت تلعب على ارضها وبين جمهورها، كما ان التعادل كان يكفيها لضمان اللقب للمرة الاولى.

وعلى ملعب ماراكانا 200 الف متفرج يوم المباراة النهائية معتبرين ان احراز اللقب تحصيل حاصل. وزاد من اقتناعهم عندما احرز فرياكا هدف التقدم للبرازيل (48)، بيد ان شيافينو ادرك التعادل للاوروغواي (68) قبل ان يوجه غيغيا ضربته القاضية (79) فابكى ملعب ماراكانا.

واقيمت في البطولة 22 مباراة سجل خلالها 88 هدفا، منها 3 من ركلات جزاء، ولم يطرد اي لاعب، وتابعها 1337000 متفرج، وتوج البرازيلي اديمير هدافا برصيد 9 اهداف.

نجوم البطولة

- اديمير (البرازيل): هداف البطولة بـ9 اهداف في 6 مباريات.

- الفرد بيكل (سويسرا): اللاعب الوحيد الذي شارك في البطولتين اللتين اقيمتا قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها: فرنسا 1938 والبرازيل 1950.

- المباراة النهائية اقيمت في 16 يوليو وفازت فيها الاوروغواي على البرازيل 2-1 في ريو دي جانيرو امام 199854 متفرجا، سجل شيافينو (66) وغيغيا (79) هدفي الاوروغواي وفريياشا (47) هدف البرازيل، قاد المباراة الحكم الانكليزي ريدر.

نهائي مونديال 1930 في سطور

المباراة: الأوروغواي - الارجنتين 4-2 (1-2)

تاريخ إقامتها: 30 يوليو

الملعب: مونتيفيديو (الأوروغواي)

الجمهور: 90 ألف متفرج

الحكم: البلجيكي جون لانجينوس

الأهداف:

الأوروغواي: دورادو (12) سيا (57) وايريارتي (68) وكاسترو (89)

الارجنتين: بوسيل (20) وستابيلي (37)

وجرت المباراة النهائية في 30 يوليو على ملعب سانتياغو في مونتيفيديو امام حشد ناهز 90 ألف متفرج جاؤوا لمؤازرة منتخبهم سيليستي، اي المنتخب السماوي، وكلهم أمل بإحراز أول بطولة لكأس العالم، خصوصا ان الاوروغواي صاحبة الارض والجمهور.

وبدأت المباراة بمحاولات جس نبض من جانب الطرفين، فانحصر اللعب في وسط الملعب دون اي خطورة تذكر على باب المرميين.

وبعد مضي 12 دقيقة على بدء المباراة افتتح الجناح الايمن للاوروغواي بابلو دورادو التسجيل فعمت الفرحة المدرجات ورفرفت الاعلام، لكن هذا الهدف المبكر لم ينل من معنويات لاعبي الارجنتين فحققوا التعادل بعد ثماني دقائق بواسطة لاعبهم الفرنسي الاصل كارلوس بوسيل، وما لبثوا ان احرزوا هدف التقدم بواسطة قلب هجومهم وهدافهم ستابيلي في الدقيقة 37، إثر تسلل واضح لم يتنبه له الحكم وسط وجوم تام خيم على الملعب.

واعترض لاعبو الاوروغواي على الهدف، لكن الحكم لم يأبه لاعتراضهم واكمل المباراة لينتهي الشوط الاول بتقدم الارجنتين 2-1.

عاد منتخب الاوروغواي في الشوط الثاني الى الملعب وكله عزم على تعديل النتيجة فشن اللاعبون هجمات متلاحقة على مرمى الارجنتين التي تكتل لاعبوها في منطقة الدفاع للمحافظة على النتيجة، ورغم تألق الحارس في الذود عن مرماه نجحت الاوروغواي في تسجيل هدف التعادل في الدقيقة 57 بواسطة شيا واتبعه اريارتي بهدف ثالث بعد 10 دقائق.

بعد هذا الهدف استفاق منتخب الارجنتين من سباته، لكن محاولات ستابيلي وبوسيل باءت بالفشل، واستطاعت الاوروغواي تعزيز تقدمها بواسطة كاسترو قبل نهاية المباراة بدقيقتين لتحسم النتيجة لمصلحتها. ورفع قائد الاوروغواي كأس جول ريميه التي صممها النحات الفرنسي ابيل لافلور.

back to top