ثروات تجنيها الجزر عبر المتهربين من الضرائب

نشر في 14-06-2014
آخر تحديث 14-06-2014 | 00:01
قال تقرير صدر عن مجموعتين منزعجتين من معدلات ضريبة الدخل المتدنية للشركات، وهما صندوق المصلحة العامة الأميركية لبحوث التربية، ومواطنون من أجل العدالة الضريبية، إن 372 شركة من بين شركات فورتشن– 500، أعلنت ما مجموعه 7827 فرعاً في دول تعتبرها تلك المجموعات مثل ملاذ ضريبي.
 نيويورك تايمز هل تعلم أن الشركات الأميركية كسبت 129 مليار دولار في سنة 2010 من خلال ثلاث مجموعات صغيرة من الجزر؟ كان ذلك ما أبلغته تلك الشركات إلى هيئة الدخل الداخلي عن الأرباح التي حققتها في جزر برمودا وكيمان والجزر البريطانية العذراء،

 وبلغ عدد سكان تلك الجزر مجتمعة 147400 نسمة في تلك السنة، أي حوالي عدد سكان "جولييت" في ولاية إيلينوى.

وعلى افتراض أنك تصدق تلك الأرقام فإن إنتاجية العمال في الدول المذكورة تثير الدهشة والإعجاب، وبشكل متوسط حققت الشركات الأميركية أرباحاً بلغت 873611 دولاراً لكل فرد يعيش في تلك الجزر.

وفي المقابل حققت تلك الشركات ذاتها أرباحاً وصلت إلى 12.6 مليار دولار في الصين وهي الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.36 مليار نسمة، وعلى أساس الفرد الواحد يصل ذلك الرقم إلى ما يزيد قليلاً على 9 دولارات للشخص.

وتعتبر تلك الأرقام مجرد هراء طبعاً، وتسمح قوانين ضريبة الدخل في الولايات المتحدة للشركات بالتحدث عن أرباح حققتها في دول تقوم فيها بعمليات قليلة، ولكن حيث تكون الضرائب متدنية للغاية.

وقال تقرير صدر عن مجموعتين منزعجتين من معدلات ضريبة الدخل المتدنية للشركات، وهما صندوق المصلحة العامة الأميركية لبحوث التربية، ومواطنون من أجل العدالة الضريبية، إن 372 شركة من بين شركات فورتشن– 500، وهي بصورة عامة الشركات الأميركية التي تمتلك أعلى العوائد، قد أعلنت ما مجموعه 7827 فرعاً في دول تعتبرها تلك المجموعات مثل ملاذ ضريبي.

تراكم المليارات

وتقوم بعض الشركات الأميركية بالإعلان عن أرباح خارجية تمكنت من جمعها، وهي لا تتوقع قط أن تدفع ضرائب أميركية عنها، وفي ما يلي أكبر 15 مبلغا من هذا النوع وردت في التقرير السنوي في عام 2013:

يقوم بعض تلك الفروع من دون شك بأنشطة تجارية حقيقية، والناس في جزر كيمان يشترون البقالة والسيارات والملابس مثل أي أشخاص آخرين، ويوجد سياح يقومون بالتسوق، ولكن معظم تلك الشركات الفرعية ينخرط في عمليات التهرب من الضرائب.

ويصف التقرير الجديد "بناء مكاتب متواضعة من خمسة أدوار" يعرف باسم دار أغلاند في جزر كيمان، وهو العنوان المسجل لـ18857 شركة. ويبلغ عدد سكان جزر كيمان نحو 55200 نسمة، وبذلك يكون لكل ثلاثة أشخاص شركة واحدة، ويوجد طبعاً العديد من الشركات المسجلة في أبنية أخرى، ويتعين أن تكون تلك الشركات رقم 1 بالنسبة إلى كتاب الضرائب في الكونغرس الأميركي.

الاندماج والتهرب الضريبي

والاتجاه المثير الحالي إزاء التهرب من الضرائب يدعى "التعاكس"، حيث تندمج شركة أميركية مع أخرى أجنبية، وتتمكن من توفير حزمة من الضرائب عن طريق الزعم أنها لم تعد تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، حتى مع استمرار وجود مكاتبها الرئيسية ومعظم عملياتها في البلاد، ولكن التعاكس ليس ضرورياً من أجل شركة أميركية لنقل أرباح عبر فروع في ملاذ للضرائب والتهرب من دفعها بتلك الطريقة.

بموجب قوانين الضرائب في الولايات المتحدة تتحمل الشركات ضريبة على دخلها في شتى أنحاء العالم، وهي تحصل على إشعار بالنسبة إلى ضرائب الدخل التي دفعت فعلياً في الخارج، ولكنها لا تضطر إلى دفع ضرائب على أرباح خارجية إلى أن تعاد تلك الأرباح إلى الوطن، وتلك الأرباح "الخارجية" قد لا تعكس أي أعمال تمت بشكل واقعي في ما وراء البحار، ولكن العمليات الحسابية البارعة تمكن الشركات من تصنيف تلك الأرباح مثل أوفشور.

الاستثمار في البنوك الأميركية

وكما تبين فإن تلك الأرباح الخارجية ليست معطلة في مناطق الأوفشور، فهي قد تستثمر في بنوك الولايات المتحدة، أو تستخدم من أجل شراء أصول أميركية ما دامت الشركة الفرعية "الأجنبية" تملك تلك الأرباح.

