العراق: الفراغ العسكري يعطي دوراً أكبر للمدافع ويبرر حضور الميليشيات

نشر في 31-03-2014 | 00:06
آخر تحديث 31-03-2014 | 00:06
No Image Caption
اعتراف «شيعي» نادر بوقوع تطهير طائفي لسنّة ديالى
لم يكن تبادل الاتهامات بشأن حصول "تطهير طائفي" قامت به ميليشيات شيعية في ديالى أمراً غريباً بعد أعوام طويلة من الاستقطاب ومبالغة كل طرف في نوع ضحاياه وعددهم، لكن المفاجأة جاءت في تسجيل أول اعتراف من نوعه، حين أصدر رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الأسبوع الماضي، بياناً هاجم فيه حكومة نوري المالكي، واتهمه باستخدام ميليشيات لتصفية مدنيين سنّة، خلال معارك مع "داعش" في بلدة بهرز على الحدود الإيرانية.

ولم يكن بيان الصدر مجرد إشارة إضافية على الرفض الشيعي الواسع لطريقة المالكي في إدارة الخلاف مع السنّة، بل أتى في سياق تبرئه المتواصل من عناصر قيادية منشقة عنه، راحت تشترك في القتال السوري إلى جانب حزب الله اللبناني ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتعود بـ"خبرات جديدة" لتشترك في ما يشبه حرب شوارع مع "داعش" يذهب ضحيتها مدنيون، في أكثر من بلدة غرب بغداد وشرقها.

ويبرر بعض المقربين من الحكومة دور الميليشيات بأنه إسناد طبيعي للجيش الحكومي الضعيف، خلال حربه مع التنظيمات الجهادية الأكثر شراسة، غير أن المعترضين على ذلك يتحدثون عن إحراق مساجد وتصفية لمدنيين بتهمة التعاون مع "داعش"، بعيداً عن الإجراءات القانونية، قائلين إن ذلك يشجع السنّة في المناطق الساخنة، على التخلي عمّا تبقى من الإيمان بجدوى السياسة وشعورهم بغياب الدولة، ويدفعهم للتعاطف مع الحركات الجهادية التي ترفع شعار إسقاط الحكومة.

وبحسب خبراء فإن ما حصل في ديالى ليس سوى وجه واحد لحقيقة المأزق الذي يحيط برئيس الحكومة، بعد أن دخل بمواجهة في ميدان عمليات يمتد من حدود إيران شرقاً حتى الحدود السورية غرباً، ويستدير حول بغداد في الوسط، وهي عملية لم يكن الجيش قد جربها بمفرده منذ انسحاب الأميركيين، وكشفت عن نواقص في التدريب، ومنحت التنظيمات المسلحة فرص مناورة خطيرة، أبرزها ما بات يعرف بحملة تدمير الجسور، التي شملت حتى الآن نحو 10 جسور استراتيجية، هدفها عزل مناطق كاملة، وقطع إمدادات الجيش العراقي، ووصلت مطلع الأسبوع إلى بوابة بغداد الشمالية، مستهدفة الخط السريع الرابط بين العاصمة والمحافظات السنّية.

متحدثون عسكريون اضطروا خلال الأيام الماضية إلى الحديث عن نجاح "داعش" في "تشتيت" الجهد الاستخباري والعسكري العراقي، وراحوا يتحدثون عن "فراغ" تركه نقل ما يربو على 40 ألف جندي إلى الأنبار، مما ولد ثغرات جنوب بغداد ولا سيما في بابل، وترك قيادة العمليات تناور بقطعات قليلة في منطقة الفرات الأوسط المعروفة بغابات النخيل الكثيفة وشبكة الري التي تعوق حركة القوات.

الخبراء يعترفون أيضاً بأن نقص القوات دفع الجيش مرات كثيرة إلى مواجهة عناصر قليلة من "داعش"، بقصف مدفعي يستمر ساعات طويلة، ويثير الهلع بين السكان الذين يجري التعتيم على ما يقع بين صفوفهم من خسائر في الأرواح.

العمليات التي تتحرك في جبهة واسعة، تشير إلى حجم المأزق الحكومي الذي تستغله جهات متشددة في زيادة الانقسام السياسي والاجتماعي، وهي إذ تقترب من موعد الاقتراع التشريعي المهم المقرر بعد 30 يوماً، فإنها تضع الأحزاب السنّية في موقف لم يختبروا درجة حراجته سابقاً، فالجمهور الذي يفترض أنه يمثل كتلتهم التصويتية منشغل، بنحو مأساوي، في الوقوع بين سندان مسلحي "داعش" ومطرقة مدافع الجيش الحكومي والهلع من دور الميليشيات، كما تضع رئيس الحكومة نفسه، في موقف محرج أمام جمهور شيعي يتفرج على إخفاقات متواصلة للعسكر، وتأخر استمر نحو 4 أشهر في إنهاء العمليات التي سبق للمالكي أن وعد بأنها ستنتهي في بحر أسبوع، وبأقل الخسائر.

back to top