الناقد رؤوف توفيق: السينما تعيش أسوأ عصورها

نشر في 06-12-2013 | 00:02
آخر تحديث 06-12-2013 | 00:02
«سامي السلاموني أفضل ناقد في تاريخنا الفني»

قدم أعمالاً مهمة في تاريخ السينما، ربما أبرزها «زوجة رجل مهم» أحد أهم أفلام السينما المصرية، و«مستر كاراتيه» و{مشوار عمر}. له مؤلفات في السينما أولها وأهمها {السينما عندما تقول لا}. إنه الناقد والسيناريست الكبير رؤوف توفيق، عن السينما ومشكلاتها وتقييمه لما وصلت إليه كان اللقاء التالي:
ما تقييمك للأعمال المعروضة في السينما راهناً؟

تعيش السينما أسوأ عصورها على المستوى الفني والأخلاقي، يحكمها تيار التجارة لا تيار الفن وهو أسوأ ما قد تواجهه سينما، أي أن تحكمها معايير الربح وليس معايير الفن والثقافة. ولكن السينما ستتعافى قريباً لأنها كثيراً ما واجهت مثل هذه الموجات والظواهر التي زالت بعد فترة ولم يبق إلا الفن الجيد.

يدور معظم الأفلام المعروضة الآن في الإطار الشعبي، هل هي خلطة تجارية أم قضية نعيشها واهتمت السينما بها؟

خلطة تجارية واللعب على الجمهور. عرف المنتج ما يطلبه الجمهور وقدمه في توليفه تجارية مليئة بكل شيء وفي المقابل لم نقدم للجمهور البديل الأفضل فنياً حتى نطلب منه الابتعاد عن هذه الأفلام، كما أن طبيعة جمهور السينما الآن اختلفت وهي المعنية بهذه الأفلام لا أنا وأنت.

 

إلى أي مدى نجحت السينما في نقل الواقع؟

السينما في الأصل محاكاة للواقع وتسلط الضوء على عوراته لعلاجها، لكنها اليوم شوهت الواقع وأظهرت سلبياته فحسب وكأنها تروج لها فيما اختفت النماذج الإيجابية وكأن واقعنا كله بلطجية وفتيات هوى وراقصات، لأن الخلطة التجارية المطلوبة من مطاردات وأسلحة وإيحاءات ورقص وعرى لن تراها مع نماذج إيجابية. لذا قرر صانعو سينما تجاهلها هذه الفترة وتسليط الضوء على النماذج السلبية فحسب بحثاً عن الربح، وهو انحدار بالذوق العام والمساهمة في إفساد الأخلاق وتشويه جيل جديد تعلَّم من هذه السينما معنى البلطجة والانحطاط.

أيعني كلامك أن السينما مسؤولة عن تراجع مستوى الأخلاق في المجتمع؟

بكل تأكيد. إظهار سلبيات المجتمع كافة بهذه الصورة وتصدر شخصية البلطجي للأفلام وما حوله من بيئة فاسدة مليئة بالألفاظ والإيحاءات... هذا كله من شأنه إفساد الذوق العام، خصوصاً أن معظم جمهور السينما من المراهقين سهل التأثير فيهم.

ظهرت حملة على مواقع التواصل تطالب بمقاطعة أفلام السبكي لإفسادها الذوق العام. ما رأيك في هذه الحملة؟

مجرد ضجة وعرض إعلامي. من يريد أن يقاطع يمتنع من دون إعلان وإثارة. لا بد من أن نترك للجمهور حرية الاختيار ولا نكون أوصياء عليه نحدد له الجيد من السيئ، بالإضافة إلى أن السبكي هو المنتج الوحيد الذي ما زال يعمل في هذه الظروف في الوقت الذي هرب معظم المنتجين وفضلوا الابتعاد أو الاكتفاء بالتوزيع. وفي حال توقف السبكي ستتوقف الصناعة كلها ويخسر كثير من الكومبارس والعمال والفنيين مصدر دخلهم مع تحفظنا على ما يقدمه من سينما.  

