الفرنسيات يغضبن في النهاية

نشر في 18-01-2014
آخر تحديث 18-01-2014 | 00:01
يعتبر دور الضحية شائعاً في المملكة المتحدة والولايات المتحدة (عندما افتُضحت علاقة بيل كلينتون بمونيكا لوينسكي، لُقّبت هيلاري بـ«الضحية الأولى»)، لكن الزوجات والصديقات الفرنسيات اللواتي يتعرضن للخيانة لم يعتبرن يوماً هذا الدور مناسباً لهن.
 ذي تيليغراف  قالت صديقتي الفرنسية سيلفي وهي تراقب زوجها المتجه نحونا في المطعم: "لا يهمني إن خانني بعد عشر سنوات، شرط أن يبقي علاقته هذه سرّاً ولا يحرجني".

لم أنسَ مطلقاً كلماتها هذه، خصوصاً أنني اعتبرت أسلوبها العملي ليلة احتفالنا بخطوبتهما متحضرة جدّاً ومحزنة كثيراً، ولكن خانها زوجها بعد بضع سنوات، وأثر ذلك فيها كثيراً، تماماً كما تأثرت السيدة الأولى الفرنسية فاليري تريرفيلر بعلاقة شريكها فرانسوا هولاند المزعومة بالممثلة جولي غايت، فقد أُدخلت تريرفيلر إلى المستشفى بعد إصابتها بانهيار عصبي.

وبينما تعرب فرنسا عن لامبالاة كبيرة تجاهنا من الجانب الآخر للقناة (اعتبرت المعلقة السياسية الفرنسية أغنيس بواريه هذا الخبر الذي نُشر في المجلة الفرنسية Closer قبل أيام مجرد "فضيحة بريطانية الطراز عن علاقة فرنسية صرفة". كذلك رفض هولاند الإجابة عن أسئلة بشأنها خلال مؤتمره الصحافي يوم الثلاثاء الماضي)، نرغب نحن البريطانيين المتزمتين في معرفة أمر واحد: كيف تبدّلت قواعد السلوك بشأن العلاقات الفرنسية؟ أم أن ما اعتُبر تحرراً فرنسيّاً لم يكن سوى تفاخر فكري؟

تذكر هيلينا فريث باول، مؤلفة كتابLove in a Warm Climate: A Novel about the French Art of Having Affairs (الحب في الجو الدافئ: رواية عن فن العلاقات الغرامية الفرنسي): "أعتقد أن تريرفيلر تفاعلت مع هذه المسألة برمتها بطريقة غير فرنسية البتة".

تضيف باول: "يدرك الجميع أن الرؤساء الفرنسيين يقيمون علاقات، فهذا ما شهدناه مع شيراك، ولا ننسى إجابة ميتيران الشهيرة عن أسئلة بشأن ابنته غير الشرعية، مردداً السؤال الفرنسي التقليدي: وإن يكن؟ ولكن ماذا حققت تريرفيلر بدخولها المستشفى؟ بدل أن تتصرف مثل الأجيال السابقة من النساء الفرنسيات، جذبت الانتباه إلى نفسها ودورها كضحية".

يُعتبر دور الضحية شائعاً في المملكة المتحدة والولايات المتحدة (عندما افتُضحت علاقة بيل كلينتون بمونيكا لوينسكي، لُقّبت هيلاري بـ"الضحية الأولى")، لكن الزوجات والصديقات الفرنسيات اللواتي يتعرضن للخيانة لم يعتبرن يوماً هذا الدور مناسباً لهن. فهو محقّر ومذل، بغض النظر عن صعوبة الموقف، لكن الأهم، وفق باول، أن "هذا الدور لا يبدو أنيقًا، فكما ذكرت كوكو شانيل، يجب أن تتحلى المرأة بأمرين: الرقي والجمال، وأكّدت لنا تريرفيلر أنها تفتقر إلى هاتَين الصفتَين، ولن يلوم معظم الشعب الفرنسي الرئيس إذا اختار المرأة الأصغر سنّاً والأقل مبالغة في التعبير عن مشاعرها، خصوصاً أنه بات اليوم مضطراً إلى الاختيار".

لا يمكننا أن نجزم أن علاقته بالممثلة التي تصغره بنحو 20 سنة ستكون "أكثر استقراراً" مما اختبره الرئيس هولاند مع تريرفيلر خلال السنوات السبع الماضية (ترك شريكته السابقة وأم أولاده الأربعة، السياسية الاشتراكية سيغولين رويال، ليرتبط بهذه الصحافية في Paris Match عام 2007)، ولكن إذا كان في فرنسا اليوم شخص أقل شعبية من هولاند- فهو تريرفيلر، حسب ما أكدت شارلوت أندرو (35 سنة)، مديرة في دار نشر في باريس.

