مضادات التعرّق تزيد الرائحة سوءاً

نشر في 17-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 17-08-2014 | 00:01
No Image Caption
تحظى مضادات التعرق في المجتمع العصري بأهمية كبرى لأنها تبدد الرائحة الكريهة التي قد تنبعث من الإبط. لكن دراسة جديدة تشكك في أهميتها هذه، فقد تبين أن مضادات التعرق قد تزيد رائحتك سوءاً على الأمد الطويل.

يعتبر كثيرون أن استخدامات العطور ومضادات التعرق مهمة يومية وإجراء احترازي ضد الروائح الكريهة وبقع العرق البشعة. تنبعث الرائحة عادةً عندما تفكك البكتيريا التي تعيش على الإبطين الدهون والأحماض الأمينية في العرق إلى مادة رائحتها كريهة. وتحتوي العطور على مضادات للميكروبات تقضي على هذه البكتيريا، فضلاً عن مواد كيماوية تستبدل الرائحة الكريهة بأخرى جميلة. أما مضادات التعرق فتقوم بأكثر من ذلك، سادةً غدد العرق بمركبات تحتوي على الألمنيوم.

صحيح أن معظمنا يركز على الفوائد الجافة العطرة التي نحصل عليها من العطور ومضادات التعرق، لكن الباحثين في مختبر البيئة والتكنولوجية الميكروبيتين في جامعة غنت في بلجيكا صبوا اهتمامهم على تأثيراتها في البكتيريا. تعيش مليارات البكتيريا في {الغابة المطيرة} على إبطنا، ولا شك في أن المواد التي تستخدمها تفسد موطنها.

للتحقق من تأثير العطور ومضادات التعرق في بكتيريا الإبط، طلب كريس كاليوارت، طالب دكتوراه متخصص في البيئة الميكروبية، وفريق من الباحثين من ثمانية أشخاص القيام بمهمة يعتبرها كثيرون (وخصوصاً الأصدقاء) لا تُحتمل: امتنع ستة رجال وامرأتان عن استخدام العطور ومضادات التعرق طوال شهر. فتوقف أربعة منهم عن استخدام العطور وأربعة آخرون عن استخدام مضادات التعرق (تكون عطور كثيرة مضادة للتعرق أيضاً). كذلك طُلب من شخص إضافي ما كان يستخدم عادة هذه المواد وضع العطور طوال شهر. وقد حدد الباحثون هذه الفترة الزمنية لأن البشرة تشكّل طبقة جديدة من الخلايا كل 28 يوماً.

حلل الباحثون تنوع ومقدار بكتيريا إبط المشاركين في مراحل مختلفة قبل أن يتوقفوا عن استخدام مضادات التعرق، خلال فترة التوقف هذه، وبعد بضعة أسابيع من معاودتهم استخدامها. فتبين لهم بوضوح أن تغيير العادات الصحية بدّل وضع بكتيريا الإبط في حالة كل مشارك. وبما أن ما من إبطين متطابقين، وخصوصاً من ناحية ساكنيهما من البكتيريا، فمن الصعب تحديد التغييرات التي تسببها العطور ومضادات التعرق. لكن الباحثين استطاعوا تمييز وضع واضح: تؤدي مضادات التعرق إلى زيادة واضحة في مضادات البكتيريا.

لربما لا تعرف ما هي الشعاويات (Actinobacteria)، إلا أنك على الأرجح شممتها. تُعتبر هذه الشعاويات، وأبرزها Corynebacterium، المسبب الرئيس لرائحة الإبط الكريهة. فالميكروبات الأخرى التي تقطن على الإبط، مثلFirmicutes  وStaphylococcus، لا تسبب الروائح بالسرعة ذاتها ولا تكون روائحها عادةً كريهة جداً.

يعتقد كاليوارت أن مركبات الألمنيوم في مضادات التعرق قد تكون السبب لأنها تقتل البكتيريا «الجيدة» الأقل رائحةً وتسمح للبكتيريا «الضارة» بالسيطرة. فقد كشفت دراسته أن العطور التي لا تحتوي على مركبات مضادات التعرق هذه التي تمنع التعرق ترتبط بتراجع بسيط في عدد الشعاويات الكريهة الرائحة.

صحيح أن مضادات التعرق والعطور تُستخدم بكثرة، إلا أنها تشكّل حلاً موقتاً. أخبر كاليوارت موقع RealClearScience: {لا تلغي التدابير التي نستخدمها اليوم المصدر الرئيس: البكتيريا المسببة للرائحة. على العكس، تغطي العطور الرائحة الكريهة. لكننا نستطيع حلّ هذه المشكلة. لذلك ستركز الأبحاث التالية على العثور على حلول أفضل}. ويعمل كاليوارت على أحدها اليوم، {زراعة بكتيريا الإبط}. يذكر الباحث: {نزيل البكتيريا الضارة من إبط شخص يعاني الرائحة الكريهة ونضع مكانها بكتيريا جيدة من قريب له لا يواجه هذه المشكلة}.

يضيف كاليوارت: «ساعدنا 15 شخصاً حتى اليوم. وقد لاحظ معظمهم تحسناً فورياً. ويبدو أن هذه الفوائد دائمة في معظم الحالات، مع أن البعض قد يعاني مجدداً من رائحة جسم كريهة بعد أشهر عدة».

تبدو هذه المقاربة راهناً مبالغاً فيها. ولكن قد يكون من الأفضل استخدامها كحل أخير بالنسبة إلى مَن يعانون مشكلة حقيقية بسبب روائح جسمهم القوية والكريهة.

يُشكّل حجم العينة المحدود الذي ارتكزت إليه الدراسة إحدى نقاط ضعفها. فلم يشارك فيها سوى تسعة أشخاص. يقر كاليوارت: «العينة صغيرة إلى حد ما، إلا أننا حصلنا على نتائج متطابقة». ويوضح أيضاً أن هذه هي الدراسة الأولى التي تتناول بالتحديد تأثير العطور في تنوع بكتيريا الإبط وعددها. ويضيف: «لا نملك معلومات وافرة عما يعيش على إبطنا، ثيابنا، وغسالاتنا، وما يسبب هذه الروائح الكريهة كافة».

مع أن الدراسة تشير إلى أن مضادات التعرق قد تجعل رائحة مستخدميها أسوأ بسبب نمو الشعاويات، إلا أنها لا تقيّم مباشرة رائحة الجسم. لذلك على كاليوارت في دراسة لاحقة أن يطلب من المشاركين استخدام مضادات التعرق ومن ثم اللجوء إلى أساليب مثل تقنية الاستشراب الغازي (gas chromatography) بغية قياس مباشرةً كمية المركبات العضوية غير المستقرة الكريهة الرائحة المنبعثة من الإبط. كذلك من الممكن الاستعانة باختصاصي شم... إذا كانوا يقبلون بالمخاطرة.

back to top