إلى أي مدى ترى دور الدولة في صناعة السينما؟

على الدولة تهيئة المناخ الجيد للصناعة من خلال تطبيق القوانين لمحاربة قرصنة القنوات الفضائية، كسر الاحتكار وسيطرة مجموعة من المنتجين والموزعين على الصناعة بالكامل، تهيئة المناخ ليسمح بدخول منتجين جدد لضخ رؤوس أموال في السينما لزيادة إنتاج الأفلام، وأخيراً الدخول في الإنتاج بشكل مباشر وإنتاج أفلام تحقق التوازن بين القيمة الفنية والتجارية، قيام النقابات الفنية (خصوصاً نقابة السينمائيين) بدور أكثر أهمية مما تقوم به الآن، فقد اكتفت بتوفير المعاشات للأعضاء وحل المشاكل بين المخرجين والمنتجين ولم تفكر في دور أكبر داخل الصناعة نفسها من خلال كسر الاحتكار وسيطرة المنتجين على غرفة صناعة السينما، أداء دور الوسيط بين الدولة وبين العاملين في السينما لحل المشكلات الكبرى مثل سن قوانين منظمة وإلغاء الجمارك على المعدات وآلات التصوير، وما إلى ذلك.

لماذا لا يقوم جهاز السينما بدور المؤسسة العامة للسينما نفسه ويضيف شيئاً إلى الصناعة؟

الجهاز مثل أي مؤسسة حكومية محكوم بميزانية وتتم محاسبته، إما أن تحقق ربحاً وإما أن تكون فاشلاً والفن لا يدار بهذه الطريقة. بالفعل، مطلوب منك أن تحقق إيرادات كي تستمر ولكن أيضاً مطلوب منك أن تغير وجه السينما وتقدم سينما مختلفة عما يقدمه تجار الفن وتساهم في ظهور جيل جديد من المخرجين والكتاب والممثلين، وأن تؤدي دورك التنويري والثقافي.

ما رأيك في إقدام الدولة ممثلة بجهاز السينما على المشاركة في إنتاج فيلم {8%}؟

قرار غير صحيح أبداً وفي هذا التوقيت بالذات، معظم المنتجين الموجودين الآن هم تجار في الأصل ودخلوا السينما كنوع من التجارة وعندما تدخل الدولة في منافسة مع هذا النوع تكون خاسرة لأنها تنافس محترف لا هم له إلا الربح يعرف قواعد العملية وما يريده الجمهور. أما الدولة فهي محكومة كما قلنا بميزانية ولوائح ومساءلة وفي الوقت نفسه مطلوب منها أن تقدم فناً راقياً.

هل ترى أن السينما المستقلة هي الأمل في تقديم أفلام جيدة كي تستعيد السينما عافيتها الفنية؟

بالتأكيد، لأنها لا تعتمد على رؤوس أموال ولكنها تقوم على كفاءات واجتهاد شخصي. قد ترى ممثلين مشاركين في الإنتاج أو يعملون كمتطوعين. السينما المستقلة في الأساس تجربة وحالة فنية جيدة تعبر عن الواقع ولكن بشكل سينمائي مختلف وجديد، تحتاج هذه الحالة إلى من يفتح لها الطريق كي تستمر، تحتاج إلى دور عرض تعرضها خارج إطار دور العرض التي يسيطر عليها موزعون يحاولون غلق السوق والصناعة عليهم فقط.

ولكن لماذا لم تصل السينما المستقلة إلى الجمهور كما حدث مع السينما التجارية؟

نوع من التعود، فقد اعتاد الجمهور على نوع محدد من السينما ويحتاج إلى وقت كي يقبل على نوع جديد، خصوصاً أن هذه السينما تنقصها الاستمرارية وتحتاج إلى منتج واع لديه الخبرة يتبناها ويرعاها حتى تصل إلى الجمهور، وهو أمر صعب لأنه لا بد في البداية من القضاء على الاحتكار من مجموعة من المنتجين والموزعين سيطروا على الصناعة حتى لا يستطيع أي منتج أن يدخل في الإنتاج.

ما هي أفضل الأعمال التي شاهدتها في الفترة الأخيرة وأسوأها؟

شاهدت {الشتا اللي فات}، كان فيلماً جيداً وروحه مختلفة، وسعدت باختياره لتمثيل مصر في الأوسكار لأنه أحسن ما لدينا الآن وأفضل من عدم الذهاب. أما الأسوأ فكل الأعمال التي تهين فكري وثقافتي وعقلي، فلا أشاهدها وأبتعد عنها حتى وإن عُرضت تلفزيونياً.

ما تقييمك لمستوى النقد الفني الآن؟

أصبح النقد مهنة من لا مهنة لهم. كل من لديه مساحة في جريدة أو مجلة يهاجم أو يمتدح من خلالها عملاً فنياً أصبح ناقداً وهو غير مؤهل لذلك ولا علاقة له بالنقد، لذا تجد عدد النقاد الحقيقيين محدوداً جداً ويبقى سامي السلاموني هو الأفضل في تاريخنا الفني.

 

back to top