أخبرتني أندرو: "إذا بدّل الرئيس السيدة الأولى وانتقلت جولي غايت إلى قصر الإليزيه، فأنا واثقة من أن شعبيته سترتفع". واعتبرت أندرو أن ميل السيدة الأولى الراهنة إلى "الخصومات" و"عبوسها" هما سبب تراجع شعبيتها.

أضافت أندرو: "لا يأبه معظمنا بأن هولاند يقيم علاقة، فهذه ليست مشكلة، وثمة إجماع على أن هولاند لا يملك أي التزام تجاهها، بما أنهما ليسا متزوجين ولا يملكان أولاداً. في مطلق الأحوال، تبدو غايت أكثر أناقة، ومسألة دخول المستشفى هذه وسيلة ابتزاز ترغمه على الاختيار بين المرأتين قبل الرحلة الرئاسية إلى الولايات المتحدة بعد أسبوعين".

لا شك أن مساعدي هولاند يوافقونها الرأي، صحيح أن صحافيّاً مقرباً من تريرفيلر كتب في صحيفة Le Parisien مقالاً وصف فيه المشهد الذي دار في الإليزيه ليل الخميس الماضي، قبل ساعات من نزول مجلة Closer إلى الأسواق، بأنه "موجة تسونامي سياسية-عاطفية حقيقية". فكان وقع اعتراف هولاند بخيانته على شريكته أشبه "باصطدامها بالقطار السريع"، لكن الفرنسيات غير المتعاطفات مع تريرفيلر يُجمعن على أنها كانت تعرف مسبقاً.

توضح أندرو: "يتساءل الناس عما إذا كان إلحاح فاليري على تقبيل الرئيس يوم الانتخابات عام 2012 موجهاً إلى جولي غايت لا إلى سيغولين رويال، لأن المرأة تعلم دوماً إن كان زوجها يخونها. قد يُشعرنا ذلك بالفرح أو الحزن، إلا أن ما نرفضه عادةً هو معرفة الناس بهذه العلاقة والإحراج الاجتماعي".

وتتابع موضحة: "يتبنى الجيل الجديد نظرة البريطانيات إلى الحب والزواج. لعل السبب أفلام هوليوود أو العولمة، فقد باتت المرأة الفرنسية أقل استعداداً لتقبل الخيانة".

توافقها باول الرأي. تذكر: "أعتقد أن الفرنسيات الشابات سيكن أقل تقبّلاً للخيانة، مقارنة بأمهاتهن، لكني آمل ألا نصل إلى اليوم الذي تتحول فيه العلاقات الحميمة خارج نطاق الزواج إلى سبب لإنهاء مسيرة شخص المهنية، كما يحدث في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة".

إذا استندنا إلى التقاليد والتعليقات المضحكة في وسائل الإعلام عن أن هولاند "قام أخيراً بأمر مثير للاهتمام"، ندرك أن عهده الرئاسي لن يهتز، بسبب فضيحة جنسية على الأقل. قد نتفاجأ نحن البريطانيين حين نعلم أن رجلاً يُقال إنه لا يملك إلا حذاء واحداً ويذهب إلى مغامراته العاطفية على دراجة نارية صغيرة يقيم علاقتين في الوقت عينه، لكن الفرنسيين يعتبرون أن هولاند اقترف خطأ واحداً: أساء التصرف.

تذكر فرانشيسكا بومان، مؤلفة How To Wear White: a Pocketbook for the New Bride: "أقام علاقاته العاطفية في شقة تبعد نحو شارع واحد عن مسكنه الرسمي، ولكن يُفترض عادةً الحفاظ على مسافة أكبر بين الحياتين".

تضيف بومان: "تذكّرني هذه المعمعة البشعة بأكملها بكتاب The Pursuit of Love لنانسي ميتفورد، التي عاشت الجزء الأكبر من حياتها في فرنسا وتمتعت بعلاقة حب طويلة وعاصفة مع رجل فرنسي. تختم ميتفورد كتابها بملاحظة مهمة: يُعتبر اللطف والسلوك الجيد الأهم في الزواج، ومن الواضح أن هولاند افتقر إلى هاتين الصفتين كلتيهما، وهذا لا يُغتفر".

إذا وضعنا العادات الرومانسية والأحكام الأخلاقية جانباً، تبقى مشكلة هولاند عينها، وفق موريال غيوليانو، مؤلفة كتاب French Women Don’t Get Fat الذي حقق أعلى المبيعات. تضيف غيوليانو: "تكمن المشكلة في أن كثيرين يعتبرون هولاند قائداً غير فاعل، وينعكس هذا عليه سلباً، كذلك يُظهر الوضع الراهن أولوياته (إذا افترضنا أن العلاقة صحيحة) أو الضغوط التي يواجهها ويحاول الهرب منها".

Celia Walden

back to top