وتشير الدراسة الجديدة إلى أنه "من الناحية النظرية يحظر على الشركات استخدام أرباح تم تسجيلها على شكل أوفشور من أجل دفع أرباح إلى المساهمين أو القيام باستثمارات معينة، ولكن الشركات تستطيع الالتفاف على تلك القيود من خلال استخدام أرباح الأوفشور على شكل ضمانة إضافية بغية اقتراض أموال بمعدلات متدنية لاستخدامها في تلك الأغراض".

وعندما تعلن الشركات عن أرباح للمساهمين ولجنة الأسهم والمبادلات يفترض أن تخصم كل الضرائب التي سوف تدفعها على الدخل المعلن، سواء أكانت مستحقة على الفور أم لا، ولكن الشركات ليست مضطرة لإظهار الضرائب إذا كانت لا تنوي مطلقاً أن تدفعها كما هي الحال عندما لا تعمد إلى إعادة الأرباح إلى الولايات المتحدة.

الأرباح الدفترية

وتكشف بعض الشركات عن كمية الأرباح الخارجية في سجلاتها التي لا يتوقع قط أن تدفع ضريبة عليها- كما أن الشركات الـ15 ذات الأرقام الأعلى– والتي تشمل جنرال إليكتريك عند 110 مليارات دولار وشيفرون عند 31 مليار دولار– تحتفظ في دفاترها مجتمعة بما يقارب الـ800 مليار دولار من مثل تلك الأرباح، وهي أكثر من 81 في المئة من الأرقام التي حققتها في سنة 2008.

وقد وجدت شركات أخرى مضايقة إزاء التصريح عن تلك الأرقام، ونشرت شركة نورثروب غرامان التي تتعاقد مع الجيش الأميركي أرقامها عن الفترة من 2005 إلى 2011، وهي الفترة التي نمت المبالغ فيها بمعدل 24 في المئة في السنة، لتصل إلى 761 مليون دولار مرتفعة عن 207 ملايين دولار، ولكن الشركة لم تعلن أرقامها لسنة 2012 أو 2013. ولا تفصح الشركة عن السبب وراء ذلك، ويقول المتحدث باسم الشركة براندون آر بيلوت الثالث "كشوفنا التي قدمت إلى لجنة الأسهم والمبادلات مستقلة وليس لدينا ما نضيفه غير ذلك".

كم مبالغ الضريبة التي توفرها الشركات من خلال إبقاء الأرباح في ما وراء البحار؟ من أجل تحديد ذلك يتعين على المرء معرفة كمية الأرباح التي تم دفع الضريبة عنها في الخارج من قبل. (وإذا كانت قد دفعت 15 في المئة فسوف تكون الشركات مدينة بـ20 في المئة في حال الإعادة، وإذا كانت دفعت 2 في المئة فسوف تكون مدينة بـ33 في المئة، ومعظم الشركات لا تفصح بصورة كافية عن مبالغ تمكن من تقدير ذلك الرقم).

مقاييس المحاسبة

قد يبدو ذلك غريباً بالنسبة الى قارئ عابر لمقاييس المحاسبة، فطوال أكثر من 40 سنة، كانت قوانين المحاسبة تتطلب مثل ذلك الكشف، ولكن ثمة ثغرة في تلك القوانين تقول بعدم الحاجة الى مثل ذلك الكشف إذا كان حساب الأرقام "غير عملي"، ومن الصعب تخيل أن شركات كبرى تكرس جهوداً مكثفة من أجل تقليص ضرائبها ألا تعرف تلك الأرقام، ولكن من الواضح أنها تجد من غير العملي الإعلان عنها. ويقول التقرير الجديد إن 55 شركة فقط من فورتشن 500 تكشف عن تلك الأرقام.

ويقول راسل جي. غولدن وهو رئيس مجلس إدارة شركة المقاييس المحاسبية المالية إن المجلس سوف يدرس طلب كشف أفضل حول الضرائب، ولكن تغيير قوانين المحاسبة قد يحتاج إلى سنين من أجل تحقيقه.

لن يكون إغلاق الفجوات الضريبية عملية سهلة بالضرورة، ولكن الكونغرس لم يظهر حتى الآن ميلاً نحو القيام بذلك، كما أن الجهود التي بذلت في الشهر الماضي من حفنة من أعضاء مجلس الشيوخ، بقيادة كارل ليفن، وهو ديمقراطي من ميتشغان، من أجل إيقاف مؤقت لعمليات "التعاكس" لم تسفر عن أي تقدم.

وكانت ردة فعل الشركات في أميركا على اقتراح السيناتور ليفن مثيرة للاهتمام، فقد أصدر ائتلاف إصلاح الضرائب الأميركية الذي يشمل شركات كبرى مثل فورد و آي تي أند تي ووال مارت، ووالت ديزني على الفور بياناً جاء فيه: "إن اقتراح السيناتور ليفن حول وقف التعاكس التجاري يعالج أحد الأعراض فقط وليس المرض الأكبر الذي يتمثل بكون أميركا تحتل المركز الأعلى في معدلات ضرائب الشركات في العالم المتقدم، ويكمن الحل في خفض معدل الضريبة".

انعدام التأثير

ولكن من الصعب رؤية كيفية حدوث أي تأثير لخفض معدلات الضريبة الأميركية على شركات تقول إنها تحقق المليارات في ملاذات الضرائب، حيث لا توجد لها عمليات حقيقية. ويقول أحد مؤلفي التقرير الجديد وهو دان سميث من مجموعة بحوث المصلحة العامة في الولايات المتحدة "مهما كانت معدلات الضريبة على الشركات فإن الصفر يظل أفضل، وإذا كانت الشركات قادرة على نيل خيار عدم دفع ضريبة في ملاذ للضريبة فإنها سوف تتبع ذلك على الدوام".

Floyd Norris

back to top